12-يوليو-2024
فشل 7 أكتوبر والتحقيق فيه

(Getty) دعا وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الخميس، إلى تشكيل لجنة حكومية مستقلة للتحقيق في السابع من تشرين الأول/أكتوبر

قدم جيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقه حول يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، لسكان كيبوتس بئيري، وأقر فيه بفشله في التعامل مع عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكن التحقيق يثير الكثير من الأسئلة والنقاشات التي طرحت في الكيبوتس، وفي الصحافة الإسرائيلية، التي تشير إلى نواقص في التحقيق، وأسئلة أخرى غير مجابة، بالإضافة إلى نقاش حول مدى تحمل المستوى السياسي المسؤولية عن الفشل. بالإضافة إلى قضية بارزة، وهي قضية مقتل 13 أسيرًا في كيبوتس بئيري، ومدى تورط أحد قادة فرقة غزة في جيش الاحتلال باراك حيرام في الأمر.

وقال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي: "على الرغم من أن هذا هو التحقيق الأول والفريد من نوعه، والذي لا يمثل الصورة الكاملة بشأن ما حدث في ذلك اليوم، إلا أنه يوضح بوضوح ضخامة الفشل والأبعاد المتعددة للكارثة التي حلت بسكان الجنوب الذين دافعوا عن عائلاتهم بأجسادهم لساعات طويلة عندما لم يكن الجيش الإسرائيلي هناك لحمايتهم".

التحليلات الإسرائيلي تجمع على ضرورة فتح تحقيق في دور المستوى السياسي في فشل 7 تشرين الأول/أكتوبر

وأضاف أن التحقيق يقدم "إجابة مفادها أن العدد الهائل من الهجمات المتزامنة على التجمعات والمواقع العسكرية وكذلك قطع تقاطعات النقل الحيوية، جعل من الصعب علينا إنجاز مهمتنا في الدفاع عن الجنوب، أو على الأقل تعزيزه".

ودعا وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الخميس، إلى تشكيل لجنة حكومية مستقلة للتحقيق في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وقد قاوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوات إلى إطلاق مثل هذا التحقيق، قائلًا: إن "مسائل المسؤولية يجب أن يتم حلها في نهاية الحرب".

وقال غالانت "يجب التحقيق مع الجميع: صناع القرار والمنفذين؛ الحكومة والجيش وقوات الأمن. يجب التحقيق معي، وزير الأمن. يجب التحقيق مع رئيس الوزراء".

ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تقريرًا حول الفشل الإسرائيلي، بعنوان: "لقد فشلنا: الجيش الإسرائيلي يقدم تحقيقًا في السابع من أكتوبر لسكان كيبوتس بئيري".

تحقيق قاصر

وقال أحد سكان كيبوتس بئيري: "أسئلة بالغة الأهمية لا تزال دون إجابة". وبعد عرض التحقيق، تساءل السكان: "لماذا لم تدخل قوات الجيش العديدة التي تجمعت عند البوابة الكيبوتس لساعات، بينما كان الكيبوتس يحترق وسكانه يستغيثون؟ ما هو سبب الفشل الاستخباراتي الذي مكن حماس من خطة التسلل، وكيف حدث خرق الحدود دون رد فوري من الجيش الإسرائيلي؟ هل فهم الجنود الذين وصلوا إلى الكيبوتس أن هدفهم الأساسي هو الدفاع عن المدنيين؟".

وأكد السكان أنهم يعلقون أهمية كبيرة على "قبول الجيش الإسرائيلي المسؤولية والمحاسبة عن هذا الفشل الكامل" في حمايتهم. وقال السكان "يمكن القول إن التحقيق كان شاملًا، وساعد أعضاء الكيبوتس على فهم عمق وتعقيد القتال في مختلف مناطق الكيبوتس إلى حد ما".

ويطالب الكيبوتس بإنشاء لجنة تحقيق رسمية "لن تدخر أي جهد لفحص سلوك جميع الأطراف المعنية، وتزويدنا بإجابات قاطعة حتى نتمكن من البدء في التعافي واستخلاص استنتاجات عملية للمستقبل".

ويقول السكان إن هذا أمر بالغ الأهمية "حتى لا تتكرر الخسارة نفسها غير المفهومة التي تعرضنا لها مرة أخرى من قبل أي مواطن آخر، وحتى نتمكن من استعادة ثقتنا بقوات الأمن والعودة للعيش في بئيري مع شعور بالأمن".

وفي الختام، أكد الكيبوتس أنهم "يطالبون بمعالجة التخلي الذي يحدث الآن خارج الحدود - التخلي عن الرهائن لمصيرهم منذ تسعة أشهر بالفعل. يجب أن يتوقف الفشل المستمر في إعادتهم حتى اليوم".

وأضافوا: "إن كيبوتس بئيري يطالب بالعودة الفورية لجميع الرهائن والتحرك الفوري لإعادة أعضاء الكيبوتس إلى ديارهم. ويجب اتخاذ الإجراءات الآن حتى لا يتحولوا إلى لجنة تحقيق أخرى بعد تسعة أشهر أخرى".

وقد تم عرض تفاصيل التحقيق على أعضاء الكيبوتس من قبل اللواء احتياط في جيش الاحتلال ميكي إدلشتاين، الذي أجرى المراجعة، والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري.

وبحسب مصدر حضر اللقاء وتحدث لـ"هآرتس"، افتتح هجاري العرض بالاعتذار لأعضاء الكيبوتس. وقال هجاري: "هذا تحقيق عسكري، وليس لجنة تحقيق حكومية ينبغي إنشاؤها. لم يكن الجيش الإسرائيلي موجودًا في بئيري، لقد فشلنا في حماية الكيبوتس".

وقال عضو آخر في الكيبوتس حضر الاجتماع إن التحقيق ركز على قرارات الصفوف الوسطى في الميدان، لكنه لم يوضح درجة مسؤولية القيادة العليا.

وقال رئيس مجلس أشكول الإقليمي غادي ياركوني بعد التحقيق إنه "يواصل الخط الذي يحكم إسرائيل، لا أحد مسؤول. لا أحد مذنب. هذه أكبر كارثة في تاريخ البلاد، والقيادة السياسية والعسكرية بأكملها واقفة في مكانها. بالنسبة لنا، هذا تحقيق جزئي، حيث لم يكن هناك أي تفاعل إطلاقًا مع المجلس، وبالتالي لا يعكس صورة كاملة للكارثة الجسيمة. نطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، ونأمل أن يُنَفَّذ الدروس والاستنتاجات الآن".

ماذا قال التحقيق بالتفاصيل؟

خلال العملية، قُتل 101 من سكان بئيري، وتم احتجاز 30 أسيرًا، منهم 11 لا يزالون محتجزين لدى حماس في غزة، ودُمر 150 منزلًا، وحدثت انهيارات أمنية كاملة.

ومنذ بداية اقتحام عناصر حماس لبوابة كيبوتس بئيري في الساعة 6:55 صباحًا وحتى الساعة 2:30 ظهرًا، كان هناك ما بين 80 إلى 220 عنصرًا من حماس على أوقات مختلفة، يفوقون عدد القوات الإسرائيلية، الذين لم يكن لديهم سوى 13 إلى 26 مقاتلًا في اللحظة الأولى.

وبدأ أحد قادة حماس في النصيرات وسط قطاع غزة في مناورة قواته استعدادًا للعملية حوالي الساعة 5:30 صباحًا.

وتحت غطاء إطلاق آلاف الصواريخ واستخدام الطائرات المُسيّرة والطائرات الشراعية لتدمير أجهزة الاستشعار وأبراج المراقبة الإسرائيلية، بدأت حماس حوالي الساعة 6:30 صباحًا في عبور الحدود في العديد من المناطق.

وبين الساعة 6:55 صباحًا و2:30 ظهرًا، حدث عدد "هائل من الأمور الخاطئة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، إلى جانب عدم وجود تحذيرات من الجيش الإسرائيلي أو جهاز الأمن العام (الشاباك)، وعدم وجود قوات تمنع عناصر حماس من الوصول إلى بئيري في المقام الأول"، وفق التحقيق.

وحوالي الساعة 7:30 صباحًا، كانت حماس تهاجم بالفعل مقر القيادة الأمامية للجيش الإسرائيلي في غزة في رعيم، والذي كان من المفترض أن يكون الطرف الرئيسي لتنسيق التعزيزات.

وفي نهاية المطاف، فر قائد فرقة غزة في جيش الاحتلال آفي روزنفيلد، ولم يبق أحد بالقرب لتنسيق عملية تعزيزات واسعة النطاق أو الدفاع. واستقال روزنفيلد مؤخرًا من الجيش الإسرائيلي.

تمكن حوالي عشرين عنصرًا من قوات حماس من اقتحام كيبوتس بئيري من اتجاهين مختلفين خلال وقت قصير.

بحلول الساعة الثامنة صباحًا، كانت حماس تنقل أول أسيرين إلى غزة، ثم سبعة آخرين بحلول الساعة التاسعة صباحًا، و12 آخرين بحلول الساعة العاشرة صباحًا.

وحوالي الساعة 9:45 صباحًا، اشتبكت التعزيزات الأولى من وحدة القوات الخاصة الإسرائيلية "شالداغ" مع عناصر حماس في بئيري.

ومع ذلك، بحلول ذلك الوقت، كان لدى حماس 80 مقاتلًا في المنطقة وتغلبوا على قوات شالداغ. وفي وقت سابق، أشار قائد شالداغ، المقدم "ب"، لصحيفة جيروزالم بوست، إلى أن نحو خمسة من قواته قُتلوا وأصيب نحو 15 آخرين، بمن فيهم نائبه. ووصفت لجنة التحقيق انسحاب قوات "شالداغ" بأنه خطأ فادح.

حوالي الساعة 10:45 صباحًا، كانت قوات خاصة من وحدة "سييرت متكال" في طريقها لتقديم المساعدة في بئيري، ولكن تعرضت لكمين عند مفترق 232، الذي سيطرت عليه عناصر أخرى تابعة لحماس. وأدى هذا إلى تأخير دخول سييرت ماتكال إلى بئيري حتى حوالي الساعة 1:30 ظهرًا

وبحلول الساعة 12:00 ظهرًا، كانت حماس قد أسرت 11 إسرائيليًا آخرين ونقلتهم إلى غزة، وهي المجموعة الأخيرة التي نجحت في أسرها.

