ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الخميس، أن قوات الاحتلال أطلقت النار على قوافل مساعدات تابعة للأمم المتحدة في شمال غزة أربع مرات على الأقل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما أدى إلى تضرّر المركبات وكاد أن يصيب الموظفين داخلها.
وأشارت الصحيفة إلى حادث وقع في 9 أيلول/سبتمبر، حيث احتجز جيش الاحتلال قافلة تابعة للأمم المتحدة لمدة 7 ساعات ونصف تحت تهديد السلاح، بزعم وجود "مطلوبين" بين الأشخاص الموجودين في المركبات.
ووفقًا لمسؤول في الأمم المتحدة، فإن الجنود الإسرائيليين قاموا بتطويق المركبات وتوجيه أسلحتهم نحوها، متهمين الموظفين بأنهم "إرهابيون". وتعتبر هذه الحوادث جزءًا من مناخ من عدم الثقة، حيث يسيطر الجنود الإسرائيليون بشكل كبير على المعابر التي يجب على العاملين الإنسانيين عبورها لدخول شمال غزة. وهذا التحكم الكبير في المعابر يعزز التوترات، خاصة مع عدم وجود عقوبات فعلية على الجنود الذين ينتهكون الحقوق الإنسانية، بحسب المسؤول الأممي.
رغم العديد من المناشدات لتحسين قنوات الاتصال والتنسيق بين قوات الاحتلال والعاملين الإنسانيين، لم يشهد العاملون في الأمم المتحدة تغييرات جوهرية في هذا الصدد
وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كثّفت ضغوطها على إسرائيل في الأيام الأخيرة، محذرة من اتخاذ تدابير عقابية قد تشمل تعليق المساعدات العسكرية إذا لم يتم تحسين تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة خلال شهر. يأتي هذا الضغط نتيجة لتزايد التقارير التي تشير إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن غزة باتت "أخطر مكان في العالم" للعاملين الإنسانيين.
وأفادت منظمات الإغاثة بأن أكثر من 280 من موظفي الأمم المتحدة استشهدوا جرّاء الهجمات الإسرائيلية على قوافل المساعدات ومخازنها وحتى منازل العاملين في مجال الإغاثة. وتقول تلك المنظمات إن بعض العاملين قُتلوا أو جُرحوا باستخدام أسلحة أميركية. كما ذكرت الأمم المتحدة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت العاملين الإنسانيين رغم وضوح العلامات التي تدلّ على كونهم ضمن فرق الإغاثة الإنسانية.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى حادثة بارزة وقعت في 21 تموز/يوليو، عندما تعرّضت قافلة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وعدة وكالات أممية أخرى لإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال أثناء انتظارها التصريح بالمرور من منطقة "وادي غزة" باتجاه نقطة تفتيش إسرائيلية. وأُصيبت إحدى المركبات بخمس رصاصات، وفي حادثة مماثلة يوم 23 تموز/يوليو، تعرّضت مركبتان تابعتان لمنظمة "يونيسف" لثلاث طلقات نارية بينما كانتا في طريقهما لإعادة خمسة أطفال إلى والدهم.
وفي 27 آب/أغسطس، تعرّضت سيارة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي (WFP) لإطلاق نار كثيف من قوات الاحتلال، حيث أصيبت بعشر رصاصات، بعضها استهدف الزجاج الأمامي للمركبة. أدى هذا الهجوم إلى تعليق حركة العاملين داخل غزة مؤقتًا، وفقًا لتصريحات المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي سيندي مكين، التي أكدت أن "العمل في غزة أصبح أكثر خطورة وصعوبة نتيجة الاستهداف المتكرر للعاملين الإنسانيين".
وأعربت مكين عن قلقها المتزايد على سلامة العاملين في مجال الإغاثة داخل غزة، قائلة: "لا يمكننا التأكيد أن موظفينا في أمان كامل، حيث تكررت الحوادث التي كادت أن تنتهي بكارثة".
وفي حادث آخر وقع في 9 أيلول/سبتمبر عند معبر "الراشد"، تصاعد التوتر بشكل سريع عندما وجه الجنود الإسرائيليون أسلحتهم نحو طاقم الأمم المتحدة وأطلقوا النار، وفقًا لما ذكره ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة. ثم اقتربت دبابات إسرائيلية وجرافة عسكرية من القافلة، وشرعت الجرافة في دهس المركبات الأممية، مما أدى إلى انضغاط السيارات بشكل خطير بينما كان الموظفون ما زالوا بداخلها. وأضاف دوجاريك أن أحد الجرافات أسقطت حطامًا على إحدى السيارات، بينما هدد الجنود الموظفين، مما جعل من المستحيل عليهم مغادرة المركبات بأمان.
وفيما يتعلق بهذا الهجوم، قالت مصادر مطلعة إن الموظفين الأمميين شعروا بقلق شديد بعد أن طلب الجنود احتجاز واستجواب زملائهم الفلسطينيين، حيث سبق أن تم اعتقال عدد من العاملين الفلسطينيين في قوافل الأمم المتحدة وتعرضوا لسوء المعاملة على يد قوات الاحتلال، بما في ذلك الضرب المبرح. وأشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن بعض العاملين تم إطلاق سراحهم على بعد أميال من نقاط اعتقالهم، بعد تعرضهم للضرب.
وتضيف "واشنطن بوست" أن القوات الإسرائيلية تبرر مثل هذه الهجمات بالاعتماد على ما تسميه "معلومات استخباراتية"، لكنها لم تقدم أي تفاصيل أو تفسير حول سلوك الجنود في هذه الحوادث. ورغم العديد من المناشدات لتحسين قنوات الاتصال والتنسيق بين قوات الاحتلال والعاملين الإنسانيين، لم يشهد العاملون في الأمم المتحدة تغييرات جوهرية في هذا الصدد. وأشارت الصحيفة إلى أن محاولات الأمم المتحدة لتعزيز التواصل مع السلطات الإسرائيلية قد باءت بالفشل في كثير من الأحيان، رغم إنشاء غرفة عمليات مشتركة تهدف لتحسين التنسيق بين الجانبين.