اغتال جيش الاحتلال ثلاثة مقاومين من كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، بعد مطاردة استمرت لشهور في مخيم طولكرم، تخللها اعتقالهم لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، قبل أن يُثار في منصات تواصل إسرائيلية اتهامات للجيش والشاباك بإخفاء هوية اثنين من الشهداء بزعم صلتهما بالسلطة الفلسطينية، ليُسارع الجيش والشاباك إلى نفي هذه المزاعم، في بيان مشترك.
يتهم الاحتلال الشهداء الثلاثة بالمسؤولية عن تصنيع عبوات وزراعتها ضد قواته، وجمع أموال بهدف شراء وتنفيذ عمليات قتالية
الشهداء الثلاثة ارتقوا يوم الثلاثاء 23 تموز/يوليو، وهم: أشرف نافع، قائد كتائب القسام في مخيم طولكرم، ومحمد عوض، ومحمد بديع، وهما من عناصر كتائب شهداء الأقصى "الرد السريع"، ويتهمهم الاحتلال بالمسؤولية عن تصنيع عبوات وزراعتها ضد قواته، وجمع أموال بهدف شراء وتنفيذ عمليات قتالية، كما ورد في بيان الجيش.
أشرف نافع.. على اسم عمه الشهيد
يصف قياديٌ في كتيبة طولكرم، الشهيد أشرف نافع بأنه "مقاتل شرس عنيد"، بدأ نشاطه المقاوم مع كتيبة "جند الله"، ويعد أصغر المقاومين سنًا، إذ ارتقى وهو في عمر 18 عامًا، وفق قول المصدر القيادي لـ الترا فلسطين.
ويوضح المصدر، أن أشرف نافع "كان من السباقين في الاشتباك على الحواجز واستهدافها بالرصاص، والعمل على زرع العبوات، وقد رفض الانسحاب من المخيم في الاقتحامات الثلاثة الأخيرة، حيث كانت خطة مجموعات الكتيبة الانسحاب بعد تنفيذ بعض العمليات، لكنه رفض وأصر على الاشتباك".
ويضيف، أن أشرف نافع اكتسب لقب "ازكيهم" من عبارته الشهيرة "ازكيهم ونار جهنم فرجيهم"، في إشارة إلى مواجهة الاحتلال بالرصاص. وهو "من أوائل مؤسسي الحالة الوطنية التي نشأت في المخيم مطلع عام 2022، وكان حينها رفقة الشهداء المؤسسين سامر الشافعي، وحمزة خيروش، وجهاد شحادة، وعدي الزيّات"، كما قال المصدر في كتيبة طولكرم.
وأصيب أشرف نافع مرتين في اقتحامات للاحتلال، الأولى كانت برصاصة في كتفه، والثانية برصاصة في عينه، ولكنه كان يردد دومًا "عيني سبقتني للجنة".
وتعرض أشرف نافع "ازكيهم" قبل استشهاده لمحاولات اغتيال عديدة، آخرها كانت بقصفٍ من طائرة مسيّرة لكنه "نجا منها بأعجوبة" كما يروي المصدر، ولم يتعرض للاعتقال، إذ كان يقول "لو بقيت معي سكّينة سأقاتلهم بها ولن أترك نفسي للاعتقال".
غير أن "ازكيهم" اعتقل لدى جهاز الأمن الوقائي، في أيلول/سبتمبر 2023، وقضى نحو شهر في سجن أريحا، وعاش في زنزانته مع مصعب اشتية، ثم أفرج عنه، وفور وصوله إلى المخيم انضم رسميًا إلى كتائب القسام، كما عمّه الشهيد أشرف نافع الذي كان من أبرز مقاومي المخيم في انتفاضة الأقصى عام 2000، ويحمل أشرف اسمه.
محمد عوض.. رفض ترك المخيم
يعرف الشهيد محمد عوض (32 عامًا) بلقب "أبو عبده"، وهو أسيرٌ سابقٌ أمضى نحو عامٍ ونصف في سجون الاحتلال عام 2017، وينتمي لحركة فتح منذ صغره، وكان من أوائل المشاركين في تشكيل الحالة القائمة في محافظة طولكرم تحت اسم "كتيبة طولكرم"، وكان من رفاق الشهيدين رامي الشوملي، وجهاد شحادة، وفق ما أفادنا به المصدر القيادي.
ويُعد الشهيد محمد عوض، بحسب المصدر، من أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى في مخيم طولكرم، ورفض سابقًا عروضًا عديدة لتسليم نفسه وسلاحه للأجهزة الأمنية الفلسطينية، مقابل الحصول على عفوٍ من الاحتلال وعدم ملاحقته، ونتيجة رفضه للعرض أصبح عرضةً للاستهداف، حيث اعتقل مرّات عديدة في سجون الأجهزة الأمنية بتهمة المشاركة في عروضٍ مسلّحة، والمشاركة في فعاليات استقبال أسرى، وقضايا متعلّقة في نشاطه داخل المخيم.
