05-يوليو-2024
عقيدة M16

عاد جيش الاحتلال إلى استئناف القصف الجوي على الضفة في عام 2023

أعلنت قيادة الضفة الغربية في جيش الاحتلال، يوم الجمعة، أن الجيش نفذ 82 غارة جوية منذ استئناف تنفيذ الغارات الجوية في الضفة الغربية خلال عام 2023، بينها 55 هجومًا بعد السابع من أكتوبر.

وبحسب المعطيات الإسرائيلية، فإن الغارات الجوية نفذتها طائرات زيك، ومروحيات حربية، وطائرات مقاتلة، وجميعها وقعت في شمال الضفة الغربية، و"أسفرت عن مقتل حوالي 90 "مسلحًا" وإصابة العشرات، معظمهم ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي.

وقال نير دفوري، المحلل العسكري للقناة الـ12 الإسرائيلية، إن شمال الضفة الغربية تحول إلى "ساحة حرب نشطة، فبعد عدة أيام على مقتل ضابط برتبة نقيب وإصابة 16 آخرين في جنين، نتيجة تفجير عبوة ناسفة ثقيلة، وقع حدثٌ مشابهٌ في طولكرم، وأسفر عن مقتل جندي برتبة رقيب، وإصابة ضابط في وحدة دوفدفان - المستعربين".

شكل استئناف عمليات اغتيال المقاومين من الجو عبر طائرات مقاتلة، تحولًا في السياسة التي انتهجها الاحتلال تجاه المقاومة في الضفة الغربية بعد انتهاء الانتفاضة الثانية

ويضيف نير دفوري، أن "الجيش والشاباك لا يملكان ردًا جيدًا بدرجة كافية على التهديد المتفاقم، المتمثل في العبوات الناسفة شديدة الانفجار ومحلية الصناعة".

من جانبها، أكدت كرمل دنغور، مراسلة الشؤون الفلسطينية في هيئة البث الإسرائيلية "كان"، أن هناك ارتفاعًا في وتيرة التهديد الذي تشكله العبوات الناسفة في الضفة الغربية، مضيفة أن كل عملية اقتحام لمخيم جنين ومخيم طولكرم ومخيم نور شمس يواجه الجيش الإسرائيلي خلالها تفجير عبوات ناسفة.

وشكل استئناف عمليات اغتيال المقاومين من الجو عبر طائرات مقاتلة، تحولًا في السياسة التي انتهجها الاحتلال تجاه المقاومة في الضفة الغربية بعد انتهاء الانتفاضة الثانية. ويُمكن التعبير عن ذلك بأن الجيش لجأ إلى عقيدة F16 بدل M16.

وعقيدة M16 مرتبطةٌ بتشكيل وحدة "دوفدفان - المستعربين" عام 1986، بمبادرة من إيهود باراك، الذي كان يشغل حينها منصب قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال.

جاءت مبادرة إيهود باراك لإنشاء وحدة "دوفدفان - المستعربين" رغبة منه في أن يكون للجيش الإسرائيلي القدرة على العمل داخل التجمعات السكانية الفلسطينية للحصول على "معلومات استخبارية وإحباط الإرهاب بشكل جزئي".

ووصف باراك الأساس المنطقي وراء إنشاء وحدة "دوفدفان - المستعربين" في رسالة وجهها لرئاسة الأركان بالقول: "أريد وحدة يبدو رجالها كالعرب، يتحدثون مثل العرب، ويركبون الدراجات في البلدة القديمة من نابلس كأنهم في شارع ديزنغوف في تل أبيب. رجال سيكونون قادرين على العمل بشكل جزئي، وهم يتنكرون في هيئة عربية، بُغية إيجاد واقع عملياتي تنفيذي دون الحاجة إلى قوات كبيرة والانكشاف مبكرًا".

ويتدرب جنود وحدة "دوفدفان - المستعربين" على تنفيذ مهام استخبارية في أثناء القتال، وشعارها "سيف ذو حدين" مقتبس من أسطورة يهودية تزعم أن "يهوديًا نجح في اغتيال ملك موآب في قصره".

وفي عام 1987، اندلعت الانتفاضة الأولى، وبذلك كان باراك وفق التعبير الإسرائيلي قد "استبق الداء بصنع الدواء"، إذ نفذت الوحدة عمليات اغتيال واعتقال في قلب نابلس، بل أن باراك لشدة حماسه للفكرة شارك في إحدى العمليات متنكرًا، وفق ما كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قبل نحو عقدين.

وفي عام 2015، تقلد غادي آيزنكوت منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ليُطور من جانبه فكرة إيهود باراك، مبلورًا عقيدة قتالية تُعرف باسم "عقيدة M16 بدل F16". وتُشير هذه العقيدة لاستخدام الاقتحامات والقتال على الأرض عوضًا عن القصف من الجو، بادعاء أن الوصول إلى المطلوبين في كل مكان، و"إخراجهم من مخابئهم وقتالهم وجهًا لوجه يُشكل رادعًا أكبر بكثير" لهم من إلقاء قنبلة من الجو.

وعلى أساس عقيدة M16 جاءت سياسة الاحتلال في الضفة الغربية، بتنفيذ اقتحامات عنيفة، تبدأ أحيانًا بعملية تسلل من قوات خاصة، مثل وحدة "دوفدفان - المستعربين"، ويتبعها الدفع بقوات كبيرة لتنفذ اقتحامات للمنازل وتحقيقات ميدانية وأحيانًا إعدامات ميدانية، في ما يُشبه استعراض القوة والقتل.

أما الآن، بعد سنوات من انتهاج هذه السياسة، لم يعد مجديًا لجيش الاحتلال مواصلة العمل بها، على الأقل في شمال الضفة، نتيجة تصاعد المقاومة المسلحة التي يواجهها الجيش هناك، وسقوط قتلى من الجنود والضباط، ومن هنا يأتي تصعيد جيش الاحتلال لعقيدة F16 بدلًا من M16، مستبدلًا بذلك الفكرة التي طورها إيهود باراك ثم غادي آيزنكوت بعد ذلك.