15-أغسطس-2024
استخدام المدنيين دروع بشرية في قطاع غزة

صورة توضيحية: مدني من غزة في قبضة جيش الاحتلال يرتدي زيًا عسكريًا | هآرتس

نشرت هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير، يوم الخميس، شهادة لشاب فلسطيني من قطاع غزة، استخدمه جيش الاحتلال، مع شاب آخر معه، درعًا بشريًا لأكثر من 40 يومًا، وفي أثناء ذلك تعرض لتنكيل وقهر وتجويع.

كانوا يضعونه على مقدمات السيارات العسكرية، وهو مقيد اليدين والرجلين، بعد إجباره على ارتداء الزي العسكري للجيش وتزويده بكاميرا، بينما ترافقه طيارة مسيرة لتوجيهه خلال تحركه

الشاب، الذي عرفت عنه الهيئة والنادي في بيانهما المشترك بالرمز "م.د"، يبلغ من العمر (21 عامًا)، واعتقله جنود الاحتلال مع مجموعة من المواطنين في شهر حزيران/يونيو 2024، من معبر كرم أبو سالم خلال عمله في نقل البضائع، وأبقاه جنود الاحتلال في نقطة تمركز تابعة لقوة من الجيش بين محور فيلادلفيا ورفح.

يقول الشاب، إن جنود الاحتلال استخدموه درعًا بشريًا بشكل يومي، إذ كانوا يضعونه على مقدمات السيارات العسكرية، وهو مقيد اليدين والرجلين، بعد إجباره على ارتداء الزي العسكري للجيش وتزويده بكاميرا، بينما ترافقه طيارة مسيرة لتوجيهه خلال تحركه.

ويوضح، أن جنود الاحتلال قاموا بتجويعه طوال فترة اعتقاله، وحرموه من استخدام دورة المياه، أو الاستحمام، وتكرر اعتداؤهم عليه بالضرب، ثم في 6 آب/أغسطس أصيب بطلق ناري في صدره، وبقي نحو نصف ساعة دون علاج، قبل أن يستفيق في اليوم التالي ليجد نفسه في مستشفى سوروكا الإسرائيلي (في بئر السبع)، حيث بقي ثلاثة أيام، قبل أن يطلق الاحتلال سراحه في 9 آب/أغسطس.

وبعد الإفراج عنه، نقل الشاب إلى مستشفى ناصر في خانيونس، حيث تبين أنه مصابٌ بكسر في صدره، وإصابة أخرى في الرئة، وما يزال مخرج الإصابة مفتوحًا، وبحاجة إلى علاج حثيث.

وأشارت هيئة الأسرى، ونادي الأسير، إلى أن الشاب "م.د" تعرض مع عائلته للنزوح إلى أكثر من منطقة في قطاع غزة، كما فقد والده شهيدًا في أثناء الحرب الإسرائيلية، وهناك أفرادٌ من عائلته في عداد المفقودين.

ويأتي نشر هذه الشهادة بعد يومين تحقيق لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أكدت فيه أن جيش الاحتلال ينتهج استخدام المدنيين كدروع بشرية في جميع أنحاء قطاع غزة، وأن هذه السياسة تتواصل بعلم كبار قادة الجيش، بما في ذلك مكتب رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي.

وجاء في افتتاحية صحيفة هآرتس، يوم الأربعاء، أن الأدلة التي كشف عنها التحقيق تشير إلى صورة "وحشية" لاستخدام المدنيين كدروع بشرية، حيث يتم احتجاز الفلسطينيين لأيام كعمال قسريين في وحدات عسكرية تستخدمهم بشكل متكرر، معرضة حياتهم للخطر، قبل إطلاق سراحهم.

ورأت هآرتس في افتتاحيتها، أن هذه "الممارسة الصارخة" تشير إلى نزع الصفة الإنسانية عن المدنيين في غزة في نظر الضباط الذين سمحوا، وفي بعض الأحيان أمروا، باستخدامها، متجاهلين التمييز في القانون الدولي بين المقاتلين والمدنيين.

وأشارت إلى تبرير كبار الضباط لاستخدام هذه السياسة، ورؤيتهم أن المدنيين الفلسطينيين يشكلون بديلًا عن كلاب وحدة "أوكيتز كيه 9" التي تضاءلت أعدادها أثناء الحرب.

وحذرت، أن استخدام المدنيين دروعًا، وقبول كبار الضباط في الجيش بهذه السياسة، قد يؤثر في قرار المحكمة الجنائية الدولية التي تدرس حاليًا طلب المدعي العام كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت.

وأضافت، أن على المدعي العام العسكري أن يبدأ تحقيقًا لمراجعة سلسلة القيادة بأكملها لتحديد المسؤولية عن الجريمة ومحاكمة كل من يثبت ضلوعه بها، من أجل التصدي لقرار المحكمة الجنائية المتوقع، باعتبار أن من من شروط اختصاص المحكمة الجنائية الدولية أن يكون نظام القضاء الإسرائيلي غير قادر أو غير راغب في التحقيق مع مجرمي الحرب الإسرائيليين وملاحقتهم قضائيًا.

وتؤكد هيئة الأسرى، ونادي الأسير، أن استخدام المدنيين دروعًا بشرية هو "أحد أبرز السياسات التاريخية" لجيش الاحتلال، "وقد تصاعدت بشكل خاصّ منذ بدء حرب الإبادة".

وأشار البيان المشترك إلى أن استخدام المدنيين دروعًا بشرية "يشكل بحسب المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي جريمة حرب، إلى جانب حظر اتفاقيات جنيف لاستخدامها".