ويقول المصدر القيادي، إن "أزقة مخيم طولكرم تشهد لمحمد عوض أنه قاتل في المخيم ولم يخرج، وكان من أبرز الذين جسّدوا فكرة الوحدة الوطنية".
محمد بديع.. الوافد الجديد
يُعد محمد بديع (36 سنة) -المعروف أيضًا باسم "حمودة"، من أحدث الشبّان التحاقًا بكتيبة طولكرم، وهو أحد عناصر اللجنة التنظيمية لحركة فتح في المخيم، وشقيق المطارد غيث بديع، قائد سرايا القدس في مخيم طولكرم.
يقول القيادي في كتيبة طولكرم، إن أفراد الكتيبة حاولوا إقناع محمد بديع بعدم الاستمرار في الكتيبة، لأنه متزوج وأبٌ لطفلة صغيرة، لكنه رفض طلبهم مؤكدًا "أننا إذا بقينا ننتظر أن يأتي أحد ويبادر للانضمام إلى الكتيبة، لن تستمر الحالة، الآن يكفينا شعور بالظلم والخذلان".
ويُضيف، أن محمد بديع، مثل محمد عوض وأشرف نافع، رفضوا فكرة الانسحاب من المخيم ولو مؤقتًا وفضل القتال حتى آخر لحظة، كما شهد الاقتحامات الثلاثة الأخيرة لمخيم طولكرم وشارك في التصدي لها.
ويؤكد القيادي، أن الشهيدين أشرف نافع ومحمد عوض "تعرضا لتشويه من صفحات تديرها الأجهزة الأمنية، في إطار حملة لتشويه صورة المقاومين والنيل منهم لمنع توسع عمال المقاومة"، مضيفًا أن هذه الحملة لم تؤثر على المقاومين، "ومازالوا يؤكدون على شعار الكتيبة: لن ينالوا من عزيمتنا"، بحسب قوله.
وقال، إن الشهداء الثلاثة كانوا "روّاد سلام، ولديهم قناعة أن لا سلام على هذه الأرض طالما أن الاحتلال موجود عليها، لذا فإن المقاومة حق مشروع، ولا يوجد شعب تحرر بلا قتال ومقاومة".
وكانت قد أثيرت ضجة في منصات تواصل إسرائيلية بعد ارتقاء الشهداء الثلاثة، حيث تم اتهام جهاز الشاباك بالإعلان فقط عن هوية شهيد القسام أشرف نافع، "وإخفاء الهوية التنظيمية التي ينتمي لها محمد عوض ومحمد بديع، بسبب انتمائهما لحركة فتح وكتائب شهداء الأقصى، في محاولة للتستّر على علاقة السلطة الفلسطينية بهم"، وفق المعلقين الإسرائيليين.
لاحقًا، أصدر الجيش وجهاز الشاباك بيانًا آخر، جاء فيه أنّ المزاعم بأنهما يتكتمان على هوية عوض وبديع لانتمائهما إلى السلطة الفلسطينية عارية عن الصحة تمامًا.
وأضاف البيان، أن كتائب شهداء الأقصى، مصدر تمويلها يعود لجهات إيرانية، ومن الناحية التنظيمية يتبع بعضها للجهاد الإسلامي، وبعضها لحزب الله، وحماس، وكذلك لفتح، بينما يتصرف بعضها بصورة مستقلة.
وتابع، "كافة المعلومات الموجودة بين أيدينا (تبيّن) أن السلطة الفلسطينية غير مرتبطة بالمخربين اللذين تم القضاء عليهما".
علم الترا فلسطين أن أجهزة السلطة الفلسطينية اعتقلت منذ السابع من أكتوبر العشرات من عناصر الأمن وحركة فتح الذين انخرطوا في المقاومة، وتوجه لهم تهمة "حيازة سلاح ناري أو ذخائر بدون ترخيص"
وعلم الترا فلسطين أن أجهزة السلطة الفلسطينية اعتقلت منذ السابع من أكتوبر العشرات من عناصر الأمن وحركة فتح، الذين انخرطوا في المقاومة، وتوجه لهم تهمة "حيازة سلاح ناري أو ذخائر بدون ترخيص خلافًا لنص المادة (2) بند (1) فقرة (ب) من القرار بقانون رقم (27) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون رقم (2) لسنة 1998 بشأن الأسلحة النارية والذخائر".
وشدد القيادي في كتيبة طولكرم، في حديثه لـ الترا فلسطين، أن اغتيال القادة الثلاثة "لن يوقف العمل المقاوم في مخيم طولكرم، حيث أن أكثر من 50 شهيدًا ارتقوا على أرض المخيم منذ السابع من أكتوبر الماضي، وأكثر من 100 أسير اعتقلهم الاحتلال، هذا إضافة لعشرات الشهداء من المخيم قبل السابع من أكتوبر، وذلك كله كان محفّزًا لاستمرار الفكر المقاوم الذي بات متجذرًا بين الناس، وبين المقاتلين الذين يجهلهم الاحتلال ولا يعرفهم لأنهم لا يظهرون للعلن"، حسب قوله.