18-سبتمبر-2024
لبنان بيغر

(Getty)

تصدرت عملية تفجير أجهزة "البيجر" في لبنان، يوم أمس، التحليلات الإسرائيلية، باعتبارها "عملية كبيرة"، ترفض إسرائيل التعليق عليها في العلن، بينما أدت إلى سقوط 12 شهيدًا من بين أطفال، وحوالي 2700 إصابة.

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريرًا من إعداد محللها للشؤون العسكرية والأمنية، رون بن يشاي، بعنوان "ضربة معنوية وليست استراتيجية". ويوضح بن يشاي في مادته، أن الانفجارات التي وقعت باستخدام أجهزة البيجر عن بُعد كشفت لحزب الله عن "مدى تعرضه للاختراق، ليس فقط من الناحية الاستخباراتية، بل أيضًا من النواحي السيبرانية والإلكترونية"، وفق قوله.

قالت ميري إيسين، زميلة المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، وضابطة استخباراتية كبيرة سابقة: "لن يتحرك أي مقاتل من حزب الله بسبب هذا. إن امتلاك قدرات مذهلة لا يشكل استراتيجية".

وأضاف: "يشكل الدمج بين هذه القدرات تهديدًا حقيقيًا يتعين على حزب الله ورعاته الإيرانيين أخذه في الاعتبار. ويُعتقد أن أجهزة البيجر قد استُخدمت لتنسيق الأنشطة بين النشطاء، مثل توقيت إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيّرة نحو إسرائيل، بالإضافة إلى تحذيرهم من هجمات سلاح الجو".

وحول حزب الله وإمكانية رده، قال بن يشاي: "من المتوقع أن يقوم حزب الله برد فعل، لكنه سيحتاج بعض الوقت للتأهب، ولن يتجاوز رده الأفعال المعتادة، حيث إن إيران وحزب الله لا يرغبان في تصعيد الأوضاع إلى نزاع إقليمي. رغم أن العملية المنسوبة إلى إسرائيل تعزز من قدرة الردع تجاه حزب الله ورعاته الإيرانيين، فإنها تُعد ضربة معنوية قوية، وليست تحولًا جذريًا في الوضع الحالي". وتابع موضحًا: "لتحقيق تأثير ملموس، سيكون من الضروري تنفيذ سلسلة من الضربات المماثلة أو شن حملة شاملة"، وفق قوله.

في أعقاب الهجوم على لبنان، عبر نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في قناة الـ 12 الإسرائيلية، عن حالة من عدم اليقين بشأن مسار الأحداث المقبلة. وتساءل دفوري عن الأهداف الحقيقية لهذا الهجوم وتأثيره المحتمل، مشيرًا إلى أن "عدم توفر إجابات واضحة، مما يعكس حالة من الغموض حول التحليل الحالي". مضيفًا: "حزب الله يتهم إسرائيل بالوقوف خلف العملية ويهدد بالرد، ولكن كيفية هذا الرد تظل غير واضحة"، قائلًا: "أضع هنا عـﻼمات استفهام.. إلى أين سنتجه من هذه العملية؟ما هي أهداف هذا الحدث؟ وإلى أين قد يقودنا؟ حتى اﻵن ﻻ تتوفر إجابات".

وناقش عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان، في مقابلة مع القناة الـ 13 الإسرائيلية، تداعيات اتهام حزب الله لإسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم. ويشير جلعاد إلى ضرورة التفكير في الاستراتيجية المطلوبة، متسائلًا عن "مدى استعداد إسرائيل لرد فعل موسع في حال توسعت الحرب إلى مناطق أخرى مثل حيفا". ويبرز جلعاد أهمية وجود خطة واضحة للتعامل مع التصعيد المحتمل، مشيرًا إلى أن الاستخبارات ستقدم الإجابات، ولكن هناك حاجة ماسة لاستراتيجية محددة.

وقال جلعاد: "عندما ينسبون الحادث لنا، يجب أن نفكر في كيفية التصرف. هل لدينا استراتيجية؟ إذا توسعت الحرب إلى حيفا، ماذا ستفعل إسرائيل؟ هل سترد بشكل موسع؟ هل نحن جاهزون لعملية واسعة؟".

من جانبه، ناقش داني ياتوم، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية "الموساد" سابقًا، عبر التلفزيون الاسرائيلي الرسمي قناة "كان"،ظ  في تقييمه هدف الهجوم وتأثيره المحتمل. وطرح ياتوم تساؤلات حول ما إذا كان الهجوم قد حقق هدفه في تحييد 3000 عنصر من حزب الله من المستوى المتوسط، ويعتبر ذلك "إنجازًا كبيرًا". ومع ذلك، يعبر عن قلقه بشأن الخطوات التالية، مضيفًا: "عندما نرى هذا الحدث، يجب أن نعرف ما الهدف منه. نحن لا نعرف الهدف ولا من الذي نفذه. إذا كان قد أصاب وحيّد 3000 عنصر من حزب الله من المستوى المتوسط، فهذا إنجاز، ولكن ماذا بعد ذلك؟".

