بات تعطل برنامج إدارة سير الدعاوى "الميزان 2"، مصدر قلق دائم لأركان العدالة الثلاث: المحامون والقضاة ووكلاء النيابة، بعد أن صار بمثابة شريان الحياة لسير الإجراءات القضائية.
شكاوى من القضاة والمحامون ووكلاء النيابة جرّاء استمرار تعطّل شريان الحياة لسير الإجراءات القضائية، برنامج "الميزان 2"
وبرنامج "الميزان" الإلكتروني جرى استحداثه من قبل مجلس القضاء الأعلى قبل نحو عام، ليحل محل برنامج (الميزان 1)، لكن خابت الآمال التي علقت عليه بإحداث نقلة نوعية في مستوى متابعة القضايا وإدارة ملفاتها إلكترونيًا.
المحامي أحمد عليان المستشار القانوني للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء، أوضح إن كل الدعاوى التنفيذية والجزائية والحقوقية يتم متابعتها من خلال برنامج الميزان الذي يستخدمه القضاة والمحامون ووكلاء النيابة على حد سواء.
وتابع عليان في تعقيب لـ"الترا فلسطين"، أنه عندما تنعقد جلسة المحكمة يتم الاعتماد على برنامج الميزان لتسجيل ضبط الجلسة، وعند انتهاء الجلسة يظهر عند المحامي والقاضي ووكيل النيابة في أي مكان تواجد فيه ماذا جرى في الجلسة، ويمكن الرجوع إليها في أي وقت عبر هذا البرنامج.
وبين عليان، أنه في السابق كان لديهم برنامج "الميزان 1"، لكنه كان بحاجة لتطوير، لذا تم استحداث برنامج "الميزان 2" من قبل مجلس القضاء الأعلى على أساس أن يكون أشمل وأوسع وأحدث ويمتاز بآليات وصول أسرع. لكن هذا البرنامج الجديد ومنذ البداية كان فيه عدد كبير من المشاكل التي عانى منها المستخدمون، ومنها الانقطاع لفترات، قبل أن تتدهور الأمور أكثر ويتعطل البرنامج أحيانًا لمدة يوم كامل.
وأكد عليان أن هناك استياءً كبيرًا لدى المحامين والقضاة الذين يعتمدون على البرنامج، وبات القضاة يقومون بالكتابة المؤقتة على الحاسوب، ومن ثم نقل محتوى الجلسة إلى برنامج الميزان بعد الانتهاء من الجلسة، وبعد عودة البرنامج للعمل.
وبالنسبة للمحامين فإن أول ما يتوجب عليهم القيام به صباح كل يوم، فتح برنامج الميزان ليعرفوا الجلسات التي عندهم، وبرنامج عملهم في المكتب، وحين يكون البرنامج معطلًا، فإنهم يضطرون للنزول إلى المحكمة، وإلى قسم القلم لفحص ملفاتهم.
وشدد عليان على أن الاستياء كبير والوضع من سيء لأسوء، ولا يعرف أحد متى يعمل هذا البرنامج ومتى يتعطل، أحيانًا يفتح في الصباح وأحيانًا بعد الظهر، وهو ما أثّر على كل أطراف قضاء العدالة الذين يعملون عليه من محامين ووكلاء نيابة وقضاة، لأن كل عملهم مرتبط بنظام الميزان.
وكان صدر تعميم عن مجلس القضاء الأعلى -بحسب عليان- يفيد بأنه يمنع على كل المحامين تقديم أي طلب خطي لدى دائرة التنفيذ باستثناء استردادات أوامر الحبس، أي أن قضايا التنفيذ مرتبطة بهذا البرنامج.
وأوضح عليان أن المحامي بشكل أساسي يعاني في هذا البرنامج في قضية الدعاوى التنفيذية، لأن هناك ملفات يجب أن يتابعها بشكل يومي، وعندما يتعطّل الموقع بالأيام، كيف يعرف ماذا جرى في آخر ملف تنفيذي وفي آخر جلسة له، إضافة إلى أن القضايا فيها ارتباط بمدد قانونية، بمعنى أنه قد يصدر قرار من القاضي بعد تقديم طلب تنفيذي من خلال البرنامج ويصدر القاضي قرارًا، ويكون هناك مدة للاستئناف، ونتيجة لتعطّل البرنامج طوال هذه الفترة لا يستطيع المحامي تقديم الاستئناف لأنه غير متاح له الاطلاع على قرار القاضي.
عضوة مجلس نقابة المحامين راوية أبو زهيري قالت لـ "الترا فلسطين" إنه يمنع تقديم أي طلب من قبل المحامي إلا من خلال اسمه على برنامج الميزان، والقضايا كلها تسير من خلال اسم المحامي على البرنامج، وكل الأمور الأساسية لا تتم إلا من خلال برنامج الميزان، فهو عبارة عن حضور المحامي أمام المحاكم في القضايا كلها، وبدونه لا تستطيع أن تحضر أو تأخذ أي ورقة في ملفك.
وأضافت راوية أبو زهيري أن مجلس القضاء الأعلى كان قد تعاقد مع شركة جديدة لتطوير البرنامج، لكنّها شركة غير مؤهلة وشغلها صفر في الميزان، حتى أنك تفتح على البرنامج ولا يحمّل لك البيانات، والبرنامج دومًا ما يتعطل، رغم أن القضايا لا تسير إلا من خلاله.
وبيّنت أن الملفات التنفيذية منذ شهرين لا تسير، ويمنع أخذ الملفات يدويًا من قبل دائرة التنفيذ، وبنفس الوقت لا تستطيع وضع الملف في الميزان لأنه معطل، ومصالح الناس تتعطل والقضايا التنفيذية لم يعد فيها تحصيلات، وكل الأشياء التي عدّلها مجلس القضاء في الميزان تسببت في عرقلة القضاء.
وحول دورهم في نقابة المحامين، قالت إنهم راسلوا مجلس القضاء الأعلى خطيًا أكثر من مرة بأن هذا الموضوع خطير ويعرقل العمل ويضع المحامي أمام موكله في مسؤولية بسبب تأخير الملفات، وأحيانًا يضطر لدفع رسوم تجديد الملف، ولهذه اللحظة لا يوجد أي رد على مراسلاتهم.
تواصلنا في "الترا فلسطين" مع دائرة الإعلام في مجلس القضاء الأعلى لأخذ تعقيب حول استمرار تعطل برنامج الميزان 2، وكان الرد في بيان صحفي نشر قبل أيام، بأن رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار عيسى أبو شرار اجتمع مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إسحق سدر، وناقش الطرفان البطء في خدمات برنامج إدارة سير الدعاوى "الميزان 2" خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما تسبب بانزعاج كل الأطراف المستفيدة من البرنامج، والتشويش على سير جلسات التقاضي في المحاكم.
وأفاد البيان أن "الطرفين اتفقا على زيادة سرعة الإنترنت على خطوط الفايبر المزوّدة لمجلس القضاء الأعلى وتشغيل خطوط بديلة".
وأكد المستشار أبو شرار -بحسب البيان- تفهمه لحالة التذمر من بطء الخدمات الإلكترونية، وأكد أن استمرار المشكلة غير مقبول، وأوعز إلى الجهات المختصة في مجلس القضاء الأعلى بالقيام بكل ما يلزم لتجنب تكرارها.