19-أكتوبر-2024
سيرة موجزة ليحيى السنوار

(Getty) يحيى السنوار تنقل عدة مرات خلال الحرب

عرضت إسرائيل مكافأة قدرها 400 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكان وجود يحيى السنوار. ولكن على مدار عام، نجح السنوار في الإفلات من إسرائيل، خلال عدوانها الشامل على قطاع غزة، حتى استشهد في اشتباك مسلح مع جيش الاحتلال، يوم الأربعاء، 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024، قبل يومين من ذكرى الإفراج عنه من سجون الاحتلال في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2011، وثلاثة أيام من ذكرى مولده في 19 تشرين الأول/أكتوبر، تواريخ قد تبدو مهمة لشخص "كان الزمن هاجسه الدائم".

في 15 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، لم يكن جيش الاحتلال قد بدأ غزوه البري لقطاع غزة، وكان واحد من الأهداف الأساسية، اغتيال قائد حركة حماس في غزة حينها، يحيى السنوار. وهو أمر استمر لمدة عام، ولم يحدث إلّا "مصادفة" داخل بناية في رفح جنوب القطاع.

ماذا نعرف عن يحيى السنوار منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر؟

ويعود الحدث الأخير للسنوار، إلى صباح يوم الأربعاء، في تعرف جنود جيش الاحتلال على تحرك في أحد المباني داخل حي تل السلطان في مدينة، وبعد حوالي خمس ساعات، رصدت طائرة عسكرية إسرائيلية مُسيّرة ثلاثة أشخاص يغادرون المبنى ويمرون بين المنازل في المنطقة.

ووفق صحيفة "هآرتس"، فإنه بعد رصد هذه المجموعة، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي، النار على المجموعة مما أدى إلى وقوع اشتباك، ومن ثم تفرقت المجموعات، السنوار إلى بناية، واثنان إلى بناية أخرى. وفي أعقاب هذه اللحظات، وصلت دبابة إسرائيلية، إلى المكان، بينما صعد السنوار إلى الطابق الثاني من المبنى، وأطلقت دبابة عليه قذيفة. وترجح المصادر الإسرائيلية إصابة السنوار في هذه اللحظة في يده، ولكنه تمكن من إلقاء قنبلتين يدويتين على جنود الجيش الإسرائيلي الذين دخلوا البناية.

وفي أعقاب الحدث، استخدم جيش الاحتلال طائرة مُسيّرة لتفتيش البناية، وفي تلك اللحظة ظهر الرجل المثلم، الذي لم يكن معروفًا بأنه السنوار، وهو يعاني من إصابة في يده، وبعد رصده للطائرة المُسيّرة، ألقى عليها قطعة خشب. وفي تلك اللحظة أطلقت الدبابة قذيفة أخرى عليه، مما أدى إلى استشهاده. وفي الوقت نفسه حصل تبادل لإطلاق النار في المبنى الذي فر إليه العنصران الآخران، وخلال تبادل إطلاق النار أصيب جندي إسرائيلي بجروح خطيرة.

وبعد تفتيش المباني عُثر على الجثامين، داخل مبنى اكتشف أنه مفخخ أساسًا، بينما اشتبه بأن الرجل المثلم، هو السنوار، الذي ثبتت هويته بعد فحوصات إسرائيلية. 

ومع ذلك، أشارت صحيفة "هآرتس"، إلى أن السنوار على مدار عام، تحرك مرات عديدة في قطاع غزة. وأوضحت: "منذ ما يقرب من 11 شهرًا، حافظ السنوار على اتصالاته مع رجاله خارج الأنفاق، وبشكل غير مباشر أيضًا مع الدول التي تتوسط في المفاوضات حول صفقة المختطفين مع إسرائيل، عادة من خلال رسل".

ماذا قال السنوار بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر؟

من المؤكد، أن السنوار، الذي ولد في مخيم خانيونس للاجئين، عام 1962، أحد الذين اتخذوا قرار إطلاق عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومنذ تلك اللحظة، غاب السنوار عن الإعلام والأضواء، أمّا ظهوره الوحيد، كان في شباط/فبراير من العام الجاري، بعدما نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو التقط من كاميرا مراقبة داخل نفق في خانيونس، يعتقد أنه يعود للأيام الأولى ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

أمّا التصريح الأول ليحيى السنوار، قد ظهر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وقال فيه: "جاهزون فورًا لعقد صفقة تبادل تشمل الإفراج عن جميع الأسرى في سجون العدو الصهيوني مقابل الإفراج عن جميع الأسرى لدى المقاومة"، وأضاف: "أدعو الهيئات والمؤسسات العاملة بمجال الأسرى لاعتبار نفسها في حالة انعقاد دائم وإعداد قوائم بأسماء الأسرى والأسيرات لدى الاحتلال دون استثناء تحضيرًا لمستجدات المرحلة القادمة".

وبعد عام من دون تصريحات رسمية، وعندما تولى منصب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في 6 آب/أغسطس، بعث السنوار برسالة للرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، للتهنئة بإعادة انتخابه، قائلًا: إنه "يبعث رسالته في ظل الملحمة البطولية التي يسجلها شعبنا الفلسطيني ومقاومته بكل بسالة وصمود في معركة طوفان الأقصى، بالرغم مما يتعرض له من حرب الإبادة الجماعية، وهمجية الاحتلال الصهيوني".

وبعد أسبوع، أرسل السنوار رسالة لقائد جماعة أنصار الله الحوثي، عبد الملك الحوثي، بعد وصول صاروخ من اليمن إلى تل أبيب، وقال فيها: إن "عملية طوفان الأقصى جاءت لتوجيه ضربة للمشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة". وأشار إلى أن "المقاومة تحضر نفسها لمعركة استنزاف، وستكسر إرادة العدو السياسية كما كسرت إرادته العسكرية".

وفي 13 أيلول/سبتمبر، نشرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله اللبناني، نص رسالة من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، قالت إنه وجهها لأمين عام حزب الله حسن نصر الله. وقبلها في أيام، قالت مصادر إعلامية، إن السنوار، قام بإرسالة رسالة للرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ونجله تيمور جنبلاط، رئيس الحزب، ردًا على "برقية التعزية باستشهاد إسماعيل هنية". وهذه رسائل لم تأكدها حركة حماس عبر منصاتها الرسمية، ولكنها لم تنفها أيضًا.

تسريبات الرسائل

في 25 كانون الأول/ديسمبر 2023، تحدثت وسائل إعلام عربية، عن رسالة "مهمة ومطولة" أرسلها رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار إلى المكتب السياسي للحركة ورئيس المكتب الراحل إسماعيل هنية، أكد فيها أن كتائب القسام "تخوض معركة شرسة وعنيفة وغير مسبوقة ضد جيش الاحتلال، وأن الجيش تكبد خسائر باهظة في الأرواح والمعدات".

وأضاف يحيى السنوار في رسالته أن "كتائب القسام هشمت جيش الاحتلال، وهي ماضية في مسار تهشيمه، وإنها لن تخضع لشروط الاحتلال". ودعا السنوار، القيادة السياسية إلى المسارعة لتضميد جراح الناس وتعزيز صمودهم، "فالشعب الفلسطيني في قطاع غزة قدم نماذج في التضحية والبطولة والمروءة والتضامن والتكافل عز نظيرها".

وقبيل تولي السنوار منصب رئاسة المكتب السياسي لحماس، قيل إنه أرسل رسالة إلى مسؤولي الحركة في الخارج أكّد فيها على استقرار وضع المقاتلين في "كتائب القسام"، وعلى سير العمليات القتالية بشكل جيد في القطاع. وجاء في رسالة السنوار: "لا تقلقوا، الإسرائيليون موجودون بالضبط حيث نريدهم"، بحسب ما ورد في "وول ستريت جورنال". كما أبلغ المسؤولين أيضًا أن قادة ومقاتلي "القسام" في حالة جيدة لأنهم مستعدون للهجوم على رفح جنوب قطاع غزة، وأشار إلى أن ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة يزيد الضغط على "إسرائيل" لوقف القتال، وكان تاريخ النشر يعود إلى شهر شباط/فبراير الماضي.

وفي حزيران/يونيو، أشارت "وول ستريت جورنال" أيضًا، إلى أن السنوار بعث رسالة إلى الوسطاء العرب في مفاوضات صفقة التبادل، أكد فيها أن الحركة لن تقبل باتفاق سلام إلا إذا التزمت إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار. وبحسب الصحيفة، فإن يحيى السنوار، قال في رسالته إن "حماس لن تتخلى عن أسلحتها أو توقع على اقتراح يطلب ذلك".

هل تنقل السنوار في غزة؟

بعد عملية استعادة الأسرى في النصيرات، خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، كشفت وسائل إعلام أميركية، بأن الولايات المتحدة وإسرائيل، واجهوا صعوبة في تحديد الموقع الدقيق لقائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار. حينها، قال مسؤولون أميركيون إنه تنقل في أنحاء غزة، "بما في ذلك رفح لبعض الوقت، ومن المرجح أن يعود إلى خانيونس". وقال مسؤول أميركي إن "شبكة الأنفاق هناك واسعة، ولم تتمكن الولايات المتحدة ولا إسرائيل من تحديد موقعه بدقة".

وفي حينها، قال مسؤولون أمريكيون إنه منذ الأيام الأولى بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، قام الجيش الأميركي بإطلاق طائرات استطلاع مُسيّرة فوق قطاع غزة للمساعدة في جهود استعادة الأسرى. وقال مسؤولون إن ما لا يقل عن ستة طائرات من طراز MQ-9 Reapers تسيطر عليها قوات العمليات الخاصة شاركت في مهام جوية في قطاع غزة. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الطائرات المُسيّرة البريطانية والأميركية تمكنت من تقديم معلومات لا تجمعها الطائرات المُسيّرة الإسرائيلية.

السنوار الذي اعتقل في عام 1982 ستة أشهر في سجن الفارعة، وثم  اعتقل عام 1988، وحكم عليه بالسجن أربعة مؤبدات، قضى منها 23 عامًا متواصلة، وما يقارب أربعة أعوام منها في العزل الانفرادي. فإنه ظهر أيضًا في لقاء مع الأسرى والمحتجزين في غزة، إذ التقى داخل أحد الأنفاق بهم، وقال لهم بالعبرية: "بأنهم آمنون وسيتم تبادلهم قريبًا بالأسرى".

أما الكشف الأبرز عن السنوار، فقد جاء في نيسان/أبريل المنصرم، بعدما قال مصدر قيادي في حماس لـ"العربي الجديد"، إن يحيى السنوار "ليس معزولًا عن الواقع هناك، على الرغم من الحرب الدائرة والعمليات الاستخبارية الإسرائيلية التي لا تتوقف على مدار اليوم"، قائلًا إن "الحديث عن أن السنوار قابع معزول في الأنفاق، ما هو إلا زعم من جانب نتنياهو وأجهزته ليغطي على فشله في تحقيق الأهداف المعلنة أمام الشارع الإسرائيلي وأمام حلفائه"، مؤكدًا أن السنوار "يمارس عمله قائدًا للحركة في الميدان".

وقال المصدر إن السنوار "تفقّد أخيرًا مناطق شهدت اشتباكات بين المقاومة وجيش الاحتلال، والتقى بعض مقاتلي الحركة فوق الأرض وليس في الأنفاق".

وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في شهر أيلول/سبتمبر، عن أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، المعروف باسم "الشاباك"، عمل على تأسيس فريقين خاصين للتخطيط للاغتيالات خلال الحرب على غزة، أحدهما مخصص فقط لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، الذي تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون، وشارك في سلسلة من الإضرابات عن الطعام.

وأشار الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، إلى أن "الشاباك حصل على معلومات حول مكان وجود السنوار، خلال الحرب على غزة، في 5 مرات على الأقل، لكن دون نجاح في الوصول إليه".