وكان هناك عدد من القوات الإسرائيلية الأخرى في أوقات مختلفة من بعد الظهر والمساء، قريبة وفشلت في دخول بئيري في وقت سابق، إما لأنها كانت تنتظر ظهور قادة إضافيين أو لأنها نظرت إلى دورها في إخلاء سكان بئيري فقط بعد استعادة الكيبوتس.

وانتقدت لجنة التحقيق التي أجراها الجيش الإسرائيلي بشدة هذه القوات بسبب سلبيتها، وأكدت "على ضرورة التحلي بروح المخاطرة بالحياة من أجل حماية المدنيين".

ووفق التحقيق، بحلول الساعة الواحدة ظهرًا، حدث تطوران رئيسيان. ولم تبدأ القيادة العليا للجيش الإسرائيلي في السيطرة على الوضع إلا حوالي الساعة الحادية عشرة صباحًا، ولكن بحلول الساعة الواحدة ظهرًا، كانت قد كلفت عددًا من القادة بمناطق على حدود غزة لاستعادتها. وتم تكليف العميد في جيش الاحتلال باراك حيرام بمهمة استعادة بلدة بئيري والمناطق المحيطة بها.

وبحلول الساعة الواحدة ظهرًا، استعاد الجيش الإسرائيلي أيضا مفترق 232 الذي كانت حماس تستخدمه طوال الصباح لنصب الكمائن ومنع المحاولات الإسرائيلية لتعزيز بلدات حدود غزة.

وحوالي الساعة 1:30 ظهرًا، أصدر حيرام توجيهات بحشد قوات كبيرة لتعزيز القوات الإسرائيلية في بئيري وتغيير مسار الأمور.

وفي تلك اللحظة انضمت وحدة سييرت ماتكال إلى القتال، جنبًا إلى جنب مع أجزاء من شالداغ، التي كانت تقاتل في أقسام مختلفة من بئيري، رغم أنها لم تنسق بشكل صحيح. وفي فترة ما بعد الظهر أيضًا، شاركت وحدة من المظليين.

وفي نهاية المطاف، اشتبك عدد صغير من عناصر الشاباك وعدد أكبر من مقاتلي الشرطة الإسرائيلية من وحدة يمام مع عناصر حماس في بئيري، على الرغم من أن عددًا من ضباط الشرطة تعرضوا أيضًا لكمين قبل أن يتمكنوا من الوصول، كما فر بعضهم بعد تعرض آخرين لكمين.

وبحلول الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، ومع وجود 230 جنديًا إسرائيليًا في مواجهة 219 مقاتلًا من حماس، حقق الجيش الإسرائيلي "أول ميزة عسكرية له".

وفي حوالي الساعة 4:15 عصرًا، ارتفع عدد قوات الجيش الإسرائيلي إلى 350، وفي وقت لاحق من المساء، وصل العدد إلى ذروته عند 730.

ولم يتم اعتبار بيئري خالية تمامًا من عناصر الفلسطينية الفلسطينية، إلا في اليوم التالي يوم الأحد، ولم يتم اعتبار المنطقة المحيطة ببيئري خالية تمامًا حتى 11-12 تشرين الأول/أكتوبر.

وأشار تحقيق الجيش الإسرائيلي إلى مساهمة دبابتين في عمليات بئيري، رغم أنهما وصلتا في وقت متأخر بعد الظهر فقط.

لغز باراك حيرام

برأت لجنة التحقيق الإسرائيلية في أحداث بئيري، باراك حيرام ، قائد الفرقة 99 في جيش الاحتلال، من تهمة إصدار أوامر بقتل الأسرى في بئيري.

ورغم تبرئته لأسباب لم يوضحها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن خيارات مستقبل حيرام في الجيش الإسرائيلي لا تزال مجمدة في هذا الوقت، دون تحديد موعد لحل هذه القضية.

وكان حيرام، قد أقر في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" بإطلاق قذائف دبابات تجاه منزل محاصر في كيبوتس بئيري، ما أدى إلى مقتل 13 أسيرًا إسرائيليًا، ونجاة أسيرة واحدة، فيما يرفض جيش الاحتلال الكشف عن مصير المجموعة الآسرة حتى اليوم.

ويدور الجدل في إسرائيل، حول من تسبب بمقتل الأسرى، أي هل القذيفة التي أطلقت من جيش الاحتلال، أم خلال الاشتباكات بين عناصر حركة حماس وجيش الاحتلال.

ووفق التحقيق، تم إطلاق أول قذيفة دبابة في الساعة 5:23 مساءً على المنزل، بأوامر من جهاز الشاباك وكبار قادة شرطة وحدة يمام المدربين على التعامل مع حالات احتجاز الأسرى.

ووصل حيرام إلى مكان الحادث بعد 37 دقيقة فقط في الساعة 6:00 مساءً وفي الساعة 6:27 مساء، أطلقت الدبابة النار للمرة الثانية بالقرب من المنزل، ولكن دون نية إصابته.

وبعد ذلك أطلقت قذيفة ثالثة، وفي حوالي الساعة 6:45 مساء أطلقت قذيفة رابعة، وهذه المرة كان الهدف منها ضرب الجزء العلوي من المنزل، في منطقة فوق المكان الذي كان محتجزًا فيه الأسرى، إلا أنها أخطأت هدفها وأصابت نقطة سفلية، مما تسبب في أضرار في أجزاء من المنزل.

