أعاد تحقيق لمنظمة العمارة الجنائية (Forensic Architecture)، بناء ظروف استشهاد الطفلة هند رجب والطفلة ليان حمادة، التي استشهدت مع 6 من أقاربها، وعثر عليهم بعد 12 يومًا من اتصال الطفلة ليان ومن ثم هند على طواقم الهلال الأحمر من أجل إنقاذهم، إذ يشير التحقيق إلى أن مركبة الطفلة هند تعرضت إلى أكثر من 300 رصاصة بشكلٍ متعمد.
وفي حينها، انتشرت مكالمة هاتفية للطفلة ليان حمادة، قريبة هند، مع طاقم الهلال الأحمر في غزة تحدثت فيها عن حصارها مع "جثامين عائلتها رفقة الطفلة هند" من قبل دبابة إسرائيلية، وفي وقتها انطلقت زخة جديدة من رصاص جيش الاحتلال، لينقطع الاتصال مرةً أخرى.
وحينها، أفادت مصادر لـ" الترا فلسطين" أن طواقم الهلال الأحمر تمكنت من التحرك باتجاه الطفلة هند بعد ثلاث ساعات من حصارها في المركبة، بناءً على تنسيق مسبق من خلال الارتباط (جهاز أمني تابع للسلطة الفلسطينية في رام الله)، ومع ذلك انقطع التواصل مع فريق الإنقاذ.
التحقيق الجنائي، أكد على أن إطلاق النار على مركبة الطفلة هند رجب، من موقع تمركز جيش الاحتلال الإسرائيلي
ووفق التحقيق، فإن الهدف منه الإجابة على الأسئلة التالية: "أين كانت المركبات العسكرية الإسرائيلية تتواجد يوم تعرض سيارة هند للهجوم؟ من أي موقع ومن أي مكان قُتلت ليان، ابنة عم هند، البالغة من العمر 15 عامًا، بعد أن اتصلت هاتفيًا في الهلال الأحمر الفلسطيني؟ هل كان من الممكن أن يرى مطلق النار ليان قبل أن يقتلها؟ ما نوع الذخيرة المستخدمة؟ من أي موقع واتجاه تم إطلاق النار على مركبة الإسعاف؟ هل يمكن أن تساعدنا الإجابات على هذه الأسئلة في التعرف على مرتكبي حادث إطلاق النار؟".
وافتتح التحقيق، بالقول: "في الساعة 9:32 صباحًا، بعد وقت قصير من مغادرة هند وعائلتها المنزل، نشر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وطلب من سكان غرب مدينة غزة، بما في ذلك حي تل الهوى، التحرك جنوبًا. يُظهر تحليل صور الأقمار الصناعية أنه لم يكن من الممكن لهند وعائلتها القيادة جنوبًا في ذلك الصباح لأن الطريق كان مغلقًا بسبب حطام مبنى شاهق تعرض للقصف مؤخرًا".
يقول التحقيق: مطلق النار كان لديه رؤية واضحة للسيارة وركابها. بمعنى آخر، كانوا على علم بوجود طفلين. pic.twitter.com/nyhctCxFiX
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) June 26, 2024
وبحسب التحقيق، فقد شهد وسام حمادة، والد هند، على إطلاق النار على المركبة، وقال: "رأيناهم يطلقون النار لكننا اعتقدنا أن من كانوا في السيارة ربما كانوا على قيد الحياة لأنهم انعطفوا قليلًا إلى اليسار، لذلك قلنا إنهم أوقفوا السيارة في المحطة. اعتقدنا أنهم يجب أن يكونوا آمنين، وسوف يذهبون إلى منزل آمن أو إلى مكان آمن".
وأوضح التحقيق: "يشير التحليل الحركي لموضع المركبة وحالتها، أي دوران عجلة القيادة، وتشوه الإطار، وقرب الباب الجانبي للسائق من لافتة الشارع، وشكل تشوه غطاء المحرك والمصد الأمامي، إلى أن المركبة تم دفعه من المصد الأمامي الأيمن. علاوة على ذلك، فإن شكل انخفاض الزجاج الأمامي يوحي بأن المركبة تعرضت للضرب من قبل مركبة خفيفة مثل الجرافة العسكرية الإسرائيلية المصنعة من قبل شركة كاتربيلر".
