الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
رأى معلّق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رونين بيرغمان أن "تحرير الاسرى والقضاء على حماس أمر مستحيل" وأن "إسرائيل" بعيدة كُلّ البعد عن هزيمة الحركة وجهازها العسكري، رغم أنها ألحقت بها خسائر.
رونين برغمان: لا أحد من المسؤولين الإسرائيليين يعترف باستحالة تحرير الإسرائيليين المحتجزين بغزة والقضاء على حماس، لا أحد يقول هذا علنًا
واستهل برغمان مقاله بالقول إنه "ليس ثمة أحد من المسؤولين الإسرائيليين يعترف باستحالة تحرير المختطفين والقضاء على حماس. لا أحد يقول هذا علنًا، لكن هذا هو الواقع. وفي الواقع، حتى لو لم يتم التوصّل إلى اتفاق، فمن المحتمل أن يضطر الجيش الإسرائيلي إلى مغادرة غزة قبل أن يكمل أهدافه العسكرية، ونقل عن "مسؤول إسرائيلي كبير"، قوله: "أشعر بالغثيان عندما أردد رسائل الحكومة".
وأضاف برغمان أنّ "المسؤول الإسرائيلي الكبير" أبلغه بأنه "على مدار الأسبوعين الماضيين، وفي كل مرة يجب أن أتحدث فيها مع (...) أو مع (...) أشعر بغثيان طفيف، واشمئزاز، ورفض، كما لو أنني يجب أن أستحم بعد ذلك. المشكلة ليست في هؤلاء الأشخاص. الشعور بالقرف نابع من داخلي، ذلك إنني أردد رسائل الحكومة والجيش والجهاز الأمني، وأعلم أن ما أقوله غير دقيق للغاية".
وأوضح بيرغمان أهمية المسؤول الإسرائيلي الذي تحدث معه بالقول: "المتحدث هو شخص يشغل منصبًا حكوميًا رفيعًا، ويتعيّن عليه التعبير عن آرائه علنًا، وكذلك مقابلة مسؤولين أجانب. إنه يعرف جيدًا ما يحدث في ساحة المعركة، وعلى دراية بالمادة الاستخباراتية، و"الغثيان الطفيف" يتعلق بالتعليمات التي يتلقاها وهي: توضيح الخط الدعائي للحكومة، يليه خط الجيش الإسرائيلي، والذي بموجبه جرى تحديد أهداف العمليّة العسكرية الإسرائيليي في قطاع غزة، والمتمثلة بتدمير البنية التحتية لحماس وقدراتها ونظام حكمها، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. هذه هي الرسائل التي يكررها الوزراء والمتحدثون، ورئيس الوزراء والمؤسسة العسكرية والاستخبارية بأكملها، للجمهور وبقية العالم. ويقولون إن "الحرب البريّة هي الوسيلة الأساسية للضغط على السنوار للتوصّل إلى صفقات لتحرير المختطفين، ولذلك يجب أن تستمر الحرب، لتحقيق الهدف الأول، وهو تفكيك حماس، والثاني ممارسة ضغوط كافية على السنوار حتى يستسلم ويوافق على صفقة تقبلها إسرائيل".
وقارن بيرغمان بين تصريحات جيش الاحتلال الحالية بما كان يقوله عشية حرب لبنان الثانية (2006) والتي ثبت لاحقًا أنها تناقض معطيات الميدان: "لكن هذه التصريحات لا تقل دقة عن تنبؤات الجيش الإسرائيلي قبل حرب لبنان الثانية، بأنه في حالة اشتعال القتال ضد حزب الله، فإن القوات الجوية والقوات الأخرى التابعة للجيش الإسرائيلي ستكون قادرة على تعطيل جميع مصادر النيران. باستثناء إطلاق التنظيم الشيعي النار باتجاه إسرائيل عبر استخدام الحمار في نقل صواريخ الكاتيوشا كما قال ممثلو الجيش الإسرائيلي للحكومة قبل الحرب. وفي النهاية تبيّن وجود كم كبير من صواريخ الـ كاتيوشا، وأكثر من ذلك بكثير هنا وهناك. هنا أيضًا كان يوجد حمار، ولكن ليس من المؤكد أنه يمشي على أربع".
