13-أغسطس-2024
محمد نزال

القيادي في حماس محمد نزال

أجرى موقع "الترا فلسطين" حوارًا مع عضو المكتب السياسيّ لحركة حماس، محمّد نزال، حول مستقبل العمليّة التفاوضيّة غير المباشرة مع "إسرائيل"، وما يحوم حولها من غموض بعد أن أصدرت الحركة موقفًا غير متوقّع ردًّا على دعوة البيان الثلاثيّ "الأميركيّ، والقطريّ، والمصريّ" الساعي لاستئناف المفاوضات في الـ15 من تموز/يوليو الجاري. 

وردّت حماس في بيانها، بالقول: "نطالب الوسطاء بتقديم خطة؛ لتنفيذ ما قاموا بعرضه في 2 تموز/يوليو بناءً على مقترح الرئيس الأميركي بايدن، بدلًا من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات". 

وكان الرئيس الأميركيّ قد طرح خطّة في 31 أيّار/مايو الماضي، بهدف التوصّل لصفقة تبادل أسرى، وإنهاء الحرب على قطاع غزّة، وكانت مكوّنة من ثلاثة مراحل.

القيادي في حماس محمد نزال لـ"الترا فلسطين": من المؤسف أن العملية التفاوضية طيلة الفترة الماضية اتسمت بالمراوغة والمماطلة والتلاعب من قبل نتنياهو

وبعدها بأسبوع صدر قرار من مجلس الأمن الدوليّ يحمل رقم 2735، ويتبنّى المقترح الّذي قدّمه بايدن نيابة عن "إسرائيل". ثم في 2 تمّوز/يوليو، بعد لقاءات عديدة مع الوسطاء، رحّبت حماس بالخطّة، فيما أجمعت التقديرات على كون رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتعامل مع المقترح بـ"ارتكاب المجازر، ويماطل في المفاوضات".

وقبل مقترح بايدن، شهدت العمليّة التفاوضيّة جولات عديدة بهدف الوصول إلى إنهاء الحرب، وذلك منذ 28 كانون الثاني/يناير الماضي في باريس، حيث صدر عن اللقاءات هناك إطار اتّفاق باريس الأوّل وإطار باريس الثاني، وتبعها جولات عديدة في الدوحة والقاهرة، وأخيرًا في روما، لكنّ الجولات كلّها لم تصل إلى عقد صفقة أو تقريب وجهات النظر، وعلى العكس فقد بات الاحتلال يتراجع عمّا اتفق عليه، بإضافة نتنياهو اشتراطات لم تكن مطروحة في وقت سابق.

نتنياهو يراوغ

ويقول القيادي في حماس محمد نزّال لـ الترا فلسطين: "من المؤسف أن العملية التفاوضية طيلة الفترة الماضية اتسمت بالمراوغة والمماطلة والتلاعب من قبل نتنياهو، الذي لا يريد التوصل إلى اتفاق، لإدراكه أن وقف إطلاق النار سيقود به إلى السجن والتحقيق معه على خلفية الإخفاق يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولذا هو يُصرّ بالاستمرار في حربٍ يظن أنّه يقضي بها على حماس".

وأضاف محمد نزال، أن حماس كان من الضروري عليها أن تصدر البيان لتوضيح موقفها من أي مفاوضات مقبلة، لا سيما بعد ارتكاب مجازر عديدة، أبرزها في مواصي خانيونس، ومدرسة التابعين في غزة، واغتيال القيادي إسماعيل هنية. موضحًا: "ذلك كلّه دفع حماس للقول إلى الرأي العام، محليًا وعربيًا ودوليًا، إنها تقدم المرونة المطلوبة، ونتنياهو يرد بارتكاب المجازر، عدا عن وجود ورقة تفاوضية اتفق عليها في الثاني من الشهر الماضي من قبل الوسطاء".

ويوم أمس، قال وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، إن حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "النصر المطلق في غزة، هو مجرد ثرثرة"، كاشفًا عن أن "إسرائيل تقف وراء تأخير صفقة التبادل". وتشير مصادر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن "الصفقة المطروحة هي الحد الأقصى الممكن حاليًا"، وعلى هذا الأساس تدعم المؤسسة الأمنية صفقة التبادل.

وحول سؤال "الترا فلسطين"، عن بيان حماس، وتفسيره باعتباره رفضًا لـ"مفاوضات يوم الخميس القادم"، ردّ نزال أنّ البيان الصادر عن حماس ليس بيان "لاءات" ترفض فيه التفاوض، بل بيان للمطالبة بالتوضيحات والصيغ العمليّة؛ كي لا تعود المفاوضات إلى نقطة الصفر، بل من حيث انتهت آخر جولات اتّفق عليها، ولقطع الطريق أمام نتنياهو لاستغلال هذه الجولات بارتكاب المجازر.

ولفت نزال النظر إلى أنّ، معيقات إتمام الصفقة "مرتبطة بشخص نتنياهو أوّلًا وأخيرًا"، وما دون ذلك هو محلّ نقاش، لأنّ نتنياهو يسعى لحرف المفاوضات عن مسارها الصحيح، مستخدمًا أسلوب إضافة شروط جديدة، أو إعادة النقاش في نقاط اتّفق عليها مسبقًا، رغم أنّ حماس حصلت سابقًا على ضمانات من الوسطاء بأنّه حال الوصول لـ"نقاط معيّنة ستتواصل المفاوضات والتقدّم للأمام فيها، لكنّ ذلك كلّه اصطدم بالخداع والألاعيب الّتي مارسها نتنياهو".

وفي تقرير حديث، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أنه بينما يلقي "نتنياهو اللوم على حماس في إفشال المفاوضات في العلن، إلّا أنه في السر عمل على إضافة شروط جديدة في المفاوضات"، ووفق الوثائق غير المنشورة، التي وصلت إلى الصحيفة الأميركية، فإن تل أبيب "نقلت قائمة بشروط جديدة في أواخر تموز/يوليو إلى وسطاء أميركيين ومصريين وقطريين، أضافت فيها شروطًا أقل مرونة إلى مجموعة من المبادئ التي وضعتها في أواخر أيار/مايو".

وبحسب الصحيفة الأميركية، تظهر الوثائق أن "المناورات التي قامت بها حكومة نتنياهو خلف الكواليس كانت واسعة النطاق، وتشير إلى أن التوصل إلى اتفاق قد يكون بعيد المنال في جولة جديدة من المفاوضات المقرر أن تبدأ يوم الخميس".

وأكدت الصحيفة، أن إضافة نتنياهو على المفاوضات ترتبط بالاستمرار في احتلال محور فيلادلفيا، وهو أمر لم يكن مدرجًا في مقترح أيار/مايو المنصرم، بالإضافة إلى "تشديد ووضع قيود" على عودة أهالي قطاع غزة، إلى شماله. وفي رسالة يوم 27 تموز/يوليو الماضي، أضاف فريق التفاوض الإسرائيلي خمسة شروط جديدة للمقترح الذي قدم في أيار/مايو.

ووصفت صحيفة "هآرتس" جولة المفاوضات المقبلة، باعتبارها قمة "الفرصة الأخيرة"، قائلةً: إن "بيان حماس هو جزء من تكتيك التفاوض"، مشيرةً إلى أن واشنطن "تخطط لطرح مقترح توافقي على الطاولة يختلف قليلًا في تفاصيله، في محاولة لإملاء قبوله من قِبَل الجانبين، وفقًا لموقف "إما أن تقبله أو تتركه". وأضافت: "إذا واجهت واشنطن الرفض من نتنياهو، من المحتمل وللمرة الأولى، إلقاء قدر كبير من اللوم على رئيس الوزراء الإسرائيلي".

نتنياهو يماطل

النقاش في الخطوط العريضة

ودار في الآونة الأخيرة حديث بأنّ حماس تُصرّ في المفاوضات على طرح بعض أسماء الأسرى للإفراج عنهم بالمرحلة الأولى من بينهم عضو اللجنة المركزيّة في فتح، مروان البرغوثيّ، وأوضح نزال أنّ "الحركة لم تصل في المفاوضات السابقة إلى مرحلة طرح أسماء الأسرى، وأنّ ما وصل إليه المفاوض الفلسطينيّ هو طرح مواصفات ومعايير الإفراج عن الأسرى، ولا سيّما أصحاب الأحكام العالية مثل المؤبّدات، وأيّ حديث ما دون ذلك يندرج تحت بند التضليل الإعلاميّ".

وتابع القيادي في حماس لـ"الترا فلسطين": "يسعى الإسرائيليّ عبر هذه التسريبات للحصول على معلومات وتفاصيل لا يعرفها هو، ولا ينبغي الآن الحديث حول هذه التفاصيل، تحديدًا إذا لم يُقرّ نتنياهو بأسس الاتّفاق ولا سيّما وقف إطلاق النار، والانسحاب من القطاع، وتبادل الأسرى".

واعتبر نزال أنّ التسريبات الإعلاميّة حول الصفقة، أو طلب الاحتلال تسليمهم اسم 33 أسيرًا إسرائيليًا لدى الفصائل الفلسطينيّة في غزّة، إنّما هو للتشويش على العمليّة التفاوضيّة. متابعًا القول: "ما لم يُعلن الاتّفاق على المبادئ الأساسيّة، لن ندخل في نقاش التفاصيل، وإن كان الإسرائيليّ يريد تفاوضًا عبر الإعلام، نرى في حماس أنّ المفاوضات على الطاولة عبر الوسطاء".

ماذا عن الاستراتيجية التفاوضية؟

وفي جوابه على سؤال: "ما إن كان بيان حماس جاء تماهيًّا مع التوجّهات الإيرانيّة وضغطًا منها"، ومرتبطًا بحسابات إيران للرد على اغتيال هنية في طهران. أجاب القيادي في حماس محمد نزال: "الحديث عن ضغط إيرانيّ أو خارجيّ غير صحيح مطلقًا، والبعض يقول إنّ موقفنا جاء بعد اختيار القياديّ يحيى السنوار رئيسًا للحركة، والحقيقة أنّ ما يحكم حماس هو الاستراتيجيّة التفاوضيّة المتّفق عليها منذ اليوم الأوّل بين قادة الحركة في غزّة والخارج، الّتي يُعتبر السنوار جزءًا لا يتجزّأ منها، وبالتّالي لا جديد في مواقف حماس الاستراتيجيّة".

وأوضح نزال النقطة السابقة، بالقول: "لا جديد حول موقفنا التفاوضيّ من حيث الاستراتيجيّة، ونحن نتحرّك في هوامش التفاوض وفق ما يقتضيه ويطلبه الوضع من مرونة، وما يشاع من أخبار بهذا الشكل إنّما هو في سياق الحرب النفسيّة الّتي تشنّ ضدّ حركة حماس والمقاومة". مشيرًا إلى أنّ "إيران ليست بحاجة إلى التنسيق معنا في ردّها على اغتيال هنّيّة، لأنّها دولة لها سيادتها الّتي انتهكت باعتداء إسرائيليّ سافر على أراضيها، وهي دولة لها جيش وقيادة، وفي المجمل نحن على تواصل معهم ومع الدول الصديقة فيما يخدم المصلحة العامّة".

ونظرًا لتعقيدات التفاوض، كانت الجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين، قد طالبت مرات عديدة بتشكيل وفد فلسطينيّ موحّد، للمفاوضات غير المباشرة. وعن موقف حماس من الطرح السابق، أجاب نزال: "لم تطرح هذه الفكرة علينا، رغم أنّنا التقينا قيادة الجبهة الديمقراطيّة وأمينها العامّ فهد سليمان، خلال زيارتهم للدوحة مطلع الشهر الماضي، وأعتقد أنّ الفصائل الأخرى مثل الجهاد الإسلاميّ والجبهة الشعبيّة عبّرتا عن ثقتهما بالإدارة التفاوضيّة من حماس، ومن جانب آخر نحن على تواصل مع باقي الفصائل، وفي تشاور دائم معهم".

القيادي في حماس محمد نزال: الحركة لم تصل في المفاوضات السابقة إلى مرحلة طرح أسماء الأسرى، وأنّ ما وصل إليه المفاوض الفلسطينيّ هو طرح مواصفات ومعايير الإفراج عن الأسرى

ولفت نزال إلى أنّ حركة حماس؛ نظرًا للتعقيدات الأمنيّة لم تعلن حتّى اللحظة أسماء من يدير بعض الشواغر القياديّة داخل الحركة، مثل رئاسة إقليم غزّة، ونائب رئيس الحركة، مؤكدًا أنّ ذلك سيعلن حال أتيحت الظروف. متابعًا القول إنّ: "حماس حركة مؤسّساتيّة متجذّرة، ولها آليّات للتعامل مع الشواغر الّتي ستعوّض في كلّ أطر الحركة عندما تسمح الظروف".

وختم نزال حديثه، بالقول: إن "اليوم التالي للحرب هو فلسطيني بامتياز، ولن يُسمح للاحتلال أو أي قوى خارجية بأن تتدخل في إدارته، وأن أي محاولات إسرائيلية لجلب نموذج ’كرزاي’ جديد يحكم غزة، ستكون فاشلة". مشيرًا إلى أن "إدارة معبر رفح لم تُبحث حتى الآن، وبالمجمل فإن إدارة المعبر، وكل ما يتعلق بقطاع غزة هو شأن فلسطيني فقط".