منذ نحو عشر سنوات باتت المعاناة مع الكهرباء بمثابة "الهوية" التي تُعرف بها مدينة طولكرم، يحدث ذلك صيفًا وشتاءً، فلا تمر أشهر إلّا وأخبار انقطاع التيّار الكهربائي تتصدّر صفحات السوشال ميديا والمواقع الإلكترونية، والسبب دائمًا "أحمال زائدة" و"انفجار في محوّلات كهرباء الضغط العالي" وهو ما وثّقه ناشطون في مقطع فيديو انتشر بشكل واسع.
نزل الأهالي إلى الشوارع احتجاجًا على انقطاع الكهرباء المستمر في ظل موجة الحر، ونسبة الرطوبة العالية في طولكرم
الأحمال الزائدة وما تسببه من انقطاع متكرر للكهرباء في المدينة الواقع شمال الضفة الغربية، دفع عددًا من أعضاء المجلس البلدي هذه المرة، لتقديم استقالاتهم احتجاجًا على عدم حلّ المشكلة التي باتت تتفاقم هذه الأيام، في ظلّ موجة الحرّ الحالية.
وقال سهيل سلمان نائب رئيس بلدية طولكرم أحد الأعضاء الذين قدموا استقالتهم إن ثلاثة أعضاء قدّموا استقالاتهم، والعدد مرشّح للارتفاع. وأشار إلى أنّ "الاستقالات أداة احتجاجية على الإجراءات والوعود غير الدقيقة التي يتلقاها المجلس البلدي في طولكرم"، بعد أن باتت المشكلة تتفاقم يومًا إثر آخر، إذ انقطعت الكهرباء عن الخط رقم 2 الذي يغذي نصف المدينة والضواحي والمخيمات لمدة 16 ساعة رغم أن إصلاحه يحتاج فقط 20 دقيقة.
وأوضح سلمان في حديثه لـ "الترا فلسطين" أنّ الجهات الرسمية أبلغتهم أن الإسرائيليين رفضوا التنسيق لحلّ المشكلة، لافتًا إلى أنّ هذا الجواب تبلّغوا به من قبل "سلطة الطاقة"، وهو الأمر الذي اعتبره بمثابة "حجج واهية" لأنّ من المفروض حدوث "ضغط أكبر على الإسرائيليين، وليس مجرد اتصال.. هذه حياة ومصالح تجارية تتعطل".
نائب رئيس بلدية طولكرم: الاحتلال يتحمل المسؤولية الأولى في مشكلة الكهرباء، ولكن الجهات الرسمية الفلسطينية تعطي وعودًا ولا تنفذها
وبحسب سلمان فإن بلدية طولكرم لا تنسّق مع الإسرائيليين بخصوص الكهرباء، ومن يقوم بالتنسيق هم "سلطة الطاقة" الذين اتهمهم بعدم المتابعة لإصلاح الخلل في ظلّ أن المدينة تتوسع بشكل يومي، وحاجتها للكهرباء تزيد، الأمر الذي يجعل "الحلول الترقيعية" كما يحدث عادة، أمرًا لا يسهم في حل المشكلة، هذا بالإضافة إلى أنّ هناك "وعودًا لا تُنفّذ"، كما أنّ الحكومة والجهات المسؤولة عليها القيام بدور أكبر من الذي تقوم به كي لا تتحوّل طولكرم إلى "مدينة أشباح" مثلما حصل ليلة العيد، حين كانت المدينة ومحالها التجارية معتمة، الأمر الذي كبّد التجّار خسائر جمّة لأن "أهل المحافظة هربوا إلى مدن ثانية للتسوق".
ويتّهم سلمان "المسؤولين" بأنهم يتذرعون بأنه لا يوجد لدى الشركة الإسرائيلية مخارج كهرباء لطولكرم، لكنّه يشير إلى أنه تم منح (5 ميجا واط) لمعمل حجر (كسارة) كونها "تبيع منتجاتها للإسرائيليين" وفق قوله، وهذه الكهرباء "كان من الممكن أن تغذي المدينة هذا الصيف".
اقرأ/ي أيضًا: طولكرم: 12 ساعة بدون كهرباء
وحول تشغيل نظام الطاقة الشمسية ومدى إسهامه في حل مشكلة الكهرباء في المدينة، قال سلمان، إنّ هذا يخفف جزءًا من الإشكالية، ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه طاقة نهارية، ويمكن أن تساهم بحل المشكلة نهارًا، ولكنها لا تخزن الطاقة حتى الليل، وفق قوله.
وأشار إلى أنّ "الكهرباء الموجودة لا تكفي طولكرم المشغّلة على 28 ميجا واط، وهي بحاجة لـ11 ميجا أخرى، حتى تصل لمرحلة لا يتم فيها تشغيل مولدات الكهرباء في الشوارع، فـ "البلد كلها مولدات حاليًا".
من جهته، يقول رئيس سلطة الطاقم ظافر ملحم، إنهم يسعون لحل شكلة انقطاع التيار في طولكرم، ويعملون من داخل بلدية طولكرم للمساعدة في التخفيف من الانقطاعات التي تحدث في المدينة، نتيجة الطلب الكبير على الكهرباء بسبب ارتفاع الحرارة والرطوبة.
وأشار إلى أنهم وكحل مبدأي طالبوا المؤسسات الكبيرة التي تتوفر لديها مولدات كهرباء احتياطية بتشغيلها من أجل التخفيف من نقص الكهرباء، على أن تدفع سلطة الطاقة ثمن المحروقات لتشغيل تلك المولدات.
وأوضح أنه "لا أحد يستهدف طولكرم" وأنّ الجهد الذي تبذله الحكومة وسلطة الطاقة في طولكرم لم تقم به في أي مدينة أخرى، وهناك عدة محاور قمنا بها لتزويد المدينة بالكهرباء، وجرى تحويل كامل للشبكة داخل طولكرم إلى 33 كيلو/فولت بدل 22 كيلو/فولت على نفقة الحكومة، وهي مشاريع طارئة تندرج في إطار معالجة مشكلة الكهرباء.
ملحم: زيادة الأحمال في طولكرم تصل في الأيام العادية إلى 20 ميغا/واط وتصل هذه الأيام حالي 40 ميغا/واط وتغطيتها ليست هيّنة
ويرى ملحم أن طولكرم بحاجة لحوالي 25-30 ميغا واط، والعجز كان بنسبة 10% بحوالي 9 ميغا/واط لسد احتياجات الطاقة، لكن النمو السكاني في المدينة زاد الطلب على الكهرباء بشكل كبير، ونعمل على تزويدها بحوالي 42 ميغا/واط، وفي حال الحصول على موافقة الجانب الإسرائيلي فسيتم حل مشكلة الكهرباء خلال ثلاثة أشهر، ولمدة ستكون كافية للسنوات العشر المقبلة.
وأضاف: عملنا على حل مشكلة الكهرباء من خلال منح رخص لبناء محطات طاقة شمسية، وقبل أيام تم شبك مشروع بقدرة 1 ميغا/واط سيساهم في التخفيف من الأزمة، وستتم في المرحلة الثانية زيادة 1 ميغا/واط إضافية، ولدينا رخصة مؤقتة لبناء محطة طاقة شمسية، ونتمنى أن يتم بناء هذا المشروع الذي سيوفر مصدرًا للطاقة النظيفة في طولكرم.
اقرأ/ي أيضًا:
طولكرم.. جحيم الحرّ وانقطاع الكهرباء
رجل الإصلاح داود الزير لـ الترا فلسطين: قضية نزار بنات لا تحل عشائريًا