واصلت كبرى القنوات التلفزيونية الإسرائيلية تسليط الضوء على ملامح المرحلة المقبلة بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مستعرضة تداعيات ذلك على إسرائيل، بما يشمل الحرب في غزة ولبنان، والملف الإيراني.
وأوضح موآف فاردي، محلل الشؤون السياسية في قناة "كان"، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يُعتبر داعمًا قويًا لإسرائيل، مشيرًا إلى وجود لغة مشتركة تربطه برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على الرغم من بعض التوترات السابقة.
رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة قال إن التغيير في الولايات المتحدة يمثل فرصة ذهبية للحكومة الإسرائيلية لاتخاذ خطوات جريئة، بما في ذلك ضم أراضٍ في الضفة الغربية.
ومع ذلك، لفت فاردي النظر إلى تصريح شهير لترامب قال فيه: "أنا هنا لإنهاء الحروب، وليس لشنّها". وأكد أن هذا التصريح يعكس "عقيدة ترامب التي تضع مصالح الولايات المتحدة أولًا". وأضاف أن "ترامب لا يرغب في إرسال جنود أميركيين إلى الشرق الأوسط ليعودوا في توابيت. ورغم أن هذا الموقف قد يبدو إيجابيًا، إلا أنه يثير تساؤلات حول تكلفة هذه السياسة بالنسبة لإسرائيل".
وأشار فاردي إلى أن ترامب "لا يميل إلى مواجهة مباشرة في غزة أو مع حزب الله أو إيران. وفي مقابلة مع نائبه المنتخب جي دي فانس، أكد الأخير أن الولايات المتحدة لن تخوض حربًا ضد إيران، وهو ما قد يفتح باب الخلافات مع إسرائيل مستقبلًا". كما تناول فاردي الفترة الانتقالية التي ستستمر لأكثر من شهرين قبل تولي ترامب الحكم، مشددًا على أن هذه الفترة قد تؤثر على اتخاذ القرارات الإسرائيلية في ظلّ حالة الترقب.
وتحدثت دانا فايس، محللة الشؤون السياسية في القناة 12 الإسرائيلية، عن الوضع في الجبهة الشمالية، مشيرة إلى أن هناك اتفاقًا مؤقتًا ينتظر قرارًا حاسمًا من نتنياهو. وأضافت أن حزب الله قد يحاول تعطيل هذا الاتفاق والدفع باتجاه حرب استنزاف، مما يجعل الاستقرار في الشمال أمرًا غير مضمون.
وفيما يتعلق بملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، أشارت فايس إلى أن وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي المقال، يوآف غالنت، أبدى تفاؤلًا بإمكانية التوصل إلى صفقة مع حماس. كما ذكرت أن الضغط العسكري، بالتزامن مع انتخاب ترامب، قد يساهم في استئناف المفاوضات.
وأوضحت فايس، أن هناك جدلًا حول توقيت إنهاء الحرب: أي "هل سيُفضل نتنياهو إنهاءها الآن أم الانتظار حتى كانون الثاني/يناير للاستفادة من عودة ترامب، وربط ذلك بصفقة شاملة تشمل التطبيع مع السعودية؟".
أما عن المساعدات الإنسانية لغزة، فقد حذرت فايس من أن إدارة بايدن قد تفرض قيودًا على تصدير الأسلحة لإسرائيل إذا لم يتم تقديم المساعدات في الوقت المحدد.
وغطت غيلي كوهين، مراسلة الشؤون السياسية في قناة "كان"، الاتصال الذي أجراه نتنياهو مع ترامب بعد انتخابه، مشيرة إلى أن نتنياهو كان حريصًا على أن يكون من أوائل المهنئين. وأكدت أن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أوضح أن المحادثة تناولت الملف الإيراني بشكل خاص. وترى كوهين أن عودة ترامب للبيت الأبيض قد تُحدث تغييرًا في السياسة الأميركية تجاه إيران، وهو ما يعوّل عليه نتنياهو لاتخاذ مواقف أكثر صرامة.
وأكدت موريا أسرف وولبيرغ، مراسلة القناة الـ13 الإسرائيلية، أن إنهاء الحرب قبل تولي ترامب مهامه أمر غير وارد، مشيرة إلى أن الحرب ستستمر حتى "تحقيق الأهداف الإسرائيلية". وأضافت أن انتخاب ترامب يُعدّ بمثابة حلم كبير للمستوطنين الذين يأملون في دفع خطوات مثل ضم الضفة الغربية.
وفي ذات السياق، صرّح يوسي داغان، رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، بأن التغيير في الولايات المتحدة يمثل فرصة ذهبية للحكومة الإسرائيلية لاتخاذ خطوات جريئة، بما في ذلك ضم أراضٍ في الضفة الغربية.
من جهتها، شددت دفنا ليئيل، محللة الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، على أن نتنياهو راهن بشكل كامل على فوز ترامب، متسائلة عما يمكن أن يقدمه ترامب في المقابل.
وأشارت إلى حالة عدم اليقين التي تحيط بشخصية ترامب، مؤكدة أنه من الصعب التنبؤ بتصرفاته. وأضافت أن السياسة الإسرائيلية كانت تفضل ترامب على هاريس، التي تُعتبر أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين وأقل التزامًا بالقضايا الإسرائيلية. ورغم أن ترامب أعلن رفضه شنّ حروب جديدة، إلا أن ذلك قد يحدّ من قدرة إسرائيل على المناورة إذا تعارضت مواقف ترامب مع القيادة الإسرائيلية.
وأوضح ليئور فينتروف، المتحدث السابق باسم سفارة إسرائيل في واشنطن، أن ترامب شخصية غير متوقعة، وهو ما يثير القلق في الشرق الأوسط. وأشار إلى أن "إيران قد تضغط على حماس لتقديم تنازلات في المفاوضات". كما حذر من أن فترة ما بعد كانون الثاني/يناير لن تكون هادئة، مستبعدًا أن يمنح ترامب إسرائيل "شيكًا على بياض"، ومؤكدًا أن هناك الكثير مما يمكن لإدارة بايدن تقديمه لدعم إسرائيل، رغم انتهاء ولايته دون تحقيق تقدم بشأن ملف الأسرى الإسرائيليين.