تغزو موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إعلاناتٌ حول مساراتٍ ورحلات تخييمٍ تدعو لها شركاتٌ سياحيةٌ أو مجموعاتٌ شبابية. تتوجه هذه الرحلات من مختلف محافظات الضفة الغربية إلى مناطق مختلفة من بينها مطلات البحر الميت، والنبي موسى، وعين فوارة وغيرها، وتلقى إقبالاً واسعًا في ظل شح أماكن الاستجمام.
بتاريخ 20 تشرين الأول/أكتوبر، تُوفي شابٌ من نابلس في رحلة تخييمٍ قرب البحر الميت بعد سقوطه من علو. تطرح هذه الحادثة تساؤلات حول آليات تنظيم مثل هذه الرحلات، ومدى مراعاة المنظمين لها، للسلامة العامة. فهذه الرحلات يتخللها مسيرٌ لساعاتٍ طويلة، وتعرضٌ لأشعة الشمس، ثم مبيتٌ في العراء، ما يستدعي أخذ معايير عديدة بعين الاعتبار من أجل السلامة العامة، من بينها المعرفة الجيّدة بطبيعة المنطقة.
الشروط التي تُرفق في إعلانات الرحلات بالضفة ليست مُلزمة، وإجراءات السلامة مسؤولية المشاركين غالبًا، وليس القائمين على الرحلات
قرأنا إعلانًا عن رحلة من رام الله إلى أريحا، يتخللها ركوب سيارات الدفع الرباعي والمسير لمسافاتٍ متباينة. يظهر في الإعلان أن أعمار المشاركين يجب ألا تقل عن (18 عاما)، لكن عندما تواصلنا مع المُعلن قائلين إننا نرغب في المشاركة بالرحلة، سألناه عن إمكانية وجود طفل يبلغ من العمر سنتين، فكانت الإجابة "لا بأس يسمح بذلك، حتى لو كان يبلغ عامًا واحدًا فقط". وعندما سألنا عن إجراءات تأمين طفل في مثل هذه الرحلة الشاقة، كان الرد أن "على الأهالي توخي الحذر عند اصطحاب أطفالهم، هذا أقصى ما يمكن قوله وفعله".
اقرأ/ي أيضًا: تجول في أرضك تمتلكها
وعند التواصل مع مجموعة أخرى، تنظم رحلاتٍ بشكل شبه أسبوعي، أوضح القائمون عليها أنها تُبين من خلال إعلاناتها أن على المشاركين فيها الالتزام باللباس الفضفاض، والحذاء الرياضي، وارتداء القبعات، وتوفير كميات كافية من الماء، ومن ثم يتحمل كل مشارك مسؤولية إخلاله بهذه التعليمات التي قد يؤدي الإخلال بها إلى حوادث خلال الرحلة.
وفي اتصالٍ مع مجموعة شبابية ثالثة تنظم رحلات تخييم ومسارات بشكل شبه أسبوعي، أوضح القائمون عليها أن عدد المشاركين في كل رحلة يقترب من 60 مشاركًا، يدفع كل منهم رسوم 200 شيكل. وعند السؤال عن هذا العدد الكبير والرسوم المرتفعة، أوضح القائمون أن تنظيم المسارات والرحلات بدأ بشكل عشوائي، ثم توسعت دائرة العمل، وساهمت صفحات "فيسبوك" في إشهار المجموعة، حتى أصبح تنظيم هذه الرحلات يتم كعمل رسمي لكن دون ترخيص، والسبب: " لم يُطلب منا ولم تُراجعنا أية جهة بشأن ذلك".
المتحدث الرسمي باسم وزارة السياحة والآثار، جريس قمصيه، قال لـ الترا فلسطين، إن الوزارة تشجع إطلاق المسارات ورحلات التخييم كونها تنشط السياحة الداخلية، "بغض النظر إن كان القائمون عليها يتبعون لمكتب سياحي مرخص، أو مجموعات شبابية، شرط ألا يكون هدفها مادي ربحي، وإنما التعرف على البيئة والطبيعة الفلسطينية"، لافتًا إلى أن الوزارة أوقفت العديد من المجموعات لمخالفتها هذا الشرط.
قريبًا سيكون على منظمي الرحلات والمسارات التنسيق مع الوزارة سلفًا لتلبية شروط محددة
وتعكف وزارة السياحة والآثار على تنظيم عمل هذه الرحلات وإصدار تعليمات جديدة سيتم تعميمها على الشرطة السياحية قريبًا؛ وصولاً إلى طرح قانونٍ على مجلس الوزراء، من المتوقع إقراره قبل نهاية العام الجاري أو مطلع العام القادم.
وتتضمن التعليمات الجديدة وفقًا لما أفادنا به مدير السياحة الداخلية في الوزارة أحمد نعيرات؛ قيام المجموعات الشبابية بتبليغ وزارة السياحة بشكل رسمي بالموعد والمكان قبل تنظيم الرحلات والمسارات، وتأمينها ضد المخاطر، وتوفير مسعف مرافق خلال الرحلة، إضافة لوجود دليل سياحي ومجتمعي مرخص من الوزارة، "وهذه التعليمات ملزمة لجميع الأطراف" كما أكّد نعيرات.
اقرأ/ي أيضًا:
بالصور: رحلاتٌ إلى سماء فلسطين