ويزعم جيش الاحتلال أن عملية جمع جثث الأسرى، تمت بشكلٍ عشوائي وسريع، مما يجعل من المستحيل جمع الأدلة الجنائية من المكان.

ما دور ساسة الاحتلال؟

تناولت افتتاحية صحيفة "جيروزاليم بوست" تحقيق الجيش الإسرائيلي في أحداث بئيري، في أول خطوة نحو سلسلة من التحقيقات، وجاء الافتتاحية بعنوان "حان الوقت لكي يتوقف الساسة الإسرائيليون عن التهرب من اللوم على أحداث السابع من أكتوبر".

وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "كان السابع من أكتوبر أشبه بحريق في مكب نفايات: مروع، وغير متوقع، ولا يمكن السيطرة عليه، ومربك. لقد تم التخلي عن سكان الجنوب، ويرفض الساسة تحمل المسؤولية. لقد استقال قادة الجيش الإسرائيلي، واحدًا تلو الآخر، وأخفضوا رؤوسهم، وأظهروا بعض الخجل الذي يحتاجون إليه بشدة، ولكنهم أيضًا تركوا مناصبهم لقادة أصغر سنًا، وبالتالي أقل خبرة".

واستمرت في القول: "الآن، نشرت قوات الأمن الإسرائيلية النتائج الأولية لتحقيقاتها في الحدث غير المسبوق الذي وقع في كيبوتس بئيري. وقد توصل التحقيق إلى عدة نتائج حيوية من شأنها أن تعزز الفهم بأن قوات الأمن والحكومة وقادة هذا البلد على كافة الأصعدة تركوا مجتمعات حدود غزة لتدافع عن نفسها".

وأضافت: "أولًا وقبل كل شيء، حتى الساعة الثانية والنصف بعد الظهر ـ بعد أكثر من سبع ساعات ونصف الساعة من التسلل إلى كيبوتس بئيري ـ كان ما بين 13 و26 إسرائيليًا يقاتلون ما بين 80 و200 فلسطينيًا في الكيبوتس. وكان هؤلاء الثلاثة عشر الأوائل جزءًا من فرقة الطوارئ الاحتياطية؛ أما الثلاثة عشر الآخرون فكانوا من قوات الأمن التي تم نقلها جوًا. وللتوضيح، لم يكن لدى إسرائيل في كيبوتس بئيري أعداد متفوقة إلا بعد مرور سبع ساعات ونصف".

وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "هذا يثير أول الأسئلة العديدة: لماذا تأخرت قوات الأمن كل هذا الوقت للدفاع عن سكان الكيبوتس؟ ويقدم التقرير إجابة ثلاثية: أولًا، كانت هناك قوات بجوار الكيبوتس مباشرة ولم تدخل لأنها، في خضم الغزو، اعتقدت أن دورها لم يكن الانضمام والقتال، بل المساعدة في الإخلاء والرعاية الطارئة؛ والسبب الثاني هو أن فرق قوات الأمن الأخرى كانت تنتظر قادتها الذين لم يصلوا بعد لأنهم كانوا خائفين من العمل دون الأذونات اللازمة؛ والسبب الثالث هو أن فرق أخرى كانت في طريقها، حتى بعد مرور وقت طويل على الغزو. وكانت هناك قضية أخرى تسببت في بعض الارتباك والفوضى وهي عدم وجود قائد "ذو رؤية واسعة" للإشراف على دفاع الكيبوتس".

وأوضحت الافتتاحية: "أي أنه لم يكن أحد يشرف على كل قوات الأمن المكلفة بالدفاع عن بئيري حتى الساعة الواحدة ظهرًا عندما تولى باراك حيرام المسؤولية. ولم يدخل إلى عمق الميدان إلا بعد ساعات من ذلك".

وواصلت الافتتاحية المتابعة، بالقول: "علاوة على ذلك، يجب محاسبة أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي، لأنها كانت قادرة على رؤية تفعيل شرائح الهاتف المحمول في قطاع غزة ولم تعتبر ذلك مصدر قلق مشروع. لماذا حدث هذا؟". مضيفةً: "لكي نكون منصفين لقواتنا الأمنية [الإسرائيلية]، فإن حماس أطلقت ثلاثة آلاف صاروخ في أربع ساعات، فخدعتنا تمامًا وأدخلتنا في حالة من الهياج والجنون".

وفي عنوان فرعي، كتب فيه: "إسرائيل تفشل في حماية مواطنيها"، وقالت: "لكن كيف يمكن لدولة مثل إسرائيل، دولة لديها جيش قوي يحمي مواطنيها منذ ما قبل تأسيس الدولة نفسها، ألا يكون لديها خط دفاع أول أو ثاني مكتمل التكوين؟".

وأوضحت: "الواقع أن القوات على طول الحدود الجنوبية مع قطاع غزة كانت خالية من الجنود عمليًا، وهو ما يتناقض مع الأعداد التي كان ينبغي لنا أن نراها هناك. وحتى لو كانت هذه الحدود مأهولة بالكامل، حتى لو كان لدينا العدد الكافي من الجنود لتبرير القول بأن إسرائيل آمنة ومحمية جيدًا، فلم يكن هناك عمليًا أي خط دفاع ثان على الإطلاق. وهذا هو أبسط تكتيك أمني".

واستمرت في القول: "في نهاية المطاف، يتلخص الأمر في الآتي: لقد اعتقدت إسرائيل أن حماس مجرد مزحة. واعتقدت أن هذا التهديد، الذي رأت ’الأعلام الحمراء’ التي تحذر منه، إن صح التعبير، قبل وقت طويل من الغزو، لم يكن يشكل أي أهمية على الإطلاق".

وتابعت: "من الذي قرر التقليل من أهمية هذه القضية؟ ومن الذي ينبغي أن يعذب ضمائره بالرعب لكونه جزءًا من عملية صنع القرار التي أدت إلى هذا؟".

وختمت بالقول: "إلى السياسيين الإسرائيليين، الذين نجحوا مرارًا وتكرارًا منذ بداية الحرب في إفشال عملية إلقاء اللوم على الآخرين، يتعين عليهم أن يظهروا بعض التواضع. وهذا يقع على عاتقكم على الأقل جزئيًا".

صفقة تبادل الأسرى

"كنا نعرف الفشل"

بدوره، قال المتحدث السابق باسم جيش الاحتلال رونين مانيليس: إن "التحقيق في قضية بئيري أمر مفجع. من المستحيل أن تقرأ هذا التقرير دون أن تمسك رأسك وتتساءل كيف حدث لنا هذا الأمر الرهيب. يتضمن التحقيق أحداثًا لا يمكن تصورها، وكل منها بمفرده قد يملأ خطط الدروس لكل ضابط وقائد في الجيش الإسرائيلي لسنوات قادمة".

وأضاف: "إن الشخص الذي قام بالتحقيق في معارك بئيري، اللواء (احتياط) ميكي إدلشتاين، هو أحد الأشخاص الذين أثق بهم أكثر من أي شخص آخر في العالم. علاوة على ذلك، فهو الشخص الذي كان مسؤولًا عن أمن سكان بئيري والمناطق المحيطة بها لسنوات. خلال إحدى مهامي تحت قيادته في فرقة غزة، رأيته واقفًا أمامهم، منحني الرأس، ويعتذر عشرات المرات عن أحداث لم تقترب حتى من السطر الأول في التحقيق الذي قدمه. ولكن عندما قرأت هذا التحقيق، لم أستطع التخلص من الإحباط والغضب بشأن ما حدث لنا آنذاك وما يحدث لنا منذ ذلك الحين".

وأضاف: "إنني أشعر بالغضب لأن التقرير يذكر أن الجيش الإسرائيلي فشل في الدفاع عن بئيري، أولئك الذين فشلوا في الدفاع عن بئيري على كافة المستويات لهم أسماء ورتب، ولا يتم ذكرهم ولا الإشارة إليهم. لم ننتظر تسعة أشهر حتى يتم إخبارنا بأن الجيش الإسرائيلي فشل. ولكن للأسف كنا نعلم أنه فشل".

وواصل القول: "إنني أشعر بالغضب لأن تحقيقًا واحدًا فقط أصبح جاهزًا ومُقدَّمًا للعامة بعد تسعة أشهر وأربعة أيام من السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ونحن بعيدون كل البعد عن الحقيقة. إننا نستحق أكثر من هذا، وخاصة في هذه المرحلة".

واستمر مساعد رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، في القول: "أنا غاضب لأن اللواء (احتياط) ميكي إدلشتاين تم إرساله مرة أخرى للوقوف وإحناء رأسه أمام سكان بئيري، في حين أن قادة الحدث من الميدان إلى هيئة الأركان العامة لم يكونوا هناك لإحناء رؤوسهم. إنني أشعر بالغضب لأن المسؤولين عن هذا الفشل، من الميدان إلى مكتب رئيس الوزراء، ما زالوا في مناصبهم، ولم يظهروا حتى أي إشارة إلى حزم أمتعتهم والرحيل. بل إن بعضهم يلمح إلى أن بئيري ليست مسؤوليتهم، وأن الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا قبل أن يدفعوا ثمن الفشل، إن دفعوا ثمنه على الإطلاق".

وختم بالقول: "لكن كشخص خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة 24 عامًا ونشأ على قيمه، ويريد مثل كثيرين هنا التركيز فقط على البناء المشترك لإسرائيل الجديدة، لا أرى خيارًا آخر سوى المطالبة من القيادة السياسية والجيش الإسرائيلي بعدم إخضاعنا لعشرات التحقيقات المؤلمة مثل هذه حتى يخبرنا أحد بما حدث حقا في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولا يتحمل المسؤولية فحسب، بل يعترف أيضًا بالذنب".

بئيري

استنتاج متأخر

من جانبه، قال معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "جيروزاليم بوست" يونا جيريمي بوب: "لقد سمحت ثلاثة إخفاقات استراتيجية وتكتيكية كبرى على الأقل لحماس بغزو جنوب إسرائيل في أكثر من 60 موقعًا وفي 22 قرية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكان كيبوتس بئيري إحدى القضايا الأكثر خطورة. ومن المهم أن نحصي كل هذه الإخفاقات حتى لا نفقد الصورة الكبيرة في مجلدات الحقائق والأطر الزمنية التي كشف عنها الجيش الإسرائيلي يوم الخميس".

