الترا فلسطين | فريق التحرير
تناولت الصحافة الألمانية بتوسع واهتمام كبير القضية التي رفعتها نيكاراغوا ضد ألمانيا في محكمة العدل الدولية، والتي تتهم فيها ألمانيا بالمساهمة بـ"حرب الإبادة" ضد قطاع غزة.
وتعتبر ألمانيا، بعد الولايات المتحدة، أحد أكبر موردي الأسلحة للاحتلال، واستحوذت بين العامين 2019 و2023 على 30% من الواردات العسكرية لـ"إسرائيل"، وازدادت هذه النسبة بعد السابع من أكتوبر.
اعتبر الإعلام الألماني أن القضية ليست سوى محاولة من نظام أورتيغا للفت الانتباه بعيدًا عن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها حكومته"
وتستند نيكاراغوا في قضيتها، إلى حكم محكمة العدل الدولية في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، التي أقرت فيها المحكمة أن بعض الأفعال التي قامت بها تل أبيب تصل إلى حد ارتكاب جريمة حرب.
وجاء في الطلب أن "كل دولة طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية عليها واجب بذل كل ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية". ولا تفي ألمانيا بهذا الالتزام من خلال تقديم الدعم السياسي والمالي والعسكري ومن خلال التوقف عن تمويل منظمة الإغاثة التابعة للأونروا.
فيما رفضت ألمانيا الاتهامات في جلسة المحكمة الثانية أمس الثلاثاء.
وفي ظل هذا السياق، لم تتردد وسائل الإعلام الألمانية في التعبير عن رفضها واستنكارها للاتهامات التي وجهتها نيكاراغوا لألمانيا، مع التأكيد على أن القضية ليست سوى محاولة من نظام أورتيغا للفت الانتباه بعيدًا عن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها حكومته".
وهاجمت الصحافة الألمانية دولة نيكاراغوا ورئيسها دانييل أورتيغا، واستخدمت تصفيات قاسية لوصف حكمه، حيث وصفته بـ"اليد القاسية" واعتبرته "ديكتاتوريًا" و"طاغية". وانتقدت الصحافة العلاقة المقربة بين نيكاراغوا والصين وروسيا.
دعت التقارير الألمانية أن حكومة أورتيغا تبنت سياسة تقارب مع روسيا
وفي سياق متصل، أشارت مجلة "شبيغل" إلى أن القضية المرفوعة ضد نيكاراغوا تكشف الكثير عن سلوك البلاد على الساحة الدولية، متحدثة عن "لائحة الاتهام" التي لم تتطرق للهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، الذي اعتبرته "يرسخ الشكوك حول سياسات نيكاراغوا".
وعلى صعيد العلاقات الخارجية، ادعت التقارير الألمانية أن حكومة أورتيغا تبنت سياسة تقارب مع روسيا، "ما يثير تساؤلات حول توجهاتها الدولية"، على حد تعبيرها. وذكرت أن المجتمع الدولي يتعامل بحذر مع التحالفات الجديدة التي تشكلها نيكاراغوا، خاصة مع دول مثل إيران والصين، مما يعكس تغيُّرًا في المشهد السياسي لهذه البلاد.
ومن خلال الدعوى القضائية المرفوعة ضدها، يعتبر الإعلام الألماني أن هذه محاولة من أورتيغا لتحويل الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في بلاده، والتقارير التي تشير إلى انتهاكات خطيرة للحقوق الإنسانية والتي قد تصل إلى جرائم ضد الإنسانية.
اجتمع الإعلام الألماني على أن نسب نجاح نيكاراغوا بقضيتها ضئيلة جدًا
وفي محاولة للرد على الاتهامات، أعرب مايكل روث، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ، عن استيائه من تصاعد الانتقادات من نيكاراغوا، معتبرًا أنها "لعبة شعبوية للغاية". ودافع عن موقف ألمانيا في دعمها لإسرائيل كونها "تتعرض لهجوم"، قائلًا: ""من المحبط أن يتهم نظام استبدادي مثل نيكاراغوا ديمقراطية مثل ألمانيا لأننا نسارع لمساعدة دولة تتعرض للهجوم".
فيما اجتمع الإعلام الألماني على أن نسب نجاح نيكاراغوا بقضيتها ضئيلة جدًا، وتشير تحليلات مجلة "شبيغل" إلى أن فرص نجاح القضية تبدو ضعيفة، ويعزو ذلك، بحسب ادعائها إلى عدة عوامل من منظور القانون الدولي الذي يعتبر القضية معقدة للغاية، حيث لا تشترك ألمانيا مباشرة في حرب "إسرائيل" في قطاع غزة، ولكن بشكل غير مباشر من خلال تقديم المساعدات لها. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تجميد تمويل الأونروا، فإن ألمانيا تستمر في تقديم المساعدات الإنسانية، "مما يعكس تعهد ألمانيا بالامتثال للقانون الدولي" بحسب الصحيفة..
من جانبها، انتقدت آر إن دي التصوير القانوني لنيكاراغوا واعتبرته "منحازًا بشكل صارخ". وفي ذلك السياق، أعرب خبير القانون الدولي في بون، ستيفان تالمون، عن شكوكه في نجاح القضية، حيث اعتبرها محكومة على الفشل لأسباب إجرائية. وأشار تالمون إلى أن تثبيت التواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية يتطلب إثباتًا صارمًا للغاية، ما يجعل المساعدة والتحريض عملية معقدة.
وفي حالة إثبات التواطؤ، يقع عبء الإثبات على عاتق نيكاراغوا، وهو أمر يتطلب جهودًا كبيرة ودقيقة. وبناءً على المتطلبات الرفيعة في حالة الإبادة الجماعية، يجب على نيكاراغوا أن تقدم أدلة تثبت أن ألمانيا كانت على علم بنية "إسرائيل" في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة واستخدام الأسلحة الموردة لها في ذلك الغرض.