02-يوليو-2024
شهداء الإعداد في الضفة

شهداء الإعداد في الضفة

تلقى جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الإثنين ضربة موجعة في مخيم نور شمس شمال طولكرم، بعد انفجار عبوة ناسفة في مركبة عسكريّة أدت إلى مقتل جندي وإصابة آخر، سبق ذلك في أواخر حزيران/يونيو 2024، ضربة قاسية أخرى في جنين، حيث انفجرت عبوة ناسفة كبيرة في طريق مرج بن عامر بآلية عسكرية من نوع "الفهد"، أدت إلى مقتل ضابط وإصابة 16 آخرين بجراح متفاوتة.

يومها، أعلنت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فلسطين، مسؤوليتها عن الكمين، وقالت إنها استخدمت فيه "عبوات التامر شديدة الانفجار، ضمن معركة بأس جنين 2".

على مدار أكثر من 30 شهرًا، مرت عمليات تصنيع العبوات المحلية بعدة مراحل، من أكواع صغيرة مصنعة من بعض البارود وخطوط تمديد المياه (أكواع المواسير)، وصولًا إلى العبوات الكبيرة، التي تُفَجَّر عن بُعد

عبوة التامر، تُعد تطورًا لافتًا في عمل تشكيلات المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، التي برزت على الساحة بعد عملية نفق الحرية في أيلول/سبتمبر 2021. فعلى مدار أكثر من 30 شهرًا، مرت عمليات تصنيع العبوات المحلية بعدة مراحل، من أكواع صغيرة مصنعة من بعض البارود وخطوط تمديد المياه (أكواع المواسير)، وصولًا إلى العبوات الكبيرة، التي تُفَجَّر عن بعد.

وتعود تسمية عبوة التامر إلى الشهيد تامر نشرتي، الذي استشهد يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2022، بعد أسبوع من إصابته أثناء إعداده عبوات متفجرة في إطار نشاطه ضمن كتيبة جنين.

تامر نشرتي
تامر نشرتي

وفي يوم تشييع الشهيد تامر النشرتي، قال نضال خازم، أحد قادة كتيبة جنين، الذي استشهد بعد أربعة شهور: "لقد خسرنا قائدًا ميدانيًا، لقد خسرنا ما لا نستطيع ذكره، إنه بطل العبوات الناسفة والمهندس"، وذلك في حديثه لقناة فلسطين اليوم.

وكانت كتيبة جنين قد بثت، على قناتها في تليغرام، جانبًا مما قالت إنه "تجهيزات النشرتي للعبوات الناسفة ضمن كمين كانت تعدّه الكتيبة لجيش الاحتلال".

كذلك كشفت كتيبة جنين في مطلع العام الماضي، عن "عبوة التامر"، نسبة لتامر النشرتي، وقالت إنها صُنعت محليًا في جنين، وأدخلت إلى الخدمة الميدانية خلال تصدي الكتيبة لاقتحام قوات الاحتلال لبلدة كفردان غربي جنين، مطلع شهر كانون الثاني/يناير من العام 2023.

وقالت كتيبة جنين في بيان لها: "لقد كان شهيدنا البطل من أوائل المنتسبين لكتيبة جنين، وقد تولى أكثر من مهمة جهادية مباركة، وقام بأداء واجبه على أكمل وجه، وكان أحد أعضاء اللجنة التنظيمية في مخيم جنين، قبل أن ينتقل للعمل في صفوف الكتيبة ليصبح أحد أعضاء اللجنة الإدارية".

وفي نفس ملابسات استشهاد تامر نشرتي، ولكن بعد 18 شهرًا، جاءت إصابة الشاب معاوية دراغمة (24 عامًا). ففي اليوم التالي لكمين جنين أواخر حزيران/يونيو، خرج الآلاف مودعين جثمان الشهيد معاوية دراغمة، أحد صناع العبوات المتفجرة في طوباس.

معاوية دراغمة
معاوية دراغمة

يقول وسيم دراغمة، إن شقيقه معاوية التحق في بداية عمره بالكلية العسكرية، وخدم في جهاز الحرس الرئاسي لمدة سنة، قبل أن يستقيل من العمل في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

وبيّن وسيم، أن معاوية انضم إلى المقاومة في طوباس بعد بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ويوم 20 حزيران/يونيو، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الفارعة، فخرج معاوية مع مقاومين آخرين لإعداد كمين للجيش في طوباس.

وأوضح، أن معاوية والمقاومين معه زرعوا مجموعة من العبوات في طريق يُتوقع أن يمر جيش الاحتلال منه، وأثناء ذلك كانت طائرة مُسيّرة إسرائيلية تُحلق في السماء، قبل أن تنفجر العبوات التي زُرِعَت، ما أدى إلى إصابته مع شبان آخرين، دون أن يُعرف إن كان انفجار العبوة يرجع إلى خلل فني، أو بسبب استهدافها من الطائرة الإسرائيلية.

يقول وسيم: "في موقع الإصابة، ظل معاوية يقرأ القرآن ويردد الشهادة، وطلب من رفاقه تركه وإسعاف الشبان الآخرين قربه، حتى نُقِل إلى المستشفى التركي في طوباس، حيث خُدِّر بالكامل، لشدة إصابته".

