تستخدم إسرائيل أوامر الإخلاء لمواصلة "التهجير القسري المتعمد والجماعي" للمدنيين الفلسطينيين في غزة، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش، والذي يقول إن هذه السياسة ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وأضافت المنظمة أنها جمعت أدلة تشير إلى "جريمة حرب تتمثل في النقل القسري [للسكان المدنيين]"، ووصفتها بأنها "انتهاك خطير لاتفاقيات جنيف وجريمة بموجب نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية".
دعت هيومن رايتس ووتش إلى التحقيق في سياسة التهجير القسري التي تنتهجها إسرائيل من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وحثت أيضًا على فرض عقوبات مستهدفة ضد إسرائيل بما في ذلك وقف مبيعات الأسلحة
ويأتي نشر التقرير وسط أدلة متزايدة على أن إسرائيل تعمل على تسريع جهودها لتقسيم قطاع غزة إلى نصفين من خلال إقامة منطقة عازلة، وبناء بنية تحتية جديدة لدعم الوجود العسكري لفترة طويلة، مع زيادة وتيرة عمليات الهدم والتدمير.
ودعت هيومن رايتس ووتش إلى التحقيق في سياسة التهجير القسري التي تنتهجها إسرائيل من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وحثت أيضًا على فرض عقوبات مستهدفة ضد إسرائيل بما في ذلك وقف مبيعات الأسلحة.
وقال التقرير الذي أعدته مجموعة حقوق الإنسان الدولية البارزة، تحت عنوان "يأسون، جوعى، ومحاصرون": إن "التهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل للفلسطينيين في غزة، أدى إلى واحدة من أكثر سياسات إسرائيل إثارة للجدل، أي استخدام أوامر الإخلاء، التي أدت إلى نزوح جماعي داخل غزة، مع تهجير العديد من الناس في مناسبات متعددة".
وقد أدى ذلك إلى نزوح أكثر من 90% من السكان ــ 1.9 مليون فلسطيني ــ والتدمير الواسع النطاق لجزء كبير من غزة على مدى الأشهر الثلاثة عشر الماضية.
ويتناقض تقرير هيومن رايتس ووتش بشكل صارخ مع التقييم الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن إسرائيل لم تنتهك القوانين الأميركية بشأن منع إمدادات المساعدات بعد انقضاء مهلة الثلاثين يومًا التي منحتها لإسرائيل لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة أو المخاطرة بقطع بعض المساعدات العسكرية عنها.
وتنص اتفاقية جنيف الرابعة على أنه لا يجوز تهجير المدنيين في الأراضي التي تحتلها دولة متحاربة إلا في ظروف استثنائية "لأسباب عسكرية ملحة" أو لأمن السكان، وتتطلب ضمانات وإقامة مناسبة لاستقبال المدنيين النازحين. وتنص المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن النزوح الداخلي أيضًا على أنه في جميع الظروف يجب على أطراف النزاع "منع وتجنب الظروف التي قد تؤدي إلى تهجير الأشخاص".
ورغم هذه الظروف، استخدمت إسرائيل مرارًا وتكرارًا أوامر الإخلاء، في لبنان وكذلك في غزة، لتهجير المدنيين قسرًا، رغم أن أوامر الإخلاء لا تتمتع بأي وضع قانوني.
وخلص التقرير إلى أنه "بدلًا من ضمان أمن المدنيين، تسببت أوامر الإخلاء العسكرية في أضرار جسيمة، ومن الواضح أن إسرائيل لم تخلي المدنيين الفلسطينيين في غزة من أجل أمنهم، لأنهم لم يكونوا آمنين أثناء عمليات الإخلاء أو عند وصولهم إلى مناطق آمنة محددة. كما لم تزعم إسرائيل بشكل مقنع أن لديها ضرورة عسكرية لإجبار معظم المدنيين الفلسطينيين على ترك منازلهم".
وبموجب القانون الدولي، فإن إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة في غزة، ملزمة قانونًا بتسهيل عودة النازحين إلى ديارهم في المناطق التي توقفت فيها الأعمال العدائية.
وبدلًا من ذلك، تقول التقارير إن إسرائيل "حولت مناطق واسعة من غزة إلى مناطق غير صالحة للسكن" من خلال تنفيذ عمليات الهدم، وتدمير البنية التحتية المدنية عمدًا أو إلحاق أضرار جسيمة بها، بما في ذلك المدارس والمؤسسات الدينية والثقافية، بما في ذلك بعد توقف الأعمال العدائية إلى حد كبير في المنطقة.
▶️ مباحثات لوقف الحرب وإنشاء منطقة عازلة في #لبنان.. فهل يقبل حزب الله بالانسحاب لما وراء الليطاني؟ pic.twitter.com/BZm22mfBTU
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) November 14, 2024
وأضافت هيومن رايتس ووتش، أن التهجير الدائم للمدنيين بهدف إنشاء مناطق عسكرية عازلة داخل قطاع غزة من شأنه أن يرقى أيضًا إلى مستوى التطهير العرقي.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة تقوم بإخلاء مناطق واسعة بهدف واضح هو البقاء داخل القطاع حتى نهاية عام 2025 على الأقل.
وقالت ناديا هاردمان، الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: "لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تدعي أنها تحافظ على سلامة الفلسطينيين بينما تقتلهم على طول طرق الهروب، وتقصف ما يسمى بالمناطق الآمنة، وتقطع الغذاء والمياه والصرف الصحي. لقد انتهكت إسرائيل بشكل صارخ التزامها بضمان قدرة الفلسطينيين على العودة إلى ديارهم، فقامت بتدمير كل شيء تقريبًا في مناطق واسعة".