19-يوليو-2024
مسيرة يافا وتل أبيب والحوثيين

(Getty) قال مراسل "جيروزاليم بوست" سيث جيه فرانتزمان: "يمثل الهجوم جبهة جديدة في حرب الطائرات المُسيّرة"، مشيرًا إلى أنه "يمثل التهديد الأكبر لإسرائيل"

أسفر انفجار مُسيّرة قادمة من اليمن في تل أبيب، فجر اليوم الجمعة، صدمة إسرائيلية، نظرًا لعدم توقع مثل هكذا خطوة، و"الفشل" في توقعها واعتراضها. وكانت جماعة أنصار الله الحوثيين، قد أعلنت عن إرسال مُسيّرة يافا إلى تل أبيب، قائلةً: إنها "صارت منطقة غير آمنة".

ويحقق جيش الاحتلال الإسرائيلي، بـ"الفشل في اعتراض الطائرة المُسيّرة"، التي يحاول حتى الآن تحديد مصدرها بشكلٍ واضح.

وبعد عملية المُسيّرة في تل أبيب، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري: إن "الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية سيجتمعان في الأيام المقبلة لاتخاذ قرار بشأن كيفية الرد هجوميًا ودفاعيًا".

اعتبر المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل، عملية الاستهداف لتل أبيب، التي نفذتها جماعة أنصار الله الحوثيين في طائرة مُسيّرة، بأنها "مرحلة جديدة في الحرب، مما يجعلها صراعًا إقليميًا متعدد الجبهات"

وقال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، من إن إسرائيل "ستصفي الحساب مع أي شخص يهددها"، وفق تعبيره. مضيفًا: "المنظومة الأمنية الإسرائيلية تعمل على تعزيز أنظمتها الدفاعية، وستركز عملياتها الاستخباراتية على المسؤولين عن الهجوم".

وقال مسؤولون إسرائيليون لـ"يديعوت أحرونوت" إنه "سيكون هناك رد على إطلاق الحوثيين الطائرة المُسيّرة"، مشيرةً إلى أن خيار استهداف الأراضي اليمين "طرح على الطاولة".

بدورها، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة أسكارد سيستمز في تل أبيب، التي تطور التكنولوجيا العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي: "من المرجح أن نشهد تصعيدًا في الهجمات".

وأضافت: "ما نعرفه للأسف عمليًا هو أن الطائرة المُسيّرة تمكنت من اختراق أنظمة الكشف والتحذير للدفاع الجوي، ربما بسبب خطأ بشري وربما بسبب الطيران على ارتفاع منخفض بشكل غير عادي، مما يجعل من الصعب على الرادارات اكتشاف وتحديد موقع التهديد الجوي". 

ردع صعب

واعتبر المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل، عملية الاستهداف لتل أبيب، التي نفذتها جماعة أنصار الله الحوثيين في طائرة مُسيّرة، بأنها "مرحلة جديدة في الحرب، مما يجعلها صراعًا إقليميًا متعدد الجبهات".

وحول استهداف تل أبيب، بالعموم، قال: "منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أصبحت منطقة تل أبيب هدفًا للعديد من صواريخ حماس، لكن التهديد لوسط البلاد تراجع بشكل كبير منذ دخول الجيش قطاع غزة في أواخر تشرين الأول/أكتوبر. ولم يطلق حزب الله، الذي تجنب حتى الآن الحرب الشاملة، صواريخه جنوب بحيرة طبريا، في حين استهدف الحوثيون منطقة إيلات في أقصى الجنوب فقط".

ووصف هارئيل جماعة أنصار الله الحوثيين بأنه "يصعب ردعها"، مشيرًا إلى أنها تمتلك أسلحة بعيدة المدى ومتطورة. وأقر بتأثير عمليات الجماعة في البحر الأحمر، قائلًا: "تمكنوا من قمع معظم حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، وإغلاق ميناء إيلات بالكامل".

أمّا عن الرد الإسرائيلي، قال: "من حيث المبدأ، تستطيع إسرائيل ضرب أهداف حوثية من الجو. والسؤال هو القيمة المضافة لمثل هذه الخطوات بعد الهجمات التي شنتها القوات الغربية [في إشارة للقصف الأميركي والبريطاني على اليمن]. كما يتعين على إسرائيل التعامل مع جبهات متعددة، بعضها يبدو أكثر إلحاحًا: حرب غزة، وأكثر من ذلك احتمال اندلاع حرب شاملة مع حزب الله. علاوة على ذلك، يتعين على الأميركيين تنسيق التحركات في المنطقة بعناية. فالسباق الرئاسي الأميركي يدخل مرحلة حرجة على خلفية مؤتمري الحزبين الرئيسيين، ومحاولة الاغتيال الفاشلة ضد دونالد ترامب، والأهم من ذلك احتمال انسحاب جو بايدن قريبًا".

وأضاف: "من غير الواضح إلى أي مدى يمكن لإسرائيل تنسيق التحركات مع إدارة بايدن، التي تضغط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى مع حماس ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان".

