25-أغسطس-2024
مقال أولمرت عن إسرائيل

(Getty)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقالة رأي منشورة في صحيفة "هآرتس"، إن نتنياهو قد يقود دولة الاحتلال إلى "أسوأ سيناريو ممكن"، في ظل استمراره تعطيل مفاوضات وقف حرب غزة، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات خطوة هامة، بهدف استعادة الأسرى وتهدئة الجبهات وعدم الوصول إلى حرب واسعة وشاملة، يشكك في قدرة الولايات المتحدة على الانخراط الكامل فيها دفاعًا عن إسرائيل، كما طالب أولمرت قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالاستقالة، حال فشل الجولة الحالية في المفاوضات.

وفي مقال نُشر على صحيفة "هآرتس"، كتبه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، قال: إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد عودة الرهائن. ولا توجد أي فرصة للتوصل إلى اتفاقات في المفاوضات الجارية منذ أيام قليلة، والتي من المتوقع أن تستمر حتى الأسبوع المقبل. ومن المرجح أن تستمر المحادثات إلى أجل غير محدد، أو تنفجر في مرحلة ما، وتنتهي بجولة أخرى من التحركات العسكرية في الجنوب، وربما في الشمال أيضًا".

وأضاف: "في غياب اتفاق على إطلاق سراح الرهائن جميعهم، لن تكون هناك فرصة حقيقية لوقف التحرك العسكري الأخير في قطاع غزة. وسوف يستمر هذا لعدة أيام أخرى. وفي الوقت نفسه، سوف يستمر الصراع العنيف في الشمال، وسوف يتطور في نهاية الأمر إلى حرب واسعة النطاق: حزب الله يطلق صواريخ بعيدة المدى، وإسرائيل ترد على نطاق لم نشهده بعد، ثم تتدهور الأمور إلى حرب شاملة".

قال إيهود أولمرت: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد عودة الرهائن. ولا توجد أي فرصة للتوصل إلى اتفاقات في المفاوضات الجارية منذ أيام قليلة

وأشار إلى أن تطور الحرب الشاملة هو "الوحيد الذي يخدم أولويات نتنياهو، ويبدو أنه يخدم أيضًا احتياجات يحيى السنوار. يبدو لي أن السنوار يفضل إطالة أمد الحرب مع الاحتفاظ بأهم أصوله، الرهائن"، ويضع أولمرت ملاحظات في نهاية المقال، بالقول: "لا أعرف ماذا يريد السنوار حقًا. أحاول أن أفهم ما قد يكون مفيدًا، من وجهة نظره، لاحتياجات حماس وهذا يتناسب مع تحركات نتنياهو"، وفق تعبيره.

واستمر في القول: "إن استمرار الحرب وامتدادها في الشمال سيزيد احتمالات اندلاع حرب شاملة مع تنظيمات أخرى، بالإضافة إلى حماس وحزب الله، مثل الحوثيين والمجموعات الإيرانية في سوريا والعراق. ويأمل السنوار ونتنياهو أن تدخل إيران في نهاية الأمر في مواجهة مباشرة مع إسرائيل".

وحول سيناريو الحرب مع إيران، قال أولمرت: "مثل هذا السيناريو يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل. وهو ليس تهديدًا وجوديًا مباشرًا، بل خطوة من شأنها أن تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين والعسكريين، وإلى أضرار فادحة في البنية الأساسية الإسرائيلية مثل مراكزها الصناعية والتجارية، وإلى تدهور حقيقي في مكانتها الدولية، وإلى احتمال فرض عقوبات من قِبَل المحاكم الدولية التي تتعامل مع جرائم الحرب، وربما أيضًا إلى فرض عقوبات من قِبَل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

واستمر في الحديث عن هذا السيناريو، بالقول: "هذا هو السيناريو الأسوأ: ستستمر الحرب وتتسع وتختم مصير الرهائن. ليس لدى السنوار أي سبب للتخلي عن مثل هذا التطور - فهو يخدم احتياجاته. كلما تشابك الوضع وكلما زادت المنظمات والهيئات في حالة حرب مع إسرائيل، فإن مبادرته في تشرين الأول/أكتوبر تصبح نقطة تحول تاريخية بقدر ما يتعلق الأمر به، وخاصة في نظر من يريد إضعاف إسرائيل أو تدميرها بالكامل. يقود نتنياهو إسرائيل إلى هذه الهاوية مع شركائه، مجرمي الإرهاب إيتمار بن غفير و ’مجوع غزة’ بتسلئيل سموتريتش".