وأضاف: "لكن من المهم أيضًا أن نذكر ما لم يخرج يوم الخميس: غالبية التحقيقات المتبقية التي يجريها الجيش الإسرائيلي، والتي سيُعْلَن عنها بشكل مستمر على مدى الأسابيع السبعة المقبلة، والأمر الأكثر أهمية، نتائج التحقيق الحكومي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته والحكومات السابقة التي شاركت في "المفاهيم /الإطار الأمني" ​​المفاهيمي الفاشل الذي سمح بحدوث السابع من تشرين الأول/أكتوبر".

وقال: "دعونا أولًا نعود إلى ما تعلمناه اليوم"، وأضاف: "أولًا، يؤكد التقرير الأول الذي أصدرته القوات الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر أن دفاعات الحدود العسكرية كانت تعاني من نقص كبير في الأفراد، حيث راهنت على التكنولوجيا وأجهزة الاستشعار بشكل مفرط لتوفير تحذيرات متقدمة. وعندما استخدمت حماس تكتيكات قديمة لتدمير هذه الأجهزة والهجوم، لم يكن لدى القوات الإسرائيلية أي إجابة. وكان هذا بسبب غطرسة القوات الإسرائيلية، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، والحكومة. فقد اعتقدوا جميعًا خطًأ أن حماس قد ردعت وأنها غير كفؤة بما يكفي لتشكل تهديدًا".

واستمر في القول: "ثانيًا، يؤكد التقرير الفشل الأوسع نطاقًا المتمثل في عدم وجود خط دفاع ثانٍ جاد. فمهما كان عدد القوات وأجهزة الاستشعار التي تنشرها فإنه الطرف الآخر الماهر والصبور قادر دومًا على العثور على حلقة ضعيفة واحدة على الأقل. وعلى أساس هذا الخوف عمل الجيش الإسرائيلي لمدة عقد من الزمان تقريبًا على كيفية التعامل مع غزو حزب الله الناجح لعدد قليل من من مستوطنات الحدود الشمالية (عدد قليل، وليس 22 كما فعلت حماس)".

وأضاف: "إن ما يجعل أي حدود غير قابلة للاختراق هو السبب الذي يجعل من الضروري أن يكون هناك خط دفاع ثانٍ جاد في كل الأوقات لمنع الغزاة الناجحين من تجاوز الحدود. وفي غياب خط دفاع ثانٍ حقيقي، بمجرد أن اخترقت حماس الحدود، تمكن بعض مقاتليها من الوصول إلى أوفاكيم، وهي ليست أقرب من عسقلان".

وقال المعلق العسكري في "جيروزاليم بوست": "بحسب تقرير بئيري، لم يحقق الجيش الإسرائيلي ميزة عددية على حماس حتى الساعة 2:30 بعد الظهر في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أي بعد أكثر من 7.5 ساعة من بدء العملية في الساعة 6.55 صباحًا. وقد أدى هذا الفشل المذهل إلى تفاقم الفشل السابق بشكل كبير".

وانتقل إلى نقطة أخرى، وهي الثالثة، وقال: "فشل التحذيرات الاستخباراتية والعملياتية. حذرت ضابطة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي "ف" مشرفها المقدم "أ" من خطط حماس للهجوم، لكن قيل لها إنها تستمتع بـ "خيال" وتضيع وقت الجميع. ولقد تجاهل ضباط عمليات آخرون كبار في الجيش الإسرائيلي التحذيرات الصادرة عن مراقبات صغار السن. بل إن استخبارات الجيش الإسرائيلي تجاهلت مئات من بطاقات الهاتف الإسرائيلية التي أضاءت في غزة عشية الهجوم، واعتبرت ذلك تدريبًا. وربما كان من الممكن اعتبار حقيقة تحول العديد من أعضاء حماس فجأة إلى بطاقات الهاتف الإسرائيلية دليلًا على الهجوم المخطط له".

وتابع مع النقطة السابقة، حول دروس التحقيق الإسرائيلي، وقال: "أخيرًا، انشغلت أجهزة الاستخبارات والعمليات في الجيش الإسرائيلي بإطلاق حماس لثلاثة آلاف صاروخ في أربع ساعات، إلى الحد الذي جعلها لا تولي اهتماماً كافياً للهجوم البري الذي شنته حماس في نفس الوقت. ووفقًا لتقرير بئيري، لم يُعَيَّن قائد فرقة برتبة عميد مسؤولًا عن منطقة بئيري حتى الساعة الواحدة ظهرًا".

وأوضح: "لا عجب أن التعزيزات التي وصلت كانت قليلة إذا لم يكن هناك من يدير الأمور. استغرق الأمر وقتًا طويلًا، لأن استخبارات الجيش الإسرائيلي والقيادة العليا كانت في حالة من الصدمة التامة".

وانتقل إلى نقطة أخرى، وقال: "التحقيقات القادمة ستكشف المزيد من التفاصيل حول ما حدث. وسوف نحتاج إلى انتظار التفاصيل الكاملة بشأن بعض القضايا المذكورة أعلاه، مثل ما حدث بالضبط وراء الكواليس داخل استخبارات الجيش الإسرائيلي، والعمليات، والقيادة العليا، قبل الحرب وفي السابع من تشرين الأول/أكتوبر، في التحقيقات التالية التي من المقرر أن تصدر خلال الأسابيع السبعة المقبلة. وكل هذا يحدث متأخرًا جدًا. انتهت الأجزاء الأكثر كثافة من حرب غزة بحلول أوائل شهر كانون الثاني/يناير. ورغم اندلاع قتال عنيف في خانيونس لفترة وجيزة في أوائل شباط/فبراير وفي رفح لمدة قصيرة في أوائل أيار/مايو، فإن القتال كان هادئًا معظم الوقت منذ أوائل كانون الثاني/يناير. وكان من الممكن الإعلان عن هذه التحقيقات في شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل".

