07-أغسطس-2024
بنيامين نتنياهو

تتفق توقعات الخبراء العسكريين من كبار الجنرالات السابقين، المطلعين على خفايا المشهد والمتداولة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، على أن إيران وحزب الله عازمان على توجيه ضربة مؤلمة لإسرائيل، ربما بشكل منفرد أو معًا وبرفقة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، ولكن دون الوصول إلى حرب شاملة.

في المقابل، هناك منهجان لدى المستوى العسكري والاستخباري والسياسي الإسرائيلي. المنهج الأول يقترح إنهاء الحرب في غزة والتوجه إلى صفقة، وهو ما يؤيده وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت. أما المنهج الآخر، فيرى أن هذه فرصة لقلب المعادلة في الشمال، وتدمير حزب الله، وإعادة المستوطنين إلى الشمال، واستدراج إيران لحرب تكون فيها في مواجهة واشنطن والدول العربية.

عندما يلجأ ضابط رفيع إلى وسائل الإعلام ليشير إلى أن صفقة تبادل الأسرى مع حماس قد تجنب إسرائيل حربًا إقليمية، فإن هذا يعكس الرغبة الحقيقية للجيش في تجنب التصعيد والانزلاق نحو حرب إقليمية

يعبر اللواء عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في جيش الاحتلال، عن شكوكه في قدرة إسرائيل على المبادرة إلى حرب استباقية. وفي مقابلة مطولة مع القناة الـ12 الإسرائيلية، قال: "إسرائيل أدمنت على الهدوء لسنوات طويلة، وآخر حرب استباقية بادرنا إليها كانت في عام 1956. يجب توجيه انتقادات لحكومة إسرائيل، لأن الجيش الإسرائيلي اقترح في 11 تشرين الأول/أكتوبر شن حرب استباقية على حزب الله، لكن رئيس الحكومة اتخذ قرارًا مختلفًا. الآن، يجب علينا إعادة المخطوفين، وهذا سيؤدي إلى وقف إطلاق النار في الجنوب والشمال، مما يمكن الجيش من التحقيق في أخطائه والاستعداد للحرب المقبلة".

لكن خيارات إسرائيل الحالية محكومة أيضًا بمعادلة التوتر الداخلي والخارجي، فهناك إدراك جماعي لدى منظري الحرب الإسرائيليين أن إسرائيل تقترب من اللحظة الأخطر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. إذ تعتزم إسرائيل الرد على أي هجوم من الطرف الآخر، مما يزيد من احتمالية تصاعد تبادل الضربات مع حزب الله وإيران إلى حرب واسعة.

الأمر الذي لا يغفله منظرو الحرب الإسرائيليون من الجنرالات السابقين هو تكرار النصائح والدروس المستفادة من التاريخ. يجب أن تكون دائمًا في أذهان القادة وصناع القرار لتجنب الأخطاء القاتلة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية بفعالية وكفاءة. فهم يحذرون من مخاطر الوقوع في خطأ تقدير نوايا الأعداء في الحروب، حيث يمكن أن تكون هذه الأخطاء كارثية. ويدركون ما قاله كارل فون كلاوزفيتز، المنظر العسكري الألماني البارز: "الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، ولكن يجب أن تكون مستعدًا للتعامل مع كل الاحتمالات، لأن سوء التقدير يمكن أن يؤدي إلى هزائم كارثية".

وعندما يلجأ ضابط رفيع إلى وسائل الإعلام ليشير إلى أن صفقة تبادل الأسرى مع حماس قد تجنب إسرائيل حربًا إقليمية، فإن هذا يعكس الرغبة الحقيقية للجيش في تجنب التصعيد والانزلاق نحو حرب إقليمية، يمكن توقع متى تبدأ لكن ليس من السهل توقع نتائجها وموعد نهايتها.

وقد نقلت القناة الـ13 الإسرائيلية، عن مسؤول عسكري تأكيده أن إبرام صفقة تبادل أسرى قد يعيد الأمور إلى مجاريها، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، رفض هذه الفكرة وفضل استمرار الحرب.

أما بخصوص الرأي العام والخوف المتزايد في صفوف الإسرائيليين، فقد عبر موشيه يعالون، وزير الجيش ورئيس الأركان السابق، في مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية، عن قلقه من الوضع الحالي، قائلًا: "مواطنو إسرائيل قلقون ونحن في أيام وساعات مثيرة للتوتر. إذا لم يكن هناك هدف استراتيجي إلا استمرار الحرب إلى ما لا نهاية، والتضحية بالمخطوفين، فإن هذه الحكومة لن تنقذنا من الأزمة. يجب على الشعب الإسرائيلي أن يخرج إلى الشوارع لإخراج هذه الحكومة من حياتنا".

المبادئ الأساسية للحرب، خصوصًا المتعلقة بالجبهة الداخلية، تعتبر وحدة الجبهة الداخلية عاملاً حاسمًا في تحقيق النصر.

تحدث نفتالي بن سيمون، المحلل السياسي الإسرائيلي، للقناة الـ13 الإسرائيلية، عن توقعاته من القيادة الإسرائيلية، قائلًا: "نتوقع من القيادة الإسرائيلية أن تقدم لنا خريطة طريق حقيقية توضح لنا وجهتنا الاستراتيجية. يجب اتخاذ خطوات شجاعة، وإلا فإننا سنقع في أزمة خطيرة تتعلق بالمخطوفين والوضع الاقتصادي والاجتماعي. بإمكان رئيس الحكومة أن ينقذ نفسه ويبلور منهجية توصلنا إلى النهاية بعد حرب شجاعة في مواجهة الجبهات التي تهدد وجودنا".

وفي المبادئ الأساسية للحرب، خصوصًا المتعلقة بالجبهة الداخلية، تعتبر وحدة الجبهة الداخلية عاملًا حاسمًا في تحقيق النصر. وحاليًا، تتزايد الاتهامات في إسرائيل بأن رئيس الحكومة يدفع باتجاه حرب شاملة انطلاقًا من دوافع شخصية، رغم علمه بأن التماسك الداخلي يعزز من قوة الجبهة العسكرية، ويزيد من قدرتها على الصمود أمام التحديات. ويجب على القيادة العسكرية والسياسية أن تتخذ قرارات مستنيرة ومدروسة لتجنب التصعيد غير الضروري، فالقرارات العشوائية أو غير المدروسة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع وزيادة الخسائر.

وترى العقيدة الأمنية الإسرائيلية ضرورة بناء علاقات قوية مع الحلفاء الدوليين، خصوصًا واشنطن، للحصول على الدعم السياسي والعسكري في حال اندلاع مواجهة شاملة أو التصدي للهجوم الصاروخي الإيراني المرتقب، لتكرار مشهد التآزر الأمريكي والبريطاني في اعتراض الصواريخ الإيرانية في شهر نيسان/أبريل الماضي.