17-أغسطس-2024
شلل الاطفال في غزة

تشكل مياه الصرف الصحي المنتشرة بين خيام النازحين أهم أسباب تفشي فيروس شلل الأطفال

أكدت وزارة الصحة، يوم السبت، أن حملة التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في قطاع غزة ستبدأ قريبًا، وقد تم توفير أغلب الطعومات اللازمة لهذا الغرض، وسط تحذير من أن اكتشاف الإصابة الأولى بهذا المرض تعني أنه منتشر بشكل واسع في القطاع.

خليل الدقران: تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال يعني أن المرض منتشرٌ فعليًا بين المواطنين في قطاع غزة، خاصة الأطفال

وقال وزير الصحة ماجد أبو رمضان، إن حملة التطعيم ستبدأ خلال الأيام المقبلة، بالتعاون مع وكالة الغوث "أونروا"، وبالتنسيق مع وكالة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، ومنظمة الصحة العالمية، وستتم على مرحلتين.

وأكد أبو رضوان، توفير مليون و200 ألف جرعة من طعم شلل الأطفال من النوع الثاني، ويتم العمل على توفير 400 ألف جرعة أخرى.

وأضاف، أن وزارة الصحة سجلت حتى اللحظة ثلاث حالات اشتباه بفيروس شلل الأطفال في ثلاث محافظات، واحدة منها إيجابية، مبينًا أن حالة واحدة من بين كل 200 حالة هي التي تظهر عليها أعراض شلل الأطفال المتطابقة.

وتستهدف حملة التطعيم، الأطفال تحت سن 10 سنوات. أما بخصوص تطعيم كبار السن، فيقول الوزير أبو رضوان إن تطعيمهم ليس ضروريًا إذا كانوا قد أخذوا الطعم سابقًا، ويلزم إعطاء طعم إضافي لبعض الحالات لذوي المناعة المنخفضة، أو كبار السن.

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، خليل الدقران، إن تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال يعني أن المرض منتشرٌ فعليًا بين المواطنين في قطاع غزة، خاصة الأطفال.

وأضاف خليل الدقران في حديث لـ الترا فلسطين، يوم السبت، أنه في حال تعنت جيش الاحتلال في إدخال مليون و300 ألطف جرعة إلى قطاع غزة لتطعيم حوالي 650 ألف طفل دون سن العاشرة، فإن المرض سينتشر بشكل كبير بين المواطنين، وربما سيصيب الآلاف، وقد ينتقل إلى الدول المجاورة كذلك.

وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت مساء أمس الجمعة عن تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال في قطاع غزة.

وقالت وزارة الصحة، في بيان صحفي، إنه تم تسجيل إصابة عدد من الأطفال بأعراض مطابقة لشلل الأطفال، والتأكد مخبريًا من إصابة أحد هؤلاء الأطفال بفيروس شلل الأطفال، نظرًا لتدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع وبين خيام النازحين، وعدم توفر مستلزمات النظافة الشخصية والمياه الصالحة للشرب. ووفقًا للأمم المتحدة، لم يسجل قطاع غزة أي إصابة بشلل الأطفال منذ 25 عامًا.

وأشار خليل الدقران أنه ثبت سابقًا وجود فيروس شلل الأطفال في 6 عينات من أصل 7 عينات من مياه الصرف الصحي، أجرت عليها وزارة الصحة اختبارات لوجود الفايروس.

ودعا الدقران، منظمة الصحة العالمية للضغط على الاحتلال من أجل التوصل إلى هدنة لعدة أسابيع لتطعيم المواطنين، مبينًا أن النازحين اختلطوا ببعضهم البعض ولا فائدة مرجوة من وقف انتشار فيروس شلل الأطفال، إلّا بوقف الحرب وعودة المواطنين إلى أماكن سكناهم، ثم التوجه للمراكز الصحية لتلقي التطعيمات.

وحذر الدقران أنه في حال لم يتم ذلك، "فإننا أمام كارثة صحية وبيئية ستأكل الأخضر واليابس، وسيشكل هذا المرض خطرًا على مئات الآلاف من المواطنين في قطاع غزة".

ولفت الدقران أنه لم يكن يتم تطعيم الأطفال ضد فيروس شلل الأطفال في قطاع غزة، لأنه لم يكن موجودًا في القطاع بأكمله، وكان من المفترض أن يحتفل العالم العام القادم بانتهاء فيروس شلل الأطفال في العالم، و"لكن الآن تبين وجوده في قطاع غزة وهذه أزمة عالمية"، حسب قوله.

ودعا أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى هدنة لمدة سبعة أيام لفتح المجال لتطعيم أكثر من 640 ألف طفل. وقال غوتيريش للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك: "سيتطلب منع واحتواء انتشار شلل الأطفال جهودًا ضخمة ومنسقة وعاجلة".

