29-أغسطس-2024
الشهيد أبو شجاع

الشهيد أبو شجاع

زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس، أن قواته اغتالت محمد جابر "أبو شجاع"، قائد كتيبة طولكرم، إلى جانب أربعة آخرين من أعضاء الكتيبة، وذلك خلال تبادل لإطلاق النار في مخيم نور شمس.

من هو قائد كتيبة طولكرم، الذي أعلن الاحتلال اغتياله.. محمد جابر "أبو شجاع"؟

من هو أبو شجاع؟ 

الشهيد محمد جابر "أبو شجاع"، قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، وأحد مؤسسيها إلى جانب قائدها الأول سيف أبو لبدة. ينتمي إلى عائلة مهجرة من مدينة حيفا منذ نكبة عام 1948، واستقرت في مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.

وُلد جابر ونشأ في المخيم حيث تلقى تعليمه قبل أن يتوقف عن الدراسة بسبب ظروف صعبة. ,يبلغ من العمر 26 عامًا، وكان الابن الأوسط بين خمسة أشقاء.

اعتُقل "أبو شجاع" لأول مرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي عندما كان في السابعة عشرة من عمره، وقضى نحو خمس سنوات في الأسر نتيجة ثلاثة اعتقالات. كما تعرض للاعتقال مرتين من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

استهدفت قوات الاحتلال عائلته بشكل متكرر، حيث اعتُقل شقيقه الأكبر عدي عدة مرات وأُفرج عنه قبل شهرين، بينما لا يزال شقيقه الأصغر أحمد معتقلاً منذ عامين. وفقد "أبو شجاع" شقيقه الآخر، محمود، شهيدًا قبل أربعة أشهر خلال اقتحام قوات الاحتلال لمخيم نور شمس.

تحت ضغط الاقتحامات المتكررة لمخيم نور شمس، رفض "أبو شجاع" تسليم نفسه وظل مطاردًا لعامين، خلالها دهمت قوات الاحتلال منزل عائلته مرات عديدة ودمرت محتوياته. وقبل خمسة أشهر، فجّر الاحتلال منزل عائلته بالكامل، مما أجبرها على النزوح بين منازل الجيران والأقارب في المخيم.

وصف الإعلام الإسرائيلي "أبو شجاع" بأنه أحد كبار المطلوبين، مشيرًا إلى دوره البارز في مقاومة الاحتلال شمال الضفة الغربية، رغم نشأته في بيت بسيط.

ويُصنَّف من قِبَل الاحتلال كشخص "زعزع الاستقرار في شمال الضفة الغربية"، ويعتبره الإعلام الإسرائيلي أحد أبرز المطلوبين للسلطات الإسرائيلية. هذا التصنيف جعله هدفًا للعديد من محاولات الاغتيال التي دبرها الاحتلال، إلى جانب ملاحقته من قِبَل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

وكانت أنباء قد انتشرت في 19 نيسان/أبريل 2024 حول تمكّن الاحتلال من اغتياله بعد اشتباكات دامت 50 ساعة، لكنه خرج بعدها في موكب لتشييع شهداء طولكرم في 21 نيسان/أبريل متحديًا الاحتلال. 

في 26 يوليو/تموز 2024، تدافعت حشود من الفلسطينيين إلى مستشفى ثابت ثابت الحكومي في طولكرم، حيث تمكنوا من إخراج محمد جابر "أبو شجاع" بعد محاولة أجهزة السلطة الفلسطينية اعتقاله. وكان أبو شجاع يتلقى العلاج في المستشفى إثر إصابته في انفجار عبوة ناسفة أثناء تصنيعها.

تأسيس كتيبة طولكرم 

محمد جابر "أبو شجاع" كان أحد مؤسسي كتيبة طولكرم في آذار/مارس 2022، إلى جانب قائدها الأول سيف أبو لبدة وعدد من شباب طولكرم ومخيم عين شمس.

وتولى قيادة الكتيبة بعد استشهاد أبو لبدة في نيسان/أبريل من نفس العام، وساهم في توسيع صفوفها ليصل عدد عناصرها إلى حوالي 40 مقاتلًا بحلول أيلول/سبتمبر 2022. تتبع الكتيبة رسميًا لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، لكنها تميزت بضم عناصر من فصائل فلسطينية متعددة.

