الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
واصلت "إسرائيل" حربها النفسية على لبنان بتهديد حزب الله من الدخول في حرب معها. وتحدث وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت مع صحيفة "وول ستريت جورنال" بالقول إنّ الحزب يرى ما فعلناه بغزة، ويعرف أنّ بإمكاننا تكرار التجربة في بيروت. لكنّ المفوض السابق لشكاوى الجنود اللواء اسحاق بريك، والذي كان حذّر مرارًا من سيناريو ما جرى يوم 7 أكتوبر، قال إنّ الحرب على الجبهة الشمالية ستلحق أضرارًا جسيمة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، وتحدّث عن "سيناريوهات مخيفة" لـ "إسرائيل" إذا ما تدحرجت كرة النّار على الجبهة الشمالية.
الجنرال الإسرائيلي اسحاق بريك: إذا لم نستيقظ في الوقت المناسب، سنكون في وضع صعب للغاية
والجنرال بريك الذي أجرى حوارًا مطوّلًا مع إذاعة "103 FM" الإسرائيلية، كان أعدّ على مدار أكثر من عقد، تقارير حذر فيها من عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي للتصدي لحرب تبادر لها حماس أو حزب الله بشكل منفرد أو بالتنسيق معًا، نظرًا لوجود عيوب بنيوية في الجيش تتعلق بنقص الكادر البشري، وقدرة أعداء "إسرائيل" على ضرب عمقها المدنيّ.
شكل الحرب
وعن الشكل المتوقّع لهذه الحرب، أشار بريك إلى أنه في حرب إقليمية شاملة، من المتوقّع أن يكون هناك أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ وطائرة دون طيار. وعلى عكس حماس والصواريخ الصغيرة، فإن حزب الله يمتلك صواريخ دقيقة ورؤوسًا حربية تزن مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، وستستهدف خليج حيفا والقدس وبئر السبع وتل أبيب.
كما توقّع الجنرال بريك أنّ حزب الله يمتلك 150 ألف صاروخ، وطائرة مسيّرة، والآلاف من قوات المشاة والقوات الخاصة. وعندما تبدأ الحرب ضدّهم، قد ينضم آخرون للحرب التي ستتحول إلى حرب إقليمية يمكن أن تؤدي إلى انفجار يزلزل المنطقة.
وعمّا يمكن أن يحدث في بقيّة الساحات، تحدّث بريك عن تخوّف إسرائيلي من اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية حيث مئات آلاف المستوطنين في المستوطنات، ويمكن أن تنفجر الأحداث أيضًا داخل "إسرائيل" التي ستجد نفسها في حرب إقليمية، وهذا أخطر تهديد لـ "دولة إسرائيل".
واعتبر بريك أنّ "المستوى السياسي والأمني في إسرائيل غفل عن أداء واجبه بهذه الخصوص"، وذكّر بأنّ حزب الله أطلق الصواريخ لمدة 30 يومًا في حرب 2006، وقد سقطت أكثر من 4 آلاف قذيفة هاون على الشمال، وغادر نحو نصف مليون إسرائيلي أماكن سكنهم. والآن، فإنهم وخلال يوم واحد، قادرون على إطلاق 5 آلاف قذيفة يوميًا، إلى جانب الصواريخ الكبيرة والصغيرة، حسبما قال قائد القيادة الشمالية في الجيش. وعندما يحدث ذلك، لن يكون هناك مكان نفر إليه".
حيفا.. الخطر الكامن
وحذّر بريك من مخاطر إضافية، أبرزها خطر انتشار مواد خطيرة في خليج حيفا أثناء الحرب، ولفت إلى احتماليّة خطر تلوث عالية جدًا على سكان حيفا، على إثر إطلاق الصواريخ على المدينة التي تحوي مصانع فيها مواد كيماوية وسامّة، لم يتم إخلاء جزء كبير منها.
وأضاف: الباحثون الذين يتحدثون معي أبلغوني أنه إذا أطلقت صواريخ باتجاه حيفا فإنها ستسفر عن انفجار مستودعات المواد الكيميائية، ووفق هذا السيناريو فإن سُحب السم ستتصاعد من المصانع، وسيحدث تلوث شديد، السموم ستتصاعد في الهواء، وهناك مئات الآلاف من الناس الذين يعيشون في حيفا قرب المصانع الكيماوية، وعلينا أن ندرك أنه ليس كلهم من الشباب الأصحاء، هناك بالغون مصابون بأمراض مزمنة، ويمكن أن يؤثر عليهم التلوث إلى حدّ الموت. في الجيش لم يتعاطوا مع هذا الأمر، الجميع يعيش في وقت آخذ بالنفاذ، ويقولون إن "الأمور ستكون على يرام".
وتساءل الجنرال الإسرائيلي عن أنّه كيف يمكن تجاهل هكذا تهديد وجودي حقيقي، ويتم تقليص عديد الجيش الإسرائيلي، في ظل أن الحدود مع الأردن ومصر قابلة للاختراق بالكامل. هل نحن لا نعرف عدوّنا أو لا نريد أن نعرفه؟ يقول لي جزء من جنرالات الجيش "لا تفضح هذه الأمور، لأنهم سيقومون بتصفيتك". مضيفًا: "لقد تم نشر ثقافة في إسرائيل مفادها أننا أقوياء وقادرون على إحراز النصر، هذه هي الثقافة التي وُلدت هنا. إنّها ثقافة الأكاذيب".
كيف ستتعامل "إسرائيل" مع كل هذا؟!
"نحن بحاجة إلى استراتيجية الآن لمثل هذا السيناريو، بدل الانتظار لليوم التالي. تل أبيب الكبرى هي جوهر الحرب، لأن هذا هو المكان الذي ستسقط فيه الصواريخ الثقيلة الدقيقة، وستكون هناك مشاكل في الكهرباء والمياه، وبالبنية التحتية للنقل. عندما تسقط صواريخ طويلة المدى تزن 500-600 كيلوغرام من المتفجرات على حيّ ما في إحدى المدن المركزية، سيتم تدمير كل شيء حوله، وستتحطم النوافذ. سيكون هناك المئات من مواقع الدمار جرّاء هجوم صاروخ واحد. نحن بحاجة للاستعداد، إنه أمر ممكنٌ بالفعل، نحتاج فقط إلى التوقّف عن اللامبالاة، كما كُنّا نشعر بالرضا عن النفس قبل الكوارث الأخرى التي حدثت في البلاد". وقال إن "إسرائيل" بحاجة إلى العمل وفقًا للافتراض العملي بأنه إذا كان هناك احتمال للهجوم من اتجاه معيّن، فعلى الجيش والدولة الاستعداد لذلك، وليس فقط على أساس تقديرات الجيش الإسرائيلي لنوايا العدو، بل على أساس قوته وقدرته.
ولمواجهة هذا السيناريو وغيره، يقترح بريك أيضًا، إنشاء حرس وطني إسرائيلي، يتكون من السكان الذين يعيشون في الأحياء وتزويدهم بالأسلحة، للقيام بدوريات في المنطقة التي يعيشون فيها.
وحذّر الجنرال الإسرائيلي من أنه "إذا لم نستيقظ في الوقت المناسب، سنكون في وضع صعب للغاية"، ونحن بحاجة للبدء في العمل، وإعادة جنود الاحتياط الذين تم تسريحهم من الخدمة، وزيادة عدد عناصر الجيش.