28-أغسطس-2024
وأوضح عبد الله معروف لـ"الترا فلسطين": "على هذا الأساس، تأتي تصريحات إيتمار بن غفير ضمن سياق تثبيت هذا الأمر كأمر واقع في المسجد الأقصى، إضافة إلى الوصول إلى النقطة التالية وهي بناء كنيس في المسجد الأقصى".

(Getty) ماذا تعني تصريحات بن غفير عن إقامة كنيس في الأقصى؟ وكيف يفسر رد نتنياهو عليه؟

لليوم الثاني على التوالي، تتواصل التصريحات والمواقف العربية والعالمية المنددة بتصريح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، التي أعلن فيها عزمه إقامة "كنيس يهودي داخل أروقة المسجد الأقصى"، آخرها إعلان منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، عزمه طرح اتخاذ "عقوبات بحق الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش".

وفي محاولة منه للتقليل من شأن هذه التصريحات، أكد مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنه "لا نية لديهم في تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى".

أستاذ في دراسات بيت المقدس: تصريحات نتنياهو عن الوضع القائم في الأقصى، لا تقل خطورة عن تصريحات إيتمار بن غفير عن إقامة كنيس في المسجد الأقصى

وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية إدانة لتصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير. وقال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر: "إنه يتجاهل [بن غفير] بشكل صارخ الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس"، مضيفًا أن "أفعاله تسبب التوتر في وقت تتعامل فيه إسرائيل مع إيران وحزب الله وحماس".

لكن مفهوم الوضع القائم بالنسبة لنتنياهو، يختلف عن التفسير الحقيقي والقانوني، لهذا الوضع المتعارف عليه منذ حكم الدولة العثمانية، بأن تتولى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إدارة شؤون المسجد الأقصى.

وفي حوار مع "الترا فلسطين"، حذر أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة إسطنبول عبد الله معروف، من "خطورة تصريحات مكتب نتنياهو، بشكل لا يقل أهمية عن تلك التصريحات الصادرة عن الوزير المتطرف إيتمار بن غفير".

وقال معروف، إن تصريحات إيتمار بن غفير حول "بناء كنيس في المسجد الأقصى تهدف إلى نقطتين". النقطة الأولى: هي تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وتثبيت وضع جديد عنوانه السماح بكافة الطقوس الدينية لليهود في المسجد الأقصى، وما يدل على ذلك بأن هذا التصريح يأتي بعد يوم واحد من قيام عضو الكنيست المتطرف موشيه فيغلين باقتحام المسجد وأداء طقوس السجود الملحمي للمرة الأولى في حياته داخل المسجد برفقة الحاخام يهودا يوسف.


اقرأ/ي: باختصار.. ماذا يعني "الوضع الراهن في المسجد الأقصى"؟

"فارغ من أهله": هذا ما يجري في المسجد الأقصى منذ اندلاع الحرب على غزّة


ونوه معروف، إلى أن الحاخام "يوسف" هو مسؤول ما يسمى بمدرسة "جبل المعبد" الدينية التي تعتبرها جماعات المعبد المتطرفة مقرًا ومدرسة دينية لـ"إعداد الحاخامات"، وهي مسجلة على نحو رسمي في وزارة الأديان الرسمية الإسرائيلية، وموقعها وعنوانها المسجل في الوزارة هو المسجد الأقصى.

واستمر معروف في النقطة السابقة، قائلًا: إن "فيغلين قام برفقة عدد من الحاخامات والشخصيات بأداء السجود الملحمي وهو الانبطاح الكامل على الأرض بالوجه داخل المسجد، وثبت بذلك أن هذا الطقس أصبح شيئًا طبيعيًا في المسجد الأقصى، علمًا أن هذا الطقس يعتبر ثاني أهم طقس ديني من التي ينبغي أن تقام داخل المعبد".