وأوضح إيهود أولمرت: إن "السيناريو البديل الوحيد هو وقف الحرب فورًا، والتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن جميعهم في وقت قريب، وإرسال قوة فلسطينية عربية إلى غزة لبناء آلية حكومية قوية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية (بينما تقاتل هذه القوة ما تبقى من حماس). وفي الوقت نفسه، يتعين على كل القوات الإسرائيلية الانسحاب من غزة إلى الحدود التي كانت قائمة قبل بدء المناورة البرية".

وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: "من منظور المصالح الحقيقية لإسرائيل، فإن وقف الحرب يشكل نقطة بداية لتغيير الاتجاه: إعادة الرهائن، وتهدئة الحدود الشمالية، وإعطاء إسرائيل قسطًا طويلًا من الراحة، يسمح لها بالانتعاش، والبدء في مداواة جراحها، وإعادة تأهيل منظوماتها الأمنية والعسكرية، وإعادة الحياة الطبيعية إلى الجنوب، وإعادة تأهيل المجتمعات هناك وإعادة سكانها إلى بيوتهم".

واستمر في القول: "في الوقت ذاته، يمكننا التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية بوساطة الولايات المتحدة وفرنسا، والذي من شأنه أن يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى ديارهم وإبعاد حزب الله عن الحدود. وبعبارة أخرى، فإن وقف الحرب من شأنه أن يسمح بتحقيق ما كان من المفترض أن يكون الأهداف الحقيقية للحرب".

وعلق على إمكانية تجاوب نتنياهو مع هذا الطرح، بالقول: "من وجهة نظر نتنياهو، فإن هذا ليس ’انتصارًا كاملًا’ ولا تدميرًا لحماس، ولن يسمح بإخفاء الهزيمة الفظيعة التي مني بها في تشرين الأول/أكتوبر 2023. إنه مختلف عن أي شيء يعلنه كهدف رئيسي للحرب. باختصار، سيتعين على نتنياهو الاختيار بين التخلي عن ما يسمى بالنصر الكامل ومواصلة الحرب وتوسيعها إلى مواجهة شاملة ومتعددة الجبهات دون جدول زمني معقول لإنهائها".

في الاختيار بين ما هو جيد لإسرائيل وما هو جيد لبيبي، النتيجة معروفة. لذا لا يوجد سبيل سوى الاستنتاج بأن إسرائيل تقترب بسرعة من حرب شاملة. هذا ما يريده بيبي، وهذا ما يريده بن غفير، وهذا ما يريده سموتريتش".

وعن سلوك نتنياهو، استمر في القول: إن "الميل إلى تفسير تحركات نتنياهو وكأنه ليس لديه خيار، لأنه لا يريد مواجهة بن غفير وسموتريتش، ويعتمد عليهما للحفاظ على حكومته، هو وصف سطحي وبسيط للوضع السياسي الحالي. لطالما كان نتنياهو مفتونًا بموقف ونستون تشرشل، بالسترة الواقية من الرصاص والخوذة الفولاذية".

استمر في القول: إن "استمرار الحرب ليس الخيار الافتراضي بالنسبة له، بل هو خطوة تاريخية لا مفر منها، وهي خطوة يمكن أن تستمر لأشهر عديدة، وتمكنه من جر جزء كبير من المجتمع الدولي إلى الفوضى التي يعتقد أنها مرحلة حيوية في المواجهة بين الساعين إلى حرية العالم الغربي وتقدمه، وممثلي الإسلام المتعصب الأصولي، الذي يمكنه هزيمته"، وفق تعبيره.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: "لذا يتعين علينا أن نتخلص من الوهم بأن المفاوضات التي تجري تحت إشراف نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن تجري بحسن نية (ولا تجري على أساس "العطاء والعطاء" كما اتهم نتنياهو المبعوثين الإسرائيليين). إن هذه الاجتماعات في قطر أو القاهرة أو أي مكان آخر هي مجرد لعبة لا نية فيها للتوصل إلى اتفاق أو تفاهم أو نتيجة تعيد الرهائن إلى ديارهم".

وعلق على ما سبق، بالقول: "نحن نتجه بسرعة نحو أسوأ سيناريو يمكن تصوره".

