22-يوليو-2024
محمد الضيف

محمد الضيف

تتوالى التصريحات والتكهنات حول مصير القائد العام لكتائب القسّام محمد الضيف في وسائل الإعلام العبرية، وعلى لسان ضباط كبار وخبراء، ويكررون وصفه بـ "طائر الفينيق" الذي ينهض من الرماد أو الرجل ذو الأرواح السبعة أو الثمانية.

قال اللواء احتياط أمنون سوفرين، رئيس المعلومات الاستخبارية في جهاز الموساد سابقًا، ردًا على تساؤل طرحته القناة 13 العبرية بشأن مصير محمد الضيف: "يمكنني أن أخبرك من تجارب سابقة أنه في كل مرة قلنا فيها لقد انتهى أمره، فإنه ينبعث من الرماد كطائر الفينيق. هذا الأمر نعرفه جميعًا. إنه ينفض الغبار وينطلق مجددًا. هذا يعني أن كل ما كان لدينا سابقًا لم يكن دقيقًا، هل مات أم لا؟ لا يمكننا معرفة ذلك، وحماس لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل. هذا لا يعني أنها لا تملك الذخيرة، بل يعني أنه لو حدث شيء كبير، كانت حماس سترد".

ضابط سابق في المخابرات الإسرائيلية: اغتيال محمد الضيف لن يغير من واقع الحرب بالنسبة للفلسطينيين أو حركة حماس كحركة عسكرية

ويعتبر طائر الفينيق وفقًا للأساطير رمزًا للخلود والانبعاث، وهو أيضًا المعروف باسم العنقاء، وهو كائن أسطوري من الفلكلور القديم يرمز إلى الخلود والانبعاث. ووفقًا للأسطورة، يحترق الفينيق في نهاية دورة حياته ليعود ويولد من جديد من رماده، مجسدًا فكرة الأمل والتجدد. وعبر العصور، استخدمت الثقافات المختلفة طائر الفينيق كرمز للتجدد والنصر على الصعاب، مما يجعل من الأسطورة مرجعًا قويًا في الأدب والفن وحتى السياسة.

وقال إيلان لوتن، وهو ضابط سابق في "الشاباك": "التجارب السابقة علمتنا أن نكون في غاية الشك فيما يتعلق بأية معلومة كهذه. ’المخرب’ الكبير محمد الضيف، الذي اعتبرت إسرائيل أنه نجا بعد فقدانه ساقًا وعينًا، تبين مع بداية الحرب أن وضعه أفضل مما اعتقدنا. ربما يعرج وبعين واحدة، لكنه مستلقٍ في حقل مفتوح دون إزعاج. وبعد المؤتمر الصحفي لرئيس الحكومة، خرج القيادي في حماس خليل الحية، نائب إسماعيل هنية، ليُحرج نتنياهو بأن الضيف حيًا". 

وصرح الباحث في برنامج الساحة الفلسطينية في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، يوحان تسروف، في محاضرة مطولة حول مسيرة الضيف منذ انضمامه لحركة حماس: "هذا الرجل ذو الأرواح السبعة أو الثمانية، كطائر الفينيق الذي ينهض أحيانًا حيًا من جديد. ما يزعجني في هذا الأمر ويجعل من الصعب علي تحديد بشكل قاطع ما إذا كان قتل أو تم اغتياله، يأتي من ردود الفعل التي سمعتها من قادة حماس. إنها ردود فعل حاسمة جدًا في تأكيدها أنه على قيد الحياة. طالما ليس لدي أي معلومات استخباراتية تؤكد مقتله، ومع ذلك فإنه بلا شك أعد برنامجًا مفصلًا وقائدًا بديلًا له".

ومصطلح "الأرواح السبعة" يُستخدم للإشارة إلى الأشخاص أو الكائنات التي تبدو غير قابلة للهزيمة أو الموت، وكأن لديهم سبع حيوات يعيشونها. يعود أصل هذا التعبير إلى المعتقدات والأساطير القديمة، حيث كانت بعض الثقافات تؤمن بأن الكائنات القوية أو الخارقة للطبيعة تمتلك أكثر من حياة واحدة. يُستخدم هذا المصطلح في العصر الحديث مجازيًا لوصف الأفراد الذين ينجون من مواقف خطيرة أو محاولات اغتيال متكررة، مما يجعلهم يظهرون كأنهم يتحدون الموت مرارًا وتكرارًا، الذي يضفي عليهم هالة من الغموض والقوة الخارقة.

وصرح روني شاكيد، الضابط الرفيع السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية من معهد ترومان، في مقابلة مع قناة "كان" الإسرائيلية، بأنه لا يعتقد أن اغتيال محمد الضيف سيغير من واقع الحرب بالنسبة للفلسطينيين أو حركة حماس كحركة عسكرية.

وأوضح شاكيد أن الصراع بأكمله لا يتأثر بمقتل قائد واحد، رغم الحديث المتكرر عن الضغط العسكري على حماس. 

وأضاف شاكيد أنه يعرف حماس جيدًا وأن الضغط المستمر على الحركة منذ تسعة أشهر لم يسفر عن استسلامها.

وأشار إلى أنه لا يوجد مكان في غزة لم يتعرض للضغط العسكري، ومع ذلك، لم يرفع يحيى السنوار، قائد حماس، الراية البيضاء أو يعرض إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. واختتم بقوله، إنه يجب تذكر هذه الحقائق عند تقييم تأثير الضغوط العسكرية على حماس.

في مقابلة مع القناة الـ14 الإسرائيلية، صرّح وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر، رئيس جهاز الشاباك السابق، بأن محمد الضيف كان منخرطًا بشكل مكثف في التخطيط العسكري والعمليات ضد إسرائيل على مدار 30 عامًا.

وأوضح ديختر أن الضيف يلعب دورًا محوريًا في هذا السياق، حيث يُعتبر المخطط الرئيسي لهجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر. في اليوم الأول من الحرب، أصدر الضيف إعلانًا مسجلًا يدعو فيه إلى بدء الهجوم.

وأضاف ديختر أن الضيف انضم للذراع العسكرية لحركة حماس في عام 1991، ونجا منذ ذلك الحين من سبع محاولات اغتيال. مشيرًا إلى أن "الضيف يحمل تاريخًا طويلًا وحافلًا في التخطيط وقيادة العديد من العمليات القاتلة ضد الإسرائيليين"، وفق قوله. 

قال تسفيكا يحزقيلي، محلل الشؤون الفلسطينية في قناة i24: "اغتيال الضيف لا يعني نهاية الذراع العسكرية لحركة حماس. على العكس، سيواصلون إطلاق الصواريخ واستخدام الـ RPG. أنا واثق أن أشخاصًا مثل الضيف، لعلمهم بأنهم مستهدفون، يتركون وراءهم تعليمات عملياتية مفصلة حول ما يجب القيام به بعد غيابهم. هذا يعني أنه لا يمكن القول الآن -رغم رغبتي في ذلك- أن أداء حماس سيتغير بشكل كبير. نحن نتحدث عن حرب. جميع مقاتلي حماس منتشرون في مواقعهم وخنادقهم، وكل واحد منهم يقدم أقصى ما لديه حتى النهاية".

وأشار تامير هايمان، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إلى أن المسؤولية الرسمية عن القضاء على قادة الذراع العسكرية لحركة حماس تقع على عاتق الشاباك.

وأوضح أنه تم تزويد الشاباك بكافة الموارد المتاحة لأجهزة الاستخبارات، خاصة وحدة 8200، لدعم هذه العملية منذ بداية الحرب.

نجا الضيف منذ انضمامه لحماس من سبع محاولات اغتيال، ويحمل تاريخًا طويلًا وحافلًا في التخطيط وقيادة العديد من العمليات ضد الاحتلال  

وذكر هايمان أن هناك عملية مطاردة مكثفة جارية، تعتمد على شبكة كمائن استخبارية تتسم بالصبر، ويتمثل الهدف في رصد المطلوبين في أحد هذه الكمائن، مع تقاطع المعلومات الاستخبارية وربط سريع لتنفيذ عملية دقيقة بواسطة سلاح الجو. 

وأضاف هايمان أن اتخاذ قرار اغتيال محمد الضيف كان سهلاً نسبيًا، حيث يمكن لأي شخص اتخاذه، وهذا ليس القرار الصعب الذي يحتاج إلى موافقة الحكومة. التحدي الأكبر، حسب هايمان، يكمن في استغلال الوضع الحالي للوصول إلى قرار أصعب بكثير وهو إبرام صفقة التبادل المنتظرة.