وأشار التحقيق إلى أنه "من خلال مقارنة صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها خلال الاثني عشر يومًا بين الهجوم وتاريخ رفع أمر الإخلاء، تمكنت المنظمة من رسم خريطة للموقع الأصلي لسيارة كيا بيكانتو قبل نقلها. تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 8 شباط/فبراير مركبة كيا وهي تتوقف على الرصيف بالقرب من مشتل الزهور، حيث بقيت في 10 شباط/فبراير. وفي صورة تم التقاطها في يوم الهجوم عند الساعة 3:31 مساءً، تظهر مركبة كيا متوقفة أمام محطة وقود".
وأكد التحقيق على أنه حدد "ما مجموعه 335 ثقبًا ناجمًا عن رصاصة في جسم مركبة كيا. وكانت معظم المداخل موجودة على الجانب الأيمن من المركبة، مما يشير إلى موقع مطلقي النار".
ووفقًا لتحليل التسجيل الذي أجرته شركة "Earshot"، في "اللحظات الأخيرة التي سمعنا فيها صوت ليان، يمكن سماع ما مجموعه 64 طلقة نارية، تم إطلاقها في 6 ثوانٍ فقط. وأشارت إلى أن السلاح الرشاش الذي يطلق هذه الطلقات يتراوح نطاقه بين 750-900 طلقة في الدقيقة. ويتجاوز هذا المدى نطاق بندقية من نوع كلاشينكوف، وهي البندقية الهجومية الأكثر شيوعًا والتي تُنسب إلى حماس. ويتوافق هذا النطاق من الطلقات في الدقيقة مع الأسلحة التي يصدرها الجيش الإسرائيلي مثل البندقية الهجومية M4 أو المدفع الرشاش FN MAG الموجود على دبابة ميركافا".
تسجيل صوتي نشرته جمعية الهلال الأحمر يظهر اتصالا أجرته الطفلة ليان مع طاقم العلال طالبة إنقاذها مع قريبتها هند رجب قبل استشهاد ليان، بينما بقيت هند محاصرة، ولم يعرف مصيرها حتى اللحظة رغم مرور أكثر من 24 ساعة. pic.twitter.com/G7dXgmpP6s
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) January 30, 2024
أمّا عن مدى رؤية مطلق النار من جيش الاحتلال، قال التحقيق: "إن وضع الدبابة كان على مسافة قريبة من المركبة في مسافة 13-23 مترًا من المركبة عندما أطلقت الطلقات التي قتلت ليان حمادة. وعلى هذا القرب، فمن غير المعقول ألا يكون مطلق النار قد رأى أن المركبة كان يستقلها مدنيون، بمن فيهم الأطفال".
وعند إعادة رسم المكان، أكد التحقيق أن استنتاجه هو: "مطلق النار كان لديه رؤية واضحة للسيارة وركابها. بمعنى آخر، كانوا على علم بوجود طفلين".
أمّا عن طاقم الهلال الأحمر الذي اتجه إلى موقع إطلاق النار على الطلفة هند رجب، فإن صور الأقمار الصناعية، التي التقطت بعد أيام من الحادث تظهر علامة حروق كبيرة على الأرض أمام مركبة الإسعاف المحطمة.
وأوضح التحقيق: "تتوافق علامة الحرق مع الصور التي التقطت من الموقع"، وحدد التحقيق "فتحة نتيجة قذيفة في الباب الخلفي الأيسر لمركبة الإسعاف. كما تم العثور على شظايا، هي جزء من طلقة M830A1 وهو طلق شديد الانفجار ومتعددة الأغراض إذ يستخدم كمضاد للدروع والأفراد من عيار 120 ملم، في الموقع بالقرب من المركبة. يتوافق حجم فتحة الخروج مع تأثير طلقة M830A1 HEAT-MP-T".
ويشير التحقيق إلى أن نقطة إصابة المركبة تتوافق مع اتجاه موقع الدبابات الإسرائيلية. ويوضح التحقيق: "يشير تقييمنا لموقع الدبابات وقت الهجوم، بالإضافة إلى اتجاه الطلقة، إلى أن سيارة الإسعاف أصيبت على الأرجح بذخيرة أطلقتها دبابة إسرائيلية".