"نحن بخير ولكن كل يوم ينقص منا واحد" يجيب صيادٌ من غزة على سؤالنا "كيف حالكم؟". ففي قطاع غزة المحاصر، 4 آلاف صياد يعيشون مغامراتٍ داخل البحر، تنتهي بالنجاة أو بالموت، ما جعل كثيرين منهم يهربون من البحر إلى الميناء، ويختارون العمل بالمراكب السياحية التي وجدت مكانها مع إقبال فصل الصيف، ووجدوا من خلالها قوت أيامهم.
صيادون في غزة يتحولون من الصيد إلى اصطحاب الناس في جولات سياحية بحرية، بسبب تضييقات الاحتلال
"شفت الموت بعيوني ونجوت منه بأعجوبة" يقول سلام بكر (24 عامًا) أحد الصيادين الذين عزفوا عن الصيد قسرًا، والتجأ إلى مركب يسميه "الأميرة نهى"، يستخدمه في اصطحاب الزائرين في جولات بحرية ضمن المسافة المسموح بها في البحر. يُضيف، "المواجهات مع الاحتلال صعبة جدًا، نذهب كل يوم دون أن نعلم ما هو مصيرنا هل الموت أم العودة، وفي هذه الفترة الصيد قليل جدًا".
[[{"fid":"72555","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]
تصوير عبد الكريم هنا
[[{"fid":"72556","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]
تصوير عبد الكريم هنا
اقرأ/ي أيضًا: الصيادون في غزة.. عُزلة وحرب في الظلمات
يرى سلام أن جولات المراكب السياحية أفضل من المخاطرة بحياته في ظل قلة الصيد، ويُبين أنه يعمل على المركب منذ وقت الظهر، عندما يبدأ الزائرون بالتوافد إلى الميناء. "نأخذهم جولة داخل الميناء لوقت قصير ونعود بهم، وفي نهاية اليوم نوفر لقمة عيش أسرتنا ونعود لهم سالمين بعيدًا عن ملاحقة الطرادات لنا" قال سلام.
[[{"fid":"72553","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]
تصوير عبد الكريم هنا
ويتابع، "بُعدي عن الصيد هذه الفترة لم يكن عبثًا، بل بقدرة الله نجوت من رصاص الاحتلال الذي يطلقه نحونا، ومؤخرًا أطلق النار نحو موتور السفينة لكي يعطلها في البحر، ولكن بحمد الله لم يحدث شيئًا واستطعنا الهرب".
في هذه الأجواء الصيفية، يُقبل كثير من المواطنين على زيارة الميناء، وقبل ذلك الرحلات المدرسية التي انتهت بحلول الإجازة الصيفية، وكل ذلك دفع الصيادين إلى المراكب السياحية. لكن رائد بكر (35 عامًا) يعيل 12 فردًا، وهو مالك المركب السياحي "بيسان"، ويقول إن القرار ليس اقتصاديًا وحسب، إذ يُشير لاستشهاد إسماعيل أبو ريالة (18 عامًا) في شهر شباط/فبراير 2018، ويتساءل: "هل الجندي الإسرائيلي لا يميز بين الصياد الكبير العارف بالبحر، وهؤلاء الشبان الذين لا يفهمون في البحر شيئًا؟".
ويضيف، "بسبب ذلك صار البعد غنيمة. عندما نوفر 20 شيقل في اليوم من نقلات السياحة، ذلك أفضل من الموت بكثير. لا يوجد صيد ولا يوجد أمان، لهذا البقاء في حوض الميناء مع الزائرين أفضل بكثير من الموت".
[[{"fid":"72554","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]
تصوير عبد الكريم هنا
ويبين بكر أن مسافة الصيد التي توفرها سلطات الاحتلال (6 – 9 أميال بحرية) وتلاحق الصيادين فيها، لا تكفي إلا لصيد سمك السردين، والسكومبلا، مضيفًا أن هذا السمك أيضًا يُصاد ممزوجًا بالدم.
المراكب السياحية تبقى مهنة موسمية، ولا تُبعد الصيادين عن مهنتهم الأساسية على الدوام
لكن هل يُهدد ذلك مهنة الصيد فعلاً في غزة؟ نهاد الهسي (34 عامًا) ينفي ذلك، وهو أحد الصيادين الذين لم تمنعهم تضييقات قوات الاحتلال ورصاصها، ولا قلة السمك، إلى هجر البحر. يقول: "لم أترك شيئًا في البحر إلا عملت به، مراكب صيد كبيرة وصغيرة، ومراكب للسياحة، والآن موسم مراكب السياحة جاءت بالتزامن مع مهاجمة الاحتلال لنا بشكل مستمر، لهذا توجه البعض منا لها كحل مؤقت إلى حين رجوع الصيد وانتهاء فترة الصيف".
ويتابع، "تعودنا على هذه المعاناة والإهانة. لدي طفل عمره 10 أعوام يقابل طرادات الاحتلال بالخبز لكي يفهمه أننا نريد الصيد من أجل لقمة العيش".
ويرى نقيب الصيادين نزار عياش في لجوء الصيادين إلى المراكب السياحية دليلاً على أنهم لا يستطيعون مغادرة الميناء، ولا يجدون في سواه مصدرًا للرزق بالنسبة لهم، مضيفًا أن العمل في المراكب السياحية هو أمر موسمي فقط، ولا غنى للصيادين عن العودة إلى الصيد رغم جرائم الاحتلال.
ويُعدُّ الصيد ثاني أهم مهنة يعتمد عليها اقتصاد غزة، فهي تعيل أكثر من 50 ألف نسمة، ولذلك فإن سلطات الاحتلال تهدف إلى تركيع هذه الفئة وإهانتها بمهاجمتها على الدوام والتضييق عليها.
اقرأ/ي أيضًا:
سردين غزة غذاء لفقرائها.. ماذا عن الصيد الجائر؟