يفتتح المتحف الفلسطيني في بلدة بيرزيت شمال رام الله، اليوم الأحد (27 آب/ أغسطس)، أولى فعالياته منذ إتمام بنائه قبل 15 شهرًا. القائمون على المتحف اختاروا أن يفتتحوه بمعرض "تحيا القدس" الذي استغرق تجهيزه قرابة 9 أشهر متتالية.
معرض "تحيا القدس" باكورة أنشطة المتحف الفلسطيني، شارك فيه 48 فنانًا بأعمال فنيّة ركزّت على الحياة في القدس
يقوم المعرض على مشاركات عشرات الفنانين من فلسطين والعالم، بأعمال سمعية وبصرية كالمجسمات والرسومات واللوحات وأفلام الفيديو وغيرها من الفنون التشكيلية، ويعالج كل عمل منها قضية القدس على طريقته ومن زاويته.
أحد الأعمال المشاركة، عبارة عن علب بيضاء تبدو بلاستيكية، تم تركيبها في حديقة المعرض على شكل نص باللغة العربية: "اللهم بارك هذه الأرض سواء أكانت مقدسة أم لم تكن"، وقالت صاحبة العمل الفنانة إيناس ياسين خلال حديثها مع "الترا فلسطين" إنها استعملت اللغة الشعبية البسيطة لرفض فكرة إقصاء وإهمال ما هو غير مقدّس بالنسبة للجماعة.
اقرأ/ي أيضًا: "خزائن" لأرشفة "ما لا يجمعه أحد"
وشرحت أنها بكلمة "اللهم" تقصد مخاطبة مصدر القوة في هذا الكون، بغض النظر عن المنظومة الدينية أو الأيديولوجية التي تعرّفه، وبكلمة "بارك" تقصد الطلب من مصدر القوة هذا أن يجلب الخير والنفع والسلام والمحبة، وبمفردة "الأرض" تعني كل فلسطين وليس فقط المناطق التي تحتوي على دور العبادة والرموز الدينية.
وفي المقطع الأخير من عملها "سواء أكانت مقدسة أم لم تكن" أرادت الفنانة ياسين أن تؤكد على كل فلسطين وترفض الفكرة السائدة التي تشترط القدسية الدينية في المكان ليكون مباركًا ومحط تقدير واهتمام ودفاع وفداء، مؤكدةً على أن العادي الذي لا يتمتع برمزية دينية له حق في هذه البركة والأهمية أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: "عشر سنين" يُعيد السينما لغزة بعد سنوات عجاف
الفنّانة الفلسطينية مُنى حاطوم، شاركت هي الأخرى بعمل فنّي من الصابون النابلسي، أظهر الحدود السياسية التي نجمت عن اتفاقية اوسلو 1993 في ما يخص القدس، وذلك تعبيرًا عن أملها بأن تذوب الحدود التي نجمت عن اتفاقية اوسلو مثلما يذوب الصابون.
وبشكل لافت بين عشرات الأعمال الماثلة هنا وهناك، نشاهد فوق سقف المتحف الفلسطيني مُجسمًا لصخرة هائلة الضخامة والثقل، فنخالها للوهلة الأولى جزءًا من تصميم المتحف وليست ضمن المعرض، لأنّه من غير المعتاد أن يكون سقف المتحف امتداد لساحة العرض، ثم نكتشف بعد ذلك أن تلك الصخرة العملاقة عملٌ ضمن معرض "تحيا القدس" للفنان الفلسطيني يزن خليلي، الذي شرح لـ "الترا فلسطين" عن سبب اختيار سقف المتحف مكانًا لعرض عمله.
قال خليلي: "المعنى الأول الذي أردت إيصاله من اختيار سقف المتحف هو أن معرض تحيا القدس والمتحف الفلسطيني لا يتجزآن؛ فهما مشتركان بالرسالة والفكرة والهمّ ولا تمييز بين هذا المعرض وبين المتحف الذي يفتتح فعالياته به. أي أنّ المعرض والمتحف كل منهما يعبر عن الآخر، ويكمل معناه.
وأضاف خليلي: "أردت استغلال رمزية الصخرة في الوعي الإنساني وما يترتب عليها من معاني الثقل، فأردت الإشارة من خلال ذلك إلى ثقل القدس التاريخي والوطني في مخيلتنا كفلسطينيين، ووجودها فوقنا جميعًا بالواقع والفرض لا بالخيال والاختيار".
المعرض اختصر المسافات على المبدعين، ليعبّروا عن أنفسم، ويتواصلوا مع جمهورهم
وبدورها، أكدت ريم فضة القيّمة على المعرض، خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد قبل افتتاح المعرض بيوم، على أن العروض تسعى إلى تفعيل حراك ثقافيّ فنيّ حول مدينة القدس، لخلق مشاركة ثقافية فاعلة في إحداث استجابة دينامية لحاضر المدينة، وذلك من خلال مجموعة خاصة من الإنتاجات والبرامج الفنية التفاعلية التي يضمّها معرض "تحيا القدس".
وأشارت فضة إلى أنه لم يكن اعتباطًا اختيار القدس الموضوع الأول لهذا الصرح الثقافي الأول من نوعه بفلسطين، فهذا بحد ذاته وصف لأهمية القدس ومركزيتها في قضيتنا الفلسطينية ثقافيًا وعلى شتى الأصعدة، مؤكدةً على أن هذه طريقة خلاقة ومختلفة لمقاومة الاحتلال، "وإننا بذلك نحضر القدس إلى عندنا ونزجها في وعي الشباب بظل عدم تمكننا من وصولها بسبب منع الاحتلال".
اقرأ/ي أيضًا: الدراسات الثقافية الفلسطينية.. أداة مقاومة
مدير عام المتحف الفلسطيني محمود هواري، قال في كلمته للصحافة إن المتحف سيستمر باستقبال زوار معرض "تحيا القدس" بدون قيد أو شرط يوميًا عدا العطل الرسمية، من العاشرة صباحًا إلى الثامنة مساءً. وذلك حتى منتصف الشهر الأخير من عام 2017، ثم سيتم نقل أعمال المعرض إلى مختلف أنحاء العالم وتعميمها في العديد من المحافل الثقافية الدولية.
المتحف الفلسطيني أنشئ في بيرزيت 2015، ويستقبل مشاركات من فلسطينيين يقيمون في الخارج، وستكون مواده متوافرة عبر الانترنت
وتابع هواري، المتحف يتحضر منذ الآن للمعرض التالي الذي سيتناول موضوع التطريز والفلكلور الفلسطيني في شهر شباط/فبراير من العام المقبل. وهذا تأكيد إضافي على رؤية المتحف الفلسطيني والدور الذي يسعى لمراكمته في فلسطين.
اقرأ/ي أيضًا: