فوق ركام منزله وأمام موقد النار، قضى الناشط المقدسي فخري أبو ذياب ليلته الأولى، بعدما هدمت جرافات بلدية الاحتلال، منزله الواقع في حي البستان في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.
أما بقية أفراد الأسرة البالغ عددهم فقد شرّدهم الاحتلال على منازل الأقارب في مختلف أرجاء القدس.
داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل "أبو ذياب" على نحو مفاجئ وشرعت بهدم المنزل، الذي يزيد عمره عن عمر الاحتلال بدون أي إجراءات قانونية مسبقة.
يقول أبو ذياب في حوار مع "الترا فلسطين"، إن ما جرى هو استهداف شخصي وسياسي له، حتى أن بلدية الاحتلال أقرت بأن الهدم جاء لأنه ناشط ويحرض ضد مشاريع الاحتلال والبلدية، ولذلك كانت رسالة من البلدية لإسكات صوته، ورسالة بأن كل من يعمل ضد مشاريع الاحتلال سوف تكون هذه النتيجة وسوف يدفع الثمن غالي.
وبحسرة ينظر أبو ذياب إلى ركام المنزل، ويستجمع قواه قائلًا: "يستطيعون هدم المنازل، ولكن لن يستطيعوا هدم المعنويات ولا إسكات صوتنا، وهذه الحجارة لن تكون أغلى من حجارة منازل أهالي قطاع غزة".
يعيش في منزل أبو ذياب 10 أشخاص، فيما تبلغ مساحته الإجمالية له 120 مترًا، جزء منها يبلغ عمره أكبر من الاحتلال، فيما الجزء الثاني جرى إضافته لاحقًا، ويدعي الاحتلال بأن هناك قرار هدم منذ عام 2010.
وفي حواره مع "الترا فلسطين"، قال أبو ذياب إنهم هدموا المنزل بدون أي أمر قانوني ولا إخطار مسبق كما يدعون، وما يؤكد هذا تصريحاتهم للمحامي الخاص به بأن الهدم جاء لأنه ناشط ضد أعمال الهدم والتهويد والاستيطان، كما أكد المحامي له بأنه لم يتمكن من المرافعة القانونية لأن الاستهداف سياسي وشخصي لي.
وتابع أبو ذياب، بأن هذا البيت جرى استهدافه ايضًا لأنه لطالما كان مركزًا للعديد من اللقاءات والاجتماعات الخيرية ولاستقبال القناصل والسفراء والدبلوماسيين، وآخرها قبل أسبوعين مع بعثات دبلوماسية وممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين وممثلين عن الحكومة الأمريكية لمطالبتهم بالضغط على بلدية الاحتلال لإيقاف سياسة الهدم في القدس، ولذلك جرى استهداف هذا المنزل تحديدًا.
ويرى أبو ذياب، أن سلطات الاحتلال تستغل الظروف الحالية والحرب على غزة، وتحاول تغيير الواقع في القدس وتهجير الفلسطينيين منها، واستهداف حي البستان تحديدًا لأنه يقع جنوب المسجد الأقصى، ويشكل أحد الدروع التي تحمي المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وأضاف أن الاحتلال يريد هدمه وطرد السكان منه، لإقامة مشاريع تهويدية في محيط البلدة القديمة وإحلال المستوطنين، فيما يكون المسجد الأقصى في بؤرة الاستهداف اللاحقة.
وحي البستان، وفق أبو ذياب، فيه أكثر من 100 منزل فلسطيني معرض للهدم، يعيش فيها أكثر من 1550 مقدسي مهددين بالطرد والتهجير القسري.
لذا يؤكد أبو ذياب، أن الاحتلال هدم منزله كبداية لتقليل "المعوقات وإزالتها من طريقهم".
ويقول: "ولدت في هذا المنزل، أما الآن أصبحنا بدون مأوى، وان شاء الله سوف نعيد بناءه، وإن لم نتمكن سوف نضع خيمة وإن لم نتمكن سوف نبقى فوق الركام".
وهدم المنزل بالنسبة لأبو ذياب ليس هدمًا للجدران فقط بل هو هدم للذكريات والحياة، فهو من مواليد هذا المنزل، ودمر الاحتلال كل ما فيه من ذكريات طفولته وذكريات أولاده وبناته وأحفاده.
الناشط المقدسي فخري أبو دياب هو من مواليد عام 1962، وولد وعاش في نفس المنزل في حي البستان بالقدس، وقد درس في مدارس البلدة القديمة العمرية المطلة على المسجد الأقصى، وكذلك الراشدية، لذلك لديه ارتباطًا عقائديًا بالمسجد الأقصى وعاطفيًا مع البلدة القديمة والأقصى.
وبعد إنهاء دراسته في مدارس القدس، واصل أبو ذياب رحلته الأكاديمية في الجامعة الأردنية في عمان، وعاد بعدها إلى القدس لإكمال الدراسة في الجامعة العبرية، في تخصص إدارة الأعمال غير الربحية وإدارة الجمعيات.
انتماء أبو ذياب للقدس وما فيها وتخصصه الجامعي جعله يتولى رئاسة جمعية سلوان الخيرية، وهي أكبر جمعية في القدس قبل أن تغلقها مخابرات الاحتلال الإسرائيلية.
وهو عضو في لجنة الدفاع عن سلوان، والناطق باسم أهالي بلدة سلوان، وعضو لجنة حي البستان، وعضو هيئة أمناء الأقصى.
وختم أبو ذياب حواره مع "الترا فلسطين" قائلاً: "كل هذه اللجان بالنسبة إلي تشريف لأنها تدافع وتحمي حقوقنا، وإن كانوا يعتقدون أنهم بهدم المنزل سوف ينالون من عزيمتنا فهم واهمون، وسوف نستمر في الوقوف في وجه الاحتلال ومشاريعه التهويدية والاستيطانية".