وقال يونا جيريمي بوب: "في المقابل، منع نتنياهو حتى مناقشة إجراء تحقيق حكومي لفحص قراراته وقرارات الحكومات السابقة التي أدت إلى أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وفي هذا الموضوع، هناك جدل ضئيل حول كون نتنياهو واحدًا من مجموعة من مؤلفي مفهوم الأمن القائل بإمكانية ردع حماس واحتواؤها في غزة، وأن من المقبول تركها في السلطة".

وأضاف: "بالإضافة إلى ذلك، في حين تختلف الآراء حول من هو المسؤول عن التأثير السلبي الذي أحدثه مناقشة التعديلات القضائية في عام 2023 على الجيش الإسرائيلي، فإن وجهة نظر واحدة على الأقل تلوم نتنياهو على دفعه إلى الأمام بهذه السرعة والمثابرة حتى أن وزير أمنه يوآف جالانت، الذي يدعم الإصلاح القضائي بشكل عام، حذر من أنه قد يدمر الجاهزية العملياتية للجيش الإسرائيلي".

وواصل القول: "لا شك أن نتنياهو ليس وحده المسؤول عن هذا. فقد كان بيني غانتس، منافسه الرئيسي على الزعامة السياسية، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من عام 2011 إلى عام 2015، وكان جزءًا من سياسة الردع والاحتواء. كما قبل رئيسا الوزراء السابقان نفتالي بينيت ويائير لابيد (منتصف عام 2021 حتى نهاية عام 2022) هذا الإطار الأمني. وقال البعض إن المؤسسة السياسية الحالية بأكملها تقريبا يجب أن يتم استبدالها بدماء جديدة، من اليمين إلى اليسار".

واستمر في القول: "لكن أحد الانتقادات الموجهة إلى نتنياهو هو أنه بدلًا من متابعة الخيارات الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لعزل حماس، حاول بدلًا من ذلك إضعاف السلطة الفلسطينية. ومن المرجح أن بينيت كان سيؤيد هذه السياسة، لكن غانتس ولابيد بالتأكيد لم يفعلا ذلك".

وفي عنوان فرعي أخير، جاء "قطع اللغز المفقودة"، وقال: "فهل أدى هذا إلى تقوية التهديد الذي تشكله حماس، أم أن أي مبادرة سياسية لإضعاف حماس من خلال بناء السلطة الفلسطينية لن تؤدي إلى أي شيء؟".

وأوضح: "إن التحقيق الحكومي غير الحزبي قد يوفر رأيًا معقولًا، وقد يصدر الناخبون حكمهم بشأن هذه القضية. كما سيكون التحقيق الحكومي قادرًا على الحكم على رؤساء الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (شين بيت)، الذين ليس لديهم حاليًا من يعلوهم ليراجع قراراتهم. على أية حال، ورغم أن التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي تشكل بداية مهمة لمساعدة الأمة على تجاوز أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، إلا أنه من غير المرجح أن تتمكن الأمة من قلب الصفحة ما لم يُجْرَى تحقيق حكومي".

جزء من الصورة

تحت عنوان "فشل الجيش الإسرائيلي الذي كشف عنه تحقيق بئيري في 7 أكتوبر هو جزء من الصورة فقط"، كتب المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، مقالًا تناول التحقيق، وقال: إن "الأولويات الخاطئة، والأخطاء التي ارتكبها القادة، والوقت الطويل الذي استغرقه الجيش للتحرك، تشكل جزءًا كبيرًا من النتائج التي توصلت إليه التحقيقات. ولكن لا ينبغي لهذا أن يصرف الانتباه عن الإخفاقات على المستوى السياسي".

وأضاف: "تكشف نتائج التحقيق، عن الفوضى التي لا تصدق، والتي سادت الكيبوتس منذ ساعات الصباح من ذلك السبت وحتى مساء اليوم التالي. فقد هاجم حوالي 340 فلسطينيًا مسلحًا الكيبوتس في الساعات الأولى. وفي الوقت نفسه، هاجمت قوة كبيرة من حماس البؤرة العسكرية المجاورة، ماجين بئيري (باغا). وحُوصِر جنود لواء المشاة جولاني في الداخل، ولم يتمكنوا من مساعدة الكيبوتس. كما لم تعمل قيادة فرقة غزة ولوائها الشمالي، ولم تقدم أي مساعدة".

وأوضح هارئيل: "إن جوهر الفشل في بئيري وفي التجمعات الأخرى يكمن في الاستجابة البطيئة والمتأخرة من جانب الجيش الإسرائيلي بعد أن فوجئ بالهجوم. فقد مر وقت طويل قبل أن تتمكن القوات من تجميع نفسها، ووُضِعَت سلسلة قيادية مرتجلة (بدلًا من القيادة الفرعية التي انهارت)، وقُسِّمَت القطاعات في الكيبوتس بين الوحدات. وفي الخارج، في ساحة انتظار السيارات، كان عشرات الجنود وضباط الشرطة ينتظرون التعليمات في بعض الأحيان، وفي الوقت نفسه لم يدخلوا الكيبوتس من أجل المواجهة وإنقاذ المدنيين".