وجاءت دعوة غوتيريش، بعدما أعلنت وكالات الأمم المتحدة المعنية بالصحة والطفولة أنها وضعت خططًا مفصلة للوصول إلى الأطفال في جميع قطاع غزة ويمكن أن تبدأ هذا الشهر، لكنها أكدت أن هذا سيتطلب توقفًا مؤقتًا للحرب.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، تشكيل لجان مختصة للقيام بحملة ذات مهام مختلفة للحد من انتشاء الوباء بمشاركة منظمة الصحة العالمية واليونسيف والأونروا، مبينة أنها بانتظار وصول التطعيمات لبدء حملة تطعيم تستهدف الأطفال دون سن العاشرة.

وشددت وزارة الصحة أن الحملة لا يمكن أن يكتب لها النجاح دون تمكن الفرق الطبية من الانتشار الواسع، الأمر الذي يستلزم وقفًا عاجلاً لإطلاق النار.

كما أكدت، أن حملة التطعيم لن تكون كافية إذا لم يكن هناك حلول جذرية لمشاكل الصرف الصحي وتجمع النفايات بين خيام النازحين وتوفير مياه الشرب الصحية.

وطالب الوزير ماجد أبو رضوان، في مؤتمر صحفي، بإدخال الوقود لضخ المياه العذبة النقية، والسماح غير المشروط لدخول الإمدادات الطبية، والأدوية، والمواد الخاصة التي تستعمل للنظافة الشخصية.

ووفقًا لأستاذ الأحياء الدقيقة في الجامعة الإسلامية في غزة، عبد الرؤوف المناعمة، فإن الحجر الصحي لمرض شلل الأطفال لا يُعد فعالًا في الوقاية من الفيروس، لأن المرضى يساهمون في نشر العدوى والفيروس قبل ظهور الأعراض.

وأشار عبد الرؤوف المناعمة إلى أن فيروس شلل الأطفال ينتقل عبر تناول الطعام أو الشراب الملوث بالفيروس الذي يكون في براز المصابين، و"هنا تكمن أهمية خبر اكتشاف الفيروس في عينات الصرف الصحي التي تُفحص بشكل روتيني"، وفق قوله.

وأكد المناعمة، أنه لم تسجل في قطاع غزة منذ 25 عامًا أي حالة شلل أطفال، "لكن مع ظروف الحرب والنزح فإن احتمالية الإصابة وانتشار المرض تتزايد مع انعدام مياه الشرب أو ندرتها، وتسرب المياه العادمة للطرقات، بالإضافة إلى عدم حصول المواليد الجدد على التطعيم".

وقال جوناثان كريكس، المتحدث باسم اليونيسف، "إن غزة تظل المكان الأكثر خطورة في العالم بالنسبة للأطفال". إذ يعيش أغلب الأطفال في منازل مكتظة حيث تتجمع عدة أسر معًا، أو في خيام متداعية تشبه الأفران في حرارة الصيف، وتفتقر إلى المياه الجارية والصرف الصحي. ويعاني الآلاف من سوء التغذية الحاد ويواجهون خطر الموت جوعًا.

وأضاف كريكس أنه عندما زار المنطقة قبل بضعة أشهر، نادرًا ما رأى الأطفال يلعبون أو يضحكون. وبدلًا من ذلك، كان يراهم في الغالب يساعدون أسرهم: يحملون جرار المياه من محطات الوقود، ويحاولون العثور على الطعام، ويساعدون في نقل ممتلكاتهم القليلة عندما تشرد الأسرة.

حذر خليل الدقران أن حملة التطعيم لن تكون كافية إذا لم يكن هناك حلول جذرية لمشاكل الصرف الصحي وتجمع النفايات بين خيام النازحين وتوفير مياه الشرب الصحية

وقال كريكس إنه رأى صبيًا في الشارع يبدو أنه لا يتجاوز عمره 5 سنوات، وهو يدفع كرسيًا متحركًا بوعائين من البلاستيك، كان قد ملأهما بالماء، ويرتكز على المقعد. كانت مقابض الكرسي المتحرك أعلى من قمة رأس الصبي، وكان بالكاد يستطيع أن يرى إلى أين يتجه.

وفي الشهر الماضي، كتبت لويز ووتريدج، المتحدثة باسم وكالة الأونروا، على وسائل التواصل الاجتماعي: "لا توجد طفولة في غزة. إنهم يعانون من سوء التغذية والإرهاق. ينامون بين الأنقاض أو تحت أغطية بلاستيكية. نفس الملابس لمدة 9 أشهر. لقد حل الخوف والخسارة محل التعليم. فقدان الحياة والمنزل والاستقرار".