ناقش لقاءٌ خاص جمع وزير الشتات الإسرائيلي ومكافحة العداء للسامية، عَميحاي شكلي، مع مدير عام شركة التجسس الإسرائيلية الخاصة "بلاك كْيوب"، دان زورلا، إمكانية تنفيذ حملة تجسس سريّة ضد منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين - (SJP)" وهي المنظمة التي قادت الاحتجاجات ضد إسرائيل في الجامعات الأميركية والكندية منذ بداية الحرب على غزة.
ناقش لقاء حضره وزير الشتات الإسرائيلي ومدير إحدى شركات التجسس، إمكانية تنفيذ حملة تجسس ضد منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" التي قادت احتجاجات الجامعات في أميركا وكندا رفضًا للحرب على غزة
وتكشف صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيليّة عن أنّ المتحدثة باسم وزارة الشتات الإسرائيليّة صرّحت بأن شركة "بلاك كيوب" هي التي طرحت فكرة التجسس على "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" المنظمة الأميركية المناهضة للحرب على غزة، وأن الوزارة رفضت الاقتراح.
في المقابل، تقول شركة التجسس "بلاك كْيوب" التي أسسها ضابطان سابقان في الاستخبارات الإسرائيلية، إن الوزارة الإسرائيلية هي التي بادرت لطرح الفكرة، وأنّ "بلاك كيوب" رفضت التنفيذ خشية تورُّطها مع السلطات الأميركية وتأثير ذلك على قدرتها في العمل داخل الولايات المتحدة.
وتقول "ذا ماركر" إن اللقاء عُقد في نهاية حزيران/ يونيو الماضي في منزل خاص في هرتسيليا، وحضره بالإضافة إلى الوزير شيكلي ومدير عام بلاك كيوب دان زورلا، مدير عام وزارة الشتات أفي كوهين سكالي، والجنرال المتقاعد ورئيس مجلس الأمن القومي السابق غيورا آيلاند، الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الاستشارية لشركة "بلاك كيوب".
وتطرّقت الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية إلى تحذير عدد من الدبلوماسيين الإسرائيليون السّابقين من أنّ استخدام شركة تجسس خاصة ضد منظمة أميركية يمكن أن يُعتبر تعديًا على السيادة الأميركية، ويمكن أن تؤدي مثل هذه الأنشطة إلى الإضرار بعلاقات "إسرائيل" مع الإدارة الأميركية، وتشويه صورتها أمام الجمهور الأميركي.
بلاك كيوب واحدة من "أقذر شركات التجسس الإسرائيلية"، و"الخدمات" التي تقدّمها قد تكون مُظلمة وخطيرة أكثر بكثير مما يمكن تخيّله!
ويشرح الباحث والصحفي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب لـ الترا فلسطين الدور الذي تلعبه الشخصيات الرفيعة في شركة "بلاك كيوب"، بالقول إنّ الشركة التي وصفها أحد خبراء حقوق الإنسان بأنها "أقذر شركة إسرائيليّة" كان رئيس جهاز "الموساد" مائير دغان هو الرئيس الفخري لها، كما أنّ قائمة المجلس الاستشاري للشركة تضم أسماء بارزة مثل الرئيس السابق لـ"الموساد" افرايم هليفي، والقائد العام السابق للشرطة يوحنان دنينو، واللواء احتياط غيورا إيلند، وهو الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
وعن تقييمه لخطورة الأعمال التي تقوم بها "بلاك كيوب"، أجاب أبو عرقوب: "بحسب معلومات نشرت في إسرائيل، فإن الخدمات التي تقدّمها الشركة قد تكون مُظلمة وخطيرة أكثر بكثير مما يمكن تخيّله. على سبيل المثال، استهدفت عمليات الشركة الناشط الحقوقي البريطاني دانيال باليت، الذي أعدّ أبحاثًا حول الكونغو وعلاقة زعيمها بالملياردير الإسرائيلي دان غلتر، الذي جمع ثروته بفضل تجارته بالألماس بالتعاون مع كابيلا".
