06-مايو-2024
صناديق الأمانات البنكية في بنوك فلسطين

الطلب على صناديق الأمانات ارتفع بنسب عالية تفوق قدرة البنوك على توفير الخدمة لكل طالبيها

الترا فلسطين | فريق التحرير 

توجَّه إبراهيم عبد الغفور (42 عامًا)، من بلدة ميثلون في محافظة جنين إلى أحد البنوك العاملة في رام الله بهدف استئجار صندوق أمانات لمقتنياته الثمينة، لكنَّه فوجئ بأنَّ موظَّفَ البنك يُخبرُهُ بعدم توفّر صناديق للإيجار في الوقت الحالي.

قال عبد الغفور، الباحث والمحاضر الأكاديميّ، إنه توجَّه بدايةً إلى البنك الذي يوجد له حساب جارٍ فيه، لكنَّه أُخبرَ بعدم إمكانيَّة إتمام الخدمة في الوقت الحالي.

جمعية البنوك في فلسطين: الطلب على صناديق الأمانات ارتفع بنسب عالية تفوق قدرة البنوك على توفير الخدمة لكل طالبيها

ويشير إلى أنه توجَّهَ إلى أربعة بنوك أخرى في رام الله لطلب الحصول على خدمة صناديق الأمانات، إلا أنّ البنوك اعتذرت لنفس السبب، مؤكدةً أنه لا توجد صناديق جاهزة للإيجار في الوقت الحالي.

ووجد مواطنون فلسطينيون في الضفة الغربية في خدمة صناديق الأمانات، التي تمكّنهم من إيداع مقتنياتهم الثمينة مثل الذهب والوثائق الرسمية، ضالّتهم مع تزايد المخاوف الأمنية والاقتصادية في ظل الحرب العدوانية والاعتداءات المتواصلة على قطاع غزة. 

الطلب على صناديق الأمانات ارتفع بنسب عالية تفوق قدرة البنوك على توفير الخدمة لكل طالبيها
وجد فلسطينيون في الضفة الغربية في خدمة صناديق الأمانات، التي تمكّنهم من إيداع مقتنياتهم الثمينة مثل الذهب والوثائق الرسمية، ضالّتهم مع تزايد المخاوف الأمنية

يقول عبد الغفور: "حقيقة ما حصل في قطاع غزة من عمليات تدمير ممنهجة لمظاهر الحياة من تخريب منازل المواطنين والمؤسسات وتدميرها، وسلب جنود الاحتلال البيوت التي تم اقتحامها، بالإضافة إلى زيادة وتيرة اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال في الضفة، تخلق مخاوف تدفع المواطنين لإيداع مقتنياتهم الثمينة وخاصة الوثائق الرسمية لدى جهات أكثر حماية وأمنًا".

تؤكّد جمعية البنوك في فلسطين أن الطلب على صناديق الأمانات خلال الفترة الحالية ارتفع بنسب عالية تفوق قدرة البنوك على توفير الخدمة لكل طالبيها.

ويقول مدير عام الجمعية بشار ياسين لـ"الترا فلسطين" إن الطلب على خدمة الصناديق الموجودة في البنوك أكثر من حجم المعروض، منوهًا إلى أن الثقة بقدرة القطاع المصرفي على حماية المقتنيات الثمينة في ظل المخاوف الأمنية والاقتصادية الحالية، هي ما تدفعهم إلى طلب هذه الخدمة.

وحول إمكانية توفير صناديق إضافية لتلبية طلب المواطنين في هذه الفترة، يقول ياسين: "هذه الصناديق تأخذ حيّزًا مكانيًا من مباني البنوك، والطلب الحالي غير طبيعي وهو متعلق بالوضع الأمني واستمرار الحرب، وما أثارته من مخاوف"، لافتًا إلى أن البنوك لن تلجأ إلى افتتاح صناديق إضافية لأنها تتوقع أن يعود الطلب إلى مستوياته الطبيعية بعد زوال الظرف الطارئ الحالي.

يعمل في فلسطين 13 بنكًا، بلغت قيمة موجوداتها حتى شهر شباط/فبراير المنصرم 21.6 مليار دولار

وتأتي الزيادة على صناديق الأمانات تزامنًا مع تخوفات من أن يسحب المودعون أموالهم من البنوك العاملة في فلسطين، فيما تشير الأرقام إلى عكس ذلك، إذ ارتفع إجماليّ الودائع خلال فترة الحرب.

فقد أظهرت بيانات حديثة صادرة عن جمعيّة البنوك في فلسطين، حصلت عليها "الترا فلسطين"، بأن قيمة الودائع لدى الجهاز المصرفي الفلسطيني وصلت قيمتها إلى 17.6 مليار دولار مع نهاية شهر شباط\فبراير الماضي، أي بزيادة نسبتها 5% عن شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، فيما صعدت التسهيلات الائتمانية إلى  11.3 مليار دولار مع نهاية شباط\فبراير، أي بزيادة نسبتها 3% عن شهر أيلول/ سبتمبر.

ويعمل في فلسطين 13 بنكًا، منها 7 بنوك محلية و6 بنوك وافدة (خمسة بنوك أردنية وبنك مصري)، بلغت قيمة موجوداتها حتى شهر شباط/ فبراير المنصرم 21.6 مليار دولار.

بدوره، يرى أ.د. ذياب جرار، المختص في التخطيط الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية، أن نسبة ارتفاع الودائع البنكية خلال الأشهر الأخيرة ليست كبيرة، خاصة أنه في ظل الحروب والأزمات يلجأ أصحاب الأموال إلى إيداع أموالهم على شكل ودائع مصرفية بدلاً من الاستثمار في اقتصاد يشوبه الكثير من المخاطر.   

ويقول: "البيئة الاستثماريّة في فلسطين تقليديًا تعد من البيئات الخطرة وغير المحفّزة نظرًا لظروف الاحتلال، والوضع الفلسطيني الداخلي الذي يشوبه الكثير من العشوائية في الحكم والإدارة وضعف المأسسة، رغم أن قانون الاستثمار الفلسطيني صُنف كأفضل قانون في المنطقة يشجع على الاستثمار بنصوصه ومضمونه".

مضيفًا أن مؤشرات الاستثمار، وخاصة في الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي لم يُسجِّل مؤشرًا ملحوظًا، وأشار إلى أن الجزء الأعظم من الاستثمار "استهلاكيّ بامتياز"، الأمر الذي كان له كبير الأثر في خلق فجوات تضخمية كبيرة، بسبب ظروف الاحتلال وعشوائية الحكم والإدارة في فلسطين.

ويتابع، "الظروف الحالية في الأراضي الفلسطينية كان لها كبير الأثر في تراجع الاستثمار نظرًا لضبابية الوضع، وضعف جدوى الاستثمار وخاصة الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، الأمر الذي حفّز المستثمر الفلسطيني والمواطن بشكل عام، اللجوء إلى الاستثمار الأكثر ضمانًا وأمانًا، وذلك من خلال الإيداعات البنكية، التي تضمن لأصحابها عائدًا ولو بسيطًا على التوفير، وكذلك تُعدّ تحوطًا من ظروف سياسية واقتصادية محتملة وأكثر سوءًا.

ويلفت إلى أن الوضع السياسي الحالي طال المنطقة برمتها الأمر الذي جعل كل مكونات الاستثمار في ترقب وحذر، قائلاً: "على الرغم من ذلك هناك كمّ من الأموال الفلسطينية هربت إلى الخارج خلال الفترة الماضية القريبة، والتي تحبذ استثمار أموالها في بيئات أكثر استقرارًا".