03-يونيو-2024
شهداء حركة حماس

الترا فلسطين | فريق التحرير

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، يركّز جيش الاحتلال استهدافه تجاه كل مقدّرات حركة حماس، وتحديدًا الشخصيات البارزة فيها عسكريًا وسياسيًا، لا سيما الأسرى المحررين الناشطين في أطر الحركة التنظيمية، الذين أفرج عنهم في صفقة شاليط "وفاء الأحرار" عام 2011، وأبعدوا من الضفة الغربية إلى قطاع غزّة، بحجّة عملهم ضمن الإطار القيادي لإقليم الضفة في حماس، حيث بات من المعروف أن المقاومين في "حماس" لا يتقاعدون والاحتلال يلاحقهم للثأر منهم.

وينشط إقليم الضفة في الحركة، منذ أكثر من 10 سنوات بشكلٍ عملي، لكن بدأ العمل به بشكل رسمي بعد انتخابات الحركة الداخلية في 2021، وذلك ضمن إجراء تنفيذي، لتسهيل عمل الإقليم ولأسباب أمنية حتى تكون دوائر العمل أضيق، فيما تتبع دائرة القدس إلى إقليم الضفة بالإضافة لدوائر أخرى. 

استشهد خلال العدوان 12 شهيدًا واعتقل الاحتلال 8 أسرى محررين مبعدين من الضفة إلى غزة

وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قد نشرت أن 27 شخصًا من قادة مكتب الضفة التابع لحركة حماس قد استشهدوا أو أسروا منذ بدء الحرب في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي. 

غير أن مسؤول الإعلام في مكتب الشهداء والجرحى والأسرى في حركة حماس، ناهد الفاخوري، يؤكد خلال حديث لـ "الترا فلسطين" أن العدد المؤكد لمن هم قادة في مكتب إقليم الضفة للحركة، واستشهدوا خلال العدوان 12 شهيدًا، فيما اعتقل الاحتلال 8 أسرى محررين مبعدين من الضفة إلى غزة.

وكان آخر ممن ارتقوا من شهداء إقليم الضفة "ياسين ربيع"، مسؤول مكتب الضفة في حركة حماس بغزة، ومعه القيادي خالد النجار مسؤول دائرة الإسناد في إقليم الضفة، وكلاهما أعضاء في الإطار القيادي للإقليم، وذلك خلال قصف إسرائيليّ على منطقة تل السلطان غرب رفح. 

وقبلهم ارتقى فادي دويك، القيادي في استخبارات كتائب القسّام، خلال اقتحام مستشفى الشفاء نهاية آذار/مارس الماضي، ومعه مسؤول قسم الإسناد في ملف القدس عن إقليم الضفة، زكريا نجيب. فيما ارتقى قيادات أخرى سابقًا، وهم: "مسؤول الإعلام المركزي والناطق باسم حماس عن القدس، محمد حمادة، وعبد الله أبو سيف في دائرة الإسناد عن الخليل، وسالم ذويب عن بيت لحم، وطارق حليسي عن منطقة القدس والذي يعمل في دوائر الإعلام الموجّه ضد الاحتلال، وفرسان خليفة مسؤول ملف الشهداء في إقليم الضفة، بالإضافة للقادة جبريل جبريل وخويلد رمضان ونضال أبو شخيدم".

وفي وقت سابق، أعلن الاحتلال أن ثلاثة أسرى محررين من صفقة شاليط، أعيد اعتقالهم من غزّة، لكن مجمّل من اعتقلهم فعليًا 8، هم: "محمود القواسمة، وعمر عصيدة، وسعيد بشارات، ولؤي قفيشة، وعصمت مطاوع، ونادر أبو تركي، وطارق حساين، وحمد الله الحاج علي". 

يسعى الاحتلال باستهدافه الأسرى المحررين في صفقة شاليط تقديم رسالة بأنه لا ينسى ثأره مع من نفذوا ضده عمليات عسكرية

يقول الفاخوري إن "الحركة بكل أقاليمها، وتحديدًا إقليم الضفة لا يزال عصيًا على منال الاحتلال، إذ أن أي قيادي استشهد، فإن الفراغ الذي تركه وراءه لا يصعب على الحركة سدّه بشكل تلقائي، ولا أقرب من مثال استشهاد رئيس مكتب الضفة صالح العاروري، واستلام القيادي زاهر جبارين قائمًا بأعمال رئاسة المكتب إلى حين إجراء انتخابات، وبالتأكيد تم تدارك الأمر في اغتيال ياسين ربيع". 

وأكد الفاخوري أن الأسرى المحررين من صفقة شاليط، الذين أعيد اعتقالهم قبل أو بعد طوفان الأقصى هم من ضمن المطالب الرئيسية في حوارات الصفقة المتعلّقة بتبادل الأسرى، بالإضافة إلى الأسرى المعتقلين من قطاع غزة خلال العدوان، بما فيهم أفراد النخبة الذين شاركوا في السابع من أكتوبر. 

وتابع الفاخوري: "لدينا 5 مطالب أساسية تعتبر خطوطًا حمراء، وهي وقف شامل للعدوان، وانسحاب كامل للاحتلال من القطاع، ثم عودة النازحين دون قيود، والبدء بإعادة الإعمار وفق هيكلية واضحة، ثم إجراء صفقة تبادل أسرى". وأن أيّ اتفاق لا يشمل المطالب الخمسة، لن يحصل تقدمًا بالمطلق. 