ويضيف، "كان لديه بتر في اليد اليمنى، وخلع في اليد اليسرى، وحروق على كل جسده ووجهه، وانفجار في عيونه"، وبعد 8 أيام من إصابة معاوية، أعلن عن استشهاد معاوية متأثرًا بجروحه.

تامر النشرتي، ومعاوية دراغمة، هما اثنان من "شهداء ارتقوا في أثناء إعداد العبوات أو تفخيخ الطرقات" التي يسلكها جيش الاحتلال في اقتحاماته للضفة. ويستعرض الترا فلسطين في هذا التقرير بعض هذه الأسماء.

- أحمد سرحان عرعراوي (14 عامًا)، وعلي عثمان تركمان (17 عامًا)، من جنين، استشهدا بانفجار عبوة محلية الصنع في واد برقين في جنين، بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2023.

أحمد عرعراوي وعلي تركمان
أحمد عرعراوي وعلي تركمان

- نمر أبو مصطفى (17 عامًا)، استشهد متأثرًا بإصابته جراء انفجار عبوة ناسفة استعدادًا للتصدي لاقتحام قوات الاحتلال في مخيم بلاطة شرقي نابلس، بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2023.

نمر أبو مصطفى
نمر أبو مصطفى

- براء نائل دويكات (26 عامًا)، من بلدة روجيب شرق نابلس، استشهد جراء انفجار عبوة ناسفة بالقرب من معبر عورتا، بتاريخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

براء دويكات
براء دويكات

- عايد عادل القني (30 عامًا) من كفر قليّل جنوب نابلس، واستشهد أثناء الإعداد والتجهيز جرّاء انفجار عبوة ناسفة كان يصنعها داخل قريته بتاريخ 30 آب/أغسطس 2023.

عايد القني

- مهدي الحلو (20 عامًا) من مخيم طولكرم، استشهد متأثرًا بجروحه الحرجة التي أصيب بها، إثر انفجار "كوع" عن طريق الخطأ في المخيم يوم 7 تموز/يوليو 2023.

مهدي الحلو
مهدي الحلو

- محمد جمال حشاش (17 عامًا)، وعلاء الحفناوي (18 عامًا)، استشهدا جراء انفجار عبوة ناسفة محلية الصنع داخل مخيم بلاطة شرق نابلس يوم 21 حزيران/يونيو 2023.

محمد حشاش وعلاء حفناوي
محمد حشاش وعلاء حفناوي

مصطلح شهداء الإعداد، دخل حديثًا إلى الضفة الغربية، بعد تداوله لسنوات في قطاع غزة، في إشارة إلى الشهداء الذين يرتقون في حفر الأنفاق. إلا أن الباحث في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، يؤكد أن حالة الإعداد كانت موجودة في الضفة الغربية منذ انتفاضة الأقصى وحتى قبلها، وهناك الكثير من حالات الإصابة أو بتر الأطراف أثناء الإعداد في الانتفاضة.

وأوضح عزام أبو العدس لـ الترا فلسطين، أن مصطلح الإعداد عاد إلى الضفة الغربية منذ العام 2021، في بداية الحالة المسلحة التي بدأت بتشكيل كتيبة جنين وعرين الأسود.

وبيّن أبو العدس، أن العمل المقاوم في الضفة الغربية ينمو بشكل أفقي وبشكل رأسي، والظروف التي تعمل فيها المقاومة، أشبه بظروف مستحيلة، إذ أنها تفتقر إلى الموارد ويفرض عليها الحصار من كل العالم، ونتيجة لهذه الظروف يزداد شهداء الإعداد أكثر وأكثر، لأن طبيعة التجارب تكون معقدة أكثر، وطبيعة المواد المستخدمة تكون على درجة متدنية جدًا من حيث الأمان.

بيّن أبو العدس، أن العمل المقاوم في الضفة الغربية ينمو بشكل أفقي وبشكل رأسي، والظروف التي تعمل فيها المقاومة، أشبه بظروف مستحيلة، إذ أنها تفتقر إلى الموارد ويفرض عليها الحصار من كل العالم

وأضاف، أن المقاومة بحاجة إلى التصنيع من الصفر، وبالتالي كل ما زادت مراحل التصنيع ومدة التصنيع وفترته وبدائية المواد تزداد المخاطر.

وأكد عزام أبو العدس، أن هناك الكثير من الحوادث التي لا يعلن عنها بسبب الوضع الأمني، "وما نسمع عنه هي قمة جبل الجليد، وهي الحالات التي اشتشهد فيها أشخاص" حسب قوله.

وأوضح، أن تطور فعالية العبوات في الضفة يرجع لسببين، الأول، إدراك الفلسطينيين لغياب أي أفق سياسي مع الاحتلال، ورغبتهم في أن يكون للعمل المقاوم في الضفة تأثير جدي، والثاني، هو حصولهم على دعم من الفصائل خارج فلسطين، "فالفصائل الموجودة في لبنان، أو إن كان لها وجود سري في الأردن، معنيون بتحويل الضفة الغربية إلى ساحة استراتيجية".

وأكد، أن هناك العشرات من المعتقلين لدى الأردن لمساندتهم المقاومة، وهناك الكثير من العتاد يتم تهريبه من الحدود الأردنية.