ويلفت أبو عرقوب إلى وجود أمثلة على تورّط شركة "بلاك كيوب" في عمليات داخل "إسرائيل"، بالقول إن الوزراء والمسؤولين والصحافيين والقضاة الإسرائيليين لم يكونوا محصّنين من عمليات الشركة التي استخدمت "فتاة إغراء" لاستدراج أحد الصحافيين ودفعه لكشف معلومات حول عمله لصالح شركة كبرى، كما بحثت عن علاقة خارج نطاق الزوجية لقاضية كانت تنظر في قضية مرفوعة ضدّ ملياردير إسرائيلي، وأيضًا نفّذت عملية استخبارية لإسقاط رئيس الحكومة ووزير المالية الأسبق يائير لابيد وعدد من كبار موظفيه عشية اتخاذهم قرارًا يُلحق الأذى بمصالح ملياردير إسرائيلي.
وعن الأساليب التي تعتمدها "بلاك كيوب" في عملياتها الاستخبارية يقول أبو عرقوب: "أحد ضباط الاستخبارات العسكرية السابقين والذي عمل في الشركة كشف أن عمله مهنة قذرة تتعلق بالضعف البشري، ويجب امتلاك قدرة على الإغراءوالإغواء والكذب والتضليل وهذا يعكس تمامًا أسلوب بلاك كيوب في تنفيذ عملياتها".
واستعرض أبو عرقوب طريقة توظيف الطواقم الميدانية داخل "بلاك كيوب" بالقول: الطواقم الميدانية هم رأس الحربة في عمل الشركة، فهم الذين يتم إرسالهم لممارسة الخداع والكذب وتمثيل الشخصيات وتشخيص نقاط الضعف ودفع الشخصيات المستهدفة لتقديم معلومات وأسرار حميمة. الشركة تضع في سلم أولويّاتها التوصّل لمعلومات عن الأشخاص المستهدفين بغض النظر عن آليات الوصول إليها.
يقول أحد موظفي الشركة: "ليس ثمة قيود فعلية. إذا كنت قادرًا على إحضار المعلومات، فإن آلية الحصول على المعلومات ليست أمرًا هامًا، لم أشعر يومًا أنهم وضعوا أمامي حدودًا في أي أمر، سواء كان ذلك في البحث والتفتيش أو من ناحية الأساليب. الذي يتطور في العمل هو من يملك الدماغ الأكثر إجرامًا، ولتحقيق أهدافهم، تقمص موظفو الشركة هويات متعددة، مثل مسؤول رفيع في بنك سويسري أو موظف في وزارة المالية لبناء قصص التغطية، وكل عميل لديه عدد من الأسماء المستعارة، وفي حال الحاجة إلى خلق شخصية جديدة، يستخدمون برمجية لصناعة الأسماء المستعارة، ثم تجهيز صورة وبطاقة ائتمان مزيفة".
وأجاب أبو عرقوب على كيفيّة تدريب الطواقم الميدانية على تنفيذ العمليات بالقول: "الشركة تخضع عناصرها الميدانية لدورات لإتقان فن المكياج والتنكر. وقد نشر التحقيق صورًا للمدير العام لبلاك كيوب، دان زورلا، مع طاقمه أثناء تدريبهم على استخدام مواد تنكريّة".
وبخصوص كبرى العمليات التي نفذتها "بلاك كيوب" أشار إلى أنّها كانت لصالح رئيس جمهورية الكونغو السابق جوزيف كابيلا، والتي بدأت في نهاية عام 2015 واستمرت حتى 2017، وكرّست لها الشركة أفضل محلليها، وكان دان زورلا (مدير عام الشركة) يتواصل بشكل شخصي مع كابيلا. وقد أظهرت التحقيقات أن "بلاك كيوب" قدّمت جهاز "شاباك" خاص لأغراض كابيلا، وجلبت له معلومات حول رجال المعارضة الذين يشكّلون خطرًا على نظامه.
وجنت الشركة الإسرائيلية الملايين من عملها لدى كابيلا، وتلقى الموظفون العاملون في "المشروع القذر" كما وصفه أحد موظفي الشركة السابقين، رواتب بمئات آلاف الشواكل، وقد جنّدت الشركة لهذا المشروع عباقرة من وحدة 8220، المتخصصين في اختراق الحواسيب، والتصنّت على الهواتف، وتعقّبها، وتحديد أماكن تواجد الأشخاص، خصوصًا المسؤولين الحكوميين والمعارضين.