02-سبتمبر-2024
الهستدروت

مقر الهستدروت

برز اسم الهستدروت إلى واجهة الأخبار بعد 11 شهرًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إثر إعلانه عن إضراب شامل في إسرائيل، يوم الإثنين 2 أيلول/سبتمبر، دعمًا لاحتجاجات عائلات الأسرى الإسرائيليين، التي تطالب بعقد صفقة تبادل فورًا.

ورغم الضغوطات والتهديدات التي مارستها حكومة نتنياهو لإحباط الإضراب، ثم توجهها، من جهة، إلى محكمة العمل، وتوجه عائلات جنود قتلى مؤيدة لها، من جهة أخرى، إلى المحكمة العليا، لإبطال الإضراب، إلا أن نسبة الالتزام بالإضراب بلغت 95 في المئة، وفقًا لما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية.

ما هو الهستدروت؟

تأسس الهستدروت، وهو الاتحاد العام لعمال إسرائيل، في كانون الأول/ديسمبر 1920، إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين، وذلك في مؤتمر عُقد في حيفا. واليوم، بعد 104 أعوام من تأسيسه، يُعدّ الهستدروت أكبر منظمة عمالية في إسرائيل، حيث يمثل حوالي 700 ألف عامل من خلال الاتفاقيات الجماعية حتى آذار/مارس 2017، مع وجود نحو 560 ألف عضو فعليًا.

تُظهر قرارات المؤتمر الأول للهستدروت بأن الأهداف الصهيونية كانت محورية في توجهات الهستدروت، فقد كانت تهدف إلى السيطرة على فلسطين واستعمارها، وتأسيس اقتصاد مستدام لاستيعاب أكبر عدد من المهاجرين اليهود

حدد المؤتمر الأول للهستدروت أهداف الاتحاد، ويمكن تلخيصها في التالي: تشكيل اتحاد موحد لجميع العمال والفلاحين في فلسطين، وتعزيز الاستيطان وبناء مجتمع يهودي، بالإضافة إلى المساهمة في المسائل الاقتصادية والثقافية المرتبطة بالعمل.

وتُظهر قرارات المؤتمر الأول للهستدروت بأن الأهداف الصهيونية كانت محورية في توجهات الهستدروت، فقد كانت تهدف إلى السيطرة على فلسطين واستعمارها، وتأسيس اقتصاد مستدام لاستيعاب أكبر عدد من المهاجرين اليهود.

وبدأ الهستدروت بعضويةٍ لا تتجاوز 4500 عضو، لكنها سرعان ما أصبحت من المؤسسات الرئيسية في فلسطين، وارتفع عدد أعضائه إلى أكثر من 200 ألف عضو بنهاية الاحتلال البريطاني، وهذا العدد شكَّل حوالي 75 في المئة من اليهود ذوي الرواتب والأجور حينها.

ما هو تأثير الهستدروت؟

بلغ التأثير السياسي للهستدروت ذروته خلال العقد الأخير، وذلك في أثناء الاحتجاجات على خطة الإصلاحات القضائية التي أعلنتها حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، التي وصفها معارضو الحكومة بأنها انقلاب على القضاء.

وظهر تأثير الهستدروت في هذه الأزمة، عندما أعلن رئيس الهستدروت، أرنون بار دافيد، عن إضراب عام في جميع القطاعات الاقتصادية للمطالبة بتعليق خطة الإصلاحات، واحتجاجًا على إقالة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لوزير الجيش، يوآف غالانت، بسبب معارضته لخطة الإصلاحات.

وفي 27 آذار/مارس، انضمت نقابة الأطباء وممرضات الهستدروت إلى الإضراب في القطاع الصحي، قبل أن يعلن نتنياهو تأجيل تشريع خطة الإصلاحات القضائية، وينهي الهستدروت إضرابه.

وصف المؤرخون الإسرائيليون، الهستدروت بأنه "دولة داخل دولة" في إسرائيل، خاصة بين تأسيس الدولة في 1948 ونهاية السبعينات ومنتصف الثمانينات، حيث كان الهستدروت يتحكم بجزء كبير من الاقتصاد الإسرائيلي.

ويؤكد المؤرخون، أن الهستدروت ساهم بنحو 60% من الإنتاج الزراعي، و50% من الصناعة الثقيلة، و25% من الإنتاج الصناعي، و45% من أعمال البناء، و39% من وسائل النقل، وهذا يعكس سيطرته على نحو ربع الإنتاج القومي.

ووسع الهستدروت أنشطته إلى أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وكان يمتلك مصرفًا خاصًا، ومؤسسات خدمية وصناعية واجتماعية، وله معهد خاص بالدراسات العمالية والتعاون، ويدير دار نشر خاصة به، إلى جانب معاهد أبحاث اقتصادية ونوادي رياضية مثل نادي "هبوعيل".

ويتألف الهستدروت من نقابات عمالية ومهنية متعددة تمثل قطاعات متنوعة من العمال والفلاحين وغيرهم. ويُعد بمثابة حكومة ثانية في إسرائيل، بفضل هيئاته التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وكان حزب العمل، ومن قبله حزب "مباي"، يسيطر تمامًا على الهستدروت، حتى فقد الحزب السيطرة في التسعينيات لصالح قائمة عمالية جديدة تُدعى "رام"، التي أسسها حاييم رامون.

وصف المؤرخون الإسرائيليون، الهستدروت بأنه "دولة داخل دولة" في إسرائيل، خاصة بين تأسيس الدولة في 1948 ونهاية السبعينات ومنتصف الثمانينات

ورغم قوة الهستدروت الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن سياسات الخصخصة أثرت على توجهاته، مما أدى إلى تقليص نفوذه وتغيير هياكله الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، لم يتغير البناء التنظيمي بشكل كبير؛ حيث يظل المؤتمر العام أعلى سلطة، يليه مجلس عام ولجنة تنفيذية ومكتب دائم مع السكرتير العام، ولجنة رقابة داخلية لضمان الشفافية.

أبرز الإضرابات تحت قيادة الهستدروت

1. إضراب نقابة الأطباء (25 تموز/يوليو 2023): استمر لمدة 24 ساعة، وأوقفته المحكمة العمالية بعد بضع ساعات.

2. إضراب الأطباء التحذيري (19 تموز/يوليو 2023): إضراب تحذيري لمدة ساعتين استعدادًا للتصويت على قانون تقليل السبب المحتمل.

3. إضراب الهستدروت والأطباء (25-27 آذار/مارس 2023): إضراب عام احتجاجًا على إقالة غالانت وتعليق تشريع الإصلاح القانوني، انتهى بعد تلبية مطلبهم وتأجيل تشريع خطة الإصلاحات القضائية.

4. إضراب السلطات المحلية (15 أيار/مايو 2023): إضراب احتجاجي على تشريع قانوني، مع استثناء النظام التعليمي منه.

5. إضراب كبار أعضاء هيئة التدريس في الجامعات (2015): وهو إضراب جزئي استمر 90 يومًا حتى التوصل إلى اتفاق.

6. إضراب الأطباء (2011): إضراب احتجاجي على الأجور وظروف العمل السيئة.

7. إضراب نقابة المعلمين (2007-2008): أطول إضراب في تاريخ التعليم الإسرائيلي، استمر 64 يومًا.

8. إضراب البث (1987): إضراب نقابة الصحفيين في البث العام، مما أدى إلى توقف محطات الراديو.

9. إضراب مصنع آتا (1957): إضراب استمر 107 أيام في مصنع النسيج "آتا".