على مدار أربعة أيام من المسير، قطَعَ عدد من الشبان الفلسطينيين البلاد بشكل عرْضي من البحر حتى النهر، في تجوال بدأ مطلع شهر آب/أغسطس الجاري من قرية الزيب المهجرة قضاء عكا، وصولاً إلى بحيرة طبريا، وهي مسافة بلغت 82 كم.
بدأ التجوال من قرية الزيب المهجرة قضاء عكا، وصولاً إلى بحيرة طبريا، وهي مسافة بلغت 82 كم.
"رحالة فلسطين"، مجموعة تأسست قبل أربع سنوات، تضم اليوم حوالي 200 شابٍ وشابة من القدس والضفة الغربية، يتجولون في مختلف المناطق الفلسطينية بهدف توثيقها والتعريف بها.
يقول منسق المجموعة رمزي عباسي، وأحد المشاركين في هذا التجوال، إن فكرة مسار من "بحرها إلى نهرها" جاءت لترسيخ أن مساحة فلسطين من البحر إلى النهر، "في ظل ما نعيشه هذه الأيام من تخاذل وخيانات وتطبيع وتنازلات" حسب تعبيره.
مشى الفريق على مدار أربعة أيام حوالي 82 كم، وهو مسار "طويل نوعًا ما" قياسًا بالمسارات الاعتيادية في التجوالات الفلسطينية، لذا كانوا يمشون من 18 إلى 20 كم يوميًا، ثم يبيتون في خيام حتى صباح اليوم التالي، ويواصلون المسير.
حاول "رحالة فلسطين" في مسيرهم شمل كل ما هو جميل في شمال فلسطين وتحديدًا في منطقة الجليل الأعلى، ابتداءً من البحر الأبيض المتوسط، ثم السهول والجبال وعيون المياه والآثار والقرى المهجرة والآبار، وصولاً إلى بحيرة طبريا.
مرَّ التجوال بسهول وعيون مياه وآثار وقرى مهجرة إضافة لسكة حديد الحجاز
في اليوم الأول، خيم الفريق عند قرية الزيب المهجرة قضاء عكا التي تبعد حوالي 4 كم عن الحدود اللبنانية، ثم انطلقوا مع الفجر يعبرون وادي القرن أحد أكبر الودية في فلسطين التاريخية (44 كم).
وخلال هذا اليوم، مروا بسكة حديد الحجاز التي كانت تمر من شمال فلسطين تجاه لبنان وسوريا، ثم بأراضي قرية الكابي المهجرة التي كانت تشتهر بزراعة الموز والجوافة ويستغلها الاحتلال في هذه الزراعة حتى الآن.
يقول عباسي: "انطلقنا حتى وصلنا إلى عين مياه في واد القرن، ثم وصلنا بعدها إلى قلعة تاريخية بيزنطية في قلب الجبل وخيمنا عندها".
وخلال اليوم الثاني، مرَّ الرحالة بعدد من القرى المهجرة، كما خاضوا "مغامرة جميلة" بدخول 30 مترًا داخل نبع للمياه في الصخر عبر فتحة ضيّقة، ثم الوصول إلى قرية دير القاسي المهجرة والتخييم فيها.
أما في اليوم الثالث، فانطلق الرحالة من دير القاسي باتجاه جبل الجرمق وتسلقوا قمّته. يُبين عباسي أن "من أجمل اللحظات في المسير كانت لحظة رفع العلم الفلسطيني فوق أعلى جبل في فلسطين، وهو جبل الجرمق".
وخلال اليوم الرابع، انطلقوا من قرية نيرون المهجرة مرورًا بعدد من القرى المهجرة حتى وصلوا إلى وادي العامود، وعبروا عددًا من البيارات، ثم اختتموا المسار "بسجود النصر" عند بحيرة طبريا.
تعرض الرحالة للاعتداء والتشويش من مستوطنين في الجليل الأعلى بسبب رفعهم علم فلسطين
يُضيف عباسي، "كنا 6 أشخاص من فريق رحالة فلسطين، وتم اختيارنا على أساس الخبرة في المشي والتحمل والعمل ضمن فريق حتى إنجاز هذه المهمة".
وأفاد لـ الترا فلسطين بأنهم تعرضوا للاعتداء والتشويش من مجموعات مستوطنين خلال تجوالها في مسارات بالجليل الأعلى، حيث كان رفع العلم الفلسطيني فوق الحقائب مزعجًا لهم، مضيفًا أنهم واجهوا نقصًا في المياه في بعض الأوقات، لكنهم استطاعوا تدبر الأمور.
وخلال تجوالهم، حمل أعضاء الفريق حقيبة تحتوي على فراش للنوم وخيمة ومعدات للطبخ وغيارات، ومعدات للتصوير.
يُبين عباسي، أنهم كانوا يشرحون عبر الكاميرا وينشرون في مواقع التواصل الاجتماعي عن القرى والمناطق الفلسطينية، وقد لقي ذلك تفاعلاً "عظيمًا" حسب وصفه، مضيفًا أنه احتاج أسبوعًا كاملاً للرد على التعليقات والرسائل.
وأرسل الرحالة فيديوهات المسار لفلسطينيين مغتربين ومهجرين، بعضهم مهجرين من القرى التي مروا بها.
أرسل الرحالة فيديوهات المسار لفلسطينيين مغتربين ومهجرين، بعضهم مهجرين من القرى التي مروا بها
وأشار عباسي إلى أن شغفه بالتجول بدأ قبل خمس سنوات، حيث كان يتجول لوحده، ثم فكّر بعمل منصة لتوثيق المسارات، ليجتمع اليوم 200 شابٍ وشابة من الضفة والقدس والمدن المحتلة داخل الخط الأخضر، مشكّلين فريقًا يتجاوز الحدود التي أوجدها الاحتلال داخل الأرض الفلسطينية.
وأكد، أن "المجموعة مستقلة يجمعها حب الأرض والوطن، ولا تتقاضى أي دعم مادي من أحد، بل يتم تقسيم تكلفة المسارات على الجميع، وترحب بانضمام أي شخص ضمن شروطها".
يُذكر أن رمزي عباسي يُشارك في مسارات خارجية مع مجموعة "تسلق لأجل فلسطين" التي تأسست عام 2017، حيث تسلقوا عددًا من الجبال وثلاث قمم عالمية، وهي قمة "افريست" في نيبال، وقمة جبل كلمنجاروا في أفريقيا، وقمة جبل "إلبرس" التي تُعتبر أعلى قمة في أوروبا.
اقرأ/ي أيضًا: