16-نوفمبر-2022
عين سامية | تصوير: محمود معطان

عين سامية | تصوير: محمود معطان

لن تحصل عين ماء سامية الواقعة في قرية كفر مالك شمال شرق رام الله على حصتها هذه العام من المياه المعتادة من مجرى "وادي باطن حسين" الممتد جنوب غرب بلدة المزرعة الشرقية، بسبب التعديات على هذا الوادي التي تحول دون وصول مياه الأمطار إليه، وفي حال وصولها فإنها ستكون ملوثة بمخلفات المحاجر وروث الدواجن ومختلطة بمياه الصرف الصحي.

أراضي بملكية خاصة مصنفة "ب" يملكها عشرات المواطنين بالوراثة ويؤجرونها لمواطنين آخرين، الذين بدورهم يؤجرونها لأصحاب صهاريج النضح والشاحنات، وهؤلاء من جانبهم يستخدمونها كمكب لمخلفات المناشير والمياه العادمة وروث الدواجن ومخلفات البناء

وتغذي عين سامية الواقعة على أراضي بلدة كفر مالك ستة آبار مياه، تزود أغلب قرى شرقي رام الله (كفر مالك الطيبة دير جرير سلواد المزرعة المغير ترمسعيا سنجل خربة أو فلاح عارورة عبوين ) بمياه الشرب منذ ستينيات القرن الماضي، وحين تصل ذروتها من المياه تصل إلى عين العوجا في أريحا.

وتحتوي عين سامية على محطتين: محطة رئيسية تضخ المياه من الآبار، ومحطة فرعية أخرى تعاود ضخ المياه من المنطقة المنخفضة في العين إلى مناطق أعلى منها، ويشرف على هذه العين مصلحة مياه القدس.

وعلم الترا فلسطين أن أراضي بملكية خاصة مصنفة "ب" يملكها عشرات المواطنين بالوراثة ويؤجرونها لمواطنين آخرين، الذين بدورهم يؤجرونها لأصحاب صهاريج النضح والشاحنات، وهؤلاء من جانبهم يستخدمونها كمكب لمخلفات المناشير والمياه العادمة وروث الدواجن ومخلفات البناء، وهذا يعني أن المسؤول عن هذه التعديات غير محدد.

ويشكل التخلص من هذه المخلفات والنفايات بهذه الطريقة مخالفة للمادة (12) من قانون رقم (7) لسنة 1999 بشأن البيئة التي تنص أنه لا يجوز لأي شخص أن يقوم بتصنيع أو تخزين أو توزيع أو استعمال أو معالجة أو التخلص من أية مواد أو نفايات خطرة سائلة كانت أو صلبة أو غازية إلا وفقًا للأنظمة والتعليمات التي تحددها الوزارة بالتنسيق مع الجهات المختصة.

وهذه التعديات قائمة منذ حوالي 10 سنوات، حيث كان وادي باطن حسين مصنفًا بأنه منطقة "ج" وخارج حدود بلدية المزرعة الشرقية، ثم في عام 2017 تغير تصنيف منطقة وادي باطن حسين إلى منطقة "ب" وأصبحت داخل حدود البلدية.

هذه التعديات قائمة منذ حوالي 10 سنوات، حيث كان وادي باطن حسين مصنفًا بأنه منطقة "ج" وخارج حدود بلدية المزرعة الشرقية

مؤخرًا، شكوى من المواطن عبد القادر عبد الله حركت المياه الراكدة في هذا المجرى ولفتت النظر نحو ما يحل بمجرى "باطن حسين" الواصل لعين سامية. وبناءً على هذه الشكوى، زوّدت بلدية المزرعة الشرقية ممثلين عن سلطة المياه وسلطة البيئة بأسماء المواطنين أصحاب الأراضي والمواطنين الذين يستخدمون هذه الأراضي لكب مخلفات المناشير والمياه العادمة وروث الدواجن، وفق ما أفادنا به رئيس بلدية المزرعة الشرقية محمد صابر.

وأكد محمد صابر لـ الترا فلسطين، أن البلدية تنتظر تعليمات سلطتي البيئة والمياه ومتابعتهم للموضوع، مبينًا، أن البلدية في الوقت الحالي ليس لديها نظام المخالفات لعدم توفر ميزانية لذلك. ولم يتحدث محمد صابر عن أي إجراءات يمكن القيام بها لإزالة التعديات الموجودة حاليًا على مجرى "باطن حسين"، بانتظار ما يخرج عن الجهات المختصة.

إضافة لذلك، وبحسب ما أفادنا به ناجح شاكر رئيس المجلس القروي في قرية كفر مالك، فقد أرسل المجلس كتابًا قبل ستة شهور إلى سلطة البيئة وسلطة المياه حذر فيه من خطورة التعديات على وادي باطن حسين، وأوضح أنها تغلق طريق مياه الأمطار الواصلة إلى عين سامية، كما تؤدي لتلوثها. يؤكد ناجح شاكر أنهم لم يلمسوا أي استجابة لهذه التحذيرات.

