18-يوليو-2024
صدام وخلاف بين نتنياهو وهليفي

(Getty) جزء من الخلاف يدور حول صفقة تبادل الأسرى

كشفت القناة الـ12 الإسرائيلية، أن العلاقات بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، وصلت إلى مرحلة الصدام المباشر خلال اجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، بشكل غير مسبوق، وتجاوزت مرحلة التسريبات عبر وسائل الإعلام.

واتسم الصدام بين نتنياهو رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بلجوء الطرفين إلى التسريبات عبر وسائل الإعلام، منذ الأيام الأولى للحرب، وبالأخص ضمن محاولة نتنياهو "التهرب من المسؤولية"، عما يوصف في إسرائيل بـ"فشل 7 تشرين الأول/أكتوبر".

وأشارت القناة إلى أن نتنياهو هو من بادر إلى الصدام مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، عندما ادعى في مؤتمره الصحفي، مساء السبت، بعد مجزرة المواصي يوم السبت الماضي والمزاعم عن محاولة اغتيال قائد كتائب القسّام محمد الضيف، إن "الضغط العسكري لم يكن قويًا بشكل كافٍ" من أجل التوصل لصفقة، وأضاف: "على مدى شهور لم يكن هناك تقدم، ﻷن الضغط العسكري لم يكن قويًا بشكل مناسب".

نتنياهو يحاول تحميل جيش الاحتلال المسؤولية عن ما يعرف بـ"فشل" 7 تشرين الأول/أكتوبر

وعقب نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ12 الإسرائيلية، على مزاعم نتنياهو، يوم السبت، قائلًا: "كل ما قاله نتنياهو هو مخالف للحقيقة، حتى بشأن ما عرض عليه في الغرف المغلقة، وأيضًا فيما يتعلق بإنجازات الجيش".

ووفقًا للمحلل السياسي للقناة الـ12 الإسرائيلية، عميت سيغال: فإن " قادة الجيش اعتبروا أن هذه التصريحات تعني أن نتنياهو، يقول لقد أردت ضرب حماس بعنف، لكنهم في الجيش لم يريدوا، فاضطررت للضغط عليهم. ويوم اﻷحد تم عقد مشاورات أمنية وعندها خاطب رئيس اﻷركان هرتسي هليفي، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قائلًا: تصريحاتك خطيرة، وأنا أطلب من رئيس الحكومة أن يقدم اعتذاره. لكن نتنياهو لم يقدم اﻻعتذار حتى اﻵن".

وللتدليل على العلاقات المتوترة بين جيش الاحتلال ورئيس الحكومة الإسرائيلية، نشر يارون أبراهام مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، تسريبًا صوتيًا لـ"اجتماع لنتنياهو مع عائلات مجندات الرصد والاستطلاع، اللواتي قتلن في السابع من تشرين الأول/أكتوبر".

وفي التسجيل يُحمل نتنياهو الجيش الإسرائيلي والاستخبارات، مسوؤلية الإخفاق في يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا لأبراهام، مضيفًا: "يكفي اﻹصغاء لبداية هذا اللقاء بين عائلات مجندات الرصد على الحدود، اللواتي قتلن في ناحال عوز في 7 تشرين الأول/أكتوبر وبين رئيس الحكومة، ﻹدراك إلى أي مدى كان الأمر صعبًا ومؤلمًا، لقاء دام ثلاث ساعات، وعبرت فيه العائلات عما يختلج في صدورها. أمّا رئيس الحكومة فقد استمع مطولًا لادعاءات العائلات، وركز انتقاداته على البعد اﻻستخباري والعسكري".

وأضاف أبراهام: "نتنياهو بعد استماعه لعائلات المجندات، قال: المعلومات التي وصلت إلى مجندات الرصد والاستطلاع، كان يجب أن تصل إلى قائد كبير ما قادر على التعامل معها، وهذا لم يحدث".

وأشار أبراهام إلى أن "عائلات المجندات لم تقبل من نتنياهو، إلقاء المسؤولية على الجيش، وﻻ يعني ذلك عدم وجود انتقادات لديها على أداء الجيش العملياتي، لكن العائلات تطالب بإجابات أكثر شمولًا، أي أنها تطالب بثلاث كلمات، يمتنع نتنياهو عن قولها حتى اليوم، وهي: لجنة تحقيق رسمية".

ورفض نتنياهو الاستجابة لمطالب عائلات المجندات الإسرائيليات بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، قائلًا: "يجب إجراء التحقيقات الممكنة، ولكن لا يجب  أن نبدأ بها اﻵن، فينشغل القادة والضباط بتوكيل محامين، نحن في حرب وجودية".

أمّا المحلل السياسي في القناة الـ13 الإسرائيلية رفيف دروكر، فقد اختار التطرق إلى الصراع بين والمخابرات وجيش الاحتلال ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، بالقول: "في الحقيقة هناك إجماع في الأجهزة الاستخبارية، ورئيس اﻷركان هرتسي هليفي، ووزير الأمن غالانت قال ذلك بشكل علني، كلهم يقولون لرئيس الحكومة: ﻻ يوجد أي مانع أمني، ونحن نريد تنفيذ الصفقة".

