04-نوفمبر-2018

لم تعُد تُسمع أصوات الأطفال في مدينة الألعاب الكهربائية "بلموندو" في مدينة غزة، بعد أن كانت تعج بهم في أوقات سابقة، إذ شُلَّت حركة ألعابها مؤخرًا نتيجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ الحصار الإسرائيلي قبل 10 سنوات، ما كبّد أصحاب "مُدن الملاهي" خسائر مادية فادحة، وبات كابوس الإغلاق يُهدد مشاريعهم بعد أن كلّفتهم أموالاً طائلة.

عقوبات السلطة شلّتها

مدينة "بلموندو" للألعاب على شاطئ بحر مدينة غزة، فتحت أبوابها أمام الزائرين في عام 2016، بتكلفةٍ ماليةٍ بلغت مليون ونصف المليون دولار تقريبًا، لكنها بدت مهجورة وقد ملأ الُغبار مكان الأطفال خلال زيارتنا لها أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2018.

مدن الألعاب الكهربائية في غزة مهددة بالإغلاق بسبب الأزمة المالية بعد أن كلّفت أصحابها أموالاً طائلة

المستشار القانوني للمدينة وائل أبو دان، قال لنا إن المدينة تعاني وضعًا ماديًا صعبًا جراء تراجع أعداد الزائرين سواءً في رحلات عائلية أو رحلات مدرسية أو رياض أطفال.

وبيّن أبو دان أن المدينة تحتاج يوميًا إلى 1500 شيكل كمصاريف تشغيلية، فيما لا تتجاوز الإيرادات مقابل ذلك، 200 شيكل، في أحسن الأحوال.

[[{"fid":"75600","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":384,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

وأوضح أن أحوال المدينة كانت جيّدة جدًا في سنتها الأولى، واستطاعت سداد جزءٍ كبيرٍ من ديون تشغيلها، ما جعل أصحابها يتوقعون إتمام سداد الديون خلال عام 2017، إلا أن الأمور ساءت بشكل كبير جدًا بعد خصم السلطة الفلسطينية لرواتب الموظفين.

ويضيف أبو دان، "بعد أزمة الرواتب انخفضت نسبة الزائرين للمدينة بنسبة 80%، وبتنا لا نستطيع جمع ثمن السولار الخاص بمولد الكهرباء، وهنا تراكمت علينا الديون إلى أن بدأ بعض الدائنين برفع الشكاوى، وتم الحجز على مطعم المدينة من قبل المحكمة في إحدى المرات".

إنعاش فاشل

تراكمت على المدينة في شهرٍ واحدٍ فقط ديونٌ بقيمة 15 ألف شيكل ثمنًا لسولار المولد، عدا عن التراكمات الأخرى، ما دفع أصحابها لإغلاقها عدة أشهر لتفادي مزيدٍ من الديون، على أمل أن تتحسن الأحوال لاحقًا.

يُبين أبو دان أن القائمين على المدينة أعادوا ترتيب أوراقهم وافتتاح المدينة بحفلٍ كبيرٍ في شهر نيسان/إبريل 2018، موضحًا أن المدينة قدمت "سيلاً" من العروض والخصومات لتشجيع الزبائن على زيارة المدينة بصحبة أطفالهم، ولكن دون جدوى، بل شكّل الافتتاح الجديد انقلابًا عليهم.

[[{"fid":"75601","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":384,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

تراكمت الديون مجددًا وأصبح القائمون على المدينة عاجزين عن سداد أجرة المكان، البالغة 50 ألف دولار سنويًا، لدى إحدى الجهات الحكومية والتي قامت بدورها برفع دعوى قضائية بحق المالك طالبة منه عدم التعلل بحجة الحصار، وحتى عن سداد فاتورة الكهرباء التي بلغت 100 ألف شيكل، وفق ما أبلغتهم به شركة توزيع الكهرباء بغزة.

مزيد من الديون أو الفشل التام

مدينة "كيدز لاند" لألعاب الأطفال، عندما زرناها كانت هي الأخرى خالية من الزائرين؛ إلا من سيّدة كانت تُرفّه أطفالها على بعض الألعاب التي لا تعمل بواسطة الكهرباء.

[[{"fid":"75599","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":384,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

المدير العام للمدينة محمد معبد، قال لنا إن الإيرادات التي تجبيها المدينة في هذه الأوقات من خلال بعض حجوزات الرحلات المدرسية بالكاد تكفي لتوفير رواتب الموظفين العاملين في المدينة والمطعم والمرافق الأخرى الملحقة بها.

يُحمل أصحاب مدن الألعاب الكهربائية في غزة، السلطة الفلسطينية، المسؤولية الأكبر عن أزمتهم

وبين معبد أن المدينة تحتاج يوميًا إلى مبلغ 600 دولار كمصروفات تشغيلية للمدينة ومرافقها، من بينها 180 دولار تقريبًا ثمنًا لشراء سولارٍ لمولد الكهرباء فقط، "بينما نحن لا نتمكن من جباية نصف هذا المبلغ في هذه الظروف" وفق قوله.

وأضاف معبد أن الزيارات للمدينة بدأت تنخفض بالتزامن مع خصومات السلطة لرواتب الموظفين، مبينًا أن المدينة بدأت في عام 2015 بشكل جيّد جدًا، لكنها ساءت منذ منتصف عام 2017 حتى الآن.

[[{"fid":"75602","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":480,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]

وتابع، "احنا عايشين على الأمل ولا خيار أمامنا سوى مواصلة المشروع وتحمل كافة التبعات أو التوقف وخسارة المشروع بالكامل".

وفي محاولة من أصحاب "كيدز لاند" لإنعاش المدينة، تواصلوا مع مدارس ورياض أطفال لتشجيعهم على تنظيم رحلات مقابل عروض وخصومات كبيرة، وقد تكللت بعض هذه المحاولات بالنجاح، إلا أن أغلبها انتهت برسائل اعتذار لاحقًا وطلب إلغاء الحجوزات بسبب عدم اكتمال عدد الطلبة المسجلين في الرحلات.

يرى أبو دان أن المخرج لأزمة مدينتهم يأتي برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وعودة تقاضي الموظفين الحكوميين لرواتبهم.

وينطبق هذا الحال على خمس مدن ألعاب كهربائية أخرى منتشرة في قطاع غزة، وهي تخشى أن يصل بها الحال لما سبقتها إليه مدينة "الرمبو" الترفيهية مطلع العام الجاري، عندما أغلقت كتاب سيرتها الطويلة إذ كانت المدينة الأولى من نوعها في قطاع غزة.

ووفق إحصائيات، فإنه منذ فرضت السلطة إجراءاتها التضييقية على قطاع غزة، ارتفعت نسبة الفقر إلى 65%، والبطالة إلى 44%. فيما أفاد تقريرٌ صادرٌ عن اللجنة الشعبية لكسر الحصار بأن أكثر من 80% من سكان القطاع يعيشون على المساعدات الإغاثية، فضلاً عن تدني مستوى الأجور، إذ يصل متوسط دخل الفرد إلى أقل من 3 دولارات.


اقرأ/ي أيضًا:

محطات الوقود.. آخر محاولات الاستثمار في غزة

ثالوث التدمير لم يُبق رجال أعمال بغزة

تجارة الملابس بغزة تعيش أصعب أيامها