تجاوز إضراب المعلّمين العاملين في المدارس الحكومية الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس، الـ45 يومًا، ولا حلّ يبدو أنّه يلوح في الأفق، حتى الآن.
الترا فلسطين، يحاور "حراك المعلمين الموحد"، محاولًا تقديم إجابات للقارئ الفلسطيني، عن مطالب الحراك والأسباب التي دفعت نحو الذهاب نحو الإضراب
الإضراب الحاليّ الذي يقوده "حراك المعلمين" كان سبقه إضراب العام الماضي الذي توقّف بعد اتفاق رعته الهيئة المستقلة ومؤسسات أهلية، لكنّ بنوده لم ينفّذها "اتحاد المعلمين" والحكومة، وهو الإضراب الذي تجدد أصلًا بعد أن فشل "إضراب 2016" في تحقيق مطالب المعلمين.
"الترا فلسطين" يحاور "حراك المعلمين الموحد"، محاولًا تقديم إجابات للقارئ الفلسطيني، عن مطالب الحراك والأسباب التي دفعت نحو الذهاب نحو الإضراب، وعن أسباب رفض الاتفاق الذي طرحته الحكومة، والحلول المتوقعة.
- س: لماذا يُضرب المعلّم؟
ج: يضرب المعلم لتحقيق مطالب جوهرية تمسُّ مستوى دخله، ومعيشة أسرته، في وقت تآكلت القيمة الشرائية للرواتب.
- س: ولكن بقية الموظفين الحكوميين لا يضربون. في ماذا يختلف المعلم عنهم؟
ج: يتقاضى المعلم راتبًا ضئيلًا مقارنة بقطاعات أخرى، وبمعدّل أقصاه 2500 شيقل مع كل الإضافات والمواصلات عند التعيين.
- س: عام 2016 كان لديكم "حراك" واستطاع حشد عشرات آلاف المعلمين في الشارع، هل حقق المطلوب وقتها؟
ج: في تصورنا أنّ "حراك 2016" تمخّض عنه انكسار وتفكك المعلمين، ولم ينجز كل ما كان مطلوبًا أن ينجز في الواقع، وسبب ذلك تقديم مصالح شخصية على العامّة.
- س: متى عدتم للإضراب من الجديد بعد حراك 2016؟
ج: الإضراب بدأ مع بداية الفصل الدراسي الثاني في 2022، واستمرّ لمدة شهرين، وهذه السنة بدأ الإضراب في الخامس من شباط/ فبراير 2023.
- س: لماذا توقّف إضراب العام الماضي 2022؟
ج: انتهى إضراب العام الماضي بتوقيع اتفاق في شهر أيار/ مايو برعاية عدد من المؤسسات الأهلية، ولم تلتزم به الحكومة الفلسطينية، ومورست علينا ضغوط إدارية لفك الإضراب حينها، لذا تجدد الإضراب هذا العام لعدم تطبيق بنود الاتفاق.
- س: ما هي مطالبكم؟
ج: مطالبنا إداريّة وماليّة، الأولى لها علاقة بتشكيل نقابة للمعلمين غير مشروطة الترشُّح والانتخاب، وإقرار قانون "مهننة التعليم". أمّا المطالب الماليّة فتتمثل بصرف الراتب كاملًا مع العلاوات المتفق عليها، وجدولة المستحقّات ضمن سقف زمني واضح مع دفع غلاء المعيشة.
اقرأ/ي أيضًا، حول إضراب المعلمين، والسياقات التي أوصلت "الأزمة" إلى الوضع الحالي، بالضغط هُنا
س: لماذا ترفضون اتحاد المعلمين الحالي؟
- ج: يقوم الاتحاد الحالي على نظام جائر من حيث الترشّح والانتخاب، إذ يشترط سنوات معيّنة من العضوية للترشّح لكل مستوى فيه، بالتالي فإن نتائج أي تصويت ستكون محسومة (...) الأمر الذي لا يتيح لأي معلّم الترشح والانتخاب بحريّة.
