منذ أن أتيت إلى بكين (العاصمة الصينية) قبل عام ونصف تقريبًا، وأشعر بحالة من الاكتئاب حيال الصيني الذي يوقفني مبادرًا بسؤاله: من أين قدمت؟ ما هي جنسيتك؟ رغم أنّ الإجابة بحدّ ذاتها، تشكّل مصدر فخر وفرح لي.
فلسطينيّة في بكين، تُسأل: من أين أنتِ؟ فتقول: فلسطين.. خمّنوا ماذا يعرف الصينيون عن فلسطين..
عندما أجيب أنّي فلسطينية، عليّ أن أقول بلغتهم (巴勒斯坦) وتعني فلسطين، وتلفظ (بالوسي تآن).
لا يتردد الصيني ويقول مباشرة، إنّه يعرفها.
أشعر بالانتعاش، ثم أسمعه يدندن (باكستان)! أدرك وقتها أنّه لم يفهم ما أردته، فأشرح له أني قصدت فلسطين، لا غيرها.
ردود الفعل اتجاه إجابتي تتوزع على ثلاثة أشكال، لم أجد لها رابعًا بعد!
الفئة الأولى تقول لي إنها لم تسمع ببلدي أبدًا. أحاول التحايل فأضيف لهم أنّي عربية، على أمل أن أقرّب الصورة، ولكنّهم لا يعرفون شيئًا عن العرب وامتدادهم. هذه الفئة منتشرة.
فئة ثانية، عندما أجيبهم، يقولون إنهم سمعوا بفلسطين. أفرح هنيهة، ولكن صدمة تحل عليّ عندما يكملون معي الحوار، ويقولون إنهم سمعوا (أن فلسطين احتلت دولة إسرائيل وسرقت ثرواتها)! هذه الفئة قليلة.
الفئة الثالثة وهي قليلة جدًا -حسب ملاحظتي- تعرف بلدي. وأقصى ما يعرفونه (أنها تلاصق بلد الثراء والنفط دبي)!
أعرف حجم الانغلاق الذي يعشيه الشباب الصيني، وأدرك أن السلطات في هذه البلد تمنع عددًا من وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك مثلًا، وتفرض قيودًا على استخدام عدد آخر... حتى أني أصعق باعتقاد بعض سكان هذه المنطقة بأن العالم لا يضم دولًا غير جمهوريتهم العظيمة!
لكن هذا لا يغيّب حجم المسؤولية المترتبة علينا جميعًا، أفرادًا وجماعات، مؤسسات ووسائل إعلام، أينما كنا، بضرورة التعريف ببلادنا فلسطين: تاريخها وثقافتها ولغتها وحدودها وكل شيء.
بكين هي عاصمة الجمهورية الصينية، وأكبر المدن فيها؛ وتقول الإحصائيات الرسمية إن 23 مليون شخص (بمن فيهم الأجانب) يقيمون على أرضها. ومن أهم معالمها: المدينة المحرمة ومعبد السماء وسور الصين العظيم والقصر الصيفي.
اقرأ/ي أيضًا: