25-يوليو-2024
في خطابه أمام الكونغرس، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه خلال زيارته الأخيرة إلى رفح، عندما سأل عن عدد المدنيين الذين قتلوا في رفح، أخبر: "لم يقتل أحد تقريبًا، باستثناء حادثة واحدة حيث أصابت شظايا من قنبلة مستودع أسلحة لحماس وقتلت عن غير قصد عشرين شخصًا".

(Getty) يتهم الذين لديهم معرفة وثيقة بمفاوضات التبادل، وعدد كبير من الإسرائيليين وحتى بعض عائلات الأسرى، نتنياهو بالوقوف في طريق التوصل إلى اتفاق

كان خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي مليئًا بالمزاعم "الكاذبة"، وبالتصريحات "العدائية"، حول الحرب على قطاع غزة.

وأشار نتنياهو مرارًا وتكرارًا إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدر مدعوها العامون في أيار/مايو طلبات بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير أمنه يوآف غالانت، متهمين إياهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفيما يلي بعض الادعاءات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال خطابه، بعد مقارنتها بالمعلومات المتوفرة حاليًا والمعروفة من مصادر مفتوحة.

قدم نتنياهو العديد من المزاعم "الكاذبة" عن الحرب على غزة، أمام الكونغرس الأميركي، يكشف الواقع عن زيفها

  1. نتنياهو والمساعدات الغذائية لغزة

قال نتنياهو اتهم "المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إسرائيل بشكل مخزٍ بتجويع شعب غزة عمدًا. هذا هراء محض. إنه اختلاق كامل. لقد سمحت إسرائيل لأكثر من 40 ألف شاحنة مساعدات بالدخول إلى غزة. وهذا يعادل نصف مليون طن من الغذاء!".

وتوضح المصادر، بحسب بيانات الأمم المتحدة، دخلت 28018 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ بدء الحرب. ولم تعد الطرق المؤدية إلى القطاع تشمل معبر رفح، الذي احتلته القوات الإسرائيلية في أوائل أيار/مايو، مما أدى إلى الحد إلى حد كبير من إمدادات المساعدات إلى المناطق الجنوبية من القطاع.

ومنذ ذلك الحين، دخلت 2835 شاحنة فقط عبر معبر كرم أبو سالم في الجنوب ومعبر إيريز في الشمال، وهي تحمل جزءًا ضئيلًا للغاية من المساعدات المطلوبة.

واتهمت منظمات الإغاثة إسرائيل بمنع دخول المساعدات إلى غزة عمدًا، وفرض قيود تعسفية ومتغيرة باستمرار على ما يسمح بدخوله.

وقالت سالي أبي خليل، مديرة منظمة أوكسفام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شهر آذار/مارس: "إن السلطات الإسرائيلية لا تفشل في تسهيل جهود المساعدات الدولية فحسب، بل تعمل أيضًا على عرقلة هذه الجهود بشكل نشط".

وفي وقت سابق من هذا العام، حذرت الهيئة العالمية الرائدة في مجال المجاعة، تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل، من أن غزة على شفا المجاعة . وفي حزيران/يونيو، قالت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للمنظمة إنه بسبب زيادة السلع المسموح بدخولها إلى شمال غزة، فإن "الأدلة المتاحة لا تشير إلى حدوث مجاعة حاليًا".

ومع ذلك، قالوا إن خطر المجاعة لا يزال مرتفعًا. موضحًا: "إن الوضع في غزة لا يزال كارثيًا وهناك خطر مرتفع ومستمر من المجاعة في جميع أنحاء قطاع غزة... إن الطبيعة المطولة للأزمة تعني أن هذا الخطر لا يزال مرتفعًا على الأقل كما كان في أي وقت خلال الأشهر القليلة الماضية".

  1. نتنياهو حماية المدنيين

وقال نتنياهو: "يتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إسرائيل باستهداف المدنيين عمدًا. ما الذي يتحدث عنه؟ لقد ألقت القوات الإسرائيلية ملايين المنشورات، وأرسلت ملايين الرسائل النصية، وأجرت مئات الآلاف من المكالمات الهاتفية لإبعاد المدنيين الفلسطينيين عن الأذى".

وتوضح المصادر، في بعض الأحيان، يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بإسقاط منشورات أو إرسال رسائل نصية إلى الفلسطينيين لتحذيرهم من نيتها مهاجمة منطقة ما. ولكن مثل هذه التدابير غالبًا ما تفشل في منع المدنيين من الوقوع في منطقة حرب، كما تجلى هذا الأسبوع عندما أصدرت القوات الإسرائيلية أمر إخلاء يؤثر على ما يقدر بنحو 400 ألف شخص في خانيونس .

وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: "صدر أمر الإخلاء في سياق الهجمات المستمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي ولم يمنح المدنيين الوقت الكافي لمعرفة المناطق التي يتعين عليهم المغادرة منها أو إلى أين يجب أن يذهبوا. وعلى الرغم من أمر الإخلاء، استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة وما حولها دون هوادة".

وأضاف المكتب: "أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي تعني أن العديد من الناس في غزة اضطروا إلى الفرار مرارًا وتكرارًا"، وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال أندريا دي دومينيكو، رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إن 90% من سكان غزة اضطروا إلى الفرار مرة واحدة على الأقل، وأن العديد منهم نزحوا ما يصل إلى 10 مرات. وفي حين صنف الجيش الإسرائيلي مناطق معينة مثل المواصي على أنها "مناطق إنسانية"، فقد تعرضت مناطق تم تصنيفها سابقًا على أنها آمنة لغارات جوية.

وتشير تقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى أن أكثر من 80% من إجمالي مساحة قطاع غزة "أصبحت تحت أوامر الإخلاء أو تم تصنيفها كمنطقة محظورة".

وقال الفلسطينيون ومنظمات الإغاثة مرارًا وتكرارًا إن لا مكان آمن في غزة. ووصف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أوامر الإخلاء الجماعي بأنها "مربكة". وقالوا إن هذه الخيارات "تضع المدنيين في خطر أكبر وقد تزيد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين".

  1. المفاوضات مع حماس

قال نتنياهو: إن "الحرب في غزة قد تنتهي غدًا إذا استسلمت حماس ونزعت سلاحها وأعادت كل الرهائن، ولكن إذا لم تفعل ذلك فإن إسرائيل ستقاتل حتى ندمر القدرات العسكرية لحماس وننهي حكمها في غزة ونعيد كل رهائننا إلى ديارهم".

ولم يأت نتنياهو في خطابه على ذكر وقف إطلاق النار، رغم أنه أشار إلى المفاوضات الجارية. و"أشاد بالعملية العسكرية الإسرائيلية التي استعاد الاحتلال فيها أربعة أسرى، لكنها قتلت 274 فلسطينيًا على الأقل الشهر الماضي".

وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن هناك نحو 114 أسيرًا متبقين في غزة، على الرغم من أن هذا يشمل عددًا غير معلوم من الأسرى القتلى.

وأكد نتنياهو، الذي وعد خلال خطابه بتحقيق "نصر كامل"، أن الضغط العسكري فقط على حماس سوف يدفعها إلى التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار. كما أصر على أن القوات الإسرائيلية سوف تظل في غزة على المدى الطويل وأن تكون قادرة على مواصلة القتال حتى لو وافقت على وقف مؤقت للأعمال العدائية.

ويتهم الذين لديهم معرفة وثيقة بمفاوضات التبادل، وعدد كبير من الإسرائيليين وحتى بعض عائلات الأسرى، نتنياهو بالوقوف في طريق التوصل إلى اتفاق.

وبحسب استطلاع للرأي نشرته القناة الـ12 الإسرائيلية قبيل سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن، يعتقد ثلثا الجمهور الإسرائيلي أن إعادة الأسرى أكثر أهمية من استمرار القتال في غزة، وأن "النصر الكامل" لنتنياهو غير مرجح.

وقال المفاوض الإسرائيلي السابق غيرشون باسكين: "لقد أسفر الضغط العسكري الذي استمر لأكثر من تسعة أشهر عن مقتل رهائن والعديد من المدنيين الفلسطينيين. لذا، يجب إبرام صفقة الآن!".

وأضاف أن المفاوضين الإسرائيليين يجب أن يختتموا المفاوضات "ويعرضوها على الشعب حتى يعرف الجميع أن رئيس الوزراء هو الذي يعرقل الصفقة".

وقبيل خطاب نتنياهو، أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية، أمس الأربعاء، بإرجاء زيارة وفد التفاوض الإسرائيلي إلى الدوحة لإجراء مباحثات حول التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس إلى الأسبوع المقبل.

واستنكرت عائلات الأسرى المحتجزين في غزة خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي للموافقة على صفقة لتأمين إطلاق سراحهم.

  1. مزاعم 7 تشرين الأول/أكتوبر

تطرق خطاب نتنياهو إلى مزاعم عن قطع رؤوس في يوم عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقتل أطفال أمام ذويهم.

وكشفت عشرات التقارير زيف مزاعم نتنياهو التي عمل على الترويج لها خلال الأيام الأولى من الحرب على غزة، التي استمر في تكرارها أمام الكونغرس الأميركي.

ودارت التحقيقات الإعلامية والحقوقية، على كشف عن إشكالية الشهادات التي قدمت، وبالأخص من قبل طواقم الإسعاف ومنظمة زاكا، التي حاولت جمع تبرعات مالية بناءً على مزاعم كاذبة.

  1. المدنيون في رفح

في خطابه أمام الكونغرس، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه خلال زيارته الأخيرة إلى رفح، عندما سأل عن عدد المدنيين الذين قتلوا في رفح، أخبر: "لم يقتل أحد تقريبًا، باستثناء حادثة واحدة حيث أصابت شظايا من قنبلة مستودع أسلحة لحماس وقتلت عن غير قصد عشرين شخصًا".

هذا الادعاء في حد ذاته "كاذب ويمكن التحقق منه، فقد أسفرت الضربات المتعددة في رفح عن سقوط ضحايا من المدنيين"، كما أكدت تقارير إعلامية.

تشير تقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى أن أكثر من 80% من إجمالي مساحة قطاع غزة "أصبحت تحت أوامر الإخلاء أو تم تصنيفها كمنطقة محظورة"

أمّا المجزرة التي تحدث عنها نتنياهو، وقعت في أيار/مايو الماضي، وأسفرت عن استشهاد 45 فلسطينيًا على الأقل في مخيم للنازحين الفلسطينيين. وأسفرت الغارة الجوية عن إصابة أكثر من 200 شخص بعد اندلاع حريق في المخيم في أعقاب الغارة، معظمهم من النساء والأطفال.

وفي الأسبوع نفسه الذي شهد تلك الضربة، استشهد ما لا يقل عن 29 فلسطينيًا في هجومين إسرائيليين منفصلين على مخيمات للنازحين في رفح.