علم "الترا فلسطين"، من ثلاثة مصادر خاصّة متطابقة في حركة حماس، أنّ الحركة تبحث عدّة مقترحات ضمن سياق البدائل في ظلّ غياب من يدير رئاسة المكتب السياسيّ للحركة، بعد استشهاد يحيى السنوار مساء الأربعاء الماضي، 16 تشرين الأوّل/أكتوبر، الّذي كان قد اختير لمنصب رئيس المكتب السياسيّ للحركة في 7 آب/أغسطس الماضي.
وبحسب المصدر الأوّل، فإنّ من بين السيناريوهات الواردة، تشكيل الحركة مجلسًا من خمس قيادات لسدّ شاغر رئاسة الحركة إلى حين اختيار رئيس جديد في "الوقت المناسب وفق الظروف الأمنيّة"، أو إلى حين الوصول إلى موعد الانتخابات الداخليّة للحركة في آذار/مارس القادم. ويشير المصدر، إلى أنّ أبرز الأسماء المرجّح مشاركتها في مجلس الحركة، هي رئيس مجلس شورى حماس، محمّد إسماعيل درويش، المعروف باسم أبو عمر حسن، ورئيس الحركة في الخارج، خالد مشعل، ومسؤول ملفّ العلاقات العربيّة والإسلاميّة ورئيس حركة حماس في غزّة، خليل الحيّة، ورئيس إقليم الضفّة الغربيّة، زاهر جبّارين، وعضو المكتب السياسيّ، نزار عوّض الله، باعتباره أمين سرّ اللجنة التنفيذيّة، وهي الهيئة القياديّة الأعلى في حماس.
مصادر في حركة حماس لـ"الترا فلسطين": حماس تبحث عدة سيناريوهات لإدارة الحركة بعد السنوار، من بينها مجلس لقيادة الحركة
وأوضح ذات المصدر أنّ هذا السيناريو الأقرب للتنفيذ مرحليًّا، لا سيّما وأنّ هذا الطرح كان يؤيّده رئيس الحركة السابق يحيى السنوار؛ "كي لا يتأثّر مركز صنع القرار، في ظلّ الظروف الراهنة أمنيًّا، والشاهد على ذلك بأنّ السنوار لم يعيّن نائبًا له قبل استشهاده".
أمّا السيناريو الآخر، حسب مصدر ثان في الحركة تحدّث لـ "الترا فلسطين"، وهو إجراء انتخابات لمنصب رئيس المكتب السياسيّ للحركة في أقرب وقت ممكن، وفق اللوائح التنظيميّة للحركة، والإعلان عن اسم رئيس الحركة القادم.
فيما أشار مصدر ثالث في الحركة لـ"الترا فلسطين"، أنّ السيناريو الّذي يدور الحديث عنه في كواليس الحركة يتمحور حول بقاء شخصيّة وهويّة رئيس الحركة سرّيّة، خاصّة وأنّ لدى حماس تجربة سابقة في هذا السياق، إذ طبّقت هذا السيناريو بعد انطلاقتها عام 1987 بعد أن أخفت حركة حماس هويّة خيري الآغا الّذي كان يرأس مكتب تنظيم الإخوان المسلمين الّذي كانت تتبع له حماس حينها، كما أخفت الحركة اسم رئيس مكتبها السياسيّ في غزّة بعد اغتيال عبد العزيز الرنتيسي عام 2004.
وأشار المصدر نفسه، وهو من داخل الحركة لـ"الترا فلسطين"، إلى أنّه "في حال تنفيذ هذا الخيار، فإنّ لوائح الحركة توضّح أنّ رئيس الحركة يجب ألّا يكون محصورًا في إدارة ملفّ معيّن، كي يتفرّغ لمتابعة باقي ملفّات الحركة".
واتّفقت جميع المصادر الثلاثة الّتي تحدّث معها "الترا فلسطين"، على أنّ "حماس منذ أن انطلقت، وحتّى اللحظة وبعد جهود عزّزها هنّيّة والسنوار، استمرّت في إدارتها لمختلف القضايا وفق النمط المؤسّساتيّ القائم على الشورى"، بمعنى أنّ قرارات الحركة ليست رهينة لرئيس المكتب السياسيّ (على أهمّيّة وجوده)، إلّا أنّ غيابه لا يعطّل الاستمرار في إدارة الملفّات البارزة وهي 18 ملفًّا، من أهمّها: "العلاقات العربيّة الإسلاميّة، والعلاقات الدوليّة، وملفّ الضفّة الغربيّة، وملفّ الأسرى والجرحى، وغيرها"، بناءً على اللوائح الداخليّة، ومحدّداتها وخطوطها الحمراء، ومؤخّرًا انضمّ ملفّ التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، خلال الحرب على غزّة، وهو ملفّ جديد.
ورفضت المصادر التي تحدث معها "الترا فلسطين"، ما يروّجه الاحتلال بأنّه أعاق عمل مراكز صنع القرار في حماس. إذ إنّ أعلى هيئة قياديّة في الحركة، "المكتب التنفيذيّ" المشكّل من الأقاليم الأربعة "غزّة، والضفّة، والخارج، والسجون" يضمّ 19 عضوًا (بينهم أربعة أسماء غير معلنة). وفيما استشهد منه الرئيس الأسبق للمكتب السياسيّ لحركة حماس، إسماعيل هنيّة، ورئيس إقليم الضفّة الغربيّة سابقًا ونائب رئيس المكتب السياسيّ، صالح العاروري، والرئيس السابق للمكتب السياسيّ، يحيى السنوار، فيما بقي أعضاء المكتب الآخرين على رأس عملهم.
ويقول المصدر الثاني لـ "الترا فلسطين": "إنّ الحركة منذ بداية العدوان تعمل على سدّ فراغ أيّ شاغر أو مركز قياديّ استشهد صاحبه، وكلّ من يعمل في الحركة وهيئاتها القياديّة يعلم أنّ مصير هذا الطريق هو الشهادة، ولذا فإنّ الاحتلال لا يرهبنا عبر التهديدات، إنّما يدفعنا نحو الإصرار والاستمرار على طريق الشهداء".
ويعتبر ملفّ المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال من أبرز الملفّات الّتي تديرها الحركة في هذه الأيّام، وهو الملفّ الّذي يرأسه خليل الحيّة، مع زاهر جبّارين، ومحمّد نصر. ووفّق المصدر نفسه، فإنّ "الاحتلال يسعى عبر اغتيالاته إلى دفع حماس نحو تغيير في موقفها التفاوضيّ الصلب"، مشيرًا إلى أنّ "نهج الحركة لم يتغيّر في إدارة ملفّ المفاوضات منذ بدأت الحرب في ظلّ وجود إسماعيل هنّيّة أو يحيى السنوار، ولن تتغيّر كذلك في قدوم من بعدهم، إذ إنّها تسير وفق محدّدات متّفق عليها بين قيادة الحركة في مختلف الأقاليم، بما فيها إقليم غزّة الّذي يخوض المواجهة المباشرة مع الاحتلال، ويشارك في صنع القرار"، بحسب قوله.
علم "الترا فلسطين": بأن السيناريو الأقرب للتنفيذ مرحليًّا، في حماس، هو وجود مجلس قيادي يتكون من عدة شخصيات، وهذا الطرح كان يؤيّده رئيس الحركة السابق يحيى السنوار
وعادة ما تتمّ آليّة انتخاب رئيس الحركة بعد عمليّة تصويت من أعضاء مجلس الشورى العامّ (عددهم 51)، وتحتاج الشخصيّة المطروحة لرئاسة المكتب السياسيّ، الحصول على نسبة تصويت 25+1، ويعرف في نظم وأعراف حماس أنّ "قيادات الحركة، لا تقدّم نفسها للترشيح، كي ترأس المكتب السياسيّ، على مبدأ إسلاميّ، يقول: إنّ ’الإمارة لا تسأل ولا تطلب’، بل يُختار بعد تصويت مجلس الشورى، ولاحقًا يقوم رئيس المكتب السياسيّ العامّ باختيار نائبه، إضافة إلى نائبين آخرين، وهما رئيس إقليم الضفّة، ورئيس إقليم الخارج في الحركة".
غير أنّ المصدر الأوّل، يقول لـ"الترا فلسطين"، إنّ الظروف الحاليّة تعتبر استثنائيّة، وقد يصعب أحيانًا اجتماع مجلس شورى الحركة، لذا قد تلجأ حماس إلى اختيار رئيسها القادم عبر "الإجماع" وليس عبر مجلس الشورى، بمعنى أن يسمّي رئيس كلّ إقليم من أقاليم الحركة اسمًا توافقيًّا بعد مشاورات داخليّة في قيادة كلّ إقليم، وذلك ضمن الحلول المطروحة للظروف الراهنة. مؤكّدًا أنّ أيّ خطوة في هذا الملفّ ستعلن عنها حماس في الوقت الّذي تراه مناسبًا.