وحول "أسوأ سيناريو لإسرائيل"، قال أولمرت: "لقد بدأ العالم يفقد صبره إزاء تظاهر إسرائيل وخداعها. فعندما هددت إيران بمهاجمة إسرائيل في نفس الوقت الذي هددت فيه حزب الله بمهاجمة إسرائيل، بعد اغتيال كبار الشخصيات في بيروت وطهران، قام جو بايدن، صديق إسرائيل، بما لم يفعله أي رئيس أميركي منذ تأسيس دولة إسرائيل: فقد أرسل قوة عسكرية يشكل قربها من المنطقة تهديدًا دراماتيكيًا لدفاع إيران واستقرارها وقوتها الرادعة".

وأضاف: إن "الإيرانيين يكرهوننا بشدة، ولكنهم ليسوا أغبياء تمامًا. إن خوفهم من أن يجدوا أنفسهم في حالة بدء حرب ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فضلًا عن بعض الدول العربية وإسرائيل، قد أضعف على ما يبدو، على الأقل في هذه المرحلة، رغبتهم في الانقضاض علينا. ولكن تفجير المفاوضات بسبب حيل نتنياهو قد يعجل باندلاع المواجهة الشاملة التي يقودها. وعندما يحدث هذا، فقد تجد إسرائيل أن الجيش الأميركي غير مستعد للدخول في مواجهة عسكرية معقدة وحساسة في الشرق الأوسط لمجرد رغبة المحتال النرجسي غير الأخلاقي عديم الحيلة الذي يديرها. وقد نجد أنفسنا بدون أميركا وبدون القوة الرادعة والاستجابة التي يمكن أن يمنحنا إياها الوجود العسكري الأميركي. وفي حرب شاملة بين إسرائيل وإيران وحزب الله وكل القوى الأخرى، قد ندفع ثمنًا لا نرغب في دفعه، وربما لا نستطيع تحمله".

وحول الحل بالنسبة لإسرائيل، قال أولمرت: لكن هناك مخرجًا، فعلى مدى العام الماضي، الذي عبرت فيه مرارًا وتكرارًا عن رأيي ونشرته في وسائل الإعلام الإسرائيلية (وخاصة في صحيفة هآرتس) وفي العديد من المرات في مختلف أنحاء العالم، لم أوص بالخطوة التي سأتناولها بالتفصيل هنا. ولكن الآن لم يعد هناك من خيار سوى اتخاذها. أود أولًا أن أقول إنني أعترض بشدة وبكل ذرة من روحي على أي خطوة تهدف إلى الإطاحة بحكومة ديمقراطية بطريقة غير لائقة، وأوصي بعدم النظر في مثل هذه الخطوة أو اقتراحها. ومع ذلك، أدعو وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس الموساد ديفيد برنياع إلى الإعلان عن استقالاتهم معًا بمجرد أن ينسف نتنياهو المحادثات بشأن صفقة الرهائن في الأيام المقبلة".

وقال أولمرت عن هذه الخطوة، موضحًا: "إنهم بحاجة إلى عقد مؤتمر صحفي مشترك يخبرون فيه الجمهور أنهم توصلوا إلى استنتاج مفاده أنهم لم يعودوا قادرين على خدمة المصالح الأخلاقية والأمنية والعسكرية والدبلوماسية لإسرائيل في ضوء ما يرونه ويختبرونه ويسمعونه يوميًا في الاجتماعات المغلقة من رئيس الوزراء ووزرائه المخلصين، وفي وسائل الإعلام من أولئك الذين ينشطهم ويوجههم ويحرضهم".

وتابع: "في الاختيار بين البقاء في مناصبهم ــ مع العلم أن الدولة يرأسها رجل يعرض رفاهها وأمنها واستقرارها للخطر يومًا بعد يوم، وشركاؤه بلطجية غير مسؤولين يحرضون على جرائم الحرب، ويدعمون مرتكبيها في الضفة الغربية، في حين يؤذون ويحتقرون ويسيئون إلى قيادة الدفاع المقاتلة في إسرائيل ــ وبين ذلك، وبين تغيير الاتجاه وإنقاذ البلاد من رئيس الوزراء الذي يعرض وجودها للخطر، يتعين عليهم أن يختاروا مشاركة الحقيقة مع الجمهور والسماح له بالتصرف في حدود وإمكانيات الديمقراطية. ومن خلال القيام بذلك، سوف يقوم غالانت وهاليفي وبار وبرنياع بالوفاء بالتزامهم الأسمى تجاه إسرائيل والشعب الإسرائيلي. لا أكثر ولا أقل"، بحسب قوله.