س: دمقرطة الاتحاد، ماذا يعني ذلك؟
- ج: أي تحويل اتحاد المعلمين لكيان فيه حريّة من حيث الترشّح والانتخاب لأي معلم، وإلغاء نظام فرض المحاصصة على عضوية أمانته العامة، والتي تكون بالمحاصصة بين فصائل منظمة التحرير.
س: الاتحاد يقول إنه حقق لكم مطالب، ويمضي لتحقيق الأخرى، ماذا تقولون؟
- ج: إن جوهر ما حققه الاتحاد وعود كاذبة فقط، وحبر على ورق، إبر تخدير للمعلمين، ولا إنجازات تذكر على الأرض، وأكبر دليل تغنّيه بحل قضية العقود وتسوية أمورهم في كل بياناته من مدة طويلة، والتي من المفترض وحسب كلامه أنها أُنجزت في راتب شهر كانون ثان/ يناير هذا العام، ولكن حتى الآن لم تنفذ!
س: هل تقصد القول إن "حراك المعلمين" يمثّل صوت المعلمين اليوم؟
- ج: يمثل الحراك ما نسبته 85 في المئة من معلمي ومعلمات فلسطين تقريبًا.
س: من بين مطالبكم "مهننة التعليم". ماذا تقصدون بذلك؟
- ج: مهننة التعليم تعني تحويل التعليم إلى مهنة، ويترتب على ذلك حقوق إدارية لمزاولتها، وتشكيل نقابة خاصة بها، وعلاوات مالية كذلك.
س: الحكومة تبحث عن أشخاص لتفاوضهم، أنتم في حراك المعلمين لماذا لا تعملون بشكل علني؟
- ج: لا نعمل بشكل علني لسبب رئيس تعلّمناه من إضراب 2016، وما حصل للزملاء -حينها- من اعتقال وفصل من الوظيفة.
س: هل طالتكم في قيادة الحراك أو النشطاء العلنيين أي عقوبات؟
- ج: طالت المعلمين عقوبات إدارية ومالية، وهناك تهديدات بالاعتقال. إدارية؛ من حيث رفع قضية في المحكمة الإدارية، ونقل تعسّفي لبعض المعلمين، وإحالة بعض المعلمين الكبار للتقاعد، مع أن هناك قرارًا من رئيس الوزراء بتمديد خدمتهم لنهاية العام. أما العقوبات المالية فتتمثل بالخصومات من رواتب المعلمين المضربين.
- كما أن هناك رسائل تهديد بالاعتقال والفصل من الوظيفة تصل على حسابات الحراك عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أشخاص يُعرّفون أنفسهم أنهم من "السلطة"، وهناك محاولات لإغلاق منصّاتنا عبر مواقع التواصل، وتم إغلاق الصفحة والمجموعة السابقتين، وأنشأنا صفحات جديدة.
س: شاهدنا بيانات صدرت عن مناطق تنظيمية لحركة فتح فيها تهديدات للمعلمين المضربين، كيف تردون عليها؟
- ج: هذه البيانات صدرت من أشخاص غير مسؤولين، لأن درعًا يحتوي شعار العاصفة (شعار حركة فتح) لم نعهد به إلّا جامعًا للحقوق وموجِّهًا بكل قوة نحو تجاوزات المحتل الغاصب. فلا يجوز لأي كان حرف مسار هذه الحركة العظيمة بأي تصرّف من شأنه أن يزعزع السلم الأهلي، وفي حال طُبِّق ما ورد في بيان منطقة عناتا (شرق القدس) سيكون الرد من كل معلمي الوطن بإغلاق جميع المدارس، وسيتم محاسبة الخارجين عن القانون؛ عشائريًا وقانونيًا.
س: هل راسلكم أي من المسؤولين عبر منصاتكم وعرض عليكم حلولًا؟
- ج: لم يراسلنا أحد من الشخصيات الرسمية حتى الآن.
س: في آخر جلسة للحكومة قدّم رئيس الوزراء عرضًا جديدًا، ولكنكم رفضتم، لماذا؟
- ج: الحلُّ الذي قدّمه رئيس الوزراء مرفوض جملة وتفصيلًا، وسبب الرفض عبّرنا عنه في البيانات السابقة.
س: هل سيكون هناك تصعيد في الاحتجاجات والمطالب؟
- ج: تختلف المطالب وآلية تنفيذها من مرحلة إلى أخرى باختلاف أسلوب الحكومة الذي تتعاطى به مع الحراك؛ وعليه يختلف أسلوب الحراك في التعاطي مع الأزمة. ونحذر بأنّ "التصعيد بالتصعيد"، وما نخفيه من فعاليات لن يتوقعه أحد، حيث سيكون الإضراب مزحة بالنسبة للقادم من الفعاليات.
س: الحكومة لم تُطبّق الاتفاق لأنها لا تريد، بل بسبب الوضع المالي الصعب جرّاء الاقتطاعات الإسرائيلية المتواصلة من أموال المقاصة، لماذا هذا المبرر لا يقنعكم؟
- ج: صبرنا طال أكثر من 16 شهرًا، ولم نعد نحتمل أكثر من ذلك. ومن الواجب على الحكومة خلال هذه الفترة الطويلة حلّ الأزمة وليس تصديرها للموظفين، وبإمكانها أن تضع حدّ أعلى (5 آلاف شيقل) عن صرف الراتب مثلًا، وليس بحد أدنى (2000 شيقل)، لنرى هل يستطيع أصحاب الرواتب العالية الصّبر معنا؟
س: هل ستقبلون بتجزئة دفع الـ15 في المئة من الآن وحتى نهاية العام؟ رأينا طروحات بدفع 5 في المئة، و5 في المئة بعد شهرين، و5 في المئة بعد أربعة أشهر؟
- ج: لن نقبل بتجزئة الـ 15 في المئة أبدًا، حيث أنها لا تساوي شيئًا مقارنة بما تم منحه لغيرنا من موظفي القطاعات الأخرى.
س: ماذا بشأن امتحانات الثانوية العامة؟ هل ستصرّون على موقفكم؟
- ج: مواقف "حراك المعلمين" واضحة وثابتة، ولن يغيّرها إلّا تحقيق وإقرار بنود المبادرة التي تم التوافق عليها قبل عام. ونعتقد جازمين بأنه ليس هناك أي سيناريو بديل، فقد فاقت نسبة الإضراب كل النسب التي تسمح بالمراقبة والتصحيح لمن تبقى من المعلمين والمعلمات.
س: إلى أين ستتجه الأمور؟
- ج: نعتقد بأنّ الأمور في طريقها نحو إقرار الحكومة كافّة البنود المستحقة للمعلمين.
س: هل تعتقدون أنّ الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فعلت كل ما عليها كضامن للاتفاق السابق؟ هل من الممكن أن تعيدوا الكرّة في اتفاق بضمان الهيئة؟
- ج: في نظر الحراك تعتبر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان جهة أدّت ما عليها بشأن اتفاق 2022، ولكن ما يترتب عليها الآن هو متابعة تنفيذ المبادرة، قد نلجأ لها مستقبلًا في مجال الدفاع عن المعلمين، لا تحصيل الحقوق.
س: لو كنتم في موقع قرار، وواجهتكم الأزمة الحالية، كيف يمكن حلّها؟
- ج: ما يطلبه المعلمون والمعلمات ومحاور الأزمة الحالية، لا يرتقي لوصفها "أزمة". الحلّ بسيط، ولو تعاملت الحكومة مع الإضراب منذ أيار/ مايو 2022 بجديّة، لما كنّا الآن نعيش "ما يسمى أزمة". فكل البنود أصبحت مطلبًا آنيًا للمعلمين، وكل ما يتراكم يصعب حلّه في لحظة.