قال طلبة فلسطينيون يدرسون في أوكرانيا، إنهم نجوا من موت محقق بعدما تعرض البرج السكني الذي يسكنون فيه في العاصمة الأوكرانية "كييف" لقصف صاروخي روسي، وذلك بعدما تركوا منزلهم بيوم واحد بسبب نفاد المواد الغذائية لديهم.
"بعد يوم من انتقالنا للسكن في منزل شقيقي حسام فوجئنا بتداول مقطع فيديو يظهر تعرض البرج السكني الذي كنا نسكن فيه لقصف صاروخي عنيف"
وأوضح الطالب إسلام النجار (31 عامًا) من مدينة نابلس، إنه قرر مغادرة الشقة السكنية التي يسكن فيها بصحبة خمسة طلاب فلسطينيين آخرين بعد نفاد المواد الغذائية الموجودة لديهم في الشقة، وكذلك نفادها من المتاجر المحيطة في مكان سكناهم.
وأضاف النجار -الذي أنهى دارسة الماجستير في هندسة الحاسوب قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا- إنه تواصل مع شقيقه حسام -الذي يسكن في منطقة هادئة في العاصمة كييف- لاستقبالهم في منزله، وطلب منه الحضور بسيارته لإخلائهم من المكان في ظل حالة الخوف من المشي على الأقدام في الشوارع العامة.
وأفاد أن شقيقه وصل بعد ساعات بسيارته على الرغم من خطورة التحرك، ونقلهم من مكان سكنهم إلى منزله، "حيث شعرنا فيه بالأمان خاصة أنه بعيدٌ عن المطارات والمواقع العسكرية، إضافة إلى توفر بعض المواد الغذائية لديه" كما يقول.
وتابع: "بعد يوم من انتقالنا للسكن في منزل شقيقي حسام فوجئنا بتداول مقطع فيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي يظهر تعرض البرج السكني الذي كنا نسكن فيه لقصف صاروخي عنيف، في تلك اللحظة شعرنا أن معية الله كانت معنا وأننا نجونا من موت محقق".
حسام، شقيق إسلام، لم يتبق على تخرجه من كلية الطب في أوكرانيا سوى شهرين، يقول إنه في اليوم الذي حضر فيه شقيقه وأصدقاؤه لمنزله كان صوت القصف بعيدًا عن مكان سكنهم. ولكن في اليوم التالي بدأت أصوات القصف ترتفع وتم تفجير المداخل والمخارج البرية للعاصمة كييف، وبدأت الأمور تزداد صعوبة بعد نفاد المواد الغذائية وفرض حظر التجوال وانتشار عمليات السرقة، خاصة ضد الأجانب.
في اليوم التالي لوصولنا إلى كييف بدأت أصوات القصف ترتفع، وبدأت الأمور تزداد صعوبة بعد نفاد المواد الغذائية وفرض حظر التجوال وانتشار عمليات السرقة، خاصة ضد الأجانب
وأضاف: "هنا بدأنا بالتفكير للانتقال إلى مدينة لفيف الأوكرانية والقريبة من الحدود البولندية عبر القطار، وقد تحركنا مشيًا على الأقدام للوصول إلى محطة القطار وهناك فوجئنا بحالة الاكتظاظ الكبيرة جدًا هناك".
وتابع: "كان المسلحون يقومون بتنظيم الركاب، وكانت الأولوية لركوب السيدات والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة. امتلأ القطار ولم نتمكن من الصعود على متنه، وهنا عرض علينا أحد المسلحين الركوب بين عربتي القطار على مسؤوليتنا الشخصية، فما كان منا غير الموافقة".
يصف حسام الرحلة بأنها "عصيبة جدًا"، وقد استمرت قرابة 12 ساعة، أمضاها الشقيقان وأصدقائهما واقفين على الأقدام أحيانًا وجالسين على الأرضية الباردة جدًا أحيانًا أخرى، ثم مع ساعات الصباح بدأت الثلوج تتساقط عليهم، بينما لم يكونوا يرتدون ملابس كافية تحميهم من البرد.
وقال: "كان القطار يتوقف بين كل مدينة وأخرى للتأكد من عدم وجود قصف في المدينة والتأكد من سلامة السكة الحديدية، ثم ينطلق مجددًا نحو مدينة لفيف الحدودية، وهو ما ضاعف من معاناتنا".
بعد معاناة طويلة تمكن الشبان السبعة من الوصول إلى مدينة لفيف الحدودية، وهناك ناموا على مقاعد خشبية داخل مدرسة فتحتها السلطات الأوكرانية لإيواء النازحين، وهم الآن يستعدون للانتقال إلى العاصمة البولندية "وارسو" للإقلاع في الطائرة باتجاه الأردن، والعودة إلى حضن عائلاتهم.
"كان القطار يتوقف بين كل مدينة وأخرى للتأكد من عدم وجود قصف في المدينة وسلامة السكة الحديدية، ثم ينطلق مجددًا نحو مدينة لفيف الحدودية، ما ضاعف من معاناتنا"
وأعرب حسام عن أسفه العميق من "تقصير" السفارة الفلسطينية مع الجالية الفلسطينية والطلاب في أوكرانيا، قائلًا: "السفارة ما تواصلت معنا وما سألت فينا حرفيًا، ولا قدمت لنا أي مساعدة أو أي معلومات على الإطلاق".
وأضاف أنهم تواصلوا مع السفير يحيى الدجاني فطلب منهم الخروج إلى الحدود بسيارتهم، "لكن هذا الأمر كان مرفوضًا بالنسبة لهم بسبب استهداف الروس للمركبات في المناطق الحدودية" وفق قوله.
فيما أثنى النجار على رئيس الجالية الفلسطينية في أوكرانيا، مشيرًا إلى أنه وفر سيارة لهم استخدموها للبحث عن متاجر لشراء الخبز والمواد الغذائية وذلك قبل خروجهم من مدينة كييف.
من جانبه، أكد رئيس الجالية الفلسطينية في عموم أوكرانيا حاتم عودة، أن جميع أبناء الجالية الفلسطينية في أوكرانيا بخير ولم يصب أحد منهم بأذى.
عدد أبناء الجالية الفلسطينية في أوكرانيا يبلغ 3 آلاف فرد تقريبًا، غادر عدد منهم أوكرانيا فيما اختار آخرون البقاء
وأوضح عودة، أن عدد أبناء الجالية الفلسطينية في أوكرانيا يبلغ 3 آلاف فرد تقريبًا، غادر عدد منهم أوكرانيا فيما اختار آخرون البقاء، مؤكدًا وجود مخاوف بأن يطول أمد الحرب، في ظل استمرار شح المواد الغذائية والأدوية.
وأضاف، أن الجالية الفلسطينية في أوكرانيا تلتزم بالمعلومات الرسمية الأوكرانية، وقرار الخروج من البلد أو البقاء فيها يعود للشخص نفسه، موجهًا النصيحة لأبناء الجالية بالخروج إلى الحدود في حال كانت الطريق آمنة وإلا فالمكوث في البيت أو الملاجئ أفضل.
وأفاد بوجود اتفاق مع مندوبي السفارات في بولونيا ورومانيا للالتقاء بأبناء الجالية الفلسطينية.
وطلب عودة من أفراد الجالية الذين خرجوا من أوكرانيا تحديد أماكن تواجدهم كل ربع ساعة للاطمئنان عليهم وتقديم المساعدة إن احتاجوا لذلك.
اقرأ/ي أيضًا: