عقدت محكمة العدل الدولية، يوم الخميس، جلسة الاستماع الأولى في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، حيث قدمت جنوب أفريقيا أدلتها التي تثبت اتهاماتها الموجهة للاحتلال، على أن تعقد جلسة الاستماع الثانية يوم الجمعة، لتقدم جنوب أفريقيا ردها على الاتهامات والأدلة الموجهة لها.
مايكل سفارد: ستمتنع إسرائيل عن الالتزام بأمر المحكمة، وأن يقود ذلك إلى مجلس الأمن الدولي، من أجل استصدار قرار من المجلس يلزم إسرائيل بتنفيذ أمر محكمة العدل، وحينها سوف تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو
وسارع الإسرائيليون إلى مهاجمة جنوب أفريقيا، فاتهمتها وزارة الخارجية بأنها "ذراع قانوني لحركة حماس"، بينما وصف نتنياهو الاتهامات بأنها "نفاق وأكاذيب"، كما علق عضو كنيست في حزب الليكود نسيم فيتوري بإعلان تمسكه بالدعوة إلى محو غزة وتدمير جميع مبانيها.
وتظهر ردة الفعل الإسرائيلية الغاضبة تجاه الدعوى حقيقة المخاوف الإسرائيلية من الحكم المتوقع، رغم تعدد السيناريوهات المطروحة على الطاولة بشأن سير المداولات في المحكمة، والحكم المتوقع، وهو ما تناوله المحامي الإسرائيلي مايكل سفارد، في حديث لموقع "سيخا موكميت" الذي وصف سفارد بأنه "واحدٌ من كبار المحامين في مجال حقوق الإنسان في إسرائيل، وضليع في القانون الدولي".
أبرز السيناريوهات المتوقعة، وفقًا لمايكل سفارد، أن تصدر المحكمة أمرًا يُلزم إسرائيل بوقف العدوان، والتقديرات هنا أيضًا، بحسب سفارد، أن تمتنع إسرائيل عن الالتزام بأمر المحكمة، وأن يقود ذلك إلى مجلس الأمن الدولي، من أجل استصدار قرار من المجلس يلزم إسرائيل بتنفيذ أمر محكمة العدل، وحينها سوف تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو، لكن إدارة جو بايدن التي تحاول تصوير نفسها بأنها إدارة تعتبر حقوق الإنسان إحدى ركائزها لن تفعل ذلك إلا بعد إلزام إسرائيل بثمن باهظ.
وفي شرحه لما يتوجب على إسرائيل الدفاع به عن نفسها أمام المحكمة، رأى مايكل سفارد أنه في حال كان هناك أوامر خاصة حول إطلاق النار فيتعين على إسرائيل توضيحها لمحكمة العدل الدولية، مثل تصريحات رئيس الأركان هرتسي هاليفي أنه في حال رفع شخص ما يديه فلا يُقتل، لأن مثل هذا التصريح "يتعارض مع فرضية أننا جئنا لتدمير الجميع" حسب قوله.
وتابع: "سيتعين على إسرائيل أن تشرح تصريحات المسؤولين الإسرائيليين (العدائية)، خاصة وزراء الحكومة". وهنا، سأل الموقع إن كان على إسرائيل القول إن الوزراء أغبياء، فأجاب مايكل سفارد: "نعم. يجب عليها عمومًا أن تقول أنهم أغبياء، وأنهم أشخاص غير مهمين، وأن الوزراء بتسلئيل سموتريش وعميخاي إلياهو ليس لهما أي تأثير على أوامر العملية العسكرية. ويجب عليها تضخيم اللا شيء الذي فعله نتنياهو بالوزير إلياهو عندما قال له إنه لن يشارك في اجتماعات الحكومة، وأن تشير أمام المحكمة إلى أن نتنياهو أدان علنًا تصريحات إلياهو".