وأوضح عبد الله معروف لـ"الترا فلسطين": "على هذا الأساس، تأتي تصريحات إيتمار بن غفير ضمن سياق تثبيت هذا الأمر كأمر واقع في المسجد الأقصى، إضافة إلى الوصول إلى النقطة التالية وهي بناء كنيس في المسجد الأقصى".

وأكد معروف، أن خطورة هذا الأمر جاءت بأن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن رده على تصريحات بن غفير، بالحديث عن الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، لكن نتنياهو يعني بذلك "الوضع القائم حسب رؤيته هو، والذي يضمن الآن إقامة كافة الطقوس الدينية والدروس الدينية بشكل علني داخل المسجد الأقصى، دون أي تغطية أو اعتراضات من أي جهة".

وأردف معروف، أن هذا "الأمر يعني بالضرورة تغييرات كاملة في شكل المسجد الأقصى، واستعماله اليوم باعتبار أن لليهود حق العبادة وإقامة كافة الطقوس في المسجد، وهذا ما يعنيه مكتب نتنياهو بالرد على بن غفير".

أما الهدف الثاني من تصريحات بن غفير، وفق ما ذكر معروف، فهو هدف للمستقبل، حيث لا يخفي بن غفير ولا أركان الحكومة المتطرفة، هدفهم المرحلي المركزي بضرورة إقامة مكان خاص لليهود في المسجد الأقصى سواء كنيس، أو اقتطاع جزء من مساحات المسجد وتخصيصها لليهود، أو اقتطاع أحد مباني المسجد وتخصيصها لليهود، وبالتالي تقاسم المسجد الأقصى مع المسلمين من خلال تخصيص مكان خاص لصلاة اليهود، وهو ما عبر عنه بن غفير.

وأكد معروف، أن سلطات الاحتلال تعمل الآن على مسارين في المسجد الأقصى، المسار الأول السعي لتثبيت وجود اليهود الديني والتعبد في المسجد الأقصى باعتباره "الواقع الجديد"، ووضع قائم جديد ينبغي على الأطراف العربية والإسلامية التسليم به، أما الثاني فهو الوصول إلى مرحلة بناء معبد لليهود أو اقتطاع جزء أو تخصيص مبنى من المسجد الأقصى لصالح اليهود.

وختم معروف حديثه لـ"الترا فلسطين"، بالقول: إن "هذه التصريحات تصب أيضًا في تحضير الرأي العام العربي والعالمي لتقبل هذا الواقع الجديد".

تنسيق خفي بين نتنياهو وبن غفير

ونشرت صحيفة "هآرتس"، تقريرًا يفيد بوجود تنسيق "خفي" بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بشأن التصريحات المتعلقة بـ"بناء كنيس في المسجد الأقصى".

وأوضح عاموس هرئيل، محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة الإسرائيلية، أن هذا التنسيق يساهم في تصعيد التوترات الحالية، حيث يظهر نتنياهو بموقف ظاهري داعٍ للتهدئة، بينما يتبنى بن غفير استراتيجية تصعيدية، مما يهدد الأوضاع في القدس والضفة الغربية.

ورغم تقديم نتنياهو "موعظة" للوزراء لضرورة ضبط النفس، إلا أن هرئيل يرى أن نتنياهو يواصل التنسيق مع بن غفير خلف الكواليس، محاولًا إبقاء التركيز الإعلامي على الداخل الإسرائيلي، ولو كان ذلك على حساب الاستقرار الأمني.

وفي تصريحات أخرى، أكد بن غفير لإذاعة جيش الاحتلال أن السياسة المتبعة في المسجد الأقصى تسمح لليهود بأداء الصلاة هناك، مشيرًا إلى أنه أبلغ نتنياهو بجلاء منذ انضمامه إلى الحكومة أنه لن يكون هناك أيّ "تمييز عنصري في هذا الشأن. وأكد أنه لو كانت لديه السلطة الكاملة، لكان العلم الإسرائيلي مرفوعًا في المسجد الأقصى منذ زمن"، وفق قوله.