وفي شباط/فبراير 2023، انضمت مجموعة "الرد السريع" التي أسسها المقاوم أمير أبو خديجة، إلى الكتيبة. عملت الكتيبة بتنسيق مع الكتائب الأخرى في نابلس وجنين وغيرها، ونفذت عمليات نوعية استهدفت جنود الاحتلال عند نقاط التماس والحواجز، وتصدت لاقتحامات الاحتلال في طولكرم ومخيم نور شمس.

وبعد اقتحام كبير لطولكرم، في منتصف نيسان/أبريل الماضي، قال أبو شجاع خلال تشييعه شهداء مخيم نور شمس، الأحد الماضي: "نحن على درب الشهداء حتى النصر"، وأضاف متحديًا الاحتلال: "نتحداهم أن ينشروا ما حدث مع جنودهم في حارة العيادة وحارة المنشية".

إلى جانب ذلك، طورت الكتيبة من أساليبها القتالية والتدريبية، حيث عملت على تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات، وتطوير وحدات الرصد والدعم اللوجستي التي عملت جنبًا إلى جنب مع الوحدات القتالية، مما ساهم في تعزيز قدراتها العملياتية على الأرض.

وعملت كتيبة مخيم نور شمس، وفق أحد المقرّبين منها خلال حديثه مع "الترا فلسطين"، على تحديد استراتيجية واضحة في مواجهة جيش الاحتلال قائمة على مبدأ "الاستنزاف" والمواجهة التكتيكية، بمعنى تشكيل عملٍ منظم ووحدات متخصصة خلال المواجهة، ومن أهم هذه الوحدات: "وحدة الهندسة المسؤولة عن تصنيع العبوات وتحديد أماكن زرعها، ووحدة المتفجّرات المسؤولة عن زرع العبوات، ووحدة الرصد الميداني المعنية بمتابعة تحركات جيش الاحتلال وأماكن الاقتحام المتوقعة، إضافة لوحدة المواجهة التي تستعد للاشتباك المباشر مع جنود الاحتلال في أي اقتحام". 

ويقول المصدر إن نهج الكتيبة يعتمد على سياسة "الكمائن"؛ أي إيقاع جنود الاحتلال في كمائن معدّة مسبقًا، مثل الاستدراج لمربع معين واستهدافهم بالرصاص، وغالبًا عبر الاستدراج لنقطة تزرع فيها عبوة ناسفة مجهزة للتفجير، وتحمل اسم عبوة "شمس" على اسم المخيم. 

محمد جابر أبو شجاع

منشور أبو شجاع الأخير

وفي آخر منشورة لـ"أبو شجاع" على موقع فيسبوك، في 15 آب/أغسطس، قال: بالنسبة لي،  لا أظن أن يتعافى قلبي على الاطلاق، وسأبقى أشعر بالتقصير مدى الحياة، رغم أنني لا أملك فعل شيء ولم أفعله. ولكن لا يمكنني أيضًا طرد شعور سيء ينتابني كلما رأيت تضحيات الآخرين وما أصابهم، أرى اعتقالي ومطاردتي وخسارتي لمنزلي وبعدي عن أهلي وفقد أخي محمود وعدد من المقربين مني أمورًا عابرة مقابل طفل فقد أمه، أو أب فقد طفله، أو أسير سيمضي في زنزانته عقود ويحرم منه أبنائه".

واستمر في القول: "لكن أواسي نفسي أن الله سلمني لغاية، وأنني لم اختر التراجع بل اخترت دومًا الأخذ بالعزيمة ورغم ذلك لا زلت بينكم، وأواسي نفسي بأن واجبنا إن خرجنا من هذه الحرب على قيد الحياة أن نكون على قدر المسؤولية وأن نكون قوة لمن حولنا.. وأن نبقى الأوفياء لمن ضحوا وقدموا.. هذا عهد في رقابنا، أسأل الله أن يمكننا من الوفاء به".