20-أكتوبر-2024
النائبة الألمانية أيدان أوزغوز

النائبة الألمانية أيدان أوزوغوز

تعرّضت النائبة الألمانية أيدان أوزوغوز، من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي يقوده المستشار أولاف شولتس، لموجة من الانتقادات الحادة واتهامات بمعاداة الصهيونية، وذلك على خلفية منشور نشرته عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس". وأثار المنشور، الذي جاء في سياق الانتقادات الموجهة إلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية الألمانية. 

ورغم حذف أوزوغوز للمنشور بعد الضغوطات الحكومية وتقديمها اعتذارًا علنيًا، مؤكدة على موقفها الثابت الداعم لوجود "دولة إسرائيل"، فإن ذلك لم يوقف سيل الانتقادات والاتهامات التي وجهتها بعض الأحزاب والجهات السياسية إليها. ومن بين تلك الأطراف المعارضة الألمانية التي طالبت باستقالتها، بالإضافة إلى انتقادات من داخل حزبها نفسه. 

هذه الواقعة تأتي في سياقٍ أوسع من النقاش الحاد الدائر في ألمانيا حول الحدود المسموح بها للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني

وفي تفاصيل المنشور، كانت أوزوغوز قد أعادت مشاركة صورة من حساب منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام"، وتم توثيقها خلال القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحديدًا في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، حيث أظهرت الصورة المروعة مشهدًا لفتى فلسطيني احترق بفعل القصف الإسرائيلي على خيام النازحين. وكانت الصورة مرفقة بعبارة "هذه هي الصهيونية"، في إشارة إلى ما اعتبرته النائبة جزءًا من سياسات إسرائيل التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين.

وكانت ردود الفعل على هذا المنشور سريعة وعنيفة. أبرزها جاء من السفير الإسرائيلي في برلين، رون بروسور، الذي وصف النائبة بأنها "تشعل النار" وتساهم في تعزيز خطاب الكراهية، على حد قوله. كما أدانت رئيسة البرلمان الألماني، يربل باس، ما وصفته بـ"الترويج لمضامين معادية للصهيونية من مسؤول رفيع المستوى في البرلمان"، معتبرة أن ذلك غير مقبول.

غير أن الهجوم على أوزوغوز لم يمرّ دون ردود فعل متضامنة. فقد عبر عدد كبير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي عن دعمهم لها، معتبرين أن ما تعرضت له هو محاولة لتكميم الأفواه المعارضة لسياسات إسرائيل العسكرية، واعتبر العديد من المدافعين عن أوزوغوز أن انتقاد الحكومة الإسرائيلية أو سياساتها لا يعني بالضرورة "معاداة الصهيونية أو معاداة السامية، بل هو جزء من الحق المشروع في التعبير عن الرأي وحقوق الإنسان".

هذه الواقعة تأتي في سياقٍ أوسع من النقاش الحاد الدائر في ألمانيا حول الحدود المسموح بها للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني. فمن جهة، تتخذ الحكومة الألمانية مواقف داعمة بشكل متزايد لإسرائيل، في ظل الحرب المستمرة في قطاع غزة، حيث فرضت بعض الولايات شروطًا صارمة على المتقدمين للجنسية الألمانية تتضمن الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.

وفي نفس اليوم الذي واجهت فيه أوزوغوز الاتهامات، انتقدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير، إيرين خان، بعض الدول الغربية بما في ذلك ألمانيا، لاتخاذها إجراءات وتدابير وصفتها بالقمعية تجاه أشكال التضامن مع فلسطين. وأكدت خان أن حرية الرأي يجب أن تشمل جميع الأصوات، بما فيها تلك التي تنتقد السياسات الإسرائيلية.

وعلى الرغم من الجدل المتزايد، يستمر التضامن مع أوزوغوز على منصات التواصل الاجتماعي. وأكد العديد من الناشطين أن الصورة التي شاركتها النائبة لم تكن سوى انعكاس للمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، وأن تسليط الضوء على هذه المآسي هو دعوة لإنهاء العدوان.

وفي الوقت ذاته، تأتي هذه القضية بعد أيام من تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي أثارت هي الأخرى جدلاً كبيرًا بعد أن بررت الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة، حيث اعتبرت أن "الدفاع عن النفس لا يعني مهاجمة الإرهابيين فحسب، بل تدميرهم"، مشيرة إلى أن مواقع مثل المدارس والمشافي التي تتعرض للقصف قد تكون ملاذًا لعناصر من حركة حماس، وهو ما أدى إلى موجة من الانتقادات داخل ألمانيا وخارجها.