وتابع دروكر: "رئيس جهاز الموساد ورئيس ورئيس الشاباك ومنسق اﻷسرى والمفقودين في الجيش اللواء احتياط نيتسان ألون، كلهم يقولون إن هذه فرصة يجب اغتنامها ونشك في أنها ستتكرر، لكن رئيس الحكومة يقول: لقد فرضتم علي الذهاب إلى هذا المقترح في شهر أيار/مايو، قاصدًا مقترح بايدن الذي وافق عليه نتنياهو. والخلاصة هي أن الجيش يعتقد أن نتنياهو يبحث عما يمكنه من إفشال الصفقة، دون أن يكون متناقضًا مع المقترح".

وفي مقال على صحيفة "جيروزاليم بوست"، قال دوغلاس بلومفيلد، الذي عمل سابقًا في لوبي "أيباك": "إن إسرائيل تخوض حروبًا على كافة الجبهات. فهناك حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والفلسطينيون في الضفة الغربية، والحوثيون في اليمن، وإيران بالوكالة. وهؤلاء هم الأعداء فقط. ثم هناك معارك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو داخل حكومته وفي مختلف أنحاء البلاد المنقسمة بشدة بشأن سياساته الداخلية والحربية".

وأضاف: "إذا لم يكن ذلك كافيًا، فإنه سيتوجه إلى واشنطن الأسبوع المقبل حيث يمكن الاعتماد عليه في إشعال منطقة الصراع أيضًا". متابعًا القول دوغلاس بلومفيلد: "إن هذه الرحلة إلى واشنطن هي في الواقع رحلة سياسية حزبية بحتة. وهذا واضح إلى الحد الذي دفع السفير الأميركي جاك لو إلى القول بحزن: إنه يأمل أن يتضمن خطاب رئيس الوزراء نتنياهو أمام الكونغرس الأسبوع المقبل رسالة ثنائية الحزبية".

واستمر: "لم يتمكن نتنياهو، المتدخل القهري في السياسة الحزبية الأميركية، من مقاومة دعوة رئيس مجلس النواب مايك جونسون في عام الانتخابات للمساعدة في الترويج لرسالة الرئيس بأن الجمهوريين يدعمون إسرائيل أكثر من الديمقراطيين والرئيس جو بايدن".

وواصل: "إنها استراتيجية قديمة كانت تهدف في البداية إلى جذب المتبرعين اليهود الأثرياء، وليس الناخبين اليهود. ويصوت اليهود بأغلبية ساحقة للديمقراطيين، ولكن الجمهور المستهدف لهذه الجهود توسع ليشمل ركيزة أساسية من ركائز الحزب، أي المسيحيين الإنجيليين مثل جونسون".

ويتابع الصحفي المقيم في أميركا: "كان هناك بعض الخلاف بين نتنياهو والمرشح الرئاسي الجمهوري الحالي، دونالد ترامب، منذ فترة. لكن كلا الرجلين انتهازيان براجماتيان مستعدان لتجاهل ذلك عندما يواجهان عدوًا مشتركًا، أي بايدن والديمقراطيين". مضيفًا: "لقد قدم جونسون لزعماء الحزب الديمقراطي عرضًا لا يمكنهم رفضه في عام انتخابي، وقد أيدوا على مضض دعوة رئيس مجلس النواب. كما رفض بايدن لقاء صديقه القديم بيبي في البيت الأبيض كتعبير عن استيائه الشديد من الانقلاب القضائي المناهض للديمقراطية الذي قام به رئيس الوزراء، ومؤخرًا الخلافات العميقة حول سلوكه في حرب غزة. وفي مواجهة رئيس وزراء حليف وثيق يأتي لإلقاء كلمة أمام الكونجرس، لم يعد أمام بايدن خيار سوى لقائه".

وتابع: "يرى كثيرون في إسرائيل والخارج أن نتنياهو يطيل أمد الحرب بشكل مأساوي وغير ضروري، لأنه كلما طال أمدها، كلما تمكن من التمسك بالسلطة وتجنب العودة إلى المحكمة لمواجهة ثلاث محاكمات فساد منفصلة".

ويؤيد وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع نظرائه الأميركيين، الاقتراح الأميركي ويضع أولوية صفقة التبادل. ويعقب على ما سبق: "قد يؤدي هذا إلى إقالته لأن المتطرفين، الذين يعتمد عليهم نتنياهو للبقاء في منصبه، يصرون على استمرار الحرب لأنهم يريدون إعادة احتلال غزة وطرد السكان وبناء المستوطنات".

وذكر بتصاريح سابق لغالانت، بقوله: "إننا نمارس السياسة بدلًا من التوصل إلى اتفاقات". وأوضح: "يريد العديد من أعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن يروا وقف إطلاق النار في غزة حتى يتسنى إعادة الأسرى إلى ديارهم، وحتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من الراحة والتركيز على التهديد المتزايد من جانب حزب الله في لبنان. واتهم نتنياهو قيادة الجيش الإسرائيلي بـ’الانهزامية’".

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري إن دعوة نتنياهو إلى "النصر المطلق" غير واقعية. وأضاف: "إن فكرة إمكانية تدمير حماس وإبادتها فكرة خاطئة".