وعن فشل إسرائيل، أوضح: "الفشل في تشغيل نظام الدفاع الجوي، كما اعترفت القوات الجوية، هو السبب وراء هجوم صباح الجمعة. يظهر التحقيق الأولي أن الطائرة بدون طيار تم رصدها متجهة نحو إسرائيل ولكن لسبب ما لم يتم اعتبارها تهديدًا ولم يحاول الجيش اعتراضها. وفي تلك الساعات، اعترض سلاح الجو هدفا جويا آخر متجها من الشرق نحو إسرائيل. وفي صباح الخميس، أسقط الأميركيون ثلاث طائرات مسيرة وصاروخًا مجنحًا أطلق من اليمن إلى الشمال، ربما باتجاه إسرائيل".

وأشار إلى أن "التفسير الأول للقوات الجوية الإسرائيلية هو خطأ بشري، وسيتم التحقيق في هذا الأمر. وفقًا للمبادئ التوجيهية، عندما يتم رصد طائرة المٌسيّرة، فإن الهدف هو إسقاطها. هذا لم يحدث، وهو خطأ خطير واضح كلف شخصًا حياته، بينما أصيب آخرون - ناهيك عن الضرر الذي لحق بشعور الناس بالأمن". وأكد هارئيل على أن "الخطر الأكبر للمُسيّرات يأتي من الجبهة الشمالية".

صدمة كاملة

من جانبه، قال المحلل العسكري لـ"جيروزاليم بوست" يوناه جيريمي بوب: إن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعيش حالة من الصدمة الكاملة. ورغم أن الكتابة كانت واضحة على الحائط، لم يرها أحد قادمة من على بعد بضعة آلاف من الكيلومترات".

وأضاف: "لقد قامت إسرائيل بشكل أساسي بتوكيل مهمة الاستجابة الدفاعية في مواجهة الحوثيين إلى الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن التفكير الإسرائيلي الذي سبق السابع من تشرين الأول/أكتوبر "كان ليغفل احتمال قيام الحوثيين بمهاجمة أجزاء أخرى من إسرائيل بطائرات بدون طيار".

وحول قدرات إسرائيل في مواجهة المُسيّرات، قال يوناه جيريمي بوب: "تتحرك إسرائيل ببطء شديد عندما تحاول تحسين قدرتها على إسقاط الطائرات المُسيّرة، التي تحلق على ارتفاع منخفض، والتي يمكنها التفوق على الرادار الإسرائيلي والبطاريات المضادة للطائرات بشكل أفضل بكثير من الصواريخ الباليستية. وحتى الآن، لم يكن هناك أي شعور بالاستعجال، على الرغم من حقيقة أن حزب الله، أو الحوثيين، أو إحدى المجموعات العراقية، أو إيران نفسها، يمكنها استخدام طائرة مُسيّرة في أي وقت لمهاجمة أي هدف تقريبا في تل أبيب أو القدس".

ولفت النظر إلى أن "خطر المُسيّر" حصل على "اهتمام ضئيل" في إسرائيل "بسبب وجود العديد من التهديدات الأكبر".

وختم بالقول: "إن عقلية السادس من تشرين الأول/أكتوبر هي مجرد توقع لهجمات يمكن التنبؤ بها ومتكررة، بدلًا من محاولة التنبؤ بالمكان الذي قد يجد فيه خاصرةً رخوةً. الأمر المخيف ليس أن الحوثيين تمكنوا من إيصال طائرة مُسيّرة إلى تل أبيب. والأمر المخيف هو أن هذه الحادثة صدمت المؤسسة الأمنية، وهي لا تزال بعيدة كل البعد عن التوصل إلى خطة لحماية مواطني إسرائيل من مثل هذه الحوادث في المستقبل".

وفي سياق آخر، قال مراسل "جيروزاليم بوست" سيث جيه فرانتزمان: "يمثل الهجوم جبهة جديدة في حرب الطائرات المُسيّرة"، مشيرًا إلى أنه "يمثل التهديد الأكبر لإسرائيل".

وأضاف فرانتزمان: أن "الهجوم يمثل انتكاسة أخرى لردع إسرائيل وتفوقها الجوي في المنطقة".

مشكلة إسرائيل

من جانبه، قال المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي: إن "استخدام الطائرات بدون طيار يمنح التنظيمات التي تمارس حرب العصابات، إمكانيات غير محدودة تقريبًا، وذلك لأنها بسيطة ورخيصة ومن الممكن إطلاق العديد منها في نفس الوقت".

وأشار إلى أن مشكلة إسرائيل، وبالأخص مع مُسيّرات حزب هي "عادة طائرات صغيرة متفجرة تطير في الوديان بطريقة لا يمكن اكتشافها، وأحيانًا ترتفع للحظة قبل أن تغوص وتنفجر على أهدافها".

وأوضح بن يشاي: "يعمل الجيش الإسرائيلي والصناعات الدفاعية جاهدين على إيجاد حلول تكنولوجية لها". مضيفًا: "نحن لا نعمل على حل هذه المشكلة فحسب، بل تعمل الجيوش الأخرى أيضًا، خاصة في الولايات المتحدة".

وربطت مراسلة الشؤون الدولية في "يديعوت أحرونوت" ليئور بن آري، بين إعلان جماعة أنصار الله الحوثيين عن المرحلة الرابعة من التصعيد واستهداف تل أبيب، مشيرةً إلى أن هذه المرحلة بدأت في التحقق.