11-أغسطس-2018

أثارت صور عهد  التميمي مشاعر كثيرة ليست كلها مليئة بالحب.. عزيزي القارئ هل توافقني الرأي؟

ليس لمشاعر الناس غير المليئة بالحب علاقة بالفتاة نفسها، وبشكل قد يبدو معقدًا فإن عهد ليست هي المقصودة بالمشاعر رغم أن هذه المشاعر موجهة لها ولصورها وهي تتناول البوظة ولكلماتها متحدثة عن الاحتلال، تكرار كل هذا كان ثقيلاً على قلوب البعض، وبشكل غريب تحول اهتمام الاعلام والحب المتدفق على الفتاة من المشاهير والإعلاميين إلى نقمة عليها.  

ليس لمشاعر الناس غير المليئة بالحب علاقة بعهد التميمي نفسها، وبشكل قد يبدو معقدًا فإن عهد ليست هي المقصودة بالمشاعر

حسنًا، يمكنك أن لا تكره الشخص ولكنك في ذات الوقت تكره الاهتمام المسلط عليه، هل يمكننا أن نتفق على هذا؟ لقد تحول كل الاهتمام الممنوح لعهد إلى تساؤلات عن أسباب التقصير مع غيرها. وفي مراحل متقدمة من الغضب من هذا "التحيز" للفتاة، بدأ البعض يتساءل أكثر من ذلك، البعض تساءل عن قيمة ما قدمته أصلاً، والبعض تساءل عن دور شعرها الأشقر في معادلة الاهتمام هذه، أترون معي كيف تتحول الأمور سريعًا نحو الشتم والتبخيس والتصنيف؟

اقرأ/ي أيضًا: أنا ملالا.. الفلسطينية

"ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط" قرآن كريم، وصفٌ لا يتعلق بالتعامل مع الأمور المادية، بل معادلة التوازن هذه تشمل المشاعر والوقت والاهتمام، وهذا ما فشل به الإعلام عندما أغدق على الفتاة اهتمامه فظلمها كما ظلم الكثير من الحالات التي كانت تستحق منه المتابعة لكنه لم يفعل، وهي حالات كانت تستحق أخبارًا وصورًا لإحداث ضجة حول مأساتها ولكنه لم يفعل، ولم يحاول حتى ترسيخ اسمها في ذاكرتنا كما فعل مع عهد، فلماذا لم يفعل؟

عهد قصة سهلة ومتكاملة المشاهد لا تحتاج الكثير من الجهد لتحقيق المشاهدات العالية والتفاعلات الكثيرة، والإعلام الكسول يحب ذلك. أما القصص التي تبدو معقدة أكثر ولا يملك أصحابها مقاطع فيديو مصورة ولم يحالفهم الحظ بأن يكونوا متحدثين بارعين أمام الكاميرا، فإن الإعلاميين والسياسيين وأهل الفن سيتعاملون معهم بيد مغلولة إلى العنق، مهما كانوا أذكياء أو شجعانًا ومهما كانت قصصهم حزينة أو ملهمة.

سيخشى الكثيرون البوح بمشاعرهم المتضايقة من الاهتمام الإعلامي بالفتاة، لأنهم يعتقدون أن ذلك سيصلها كرفضٍ شخصيٍ لها، وهو ليس كذلك على الأغلب إلا إذا مسها هذا الاهتمام وأثر عليها، إذا أصابها بالغرور أو حول نضالها ضد الاحتلال إلى مجرد نهم للظهور على شاشات التلفاز، إذ مس عفوية وقوفها أمام جنود الاحتلال لأن الجميع أخبرها أنها بطلة وأيقونة و"امرأة بألف رجل" إذا ظنت أن عليها أن تقول كلمات معينة أو تقف بطريقة معينة حتى تملأ الكلمات التي منحناها إياها بأفواه مبسوطة كل البسط  دون مبالاة بأن هذه الكلمات قابلة وبسهولة للتحول إلى عبء على كتف فتاة في السابعة عشر من عمرها قد تظن أن عليها دائمًا أن تقدم المزيد.

للأسف علينا أن نكتب عن هذا، عن متلازمة إفساد القصص الجميلة التي نعاني منها. في كل مرة أكتب عن ثغراتنا أتمنى أن لا تكون ثم أتذكر أن هذا مستحيل، فأتراجع عن أمنيتي وأقلصها وأتمنى أن لا تصيبنا ثغراتنا في معاقل قوتنا وأن لا تنال من قصصنا الجميلة وأن لا تحول كل شيء جميل يحدث لنا إلى مقالات كئيبة لا قيمة لها كهذه التي قرأتها للتو.


اقرأ/ي أيضًا:

هي ثورة على الخير الرديء

ذكورية حب البلاد

لقمة العيش تأكلنا