وأكد الصحفي الإسرائيلي على وجود تعاون أميركي وإسرائيلي بهدف ملاحقة السنوار، وشمل ذلك تزويد إسرائيل "في رادار ومعدات خاصة لكشف مكان تواجده في الأنفاق". يشار إلى أن السنوار كلف في عام 2015 بمسؤولية ملف الأسرى الإسرائيليين لدى كتائب القسام.

وعن السنوار الذي نشط في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية خمسة أعوام، وكان أمينًا للجنة الفنية، ثم اللجنة الرياضية، ونائبًا للرئيس، ثم رئيسًا للمجلس، ثم نائبًا للرئيس مرة أخرى 1982-1987. كما ناظر عن الكتلة الإسلامية، وأسس فرقة "العائدون للفن الإسلامي"، فقد قدر الصحفي الإسرائيلي، المعروف بعلاقاته في المؤسسة الاستخبارية الإسرائيلية، أن "السنوار يغير مكانه كل يوم أو يومين، ويرافقه عدد قليل من المساعدين والحراس الشخصيين الموثوق بهم. ومنذ عملية تبادل الأسرى في تشرين الثاني/نوفمبر، تجنب السنوار التواصل عبر الكمبيوتر أو الهاتف المحمول".

في شهر شباط/فبراير الماضي، شككت القناة الـ13 الإسرائيلية، بالبيانات التي يصدرها جيش الاحتلال ومخابراته حول اقترابهم من يحيى السنوار، وعلق مراسل القناة:" إنه يلعب بنا جميعًا". بينما تشير مصادر إسرائيلية، إلى أن جيش الاحتلال اقترب من السنوار مرة واحدة، كانت في خانيونس، أواخر كانون الثاني/يناير المنصرم، إذ كان قد غادر المكان قبل أيام من وصول جيش الاحتلال إليه.

معركة العام

خلال الحرب، بثت القناة الـ12 الإسرائيلية، تسريبًا صوتيًا منسوبًا لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق أفيف كوخافي، يعترف فيه بعجز الجيش تحت قيادته عن اغتيال قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، بعد أشهر من اتخاذ قرار بذلك في حينه. يشار إلى أن السنوار انتخب عضوًا في المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، وتولى مسؤولية الملف الأمني في 2012، ثم انتخب عضوًا في المكتب السياسي العام، وتولى مسؤولية الملف العسكري في عام 2013. وأدرجته الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2015 على لائحتها السوداء "للإرهابيين الدوليين".

في تقرير مطوّل، تتبّعت صحيفة "نيويورك تايمز"، مسار السنوار خلال الحرب على غزة، وأوضحت بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين تخلّي السنوار عن الاتصالات الإلكترونية، كما أنه نجح في تجنُّب شبكة استخباراتية معقّدة، ويُعتقد أنه كان يتواصل مع المستويات القياديّة في حركة حماس، من خلال شبكة من الرسل البشريين، غير أنّ عمل هذه الشبكة ما يزال بمثابة لغز، وهو أمر بدا أنه "مثار إحباط لمن يلاحقونه"، وفق الصحيفة الأميركية.

خلال الأسابيع الأولى من الحرب، يعتقد مسؤولون استخباراتيون وعسكريون إسرائيليون أن السنوار كان يعيش في شبكة من الأنفاق تحت مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع وواحدة من أولى المدن التي استهدفتها القوات الإسرائيلية. وبحسب مصادر الصحيفة الأميركية، فإنه في ذلك الوقت، كان السنوار ما يزال يستخدم الهواتف الخلوية والفضائية من داخل الأنفاق، وكان يتحدّث من وقت لآخر إلى مسؤولين من حماس. وكانت وكالات التجسس الأميركية والإسرائيلية قادرة على مراقبة بعض تلك المكالمات، لكنّها لم تتمكن من تحديد موقعه.

وأشارت الصحيفة إلى أنه ومع نفاد الوقود في غزة، ضغط وزير جيش الاحتلال يؤآف غالانت من أجل إرسال شحنات جديدة إلى غزة لتشغيل المولدات اللازمة لإبقاء شبكات الهاتف الخليوي قيد التشغيل، حتى تتمكن عمليات التعقّب والتنصت الإسرائيلية من الاستمرار، وذلك رغم اعتراضات أعضاء اليمين المتطرّف في الحكومة الإسرائيلية الذين أرادوا قطع شحنات الوقود لمعاقبة سكان غزة.

وخلال هذه الفترة، تمكنت وكالات التجسس من الحصول على لمحات عن حياة السنوار تحت الأرض، بما في ذلك حرصه على متابعة وسائل الإعلام الإخبارية الإسرائيلية، وإصراره على مشاهدة نشرة أخبار الثامنة مساءً على التلفزيون الإسرائيلي، وفق تقرير "نيويورك تايمز".

وقال مسؤولون إسرائيليون إن جميع عناصر حماس تحت الأرض، حتى السنوار، يضطرون أحيانًا إلى الخروج من الأنفاق لأسباب صحية. لكن شبكة الأنفاق واسعة ومعقدة للغاية، ويملك مقاتلو حماس معلومات استخباراتية عن أماكن تواجد القوات الإسرائيلية، لدرجة أن السنوار قد يخرج أحيانًا إلى السطح دون أن يتم اكتشافه.

السنوار الذي انتخب رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، في شباط/فبراير عام 2017، ولدورة ثانية عام 2021. قُصف ودُمّر منزله عام 1989، ومرة ثانية خلال عدوان 2014، ومرة ثالثة خلال عدوان 2021، ومرة رابعة خلال الحرب المستمرة. وقال مسؤولون إسرائيليون إن السنوار كان خرج من خانيونس قبل 31 كانون الثاني/يناير بعد الوصول إلى نفق للقيادة. وأضافوا أنه كان متقدّمًا بخطوة واحدة على مطارِديه.

حرب الوهم

قال مايكل ميلشتاين، رئيس قسم الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان): "لو أخبرتني عندما بدأت الحرب أنه سيظل على قيد الحياة [بعد عام واحد]، لكنت وجدت الأمر مدهشًا، لكن تذكر أن السنوار استعد لمدة عقد من الزمن لهذا الهجوم، وكانت استخبارات الجيش الإسرائيلي مندهشة للغاية من حجم وطول الأنفاق تحت غزة ومدى تطورها".

وكان نائب رئيس الموساد السابق رام بن باراك قد توقع أنه بعد اغتيال السنوار "سيأتي شخص آخر". وقال بن باراك "إنها حرب أيديولوجية، وليست حربًا على السنوار".

وقال ميلشتاين: "بعد ما يقرب من 50 عامًا من الاغتيالات، ندرك أن هذا جزء أساسي من اللعبة. في بعض الأحيان يكون من الضروري اغتيال زعيم بارز للغاية. ولكن عندما تبدأ في التفكير في أن هذا سيغير اللعبة وأن منظمة أيديولوجية ستنهار؛ لأنك قتلت أحد قادتها، فهذا خطأ فادح". موضحًا: "لا يمكنك خلق وهم، ولن يؤدي ذلك إلى إنهاء الحرب".

على مدار الحرب، كان ضمن المقترحات الإسرائيلية، لوقف العدوان، خروج قادة حماس من قطاع غزة، بمن فيهم السنوار، ضمن شروط أخرى، وهو ما رفضته الحركة.

في اجتماع مغلق، نقل قول مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، إنه "على الرغم من أن السنوار يشعر بالقلق إزاء إلقاء اللوم عليه من قبل العديد من سكان غزة لإشعال فتيل الحرب ويواجه ضغوطًا من قادة حماس الآخرين لقبول اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه لا يشعر بالقلق بشأن تعرضه للقتل".

محطات متفرقة

في عام 2017، كتبت يديعوت أحرونوت، تعليقًا على انتخاب السنوار لقيادة حماس في غزة، مقالةً تحت عنوان "لقد جرى تحرير زناد الأمان، والبندقية جاهزة لإطلاق النار"، كانت هذا التعقيب على بداية مسار السنوار في قيادة حماس بغزة، الذي كان متقلبًا ما بين مسار الهدنة والمواجهة، أو ما قال عنه صراحة "مقاومة سلمية" و"مقاومة خشنة" و"مناورة بالصواريخ"، وبداية من سعيه للمصالحة مع حركة فتح "بدون مقدمات"، وصولًا إلى مسيرات العودة، التي قال عنها "قررنا أن نجعل من مهج أفئدتنا وأجساد أطفالنا ونسائنا سدًا يمنع حالة الانهيار في الواقع العربي"، وحينها كان ذلك بالتزامن مع طرح "صفقة القرن" ونقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2018، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، مقابلة قالت إن مراسلتها أجرتها مع رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوّار، في ملحقها الأسبوعي. وقال خلالها: "أنا لا أقول أنني لن أحارب مجددًا، أنا أقول أنني لا أريد حروب جديدة، أنا أريد نهاية للحصار".

أمّا في نيسان/أبريل 2019، قال رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، إن هناك مجموعة مهمة من المحددات العامة لتفاهمات التهدئة (غير المعلنة) بين الاحتلال والفصائل. وكشف السنوار خلال لقاء نظمته حماس، مع فصائل فلسطينية وشخصيات مجتمعية بمدينة غزة، لتقييم مسيرات العودة بعد عام على انطلاقها، والتوافق على موقف موحد لمواجهة صفقة القرن، عن تفاهمات التهدئة. وأشار إلى أن أهمها أنها "لا تتضمن لقاءات مع العدو وتدور عبر وسطاء، وأنه لا أثمان أو أبعاد سياسية للتفاهمات، وأنها ليست بديلًا عن الوحدة والشراكة".

وفي عام 2020، خلال انتشار فيروس كورونا وما قبله، كانت غزة، تناور بـ"الصواريخ"، في محاولة للتخفيف من الحصار على غزة، وبعد عام حصل على السنوار مرةً أخرى على منصب رئاسة حماس في غزة، بعد منافسة محتدمة مع القيادي في حماس نزار عوض الله، وبعد جولة ثانية من الانتخابات، كان خلالها على ما يبدو، يفكر بـ"المشروع الكبير"، بحسب وصف وسائل إعلام أميركية لوثائق زعم جيش الاحتلال الحصول عليها من غزة، تتعلق في عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، كتب عليها "المشروع الكبير".

وبعد حرب أيار/مايو 2021، قال السنوار: إن "معركة سيف القدس أحدثت تحوّلًا استراتيجيًا في الصراع مع الاحتلال"، ومتحررًا من أي بروتوكول سياسي، وصف اللقاء بوفد الأمم المتحدة، الذي وصل إلى قطاع غزة بعد الحرب، لبحث ملف التهدئة والوضع الإنساني، بـ "السيء".

وفي ذكرى انطلاقة حماس، نهاية عام 2022، تلك التي كانت آخر ذكرى تستطيع الحركة عقدها في قطاع غزة، قال يحيى السنوار: "نمهل الاحتلال وقتًا محدودًا لإتمام صفقة التبادل (الأسرى) وإلا سنغلق ملف أسراه الى أبد الآبدين". حينها، كانت الانطلاقة تحت عنوان "آتون بطوفان هادر". قبلها، في عام 2018، كشف عن رسالة كتبها السنوار بيده إلى نتنياهو، ضمن مفاوضات التهدئة مع الاحتلال، وقال فيها: "خذ مغامرة محسوبة". وخلال مساره في قيادة حماس داخل غزة، أكد في مرة على خيار "المقاومة السلمية"، كما أشار إلى قبول حركة حماس دولة فلسطينية على حدود حزيران/يونيو 1967، كان كل ذلك، ضمن مسار، 7 تشرين الأول/أكتوبر.