واستمر في القول: "توصل التحقيق إلى أخطاء جسيمة ارتكبها قادة وحدتي كوماندوز النخبة، سييرت متكال وشالداغ. فقد تراجعت قوة صغيرة من شالداغ، وصلت إلى الكيبوتس في الصباح، عن خط التماس الأول بعد مقتل أحد رجالها وإصابة آخر. وفي المساء قرر قائد وحدة "سييرت متكال" إخلاء رجاله من الكيبوتس، على ما يبدو بسبب نقص الذخيرة، دون الحصول على إذن من الأعلى أو تخصيص قوات بديلة لهم".

واستمر في القول: "تأمل القوات الإسرائيلية أن تساعد الشفافية والانفتاح اللذان تتبناهما في إتاحة نتائج التحقيقات للجمهور، وخاصة لسكان البلدات التي تعرضت للهجوم، في إعادة بناء بعض الثقة التي فقدت. ولأغراض التحقيق، سلم أعضاء الكيبوتس لفريق إيدلشتاين جميع الرسائل المتبادلة عبر تطبيق واتساب في ذلك اليوم. والعديد من الأشخاص الذين كتبوا تلك الرسائل لم يعودوا بين الأحياء. وكانت آخر رسالة أرسلوها لأصدقائهم: أين الجيش الإسرائيلي؟".

وفي العموم، قال هارئيل: "بشكل عام، يكشف التحقيق في كثير من الأحيان عن خلل في ترتيب الأولويات، حيث تتعامل الوحدات مع إنقاذ وإخراج أفراد الأمن، وتظهر عدم حساسية تجاه الحاجة إلى إعطاء الأولوية لإنقاذ المدنيين والتعامل معهم. وتناولت وسائل الإعلام بإسهاب حادثة بيسى كوهين ، حيث تحصن عناصر حماس مع الأسرى، الذين قُتل معظمهم بعد محاولة إنقاذ فاشلة من قبل الجيش الإسرائيلي ووحدة مكافحة الإرهاب الخاصة التابعة للشرطة".

وأوضح: "وجهت أغلب الانتقادات إلى الضابط الذي تولى مسؤولية قطاع بئيري بعد ظهر السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وهو العميد باراك حيرام ، قائد الفرقة 99. ومن المقرر أن يخلف العميد آفي روزنفيلد هذا الصيف في قيادة فرقة غزة، بعد أن قرر روزنفيلد الاستقالة من الجيش الإسرائيلي في ضوء الفشل".

واستمر في القول: "يسعى تحقيق الجيش إلى تقليص الانتقادات الموجهة إلى حيرام، ويواصل الامتناع عن تبني استنتاجات نهائية، مدعيًا ​​أن هناك المزيد من الأمور التي يتعين فحصها. ومن خلال التحقيق، تنشأ شكوك حول مدى تورط حيرام في إطلاق النار على الدبابة وحول الصلة بينه وبين وفاة الأسرى. كان بعض الغضب الذي وجه إلى حيرام في أعقاب المقابلات التي أجراها مع برنامج "عوفدا" ("الحقيقة") على القناة 12 وصحيفة نيويورك تايمز مبالغًا فيه وينبع جزئيًا من هويته الأيديولوجية: مستوطن يحظى بإعجاب العديد من اليمين"، وفق قول هارئيل.

وعن حيرام، قال: "كان حيرام هو الذي تولى زمام المبادرة وتسلم قيادة منطقة الكيبوتس. ومع ذلك، لم يتطرق إدلشتاين إلى مسألة مدى ملاءمة حيرام لمنصب قائد فرقة غزة. فأولًا، كانت المعركة التي دارت خلال الساعات التي تولى فيها حيرام القيادة مليئة بالنكسات والصعوبات (بعد أن بدأ من موقع أدنى بشكل كبير). وثانيًا، يعتمد الكثير على القدرة على بناء الثقة المتجددة بين حيرام ومجتمع كيبوتس بئيري".

وتابع: "إن الانشغال الشديد والمبرر الذي يبديه الجمهور بالتحقيقات العسكرية لا ينبغي أن يحول الانتباه عن الأخطاء الفادحة التي ارتكبها صناع القرار السياسي في قضية غزة، وخاصة في السنوات التي سبقت 7 تشرين الأول/أكتوبر. إن الائتلاف الحكومي لديه حافز خاص لتوجيه الغضب الشعبي نحو الجيش الإسرائيلي، وسط دعوات متزايدة لاستقالة كبار ضباط الجيش. وقد قدم تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت يوم الأربعاء لمحة عن خطورة ما زال ينتظر الكشف عنه".

وبحسب التقرير، قدم السكرتير العسكري المنتهية ولايته لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، آفي غيل، شكوى مؤخرًا إلى النائبة العامة غالي بهاراف ميارا، أعرب فيها عن قلقه من أن البعض في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي حاولوا مراجعة البروتوكولات التي توثق الحرب.

وختم هارئيل، بالقول: "الخلاصة من كل هذه الشؤون المتشابكة والمقلقة واضحة: في نهاية الأمر لن يكون هناك خيار سوى إنشاء لجنة تحقيق حكومية".