وأضاف: "لا يتعلق الأمر بالتحلي بالحكمة بعد فوات الأوان أو الاستنتاج الذي لا يمكن صياغته إلا بعد مرور الوقت. ففي 26 (أكتوبر)، قبل أيام قليلة من دخول الجيش الاسرائيلي إلى قطاع غزة، حذرنا من تضليل الجمهور الإسرائيلي، وقلنا إن إسرائيل أمام خيارين، خياران فقط؛ إما محاولة التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المحتجزين، أو الشروع في الحرب البرية. ومن كان في رأسه عين حتى ذلك الحين كان يعلم أن الطريقين متضادان في الاتجاه، وفي النتيجة، ويلغي أحدهما الآخر، كما كتبنا كان من الواضح آنذاك أن "التفويض غير المسبوق الذي منحه العالم لإسرائيل سوف ينفد".
من خطط لبقاء "إسرائيل" لمدة عام في غزة، ظانًا أن ذلك ممكن، فهو شخص ساذج جدًا، أو تنقصه معلومات عامة عما حدث لنا في الجولات السابقة
وعن التهديدات التي يطلقها قادة الاحتلال بشأن مواصلة العدوان البري لعام كامل، أو عدة أشهر، قال معلق الشؤون الاستخبارية في الصحيفة إنّ من خطط للبقاء عامًا في غزة، ظانًا أن ذلك ممكن، فهو شخص ساذج جدًا، أو تنقصه معلومات عامة عما حدث لإسرائيل في الجولات السابقة، أو ما حدث في أحداث مماثلة في العالم. لأنه لم يكن هناك شك في أن العالم لن يسمح لـ "إسرائيل" بالبقاء في غزة، وإن الضغط الدولي، إلى جانب الثمن الباهظ من الجنود القتلى من جيش متعثر يقف مكشوفًا أمام مقاتلي حماس الذين أعادوا تجميع صفوفهم، سيُجبر الجيش الإسرائيلي على الانسحاب قبل ذلك بكثير. لم يُثر أحد تقريبًا في الجمهور الإسرائيلي احتمال أن يكون القادة السياسيين والعسكريين يخلقون وهمًا كاذبًا، ومن المرجح عمليًا أن تنهي "إسرائيل" في جولتها من القتال المسلح دون تحقيق الهدف الأول للحرب، أي دون التدمير الكامل لقدرات حماس الصاروخية، ودون إلحاق دمار كبير في الأنفاق".
وأشار برغمان إلى أن مجلس وزراء الحرب لم يضف موضوع المختطفين كهدف ثانٍ للحرب إلا في 16 أكتوبر، وبعد ضغوط شعبية. وأثبتت تجربة أسابيع القتال ماذا إذا كانت العملية البرية عامل تسريع لإطلاق سراح المختطفين عبر العمليات العسكرية أم عبر المفاوضات؟ ما جرى أن الصفقة التي توصلت إليها "إسرائيل"، كانت مطروحة بالفعل على الطاولة بعد وقت قصير من دخول القطريين إلى الصورة.
وختم معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "يديعوت أحرنوت" رونين برغمان مقاله بالقول إنّ "إسرائيل" الضرر بحماس، لكنّها بعيدة كل البعد عن هزيمتها. فهي تتحصّن تحت الارض، وليس لديها حاليًا أي اهتمام كبير بالتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى. وهناك من يعتقد أن "إسرائيل" أصبحت مهتمة فجأة بالصفقة، لأنه بات واضحًا أنها ستضطر خلال أسبوعين إلى وقف الحرب البرية تحت الضغط الأمريكي.
إذًا ما هي خطة "إسرائيل"؟ يقول برغمان إنه سأل هذا السؤال لـ "المسؤول الكبير" الذي اقتبس كلامه في مطلع المقال. فكا ردّن بأن الضربة الفظيعة التي تلقّتها "إسرائيل" في السابع أكتوبر خلقت شعورًا بين الكثيرين في القيادة السياسية والعسكرية بأن ما حدث فظيع للغاية، لدرجة أن ذلك أعفاهم من الحاجة إلى التخطيط للمستقبل البعيد؛ لقد كان الشعور السائد وقتها أن كل ما عليهم فعله هو الهجوم على الفلسطينيين، ولاحقًا التفكير بـ ماذا بعد؟ وأضاف أن الخيارات التي ستواجه القادة السياسيين والعسكريين في "إسرائيل" هي خيارات قاسية. لكن أسوأ شيء هو قبولها دون معرفة الوضع الذي أدى إليها".