24-يوليو-2024
نتنياهو أمام الكونغرس

وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين، في خطاب ألقاه أمام الكونغرس الأميركي اليوم الأربعاء، رؤيته لما بعد الحرب بأنها "غزة منزوعة السلاح وخالية من التطرف، مع القضاء على حماس، واحتفاظ إسرائيل، في المستقبل المنظور بالسيطرة الأمنية الشاملة على المنطقة"، بشكل يخالف مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، ودعا واشنطن إلى دعم تل أبيب في حربها المستمرة على غزة. 

وجاء خطاب نتنياهو وسط مقاطعة نحو 100 نائب وسيناتور ديمقراطي الجلسة، ومظاهرات واسعة في محيط الكونغرس تندد بزيارته، وفي الحرب على غزة. 

هاجم نتنياهو المحتجين على الحرب في غزة، واصفًا إياهم بأنهم "أغبياء تستفيد منهم إيران"

وقال بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستحقق "نصرًا كاملًا" ولن تقبل "بأقل من ذلك". ويقول إن "النصر الكامل يعني أن إسرائيل ستقاتل حتى تدمر القدرة العسكرية لحماس، وتنهي حكمها في غزة، وتعيد جميع الرهائن إلى ديارهم"، وفق تعبيره.

وينتقل نتنياهو إلى الحديث عن غزة ما بعد الحرب، ويقول إن "غزة جديدة قد تظهر في اليوم التالي لهزيمة حماس". وأضاف أن "رؤيته لغزة ما بعد الحرب هي غزة منزوعة السلاح وخالية من التطرف"، مضيفًا: إن "إسرائيل لا تسعى إلى استيطان غزة. ولكن في المستقبل المنظور، يتعين علينا أن نحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة هناك لمنع عودة الإرهاب، ولضمان عدم عودة غزة إلى فرض أي تهديد على إسرائيل".

وتابع نتنياهو قوله إن غزة يجب أن تكون لها إدارة مدنية "يديرها فلسطينيون لا يسعون إلى تدمير إسرائيل" وأن الجيل الجديد من الفلسطينيين "لا ينبغي أن يتعلموا بعد الآن كراهية اليهود".

وأشار نتنياهو إلى أن مصطلحي "نزع السلاح" و"القضاء على التطرف" تم تطبيقهما على ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وأن تطبيقهما على غزة "يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مستقبل من الأمن والازدهار والسلام". ويقول نتنياهو: "هذه هي رؤيتي لغزة".

فيما هتفت عائلات الأسرى الإسرائيليين بكلمة "العار" بالتزامن مع كلمته، كما أفادت القناة 12 الإسرائيلية أن شرطة الكونغرس اعتقلت 3 من أفراد عائلات الأسرى الإسرائيليين بسبب ارتداء قمصان كتب عليها "الصفقة الآن".

وبدأ نتنياهو خطابه، وسط تصفيق الحاضرين، وقال إن الشرق الأوسط يشهد صراعًا بين "البربرية والحضارة"، داعيًا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى الوقوف معًا لتحقيق النصر.

وخلال الخطاب، قال نتنياهو إن "القدس ستبقى عاصمة أبدية لإسرائيل ولن تقسم مرة أخرى".

أهالي الأسرى الإسرائيليين
أهالي الأسرى الإسرائيليين بعد اعتقالهم لارتداء قميص "الصفقة الآن"

وهاجم المحتجين على الحرب في غزة، واصفًا إياهم بأنهم "أغبياء تستفيد منهم إيران"، وزاعمًا أن طهران تموّل هذه التظاهرات. واعتبر نتنياهو أن إشادة طهران بالمحتجين تدل على أنهم أصبحوا "حمقى تستفيد منهم إيران".

وزعم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يقتل أيّ مدني في رفح. وأضاف أنه يتطلع إلى "تحالف جديد في الشرق الأوسط يكون امتدادًا لاتفاقات أبراهام"، وأضاف أن تل أبيب تسعى إلى حكومة مدنية في غزة يقودها فلسطينيون لا يعادون إسرائيل

وخلال خطابه، تلعثم نتنياهو وقال جملة "النصر على الحرية" قبل أن يصحح نفسه، ويقول "النصر على الطغيان".

واستغرق خطاب نتنياهو حوالي ساعة، وبحسب تقديرات فقد كان "محاولة لصرف الانتقادات الموجهة لإسرائيل من خلال تأطير حربها على أنها معركة وجودية من أجل بقائها في محاولة للحفاظ على الدعم الأميركي من الحزبين".

وجاء في صحيفة "الواشنطن بوست": "نظرًا لرد فعل الديمقراطيين في المجلس، والعشرات الذين قاطعوا، يبدو من غير المرجح أن يكون خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد فعل أي شيء لتغيير الديناميكيات في الولايات المتحدة بشكل جذري".

ويعد هذا الخطاب الرابع لنتنياهو أمام الكونغرس، وهو رقم قياسي لزعيم أجنبي. ورغم أنه لم يتلقَ دعوة من البيت الأبيض، فقد حضر بدعوة من القادة الجمهوريين في الكونغرس، بينما شارك بعض القادة الديمقراطيون رغم معارضتهم. 

واستخدم بنيامين نتنياهو خطابه أيضًا للإشادة بدونالد ترامب، وقال إنه يريد أن يشكر الرئيس السابق "على قيادته في التوسط في اتفاقيات إبراهيم التاريخية".

وشكر ترامب على "الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان"، و"مواجهة العدوان الإيراني" و"الاعتراف بالقدس عاصمة ونقل السفارة الأميركية إليها".

وقال نتنياهو إن الإسرائيليين شعروا "بالارتياح" عندما "خرج ترامب سالما من محاولة الاغتيال الخسيسة" التي استهدفته.

النائبة الأميركية رشيدة
النائبة الديمقراطية من أصول فلسطينية رشيدة طليب ترفع لافتة مكتوب عليها "مجرم حرب" كلما كان هناك تصفيق خلال خطاب نتنياهو

واتهم نتنياهو إيران بأنها "السبب الجذري وراء كل الحروب والفوضى والإرهاب في الشرق الأوسط"، مؤكدًا أن "الولايات المتحدة وإسرائيل مرتبطتان بشكل لا ينفصم في معركة لهزيمة إيران". وأشار إلى أزمة الرهائن في إيران عام 1979. كما وصف حرب  إسرائيل "ضد حماس وحزب الله وغيرهما من المنظمات المدعومة من إيران بأنه خدمة بطولية ليس فقط للدفاع عن إسرائيل بل وأيضًا عن أميركا".

وتأتي زيارة نتنياهو في ظل توتر بينه وبين إدارة بايدن، التي انتقدها نتنياهو علنًا رغم الدعم الكبير الذي قدمته لإسرائيل خلال الحرب. وقد غابت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، عن الجلسة، فيما ندد عدد من الديمقراطيين بالحرب على غزة التي أودت بحياة أكثر من 39 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال.

وأعرب نتنياهو في خطابه عن نيته القضاء على حركة حماس، محذرًا من التهديد الإيراني بعد الهجوم غير المسبوق من طهران على إسرائيل في 13 نيسان/أبريل. في المقابل، يضغط الرئيس بايدن على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق بوساطة أميركية وقطرية ومصرية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وهو ما يعارضه نتنياهو تحت ضغط من شركائه في الحكومة الذين يهددون بتفكيك الائتلاف في حال موافقته.

وفي مسعى لربط حرب إسرائيل على غزة بمصير أميركا، قال نتنياهو للمشرعين الأميركيين إنه إذا لم تفز إسرائيل بمعركتها، فإن "أميركا ستكون التالية... وسأخبركم بما هو التالي أيضًا: قدرة كل الديمقراطيات على مكافحة الإرهاب"، على حد تعبير نتنياهو، مضيفًا: "هذا هو ما هو على المحك".

ووصف نتنياهو الاتهامات المحتملة التي قد توجهها المحكمة الجنائية الدولية ضده ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بأنها "تشهير خطير". وقال إن الأمر "من شأنه أن يشكل سابقة ضارة للديمقراطيات الغربية في أماكن أخرى ويقيد أيدي الدول التي تحاول هزيمة الإرهابيين"، بحسب زعمه.

أعلام حماس
متظاهرة ترفع علم حماس أمام الكونغرس الأميركي

ورغم التصفيق الذي تلقاه نتنياهو داخل أروقة الكونغرس، إلا أن متظاهرين بمحيط الكونغرس رفعوا أعلام حركة حماس وصور أبو عبيدة. 

وقال بنيامين نتنياهو إنه "واثق" من أن الولايات المتحدة وإسرائيل "ستنتصران على الطغاة والإرهابيين" الذين يهددون البلدين.
وأضاف أنه بصفته رئيس وزراء إسرائيل، يتعهد بأن إسرائيل "لن تتراجع" أو تنحني، بغض النظر عن "مدى صعوبة الطريق أمامها".

ويقول إن إسرائيل ستواصل العمل مع الولايات المتحدة وشركائها العرب في "المهمة النبيلة" المتمثلة في "تحويل منطقة مضطربة" مليئة "بالقمع والفقر والحرب" إلى "واحة من الكرامة والازدهار والسلام"، وفق تعبيره.

وقال نتنياهو إن إسرائيل ستظل دائمًا حليفًا "لا غنى عنه" و"صديقًا مخلصًا" و"شريكًا ثابتًا" لأميركا في السراء والضراء.

واستمر في القول: "شكرًا لك يا أمريكا. شكرًا لك على دعمك وتضامنك. شكرًا لك على وقوفك إلى جانب إسرائيل في وقت حاجتنا. معًا، سندافع عن حضارتنا المشتركة معًا، وسنضمن مستقبلًا باهرًا لكلا أمتينا".

شكر الرئيس الأميركي بايدن، كما شكر نتنياهو الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي من المقرر أن يلتقيه هذا الأسبوع لأول مرة منذ ترك ترامب منصبه. وشكر ترامب على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس -وهي الخطوة التي تجنبها رؤساء الولايات المتحدة لعقود من الزمن للحفاظ على إمكانية حل الدولتين- وعلى اتفاقيات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد قليل من الدول العربية.