أمّا يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في قناة i24 ، استعرض التباين في المواقف داخل القيادة الإسرائيلية بشأن كيفية التعامل مع الوضع. ويشير إلى أن هناك قادة كبار في الجيش الإسرائيلي، مثل قائد الجبهة الشمالية أوري غوردين وقائد سلاح الجو تومر بار، يدفعون نحو توسيع المعركة. في المقابل، يسعى رئيس الأركان هرتسي هليفي إلى استغلال الوضع في غزة لصالح الصفقة، بينما يعارض وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت التورط في حرب في الشمال. يبرز يهوشوع المخاطر المرتبطة بالانزلاق إلى حرب شاملة، مشيرًا إلى أن "الجبهة الشمالية مرتبطة بـالجبهة الجنوبية في غزة".

بدوره، سلط ميخائيل شيمش، مراسل الشؤون السياسية في قناة كان 11، الضوء على التوترات داخل القيادة الأمنية والسياسية، بشأن العملية العسكرية المحتملة في الشمال. مشيرًا إلى أن نتنياهو يدفع نحو عملية محدودة في الشمال، بينما يعارضها وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس الأركان، مما يعكس تباينًا في المواقف. ويرى شيمش أهمية الحذر من التسرع في تنفيذ العملية لتجنب تعقيد الوضع الأمني.

وأوضح شيمش: "شهدت الأيام الأخيرة توترًا شديدًا في قيادة الأجهزة الأمنية، وكذلك في القيادة السياسية حول عملية عسكرية محتملة في الشمال. نتنياهو يدفع نحو إمكانية شن عملية محدودة في الشمال، بينما يعارضها وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس الأركان".

وناقش عميت سيغال، محلل الشؤون السياسية في قناة الـ12 الإسرائيلية، التغيرات في المواقف حول اتخاذ خطوات كبيرة في الشمال. ويلفت الانتباه إلى أن أي خطأ في الحسابات أو تصعيد في الشمال قد يؤدي إلى حرب شاملة. كما يبرز التغير في المواقف بين غالانت، الذي كان يدعم توجيه ضربة كبيرة في الشمال، وقال سيغال: "أي خطأ في الحسابات أو تصعيد في الشمال يعني حربًا شاملة. في 11 تشرين الأول/أكتوبر، كان يوآف غالانت يدعم توجيه ضربة كبيرة في الشمال، بينما عارض نتنياهو وغانتس وآيزنكوت ذلك. العلاقات بين رئيس الحكومة ووزير الجيش في أسوأ حالاتها منذ قيام الدولة، مما يؤثر على إدارة الوضع الأمني".

قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في مقال اليوم الأربعاء، إنه من المستبعد أن يؤدي "هجوم البيجر" إلى شلّ حركة حزب الله. وشرح كاتب المقال تسفي بارئيل أن الهجوم الأخير، الذي يبدو أنه تم تخطيطه بعناية، لا يمكن وصفه بالـ"جراحي"، بل هو محاولة لخلق توازن رعب وردع يُحدث تغييرًا في الواقع. وأضاف أن إسرائيل خرقت قواعد "معادلة الرد" التي كانت قائمة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر بين إسرائيل وحزب الله، التي تستند إلى تجنب الطرفين لحرب شاملة.

وأشار إلى أن "هجوم البيجر" هو استعراض للقدرات الاستخباراتية والتكنولوجية الإسرائيلية، لكنه لا يغيّر من الخيارات الاستراتيجية المتاحة أمام إسرائيل، التي تقع بين حرب شاملة غير معروفة النتائج، أو صفقة مع يحيى السنوار تشمل وقفًا لإطلاق النار واستعادة الأسرى.

وقالت ميري إيسين، زميلة المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، وهي منظمة بحثية مقرها إسرائيل: "هذا حدث تكتيكي مذهل". وإيسين التي عرفتها صحيفة "نيويورك تايمز" بأنها ضابطة استخباراتية كبيرة سابقة، قالت: "لن يتحرك أي مقاتل من حزب الله بسبب هذا. إن امتلاك قدرات مذهلة لا يشكل استراتيجية".

وقال عاموس يادلين، رئيس مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، إن "هدف العملية، إذا كانت إسرائيل تقف وراءها كما يدعي حزب الله، ربما كان الإظهار لحزب الله أنه سيدفع ثمنًا باهظًا للغاية إذا استمر في هجماته على إسرائيل بدلًا من التوصل إلى اتفاق". مشيرًا إلى أن "الهدف هو فصل الحرب التي أعلنها حزب الله عن الحرب في غزة".

وأضاف يادلين أن هذه العملية تمنح هوكشتاين "أداة أخرى يمكن استخدامها عند التحدث مع حزب الله: من الأفضل أن تتوصل إلى اتفاق، وإلا ستواجه هجمات أكثر أهمية ومفاجئة"، وفق زعمه.

وتقول سيما شاين، الضابطة السابقة في الموساد، حول احتمالية تراجع حزب الله نتيجة الهجوم، "لا أرى أن هذا سيحدث"، شاين المحللة في معهد دراسات الأمن القومي، وهي منظمة بحثية إسرائيلية: "سيحاول حزب الله تجنب خلق تصور بأنه تخلى عن حماس".