وتكمن خطورة هذه الملوثات في مجرى وادي "باطن حسين" في أنها مواد كيماوية عضوية وصناعية. ويحذر رئيس جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي من أن هذه الملوثات قد تتسرب إلى المياه الجوفية وتلوثها، الأمر الذي يجعلها تشكل خطرًا على الاستهلاك البشري.

تكمن خطورة هذه الملوثات في مجرى وادي "باطن حسين" في أنها مواد كيماوية عضوية وصناعية، فروث الدواجن يحتوي على نيتروجين معقد يسبب أضرارًا صحية على الإنسان، كما أن زيادة نسبة البوتاسيوم والنيتروجين في المياه عن النسبة العالمية يجعل منها غير صالحة للشرب

وأوضح عبد الرحمن التميمي، أن روث الدواجن يحتوي على نيتروجين معقد يسبب أضرارًا صحية على الإنسان، كما أن زيادة نسبة البوتاسيوم والنيتروجين في المياه عن النسبة العالمية يجعل منها غير صالحة للشرب، منوهًا أن مياه محافظة رام الله والبيرة لا تزال بجودة جيدة وصالحة للشرب.

تواصلنا مع سلطة البيئة (العلاقات العامة والاعلام ـ شيراز سعادة) التي بدورها أشارت أن سلطة البيئة تخضع لتنقلات وظيفية في هذه الفترة ولن يستطيع أي شخص الإدلاء بأي تصريحات، مبينة أن مجلس البيئة والسلامة في محافظة رام الله والبيرة يمكنه الحديث عن هذا الموضوع.

من جانبه، مدير دائرة البيئة والسلامة في محافظة رام الله والبيرة خليل فلنة أفادنا أنه بناء على الشكوى التي تقدم بها المواطن عبد القادر عبدالله إلى سلطة البيئة قام مجلس السلامة بإبلاغ البلدية باتخاذ الإجراءات الخاصة بمنع التعديات على مجرى عين سامية، وطلب تزويد المجلس بأسماء المخالفين، ولكن لم يتم تزويد المجس بأي أسماء حتى إعداد المقابلة، لينفي بذلك ما أفادنا به رئيس البلدية محمد صابر أنه تم تزويدهم بهذه الأسماء.

وأوضح فلنة لـ الترا فلسطين، أن متابعة التعديات على مجرى عين سامية منطقة "باطن حسين" هو مسؤولية الحكم المحلي المتمثل بالبلدية، فلا يمكن وضع موظف خاص لمتابعة التعديات على الموارد الطبيعية، مضيفًا أن مجلس سلامة البيئة في المحافظة يلعب دورًا مساندًا وداعمًا للجهات المناط بها حماية الموارد الطبيعية والبيئية وليس دورًا تنفيذيًا.

وأضاف، أنه في ظل عدم توافر شبكات صرف صحي في القرى والبلدات، فإنه لا بديل للمواطنين إلا أن يتخلصوا  من مياه الصرف الصحي  بهذه الطريقة، منوهًا أن إزالة التعديات القائمة من مهام البلدية، وفقًا له.

سلطة المياه وسلطة البيئة ومصلحة المياه ومحافظة رام الله والبيرة تهربوا من الإجابة على أسئلة الترا فلسطين حول إزالة التعديات

لكن في المقابل، وخلافًا لما أفادنا به خليل فلنة، يؤكد رئيس بلدية المزرعة الشرقية محمد صابر أنهم زودوا المحافظة بأسماء الورثة مالكي الأراضي وأرقام القطع وكافة التفاصيل المتعلقة بالتعديات، لكن حتى حتى تاريخ نشر هذا التقرير لم يتم إزالة التعديات.

وشدد محمد صابر، أن بلدية المزرعة الشرقية ليست جهة تنفيذية ولا يمكنها القيام بأي شيء في الوقت الحالي، وأن هذه التعديات تحتاج لميزانية عالية لإزالتها، مبينًا أن المنطقة تحولت من وادي إلى جبل بسبب التعديات.

وبالعودة إلى المادة (32) من قانون المياه رقم (3) لسنة 2002، وجدنا أنه جاء في هذه المادة أن "كل من تسبب في إحداث أي تلوث في أي مصدر للمياه أو نظام التزود بها أن يقوم بإزالة الملوث لهذا المصدر أو النظام على نفقته، وفي حالة رفضه أو تعذر قيامه بذلك على السلطة (المياه) إزالة التلوث وإجراء عملية التنظيف على نفقة المتسبب بعد إخطاره بذلك مهما بلغت التكاليف وتحصل منه وفق قانون تحصيل الأموال العامة".

على أثر ذلك تواصل موقع الترا فلسطين مع سلطة المياه (مدير العلاقات العامة والإعلام عبير عواد) لمعرفة اجراءاتهم حول هذه القضية، إلا أنهم حولوا القضية لمصلحة المياه، بدعوى أن مصلحة المياه هي الجهة المخولة بمتابعة أي ملوث للمياه. لكن من جانبها، مصلحة المياه (وعلى لسان مديرة مكتب مدير عام المصالحة سماح قيمري) أكدت أن مصادر المياه الطبيعية من اختصاص سلطة المياه.