كشفت وزارة المالية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، عن تجاوز تكاليف الحرب المتواصلة على غزة ولبنان 106 مليار شيكل، أي ما يعادل حوالي 28.4 مليار دولار، وفقًا لما أوردته الإذاعة العبرية العامة. وأسهم هذا الرقم بشكل كبير في زيادة العجز المالي الإسرائيلي الذي وصل إلى 11.2 مليار شيكل في شهر تشرين الأول/أكتوبر فقط.
ورغم أن العجز شهد تراجعًا طفيفًا في الأشهر الـ12 المنتهية في تشرين الأول/أكتوبر، ليصل إلى 7.9% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ8.5% في أيّلول/سبتمبر، فإن الوزارة تتوقع أن يستمر العجز في الارتفاع إلى 6.6% في عام 2024، وهو ما يعكس الأعباء الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها إسرائيل في ظلّ العدوان الحالي على غزة ولبنان.
وفي سياق موازٍ، خفض بنك "جيه بي مورغان" توقعاته لنمو الاقتصاد الإسرائيلي في عام 2024 إلى 0.5% بدلًا من 1%، كما خفض توقعاته لعام 2025 إلى 3.3% بدلًا من 3.7%. وأرجع البنك هذا التعديل إلى الضغوط الأمنية المتزايدة، خاصة مع فتح الجبهة الشمالية، التي تشكل عائقًا كبيرًا أمام النمو الاقتصادي.
تبلغ ميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي لعام 2025، 117 مليار شيكل (31 مليار دولار)، أي ما يعادل 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي
أما وكالة "ستاندرد آند بورز" فقد توقعت انكماشًا طفيفًا في الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 0.2% في 2025، مع نمو محدود بنسبة 3.2%، مشيرة إلى أن التصعيد المحتمل في التوترات الإقليمية قد يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي ويؤدي إلى تدهور طويل الأمد.
ورغم هذه التحديات الاقتصادية، يتوقع أن يبقى معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف بين 1% و3%. وفي هذا السياق، أفاد محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، أن "الصراع متعدد الجبهات قد يستمر حتى الربع الأول من عام 2025"، لكنه أشار إلى أنه من المحتمل أن يبدأ التراجع التدريجي في الشهر المقبل. وفيما يتعلق بالإنفاق الحكومي، كشف وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن موازنة عام 2025 ستشهد تقليصًا كبيرًا في النفقات لمواجهة الأعباء المالية الثقيلة.
في نفس السياق، حذر صندوق النقد الدولي من المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالنزاعات الإقليمية المستمرة، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الأزمات قد يعطل النشاط الاقتصادي والتجارة والاستثمار، مما سينعكس سلبًا على معدلات النمو والتضخم في إسرائيل.
وفي ظلّ هذه التكاليف المرتفعة، أظهرت المعطيات الرسمية أن إسرائيل أنفقت حوالي 6.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الحرب، وهو الرقم الذي يضعها في المرتبة الثانية عالميًا بعد أوكرانيا في العالم الغربي، مما يعني أن الاقتصاد الإسرائيلي قد يواجه المزيد من الخسائر المتوقعة.
أما بالنسبة لميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي لعام 2025، فقد تم إقرار مبلغ 117 مليار شيكل (31 مليار دولار)، أي ما يعادل 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي. تعد هذه الميزانية زيادة ضخمة قدرها 15 مليار شيكل مقارنة بالمقترحات السابقة، وزيادة قدرها 60 مليار شيكل مقارنة بالعام العادي.
ورغم أن هذه الميزانية مماثلة لعام 2024، فإنها تظل مرتفعة على المستوى الدولي، حيث تتصدر أوكرانيا العالم بمعدل أكبر بأربعة أضعاف. ومع ذلك، فإن نسبة الاستثمار الإسرائيلي من الناتج المحلي الإجمالي أكبر من استثمار الدول العسكرية الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة.
من جهته، أوضح الجنرال موتي باسار، المستشار المالي لرئيس الأركان سابقًا ورئيس قسم الميزانية بوزارة الجيش بين عامي 1997 و2000، أن "الميزانية متعددة السنوات لوزارة الجيش حتى 2027 قد تم الاتفاق عليها قبل الحرب الحالية، ولكن بعد هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تغير الوضع بشكل جذري. بعد أن كان الهدف هو تقليص النفقات العسكرية لصالح النفقات المدنية، فإننا الآن بعيدون عن ذلك. من المتوقع أن يستمر الإنفاق العسكري في الزيادة بعد الحرب، ولإعادة بناء القدرات العسكرية ستكون هناك حاجة إلى 10 مليارات شيكل إضافية سنويًا".
وأضاف باسار أن "على مدى السنوات الثماني المقبلة، ستضاف 80 إلى 100 مليار شيكل إلى الميزانية الحالية، مما سيكون له تأثيرات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة. زيادة مدة الخدمة العسكرية الإلزامية ستؤدي إلى تقليص دخول الشباب إلى الأوساط الأكاديمية وسوق العمل، مما سيؤدي إلى تحويل العمالة من القطاع المدني إلى الجيش، بالإضافة إلى الحاجة إلى زيادة البحث والتطوير في القطاع العسكري، مما سيؤثر على الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة".