16-مارس-2023
getty

العملية في جنين أسفرت عن أربعة شهداء وأكثر من 20 إصابة (Getty)

بشكلٍ واضح، وعلى غير المعتاد، عند تبرير عمليات الإعدام الميدانية التي ينفذها جيش الاحتلال والشاباك، حيث تبدأ بلازمة "محاولة اعتقال تطورت إلى اشتباك مسلح" ومن ثم أسفر عن استشهاد الشاب المستهدف. جاء بيان جيش الاحتلال المشترك مع الشاباك، واضحًا هذه المرة، حيث قال إن العملية التي نفذت وسط جنين "انتهت بتحقيق هدفها باغتيال الشهيد نضال خازم القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والناشط يوسف شريم المتخصص بتصنيع المتفجرات والذي شارك في الكثير من عمليات إطلاق النار" وغادرت كل القوات جنين ولم يسقط قتلى أو جرحى في صفوف قواتنا".

رجح المعلق العسكري للتلفزيون الإسرائيلي روعي شارون، تكرار نمط عملية المستعربين في جنين خلال الأيام المقبلة في ساعات النهار

وحول عملية جيش الاحتلال في جنين، قال معلق الشؤون الفلسطينية في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي (كان) ليئور ليفي: "إن العملية في قلب جنين كانت عملية اغتيال وتم تنفيذ إجراء تأكيد القتل كما بينت الأشرطة المصورة التي وثقت العملية والتي نشرها الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه ليست محاولة اعتقال تدحرجت إلى اشتباك مسلح انتهت بمقتل المطلوبين".

من جانبه، لفت الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبوعرقوب، إلى جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" كان يحرص دومًا في بياناته على الادعاء بأن تنفيذ عمليات الاغتيال كان لمنع وقوع عمليات مقاومة وشيكة في مرحلة الإعداد المتقدم، مشيرًا إلى أن بيانات الاحتلال السابقة كانت تتحدث عن عدم وجود أي خيار آخر سوى الاغتيال.

وتابع أبو عرقوب القول، لكن في حالة جنين اليوم لم يزعم البيان المشترك لجيش الاحتلال ومخابراته أن المستهدفين من الاغتيال كانوا على وشك تنفيذ عمليات ضد قواته.  

بدوره، رجح المعلق العسكري للتلفزيون الإسرائيلي روعي شارون، "تكرار نمط عملية المستعربين في جنين خلال الأيام المقبلة في ساعات النهار، بذريعة أن المطلوبين خلال ساعات الليل يظلون على أهبة الاستعداد لاحتمال اقتحام جيش الاحتلال لجنين، لكن في النهار بإمكان قوات المستعربين التسلل". 

وفي ذات السياق، نشرت صحيفة هآرتس العبرية تقريرًا على موقعها الإلكتروني أكدت فيه أن : "الفيديوهات المتداولة تظهر أن القوات الإسرائيلية نفذت أجراء تأكيد القتل بحق  الجريح"، مضيفةً: "أطلقت القوات الإسرائيلية في جنين النار على أحد المطلوبين، نضال حازم، في رأسه بينما كان مستلقيًا على الأرض بعد إصابته بالرصاص لتأكد عملية القتل". 

وتعبر عملية الإعدام الميدانية عن نهج جديد في سلوك جيش الاحتلال منذ تولي يوآف غالانت، وزارة الجيش في حكومة بنيامين نتنياهو، حيث طرأ تغيير جوهري على بنية ما يسمى "العمليات العسكرية" في عمق مُدن جنين ونابلس المحتلة، وانتقلت هذه "العمليات" مما يُسمى في تكتيكات جيش الاحتلال "العمليات الجراحية" التي تقوم على مباغتة الهدف بنيران فتاكة والانسحاب بسرعة قصوى ويكون اختيار التوقيت لخدمة نجاح العملية فقط، إلى مرحلة العمليات الاستعراضية، وكلمة "استعراضية" لا تعني أنها تقتصر على تحقيق هذه الغاية.

حيث تهدف "العمليات الاستعراضية الدموية"، من وجهة نظر جيش الاحتلال على "صعق جيل الألفين بصدمات دموية"، واستهداف "البيئة الحاضنة" بسفك الدماء والدمار، بحسب ما يقول الباحث أنس أبو عرقوب.

يقارن أبو عرقوب عملية الإعدام في جنين عصر اليوم الخميس، بتلك التي نفذت في منتصف شهر شباط/ فبراير في نابلس، واستهدفت الشهداء حسام اسليم ومحمد أبو بكر، قائلًا: "يُمكن التدليل على دوافع ’العملية الاستعراضية الدموية’ من استقراء البيانات التي أصدرها جيش الاحتلال ومخابراته، وكذلك من تحليل مسار العملية وتوقيتها ومراحل تنفيذها". 

ويفصل أبو عرقوب ذلك باسترجاع المجزرة الإسرائيلية في مدينة نابلس، بالقول: "بحسب ’الشاباك’ تم اكتشاف ’شقة الاختباء’ للخلية (حسام اسليم ومحمد أبو بكر)، وهذا بالمفهوم العسكري والاستخباري يعني أنها ’هدف ثابت ودائم’، وبالتالي فإن الطريقة الأمثل لاستهدافها والتي يفضلها جيش الاحتلال هي المداهمة ليلاً أو فجرًا، والابتعاد عن ساعات الذروة من ناحية الاكتظاظ، وهذا للحفاظ على مبدأ المباغتة. وعلى هذا النحو يتم تنفيذ العملية الخاطفة بانقضاض سريع وانسحاب سريع، وبذلك يتم تقليص هامش المخاطرة للقوات المهاجمة". 

ويضيف شارحًا عملية جنين بناءً على نابلس، قائلًا: "لكن مسار العملية الفعلية في نابلس كان يخالف هذه المبادئ العامة التقليدية، فالقوات الخاصة تسللت في ساعات الذروة من ناحية الاكتظاظ المروري على نحو سيعيق تقدمها وانسحابها، وسيزيد من احتمال انفضاح أمرها وتعرضها لهجوم غير متوقع من مسلح قد يتواجد في المكان بشكل عرضي، وما يُسوغ ذلك هو أن هدف العملية لا يقتصر فقط على تنفيذ عملية اغتيال محددة، بل إن الجزء المتعلق بالحرب النفسية كان حاضرًا عندما تم تحديد الأهداف الفعلية للعملية التي لا يتم إعلانها بالكامل".

تشابهت ملامح ’العملية الاستعراضية’ بين نابلس وجنين، وكذلك تشابهت نتائجها، وهي استهداف ’عرين الأسود’ و’كتيبة جنين’ بجميع مكوناتها من المسلحين والبيئة الحاضنة بالنار

ويجمل أبو عرقوب بالقول: "تشابهت ملامح ’العملية الاستعراضية’ بين نابلس وجنين، وكذلك تشابهت نتائجها، وهي استهداف ’عرين الأسود’ و’كتيبة جنين’ بجميع مكوناتها من المسلحين والبيئة الحاضنة بالنار، لكي الوعي وإيقاع أكبر كم من الخسائر البشرية والمادية".