الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الشهر الحالي، مقالاً تحليليًا أعده العقيد (احتياط) دورون مينيرت، وهو الرئيس السابق لإدارة تخطيط عمليات هيئة الأركان العامة، وينشط حاليًا في منظمات حقوق إنسان، حمل عنوان: "الاستراتيجية الاستيطانية المسيانية في الضفة تعمل والجيش الإسرائيلي". والاستيطان المسياني، يُقصد به الاستيطان المدفوع باعتقاد "وجوب تكثيف الجهود بالاسيتلاء على الأراضي، وممارسة الاعتدءات لإقامة دولة إسرائيل الكاملة وتعجيل نزول المسيح المنتظر".
رأى منيريت، أن حكومة الاحتلال ليس لديها استراتيجية في الضفة الغربية، وهذا الفراغ يملؤه المتواجدون في الميدان، وهم مزيجٌ من المستوطنين والجهات العسكرية الإسرائيلية، منوهًا إلى تصريحات أدلى بها العميد شومرون والعقيد روي وزيغ لجنودهما بأن "المستوطنات والجيش واحد"
واستهلَّ مينيرت مقاله قائلاً: "بسبب تواجدي المكثف على الأرض والمحادثات مع العشرات من الناس، أستطيع أن أقرر أن شيئًا يحدث للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، فالأمور تتغير نحو الأسوأ: العنف يتصاعد بالتزامن مع اتجاه خرق القانون لحركة الاستيطان المسياني. وهو اتجاه مخطط كجزء من استراتيجية للسيطرة على المنطقة ج ودفع الفلسطينيين بعيدًا".
ورأى منيريت، أن حكومة الاحتلال ليس لديها استراتيجية في الضفة الغربية، وهذا الفراغ يملؤه المتواجدون في الميدان، وهم مزيجٌ من المستوطنين والجهات العسكرية الإسرائيلية، منوهًا إلى تصريحات أدلى بها العميد شومرون والعقيد روي وزيغ لجنودهما بأن "المستوطنات والجيش واحد". وهذا، وفقًا له، "يعكس بشكل واضح أن هؤلاء يعملون وفق استراتيجية نزع ملكية الفلسطينيين، ويحققون ذلك من خلال مزيج من العنف والوسائل القانونية".
وأكد، أن هناك تغييرًا جوهريًا في الاتجاه الاجتماعي، إذ استحوذ خريجو الصهيونية الدينية وغيرهم على المناصب القيادية في جيش الاحتلال بالضفة، بينما الضباط "الليبراليون" الذين كانوا في المستوى المتدني من الرتب ويوازنون الصورة في الماضي، أصبحوا الآن غائبين عن الوحدات الميدانية، ويظلون أضعف من أن يكون لهم أي تأثير.
وأضاف منيريت، أن القيادة العليا في هيئة الأركان الإسرائيلية تتجاهل ما يجري على الأرض، وتفضل الاهتمام بأمور "مثيرة" أكثر مثل إيران وحزب الله.
وأوضح، أن المجندات في جيش الاحتلال يواظبن على منع الرعاة الفلسطينيين من القيام بأعمال الرعي، بذريعة أن هذه المراعي مناطق تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية، في حين أن المستوطنين يعيشون في نفس المنطقة، في مزارع عائلية فردية ويرعون قطعانهم ويقيمون الأسوار ويسرقون المياه من الينابيع ويقومون بأعمال عنف أيضًا.
وتابع: "تصادر مديرية التنسيق والارتباط أيضًا (التابعة لجيش الاحتلال) ممتلكات الفلسطينيين بشكل متكرر، مثل الجرارات الزراعية وخزانات المياه التابعة للفلسطينيين، بينما ترعى الأبقار اليهودية بشكل مريح في نفس المنطقة، وتتغذى بأمان بواسطة جرار مرخص وبخط أنابيب المياه قادم من القاعدة العسكرية .وينطبق الشيء نفسه على جبال الخليل الجنوبية".
ويشير منيريت إلى أنشطة الجماعات الاستيطانية في إنشاء بؤر استيطانية، ومن بينها الحملة الكبيرة التي قام بها آلاف المستوطنين في الخليل وسلفيت ورام الله والبيرة يوم الأربعاء، مؤكدًا أن هذه البؤر ليست مزارع فردية، بل مستوطنات على مستويات أكثر رسوخًا. وهنا يذكر قصة مستوطنتين تحيطان بقرية بورين جنوب نابلس في الثمانينات من القرن الماضي، وهما "يتسهار" و"هار براخا"، حيث بادرتا في عام 2000 إلى "إرسال البؤر الإجرامية" في كل مكان، فأقام مستوطنو "هار براخا"، بؤرة "جفعات رونين"، بينما أقام مستوطنو "يتسهار" مجموعة من البؤر العنيفة، وهي: "متسبيه يتسهار"، و"جفعات ليهافا"، و"تكوما"، و"مجيد شماييم"، و"نحالا"، و"شالهفيت"، و"شلالفات ييه"، و"كومي أوري".
يشير منيريت إلى أنشطة الجماعات الاستيطانية في إنشاء بؤر استيطانية، ومن بينها الحملة الكبيرة التي قام بها آلاف المستوطنين في الخليل وسلفيت ورام الله والبيرة يوم الأربعاء، مؤكدًا أن هذه البؤر ليست مزارع فردية، بل مستوطنات على مستويات أكثر رسوخًا
يعتقد منيريت، أنه في ظل وجود حكومة "مناسبة" -حسب تعبيره- فإن هذه البؤر غير الشرعية (وفق القانون الإسرائيلي) ستتحول إلى بؤر "شرعية" وتُصبح مستوطنات مسجلة رسمية لدى الدولة وتحصل على الدعم الذي تحظى به أي مستوطنة مقامة بشكل رسمي مدعوم من الحكومة.
وواصل منيريت استعراض تعاون جيش الاحتلال والمستوطنين للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، موضحًا أن الأمر في البداية، ومنذ عقود، بدأ بقيام المستوطنين بإلحاق الضرر ببساتين الزيتون القريبة وارتكاب العنف ضد السكان الذين يحاولون زراعة حقولهم بالحجارة والهراوات، لكن تغييرًا طرأ على هذا المخطط بانضمام ذراع الجيش إلى ذراع المستوطنين، ورغم أنه "لا يوجد التزامٌ بتنسيق مسبق بين الطرفين، إلا أن ما يحدث على مدار السنوات هو تنسيق يظهر في تأمين الجنود لاعتداءات المستوطنين وحمايتهم".
ويسرد منيريت قصة كان شاهدًا عليها بداية الصيف الحالي في قرية بورين، حيث دخل مع مجموعة من النشطاء إلى القرية لمساعدة الأهالي هناك في أعمال الزراعة، وخلال ذلك هاجم المستوطنون النشطاء والمزارعين والجرار الزراعي الذي بحوزتهم، فاندلع حريقٌ، ولم يسمح الجنود لرجال الإطفاء بإخماده حتى انتهى الأمر بإحراق آلاف الدونمات.
ويشير إلى أن مستوطني بؤرة "جفعات رونين" يُكررون في كل يوم سبت مهاجمة أطراف منازل قرية بورين ورشقها بالحجارة، ويقتلعون الأشتال ويشعلون النيران في الحقول الفلسطينية، مؤكدًا أن جيش الاحتلال يقف إلى جانبهم ولا يفعل شيئًا.
ومؤخرًا، يواصل منيريت حديثه، عندما استعدَّ جيش الاحتلال -بناءً على طلب من منيريت وأصدقائه النشطاء- لمنع المستوطنين من هذه الاعتداءات، انتقلوا إلى مستوطنة "عادي عاد"، حيث قرية المغير قضاء رام الله، وأقاموا سقيفة على أرض فلسطينية خاصة، ورفض الجيش طلب النشطاء لإزالتها. أضاف: "وهكذا زراع المستوطنون أشجار الزيتون في الأرض، ووضعوا أنابيب لري الأشجار باستخدام خط مياه ينحدر من المستوطنة، وقد دافع الجيش عنهم ومنع وصول الفلسطينيين إلى أرضهم وزراعتها".