عاد الحديث عن هيبة واستقلال القضاء الفلسطيني للواجهة مجددًا، بعد قرار مجلس القضاء الأعلى يوم الاثنين (13 شباط/فبراير) تحويل قاضي المحكمة العليا عزت الراميني للتحقيق الإداريّ، على خلفية مشاركته في جلسة حوارية تناولت الحماية الشعبية للقضاء.
أحد قضاة المحكمة العليا يشارك في جلسة حول الحماية الشعبية للقضاء، ومجلس القضاء الأعلى يُحيله للتحقيق!
ونفى القاضي الراميني لـ "الترا فلسطين"، أن يكون تم إبلاغه بالقرار بشكل رسميّ، وإنما سمع به من خلال مصادر خاصة به، وقال إنه بقي اليوم في المحكمة حتى ساعة متأخرة ولم يبلغه أحد بهذا القرار. واصفًا القرار بأنّه "غير قانوني"، باعتبار أنّ مشاركته في جلسة حوارية لا يحمل مخالفة قانونيّة، بل هو حق يندرج ضمن إطار حرية الرأي والتعبير.
[[{"fid":"70754","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"قاضي المحكمة العليا عزت الراميني","field_file_image_title_text[und][0][value]":"قاضي المحكمة العليا عزت الراميني"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"قاضي المحكمة العليا عزت الراميني","field_file_image_title_text[und][0][value]":"قاضي المحكمة العليا عزت الراميني"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"قاضي المحكمة العليا عزت الراميني","title":"قاضي المحكمة العليا عزت الراميني","height":338,"width":600,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]
وقال الراميني إنّ مدونات السلوك وقواعد القضاء تسمح بالتحقيق مع القضاة في حال ارتكابهم مخالفة قانونية، لكن لا تجوز محاسبتهم على إبداء آرائهم في مسائل مجتمعية أو تخص القضاء.
وأضاف أنّه عبّر عن رأيه في الجلسة الحوارية التي حضرها قبل أيام أكثر من 60 مشاركًا يمثلون مؤسسات المجتمع المدني ومختصون في القضاء والعدالة حول الحماية الشعبية للقضاء، والتي تعمل بها كثير من الدول للحفاظ على استقلاليّة ونزاهة القضاء.
وأكد أنّ القانون الأساسي كفل له الحق بالتعبير في المسائل المختلفة التي تخصّ المجتمع، مشيرًا إلى أن القاضي هو مواطن، ويجوز له المشاركة في النشاطات الشعبية، وله الحق في إبداء رأيه والمشاركة في الورشات والندوات بشكل عام، وخاصة ما يتعلق بالقضاء.
اقرأ/ي أيضًا: "اشتباك" بين "التنفيذية" و"القضائية" يهز استقلال القضاء
أمّا مدير عام مركز مساواة، إبراهيم البرغوثي، فأكد أن الإجراء ليس قانونيًا، وينتهك القوانين السارية، حيث ينتهك حق القاضي كمواطن في إبداء رأيه في الشأن العام، ويُعتبر مساسًا بحرية الرأي والتعبير، ويخالف إعلان الاستقلال، وجوهر الباب الثاني من القانون الأساسي الضامن لحرية الرأي والتعبير باعتباره حقًا من حقوق الإنسان، وخروجًا فاضحًا عن القانون الأساسي، ويتناقض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي انضمت إليها فلسطين، والاتفاقيات الناظمة لحقوق القضاة، وهي ملزمة لفلسطين باعتبارها منضمة للائحة الحقوق الدولية.
ووصف البرغوثي القرار بـ "المؤسف"، ورأى أنّه يُعبّر عن تحول نظرة مجلس القضاء الأعلى للقضاة بأنّهم "يقدمون خدمات" وليسوا قضاة، ويحرمهم من حرية الرأي والتعبير. وأكد على ضرورة إعادة تقييم العاملين في القضاء من حيث الاستقلالية والنزاهة والكفاءة وغيرها للحفاظ على السلطة القضائية وهيبتها.
وأشار البرغوثي إلى أنّ هذه ليست المرّة الأولى التي يتم خلالها تقديم قضاة للتحقيق، حيث سبق وتم إحالة القاضي في المحكمة العليا عبدالله غزلان للتحقيق الإداري، وتم اتخاذ قرار بإلغاء عضويته من مجلس القضاء الأعلى وجرى حرمانه من حضور جلسات المجلس.
ومن المفترض أن تعقد مؤسسات المجتمع المدني يوم غد الأربعاء، اجتماعًا لبحث قرار المجلس، بشأن القاضي الراميني.
اقرأ/ي أيضًا: تقرير "أمان" عن القضاء والفساد وأشياء أخرى!
من جانبه، قال الخبير في الشأن القضائي ماجد العاروري إنه يمكن إحالة أيٍ من القضاة للتحقيق إذا خالف سلوك وقواعد المهنة، أو ارتكب مخالفة للقانون، لكنّ ما جرى مع القاضي الراميني لا يعدو كونه مشاركة معتادة، لا تخالف سلوك وقواعد القضاء على الإطلاق، وفق قوله.
وأوضح العاروري لـ "الترا فلسطين" أنّ المخالفات المتعلقة بسلوك القاضي التي تستوجب التحقيق، علاقته مع شخصيات ومؤسسات وشركات تتناقض مع القضاء. وقال إن الغريب في قرار مجلس القضاء أنّه جاء بعد مشاركة القاضي الراميني في جلسة تتحدّث عن الحماية الشعبية للقضاء، وهي واحدة من عشرات الجلسات التي شارك بها القاضي الراميني سابقًا.
وتمنّى العاروري على مجلس القضاء الأعلى، أن يُدرك خطورة قراره، لأنه يبني سورًا فاصلًا بين القضاء والمجتمع.
ومن المقرر أن يعقد نادي القضاة يوم غدٍ، جلسة للتباحث بشأن قرار مجلس القضاء الخاص بالقاضي الراميني، لإصدار موقف في ذلك.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف تفجّر النزاع على رأس السلطة القضائية؟