ويسعى الاحتلال باستهدافه الأسرى المحررين في صفقة شاليط، قبل السابع من أكتوبر لأسباب عديدة، منها أن "الإسرائيلي يقول إنه حتى لو اضطر لتقديم تنازلات في صفقة تبادل، فإن تنازله يعتبر تكتيكيًا وليس استراتيجيًا، ولذا يعود إلى دائرة الاستهداف، ومن جانب آخر يعطي الاحتلال رسالة بأنه لا ينسى ثأره مع من نفذوا ضده عمليات عسكرية"، كما يرى الباحث السياسي ساري عرابي في حديث لـ "الترا فلسطين". 

وتابع عرابي: "بعض الاستهدافات قبل السابع من أكتوبر جاءت بحجة الظرف الآني، كما جرى في اغتيال المحرر مازن فقهاء في الرابع والعشرين من آذار/مارس 2017 أمام منزله في منطقة تل الهوى بغزة، حين زعم الاحتلال أن فقهاء مسؤول عن عمليات وتشكيلات عسكريّة في الضفة الغربية". 

ولذا لا يوجد ضامن على الاحتلال في عدم استهدافه للأسرى المحررين، لا سيما وأنه اعتقل عددًا منهم في الضفة، وأعاد أحكامهم السابقة دون أي تهم حول نشاطات جديدة، وحينها كان الوسيط المصري، هو الضامن لاتفاق شاليط ولم يفعل شيئًا حيال ذلك، لأن الأمان الحقيقي بدرجة أولى كان للمحررين المبعدين إلى الخارج، ثم المبعدين إلى غزة حتى اندلعت معركة طوفان الأقصى وباتوا في دائرة الاستهداف أكثر، ولذا كانت الضفة المكان الأسهل لمراقبة المحررين واعتقالهم لإيصال رسائل توحي بوجود ثأر بين الاحتلال والأسرى، وفق عرابي. 

صلاح العواودة: فلسفة حركة حماس في صفقات تبادل الأسرى، هي إعادة الأسرى إلى عملهم المقاوم ومواقعهم القيادية والتنظيمية والعملية

بدوره، يرى الباحث في مركز رؤية للتنمية السياسية، صلاح العواودة خلال حديث مع "الترا فلسطين" أن فلسفة حركة حماس في صفقات تبادل الأسرى، هي إعادة الأسرى إلى عملهم المقاوم ومواقعهم القيادية والتنظيمية والعملية، ولذا لم يكن غريبًا استهداف الاحتلال للأسرى المحررين إما بالاعتقال في الضفة الغربية، أو الاستهداف في قطاع غزة، لأن معظمهم عاد إلى نشاط تنظيمي إما في حماس أو باقي الفصائل.  

غير أن اللافت في استهداف المحررين من الضفة في غزة مؤخرًا هو تعامل الاحتلال معهم على مبدأ "الثأر" وفق العواودة، حيث أن الاحتلال لا يرى أن أحكامهم التي قضوها في السجون كافية لهم، ومن جانب آخر فإن العقيدة العسكرية والأمنية للاحتلال لا تسمح بإسقاط الملفات الأمنية والتاريخية للأسرى المحررين المقاومين، وهذا ما يشكّل تحديًا أمام كيفية تعامل الأسرى نفسهم مع هذه المعضلة لاحقًا. 

وعن سؤال "الترا فلسطين" ما إن كان استهداف الأسرى المحررين يشكّل تحديًا أمام حماس في أي صفقة قادمة، أجاب العواودة: "من الصعب إعطاء إجابة واضحة طالما أن الاحتلال موجود، لأنه سيتعامل معهم إن كان المستقبل القريب هادئ بشكل مغاير عمّا إن كانت المرحلة التي تلي الإفراج عنهم تشمل تصعيدًا أو هبّة شعبية، لأن كل مرحلة لها أحكامها، وحماس لها تجربة في قضية إعادة اعتقال أسرى صفقة شاليط بحجة استئناف عملهم التنظيمي، لأن الحجّة الإسرائيلية جاهزة كما جرى بعد عام 2014، عقب عملية خطف ثلاثة مستوطنين في الخليل".

وفي المرحلة الجارية تتعامل القيادة العسكرية للاحتلال على مبدأ استهداف أي قيادي طالما أن المدنيين في محيطه أقل من 100 مدني، وإن كانوا أكثر فإن ذلك يحتاج لقرار من المستوى الأعلى في الجيش، كما جرى في آخر اغتيال طال القيادي ياسين ربيع في رفح، حسبما يقول العواودة.

وتابع: "يصعب وجود ضامن لعدم استهداف المحررين بعد اعتقالهم، لأن حصانة أسرى متهمين بقتل جنود مثلًا، لن تكون عند الاحتلال أكبر من حصانة الأطفال والنساء والمستشفيات في غزة".

وأشار العواودة إلى أن الاحتلال في تفاوضه مع المقاومة مؤخرًا يرفض قضيّة الإفراج عن أسرى الضفة الغربية إلى أماكن سكنهم أو إبعادهم إلى قطاع غزة، لا سيما ذوي الأحكام العالية منهم والمؤبدات ويفضّل إبعادهم إلى الخارج، فيما تطرح تقديرات إسرائيلية أخرى بأنه يجب الإفراج عنهم، كلٌ إلى مكان سكنه لجعلهم تحت الرقابة الأمنية الإسرائيلية.

ولن يكون مستبعدًا إن حصلت صفقة تبادل أسرى في المرحلة القادمة، أن تقبل فيها حماس إبعاد الأسرى للخارج، خصوصًا وأن لها تجربة سابقة حققت فيها إنجازات، فيما يراهن الاحتلال على انشغال الأسرى بعد إبعادهم للخارج في ملهيات الحياة، وفق العواودة.