وأكد مايكل سفارد، أن قرارات محكمة العدل الدولية تحظى بالاهتمام في العالم، "وفي حال إصدارها قرارًا بأن هناك خطرًا بإبادة الشعب، فيمكنني أن أتخيل مواطنًا بريطانيًا يلجأ إلى محكمة بريطانية ويطالب بإصدار أمر ضد حكومته، المملكة المتحدة، ألا تتاجر بالأسلحة مع إسرائيل لأنها دولة قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي أن هناك احتمالية تورطها في إبادة جماعية".
وبيّن، أن هناك دلالة أخرى لقرار محكمة العدل في حال صدوره، "فمثل هذا القرار لا يمكن إلا أن يجبر المدعي العام للمحكمة الجنائية، الموجود على الجانب الآخر من الشارع في لاهاي، على فتح تحقيق، هذا إن لم يكن قد فعل ذلك".
لكن، في المقابل، لو رفضت محكمة العدل الدعوى، فإن ذلك يُشكل "نصرًا ساحقًا" لإسرائيل، وفق وصف مايكل سفارد، وسيصبح قرار محكمة العدل سلاحًا بيد الدعاية الإسرائيل ضد أي اتهامات أخرى في المستقبل، حتى لو كان إثباتها أسهل من إثبات الإبادة الجماعية، لأن إسرائيل حينها ستقول إن هذه الاتهامات "مؤامرة دموية معادية للسامية، وأن إسرائيل أثبتت بالفعل أن الاتهامات الموجهة ضدها كاذبة".
مايكل سفارد: لو رفضت محكمة العدل الدعوى، فإن ذلك يُشكل "نصرًا ساحقًا" لإسرائيل، وفق وصف مايكل سفارد، وسيصبح قرار محكمة العدل سلاحًا بيد الدعاية الإسرائيل ضد أي اتهامات أخرى في المستقبل
وبالتالي، يصف سفارد إقدام جنوب أفريقيا على رفع هذه الدعوى بأنه "مقامرة، وأي إجراء قانوني دائمًا له مخاطر"، لكنه استدرك بأن "النصر الإسرائيلي المدوي غير واقعي للغاية، لأن على الأقل فيما يتعلق بالتحريض، فإن إسرائيل سوف ليس لديهم إجابات جيدة للمحكمة."
وردًا على سؤال حول الوقت المتوقع لإصدار القرار المؤقت، أجاب مايكل سفارد: "لا توجد قواعد. يمكنني أن أستنتج من الماضي، في المناقشات بين غامبيا وميانمار، حيث تم اتخاذ قرار في غضون شهر"، مؤكدًا أن هذه القضية ستستمر بعد جلسة الاستماع بشأن الأمر المؤقت، وسيكون لدى إسرائيل الوقت لتقديم ادعاءات تنفي اتهامات ارتكاب جريمة إبادة جماعية.
من جانبها، القناة 13 الإسرائيلية في تقرير لها حول الدعوى، توقعت أن تستمر المحاكمة لسنوات، لكن في المرحلة الأولى ستحكم المحكمة في غضون أيام قليلة ما إذا كانت خطورة الأحداث تتطلب منها التدخل الفوري بأمر مؤقت أو مواصلة الجلسات. وفي إسرائيل، يُعتقد أن احتمال أن تقرر المحكمة عدم التدخل منخفض.
وبحسب تقرير القناة 13 فإن خط الدفاع الإسرائيلي مايزال قيد الإنشاء، ولكن يمكن القول إن "الفيلم المرعب" -وفق وصفها- الذي أعده المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حول يوم 7 أكتوبر سوف يعرض في المحكمة.
ما هو شكل التدخل؟ تُجيب القناة 13 في تقريرها على هذا السؤال بأن محكمة العدل ربما تأمر إسرائيل بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، والامتناع عن القصف الجوي، على أن تتخذ تعيد من جانبها النظر في الموضوع خلال شهر. أما الاحتمال الآخر، فهو أن تقرر محكمة العدل أن هناك خوفًا من إبادة جماعية وتدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار.
ويؤكد التقرير أن محكمة العدل لا تملك القدرة على فرض هذه الدعوى، ومع ذلك، إذا قررت إسرائيل تجاهل دعوة المحكمة فإنها ستواجه مشكلة في الحصول على الشرعية الدولية التي تحتاجها لمواصلة القتال.