10-يونيو-2023
Majdi Fathi/ Getty Images 

Majdi Fathi/ Getty Images 

الترا فلسطين | فريق التحرير

102 هو رقم القتلى الفلسطينيين جرّاء العنف والجريمة بين فلسطينيي الخط الأخضر منذ بداية العام الجاري، 8 منهم قتلوا في آخر ثلاثة أيّام، آخرهم أشرف خروب، وواثق فشفوش، الذين قتلا في حادثي إطلاق نار منفصلين مساء السبت، في جلجوليا وقلنسوة.

102 جريمة قتل داخل المجتمع العربي منذ بداية 2023، وشرطة الاحتلال الإسرائيلي تغضّ الطرف عن هذه الجرائم إلّا إذا وصلت المجتمع اليهودي 

وتظهر أرقام ذات المدة من العام الماضي (2022) أنّ 36 فلسطينيًا داخل الخط الأخضر قتلوا جرّاء تفشي الجريمة والعنف. وفيما يتعلّق بضحايا العام الجاري، فإنّ 90 حتى الآن قتلوا بالرصاص، بينهم 7 نساء، كما أنّ 46 من الضحايا تحت سنّ 30 عامًا.

ويوم الجمعة، قتلت الشابة سريت أحمد شقور (18 عامًا) من بلدة كسرى سميع، بعد تعرّضها لجريمة إطلاق نار على شارع يؤدي إلى بلدة يركا، الواقعة على السفوح الغربية لجبال الجليل الأعلى. ووفقًا للشرطة الإسرائيليّة، فإن القتيلة كانت تلقّت تهديدات بالقتل سابقًا بسبب ميولها الجنسي، ما أرغمها على المكوث في ملجأ للمعنّفات، وحكم بالسجن لبضعة أشهر على اثنين من أشقائها على خلفية التهديدات قبل ثلاث سنوات، بحسب ما ذكره موقع "عرب ٤٨"

احتجاجات في الناصرة على مقتل خمسة شبّان -  Ahmad gharabli - Getty Images
احتجاجات في يافة الناصرة على مقتل 5 شبّان -  Ahmad gharabli - Getty Images

وقبل ذلك بيوم، قتل خمسة شبّان في يافة الناصرة، على خلفية "تصفية حسابات" بين منظمتين إجراميتين في المجتمع العربي، الأمر الذي فجّر احتجاجات غاضبة على استفحال الجريمة والعنف، في ظل تقاعس الشرطة الإسرائيلية عن ملاحقة كبار المجرمين في المجتمع الفلسطيني.

لماذا كلّ هذا القتل؟

في عام 2020، وصلت نسبة الشبّان العرب الذين لا يعملون أو يدرسون، 47 في المئة، ممن تتراوح أعمارهم بين 20 -24 عامًا. وبيّن بحث أجراه مركز "أبحاث الكنيست" أن ثُلث المدانين أمام القضاء الإسرائيلي في مخالفات جنائية بهذه الأعمار هم بلا إطار توظيفي أو تربوي، والحديث هُنا عن ضعفي عدد اليهود ممن هم في نفس الفئة العمرية.

سياسات حكوميّة إسرائيلية أقصت الشبّان الفلسطينيين من الحيز العام، بعدم التحاقهم بالعمل أو الدراسة، ما عمّق الشهور لديهم بخيبة الأمل

ووفق المختص في متابعة "الشأن الإسرائيلي" أنس أبو عرقوب، فإنّ هذه النسب هي نتاج سياسات حكومية إسرائيلية عملت على إقصاء الشبان من الحيّز العام؛ فمثلًا المدارس في البلدات والقرى العربيّة عاجزة عن تأهيل طلبتها للانخراط في مؤسسات التعليم العالي، وتلك المؤسسات تشترط مستويات تعليمية في الرياضيات واللغات العبرية والانجليزية، وغالبية الطلبة العرب ليس بمقدورهم الوصول لمثل هذه المستويات.وفيما يتعلق بالتشغيل فإن الكثير من الشركات تفضّل الشبان اليهود في استمارات التوظيف التي تحوي خانة تفيد بأدائهم الخدمة العسكرية، ولكون الشبان العرب لا يؤدون "الخدمة العسكرية الإلزامية" فإن الشركات تستبعدهم تلقائيًا.

وبحسب نائب مدير عام مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، أورن كوهين، فإن 95 في المئة من الشبان العرب الذين لا يعملون أو يدرسون هم أيضًا من غير المتزوجين. ما يعني أنّ عدم اندماجهم في سوق العمل يعيقهم عن الزواج، ما يزيد من الشعور لديهم بخيبة الأمل، والتصرّف خارج قواعد اللعبة.

منصور عباس: 60 في المئة من الشبان -دون الثلاثين- في المجتمع العربي "تورطوا في الجريمة"

وفي عام 2020 خلال مداولات "اللجنة الخاصة لمكافحة العنف في المجتمع العربي" ادّعى رئيسها عضو الكنيست منصور عباس، أن "مأساة المجتمع العربي تتمثّل في أنّ 60 في المئة من الشبان -دون الثلاثين- تورطوا في الجريمة". كما ادّعى "جمال" قائد وحدة "سيف" في الشرطة الإسرائيلية التي كلفت بمكافحة الجريمة في المجتمع العربي وتم حلّها لاحقًا أنّ "2.5 في المئة من سكان المجتمع العربي يشكلون مصدر تهديد للمجتمع العربي بأكمله".

قروض البنوك والمحافظة على "حصّة من الكعكة"

ومن السياسات التي تُسهم في ارتفاع نسب الجريمة في الداخل الفلسطيني، أنّ البنوك الإسرائيلية ترفض منح القروض لنسبة كبيرة من الشبّان العرب الراغبين بالاقتراض، بحجة أن معظمهم غير قادرين على تقديم ضمانات (وظيفة دائمة ودخل دائم) ما يدفعهم للجوء للاقتراض من السوق السوداء، إذ بإمكانهم هناك الاقتراض بسرعة من "عائلات إجرامية عربية"، لكن بفوائد مرتفعة جدًا، وعند عجزهم عن السداد فإن تلك "العائلات الإجرامية" تلجأ لقوة الذراع والسلاح، لجباية قروضها وفوائدها الفلكية.

الشبّان الخمسة في يافة الناصرة قتلوا أمام مغسلة سيارات - getty
الشبّان الخمسة في يافة الناصرة قتلوا أمام مغسلة سيارات - getty 

أحد الأسباب الأخرى لارتفاع الجريمة في المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر، هو محاولة "عائلات إجرامية" حماية مصالحها، أو منع عائلات أو شركات أخرى من دخول مجال منافستها في الحصول على عطاءات ومناقصات تطرحها المجالس المحليّة التي نمت وتوسّعت.

وبحسب مصادر في الشرطة الإسرائيليّة فإنّ الارتفاع الحاد في عدد ضحايا جرائم القتل داخل المجتمع العربي في "إسرائيل" هذا العام، سببه "الحرب الدائرة حاليًا بين اثنتين من أكبر عائلات الإجرام العربية".

وكان عضو الكنيست الإسرائيلي ألموغ كوهين عن حزب "القوة اليهودية" الذي يتزعمه ايتمار بن غفير، قال مطلع العام الحالي إن جهاز "الشاباك" يغضُّ الطرف عن تجّار السلاح والمخدرات من فلسطينيي الخط الأخضر، مقابل تقديمهم معلومات أمنيّة له. وهي تصريحات ليست بعيدة عن ما ورد في تسريب لقائد في شرطة الاحتلال عام 2021، حين أكّدّ أن كبار المجرمين في المجتمع العربي داخل الخط الأخضر هم "عملاء" لجهاز "الشاباك"، ويحظون بحصانته، ولذلك "لا تستطيع الشرطة الاقتراب منهم".